الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العيد والعطل الطويلة

عدنان شيرخان

2011 / 9 / 4
المجتمع المدني


ربما يكون العراق من اكثر دول العالم التي تهب فيها الحكومة بكرم عطلا لايام طوال لاسباب عديدة، لكن المواطن والمواطن الموظف الذي يتمسك بقوة بحافة الطبقة المتوسطة خوفا من الانحدار الى الملايين التي تصنف على انها تعيش تحت خط الفقر، لا يجد في هذه العطل اية فسحة للترويح عن النفس، بسبب غياب المرافق الترفيهية المجانية، المسارح ودور السينما، بقيت امامهم المطاعم التي قد تكلف وجبة عائلة جزءا مهما من راتب الموظف، وعليه ادمن معظم العراقيين قضاء عطلهم بين جدران منازلهم وامام شاشات التلفزيون، وهذا سلوكهم الجمعي منذ فيلم الساعة الرابعة ايام الجمع..

بغداد عاصمة العراق مدينة واسعة شاسعة يسكنها ملايين من البشر فقراء واغنياء وما بينهما، فشل القائمين عليها واضح للعيان، ضاعت هويتها الوطنية، حلت الفوضى والترقيع مكان التخطيط الذي كان من الممكن لو خلصت النوايا ان يساهم فيه عباقرة عراقيون من مخططي مدن ومهندسين معماريين اغلبهم يعيش في المنافي منذ عقود. لازلنا برغم مرور اكثر من نصف قرن نذرف الدموع على مجلس اعمار العهد الملكي، فاي بؤس نعيش في ظله.

كلنا نعلم ان مدينة بغداد في ظل النظام الدموي المقبور كانت مجموعة من قطاعات من المتناقضات الواضحة، وهب رأس النظام اراض شاسعة تطل على نهر دجلة بين ازلامه الاشد فتكا وايغالا بدماء المواطنين. وسادت مسميات عن قصر فلان وفلانة وقصور قادة جيش صدام المضحين بدم بارد بآخر جندي عراقي في سبيل بقاء (قائدهم الضرورة) في الحكم. بعد انهيار النظام السابق شاهدنا افلاما عما كان يحدث في هذه القصور من حفلات ماجنة ونصف ماجنة، مغنيات، راقصات غجريات، بغايا شقراوات، قوادون يرتدون آحدث البدلات، يصاحب تلك الحفلات اطلاق الرصاص في الهواء تعبيرا عن السطوة والنشوة والاستهتار، في خلفية حدائق وابنية عصرية جميلة تنم عن ذوق رفيع .

لعن المواطنون الحواجز التي وضعت امام ناظريهم تمنعهم من رؤية دجلة، كان النظام يبني لنفسه القصور والفيلل والمتنزهات والتي لا تمت باية صلة او علاقة مع الاماكن العامة. وهذا منهج نظام البعث المقبور وصميم تفكيره في تصنيف المواطنين الى ان تصل الى الاغلبية المشكوك في ولائها للقائد وحزبه الدموي، وشعاره (جوع كلبك يتبعك).

ولكن ماالذي حدث بعد العام 2003 ؟ التغيير الذي انتظرته وحلمت به اجيال من العراقيين ودفعوا ثمنا باهضا من اجله، ما الذي تغيير، هل استطاع احد السياسيين من طبقة صناع القرار المؤثرة استحضار روح الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم، وفكر بالشعب قبل ان يفكربنفسه بنرجسية عالية، فكروا اين يسكنون وعلى اي من قصور عاد وثمود يستحوذون. ولسان حال التاريخ يقول لو دامت لغيرك ما آلت اليك.
بغداد .. تعودنا ( وياللاسف والحسرة) على مناظر القمامة والابنية المتهالكة والفوضى، راقبوها في عيون العائدين اليها بعد عقود في الغربة، راقبوا الذهول الصادم على وجوههم، انها مدينة بالية بحاجة الى جهود جبارة لتكون عاصمة عصرية لوطن تحرر من براثن الفكر الشمولي الدموي. الى ان يهدي الله من بيده امرها ويفكر اين يقضي سكان بغداد الذي يزيد عديدهم على الثمانية ملايين عطلهم الطويلة المملة، سيبقى سكانها امام شاشات التلفزيون يراقبون الحكام العرب تخلعهم شعوبهم واحد تلو آخر ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل


.. قد تصدر مذكرات اعتقال لنتانياهو.. ما هي الجنائية الدولية؟




.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ