الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعيد سيف.. وداعاً

سعيد الحمد

2011 / 9 / 5
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


حمل الراحل عبدالرحمن النعيمي بوأمل هذا الاسم «سعيد سيف» لأكثر من ثلاثين عاماً، وبحسب مقتضيات العمل السري اختار هذا الاسم وعرف به وخطب به وشارك به وكتب به وعاش معه مراحل صعبة حتى حط الرحال هنا مطلع الألفية الثانية ليواصل مشواره تحت العلنية ولأول مرة منذ ان احترف السياسة مطلع شبابه في حركة القوميين العرب التي ظل جزءا من أفكارها مع رؤى يسارية فرضت نفسها ضمن ظروف المرحلة، وتلك حكاية تطول تفاصيلها بطول مسيرة بو أمل الذي اختلفنا معه كثيراً واحببناه أكثر. غاب قبل اربع سنوات غياباً قسرياً بالمرض فترك فراغاً في «وعد» لم يملؤه أحد.. فالنعيمي كما سعيد سيف ليس أميناً عاماً لمنظمة أو جمعية بقدر ما كان بدايتها ونهايتها ودعك من التفاصيل والظلال والألوان .. فأبوأمل كان نسيجاً وحده يجدل الخيوط بمهارة ويعرف كأي «نوخذة» من حالة «نعيم» إلى أين سيذهب وإلى أين سيرسو بمركبه «منظمته، جمعيته» فكانت الاسئلة خلال الأربع سنوات كثيرة في الغياب وسيكون الفقد الآن أكبر. الراحل عبدالرحمن النعيمي عاش شطراً طويلاً من عمره في دمشق فعرف حواريها وأزقتها وحفظ أسماء شوارعها ومفردات شعبها، حضر مؤتمراتها وتابع أخبارها.. لكنه رحل دون ان يعلم ماذا يجري فيها الآن وإلى أين ستأخذها متغيرات اللحظة المفارقة.. لم يسمع ما جرى في دير الزور وحمص وحماة، لم تسجل «وعد» التي اسسها موقفاً مما يجري هناك ولم تترك له خبراً أو معلومة صغيرة عما جرى في سوريا ليعود إليه في لحظة صحوة، كان احبابه يترقبونها طوال الأربع سنوات من الغياب الذي اسدل بوأمل ستاره النهائي بغيابه يوم الخميس معانقاً تراب المحرق. وكما لم يعلم سعيد سيف «بوأمل» بانخراط «وعد» في الدوار تماماً كما لم يعلم رفيق دربه «سيف بن علي» أحمد الذوادي بانخراط التقدمي داخل لعبة الدوار، فكان السؤال الذي شغل البسطاء الذين احبوا «وعد والتقدمي» وصعقوا بوجودهم في الدوار «هل كان النعيمي والذوادي سيوافقان على ذلك الوجود». وظل السؤال معلقاً على بوابات وعد والتقدمي ففي غياب «السيفين» جرت في بحرنا مياه كثيرة على موج قادم من هناك من بعيد لا علاقة له بسواحل «الحد» أو سواحل «الحورة»!!. سؤال البسطاء الذين احبوا «وعد والتقدمي» كان حاداً كالسيفين وكان موجعاً في صعقة اندهاشه ولم نستطع ان نحيل البسطاء وسؤالهم المؤرق إلى أحد الآباء المؤسسين في «الشعبية أو التحرير» فبعضهم رحل وبعضهم غادر مبتعداً وبعضهم استقال «يعقوب جناحي» وبعضهم كان كزرقاء اليمامة قرأ النهائيات في البدايات فحذر قومه لكنهم لم يستبينوا الرشد ولم يستوعبوا النصح، فالبحر الذي دخلوه «غزر» عليهم ولا سبيل إلى العودة إلى مرساهم القديم والأصيل والأول .. فسهل ان تغادر وصعب.. صعب ان تعود وقد نبهنا علماء الاجتماع ان العودة إلى الخيارات البدائية قائمة وواردة وقادرة على اختراق القشرة الثقافية، وقد كان استبدال القمصان بالقفطان خطوة والاختباء تحت العمامة تعبيراً عن عودة إلى بدائية التفكير وثقافته الأولى. وتلك القضية لا تحملها مساحة وداع استذكاري واستحضاري لملامح « سعيد سيف» بعد ان غيبه الموت ليبقى مع سيف بن علي سؤال في الذاكرة الوطنية تطرحه في كل لحظة ونحن نستذكر الدوار وتداعياته وخطابات بعض رفاقهم الذين لم يسألوا «السيفين» عن صوابية خيار اختاروه في غيابهم يوم قبلوا ان يكونوا «سيوفاً» في غمد الولي الفقيه فخلا غمد سيف بن علي وغمد سعيد سيف من سيوف جماعاتهم ولم يتبق لهما سوى ذكريات دمشقية بنكهة كانت يسارية يوماً لكنها اختارت في العشرية الثانية من قرن آخر ان تكون بنكهة اخرى فكان سؤال البسطاء الذين احبوا «وعد والتقدمي» سؤالاً بلا جواب في رحلة الغياب». لا نرثي هنا سعيد سيف ولا نستذكر سيف بن علي، ولكننا نرثي مآل نهايات لم يكن لهما يد أو خيار فيها وهو جزء من سؤال البسطاء الذين ذرفوا ذات صيف دمعة على الذوادي وذرفوها بالأمس على النعيمي وفي المسافة بين الدمعتين ألف علامة استفهام عن النهايات وهي تناقض البدايات التي أسس لها السيفان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الفرق بين تعامل عبد الناصر والسادات مع المثقفين


.. العالم الليلة | الفصائل الفلسطينية في رفح تطلق رشقة صواريخ ت




.. ندوة رابطة الانصار الشيوعيين بالذكرى ال37 للهجوم الكيمياوي ع


.. مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب يطالبون




.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بإسقاط نتن