الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة و الخطاب الديني

أحمد عليان

2011 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يثير الخطاب الديني (من حيث علاقته بالنشاط الفكري في ثقافة المجتمع ) الكثير من المخاوف لدى المهتمين بالتنوير الفكري نظرا
لما يمكن أن يترتب عن كل هذا الترويج الملاحظ في وسائل الاعلام ، و في الكثير من المؤلفات والخطب والمواعظ ، وغيرها مما يملأ
فضاءات الاعلام السمعي البصري بشكل مكثف.
فهو خطاب زاخر بنوازع الوثوقية و والتطرف و اقصاء الرأي المخالف ، تعرض محتوياته المعرفية الدنوية على شكل حقائق مطلقة
معززة باغراءات طوباوية ؛ كلها خير و تسامح و تآخي و كل ما يدفع المتحمسين للاقتناع بشعارات مثل ؛ "الاسلام هو الحل"
و " الاسلام دين و دولة" الخ ، فينخرطون في تيار الترويج لجملة من المفاهيم المتداخلة المعقدة بسذاجة و سطحية لا تضيف للحياة الفكرية
الا مزيدا من الضبابية في العقول..و بضبابية المعارف تفقد الثقافة فاعلية النجاعة في مواجهة تحديات العصر.

فلو حاولنا التمييز بين ثقافة مجتمع متقدم و ثقافة مجتمع متخلف لوجدنا السر كامنا في أسس ومرجعيات الراي العام و مثله والعليا
الموجهة لانماط التأثر و التاثير التي تتجلى في أشكال التواصل و التصرفات ..
لذا نجد الفكر السائد في المجتمعات المتقدمة قد تخلص من جملة عوائق حتى صار في عمومه متجها نحو الموضوعية و الدقة و الوضوح ..
و غيرها من ايجابيات الفكر المبدع البناء.
أما الفكر في المجتمعات المتخلفة فهو هش متذبذب بين جواذب ضبابية يغذيها رأي عام متعدد الأوجه متغير الاتجاه بتغير جملة من عوامل
الاندفاع المفرط في القبول أو الرفض لهذا الاتجاه أو ذاك.
و على العموم فان مقومات الرأي العام في المجتمعات المتخلفة معظمها انفعالي عاطفي سريع التلون ، تتحكم فيها القيم المحلية و المنافع العاجلة
الموجهة بخطاب منمق مشحون بانفعالات منبعثة من الانشغالات الرائجة المتوارثة التي تغذيها عادات و أعراف لا تخرج عن عملية اجترار القيم
و المفاهيم العقيمة أو الفضفاضة التي لا تصلح الا لاعادة انتاج التصور التقليدي للوجود لدى عامة الناس ، لذا يصعب حصول رأي عام حول
مستجدات العصر.
و ما يبدو عملا و انتاجا متبادلا بين الأفراد و الجماعات في أدبيات هذا النوع من التوجه الفكري لا يعدو كونه مجرد ابداع في التحايل للحصول
على أكبر مقدار من المكاسب بأقل مجهود ..
و ابداع التحايل يتجلى بوضوح في توظيف القدرة على الكلام و جمالية الصياغة للمبنى الخارجي لما يراد تسويغه و ترويجه من مفاهيم و قيم
غالبا ما تكون وفق منطق "الغاية تبرر الوسيلة" أو على صورة "حق يراد به باطل" .
هذا ما يجعل سياسة التسلط بكل امتداداته من خصائص الثقافة الضحلة بقيمها الفلكلورية التي لا يخفى ارتكازها و تمحورها على المصلحة
الشخصية و النفعية العشائرية بأضيق المعاني المعبرة عن الوجه الكريه للأنانية حتى لو توارى هذا الوجه خلف قناع أو أقنعة من خطاب
يعج بالقيم الرفيعة و موجهات السلوك المحترم ؛ كافراط الافتخار بالقيم التراثية و الروحية و غيرها مما يصعب تحديد وجهته الانسانية
تحديدا عمليا حضاريا واقعيا .
كل هذا نتيجة رواج الحذلقة و الخداع في صياغة و توظيف المفاهيم مفصولة عن الواقع ، و انشغال الناس بالقيل و القال ، وانبهارهم بالمظاهر
التي ترسخ الاستمرار في انتاج مولدات التخلف..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah