الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرافعة لا حضور للمحامين فيها

حامد حمودي عباس

2011 / 9 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو انتهت مراسيم دفني ، ان كانت هناك مراسيم ، وبقيت وحيدا أتلمس جدران لحدي وسط ظلمة حالكة لا قرار لها ولا حدود .. ولو تيقنت من انني فعلا اصبحت في عهدة محكمة ستبدأ بحضور الملكين منكر ونكير .. فانني سوف اجمع ما تبيحه لي حياة البرزخ من قوى استثنائية لملاقاتهما ، وتقديم شهادة دفاع لهما تبعدهما عن القصاص مني ان كانوا فعلا رسل عدل وطلاب حقيقه .. سوف اقول لهما وبلسان فصيح .. ان كنتما قد قررتما بدء التحقيق ، فلابد لكما ان تسمعا حيثيات ما أقول ، ولأن كل شيء في حياتنا نحن الفقراء حمال اوجه حتى كتاب الله ، فلا خوف اذن من تبعات مجلس القضاء هذا .
انا ايها الساده .. واحد ممن دفن خبايا عواطفه تحت ركامات الممنوع ، سواء أكان هذا الممنوع بندا من بنود السماء ، أو هو من وضع البشر ..أنا ايها الساده ، شاخص من شواخص هذه الارض ، تلقيت تبعات ليست من أحقية أحد أن يلقيها علي دون رضاي ، فنالني ظلم أن أعامل معاملة دنت من حدود الامتهان .. لقد نهبوا حقوقي وبالجملة ، فلم يتركوا لي واحدا منها دون أن يثلم .. وتداعت شهواتهم لكسر شوكتي مع سبق الاصرار والترصد ، مستغلين سطوتهم الدينية والقبلية والمناطقية والمذهبية وكل ما في قاموس الاستغلال من كلمات ، ليجعلوا مني نهبا لا يستطيع ان يقول لاحد منهم ما يعكر صفو أنسه ، ويعطل عليه هناء شبعه ويوقف غيه الممتد بلا حدود ..
أنا رقم اضافوه الى قوائم حساباتهم ليضعوه في خانة التزوير ، ويستمدوا منه قدرتهم على المطاولة والبقاء ضمن حيز التسلط .. ولم يفتهم ايها السادة ، أن يستبيحوا انسانيتي حتى لم يعد منها بقية .. فليس بيني وبين ان أحصر بين ثنايا اقفاص حدائق الحيوان الا القليل .. انهم اربابي وسادتي واولياء امري ممن شرعوا لهم ، وكما يريدون ، سنة كي يتمكنوا من طحني بين قطبي رحى الموت غيله .. وقد استمرؤا لحمي ودمي وعرضي ليكون ذلك كله ملكا صرفا لهم ، مسجل في دوائر الملكية السماوية عالية المقام ..
أنا ايها الساده .. عبد مملوك ، تطبق على روحي واركان حياتي شرائع لم استشر يوما في اعداد نصوصها ولا ما ورد فيها من سنن .. حتى اصبحت طريدا للقوانين والسنن والاعراف كلها معا ، يلازمني الشعور بالذنب على الدوام كوني لم أمتهن النخاسة ، ولم اشترك في الحركة ضمن عنابر السطو ، ولم ارضى أن أكون نادلا في مقاهي الدعارة المنظمة ، فأصبحت منبوذا من كهنة المعابد وشيوخ المنابر والكفرة جميعهم على حد سواء ، فأضعت سبيلي وأنا تائه بين رضى رب لا يريد ان يأخذ بيدي لينقذني من عسف محبيه ، وبين سواهم ممن لا تحتوي افئدتهم غير الاستعداد للانتقام والتدافع حتى الموت من أجل الوصول الى قمة الهرم .
أنا أيها الساده .. ضحية أساق في كل يوم الى مذبح كتبت على جدرانه وبطلاء أسود ، عبارات تدعوا الى الامتثال لوصايا انبياء الرحمه ، واتباع سننهم والهداية بمسيرتهم البيضاء ،
وبعد ان حزت رقبتي لآلاف المرات سكين الرهبنة الحاده .. لعق من دمي اولئك المتنعمين في ظلال التفكه الفكري من علياء القوم ، والذين لا يعجبهم أن اقترب منهم وانا ابن القاع ، فتتلوث قمصانهم المنشاة بألوان نشاز لا تليق بمكانتهم الحزبية والثقافية .. وبقي ما اتفوه به مهما كان قصده ، عبارة عن تلاعب بالالفاظ ، وامتطاء لخزائن اللغة بهدف مزاحمة المشاهير من مثقفي المناسبات .
أنا .. مستبعد من عقد اي اتفاق لا يكون الباطل طرفا فيه .. فجائت حياتي وحياة من أعيل بلا لون ولا طعم ولا رائحه .. حتى حينما تنزلق نفسي أحيانا لتذوق شيئا من فضلات طعامهم وموائد خمورهم وما تحتوي دهاليز مساجدهم ، يصك اذني صوت رهيب الوقع وهو يردني عن فعل الحرام ..
إنهم يعتمرون عمائم الرحمة ولكنهم يزنون .. وتتردد على لسانهم عبارات الهدي ويسرقون .. وتنتفخ اوداجهم ذكرا لمفاخر الوطنية ولكنهم اسرع ما يكونوا لارتكاب مثالب الخيانة العظمى .
أنا أيها الساده .. سلعة باعها الوطن ، وداس فوق هامتها وهو يجري بهستيرية مجنونه ، معظما القائد والرئيس والزعيم الاوحد ، تبع اولئك بالاحقية في التعظيم ، سدنة الاديان وسواهم من الوسطاء بين الارض والسماء ، حتى أضحى عالمي كما هو في هذا القبر.. ليس فيه الا ملامح الاستهانة في الدنيا وشدة العذاب في الاخره .. فهل من المنطق أن تضعاني في موضع الظالم ، وانتما تحملان موازين العدل ، وتتحكم فيكما كما تقول شرائع السماء نصوص الدعوة الى عدم الاخذ بالشبهات ؟ .. أيمكن لكما أن تقتصا مني وتتركا ذاك الذي حملت سيرته سفاحا ، وبقي في رحم الرذيلة ليولد داعية من دعاة الفضيلة ؟! .
لقد تخلى عني المحامون ، ولم يعد لي معينا في هذه الجلسة سواكم حيث الحقيقة هنا هي المعيار فحسب .. اطلقوها صرخة مدوية بالحكم بالبراءة .. وأحيلوا اوراق القضية لمحكمة اخرى هي اكثر صلاحية واضخم .. وقفوهم مذنبين انتحلوا صفات خالقهم ليحكموا بغير العدل .. لقد دمروا البلاد وارعبوا العباد .. وقضموا مال الله ( كقضم الابل نبتة الربيع ) .. وسخروا دينهم لخدمة دنياهم .. انهم جبابرة هذا العصر وبامتياز ، اولئك المنتفعين من سماسرة الدين والسياسه ، ممن جهروا بوقاحتهم فاحتلوا اجساد الناس وعقولهم .. قفوهم وبكل حزم ليقول القضاء كلمته فيهم ، فتحال مصائرهم الى المزابل بدل المقابر ..
هذه هي اوراق دفاعي اقدمها لكم ممهورة بمهر تعكس الوانه اطياف قوس قزح ، ينضح بالصدق كله ، والتجرد كله ، وتؤطره معاني ان يكون للحياة تفسير آخر غير انها دار يأس ودموع .. خذوها وضعوها على الدكة الاولى لمنبر العرش .. ولكم الان أن تفعلوا بي ما شئتم وشاء لكم دستور قضائكم المقدس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة
د.كاظم الربيعي ( 2011 / 9 / 11 - 16:43 )
الحقيقة ياسيدي ابدعت وكتبت ما جال بخاطري .تحياتي للك


2 - رائع أستاذ حامد حمودي عباس المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 9 / 12 - 06:18 )
يرحم أمواتك .. الظاهر أنك لا تعرف أن ناكر ونكير اللذين سينزلان قرصاً وعضاً ولبطاً وتقطيعاً بجلودنا هما ( مخابرات ) الأجهزة الدينية ، وقد دسّوهما في القبر ليلحقوا الناس عالدعسة لآخر آ في حياتهم ليشوفوا إذا كنتم من المعارضين لما قررته أجهزتهم بالتعاون مع السماسرة السياسيين رفقائهم أم لا ؟
وكونك اشتكيت على مصابك بالدنيا وكان لازم تسكت الله يصلحك أخ حامد فإن مصيرك العض والقرص ومن بعده جهنم ،
ليش ما بتعرف يا أستاذ حامد أن الإنسان ببلادنا لا يفتح فمه إلا ليأكل أو ليتثاءب ؟ ألا تعلم أن الإنسان العربي يلد وعصاه معلقة برقبته ؟؟
يللا~ صار لنا درساً تعلمناه منك حتى لا يلحقنا ما سيلحقك ،
أستاذ حامد : إللي بطوّل الغيبة كتير بعاقبه منكر ونكير


3 - وهل بعد هذه المرافعة تحتاج الى محام؟
فاتن واصل ( 2011 / 9 / 12 - 23:40 )
أستاذ حامد لا أظن ان هناك أبلغ من هكذا شرح لقضيتنا جميعا نحن فريسة رجال الدين الحمقى ، هؤلاء المجرمين الذين سرقوا أعمارنا بدم بارد سواء طمعا فى ثروة أو سلطة... المرافعة التى قرأتها لتوى تكفى لانقاذنا جميعا لو التفت اليها العقلاء واستمعوا لاستغاثتنا الآتية من عالمنا الذى صار سجنا.. أضم صرختى من قبرى الذى اخترته طواعية بعد أن يئست من وهم وجود قاض عادل على هذه الأرض وفى هذا الزمان.. وليس عالم من نسج كذبة كبيرة .لك منى كل الاحترام .


4 - عزائي فيك اخي حامد
محمد حسين يونس ( 2011 / 9 / 13 - 03:50 )
تخيل انني كنت أعد دفاعا شبيها و لكن ضد ظلم و غباء من اوجدهم و مكنهم و سمح لهم ان يتحكموا في عقولنا و ارواحنا و تاريخنا و مستقبلنا حاجزين مانعين ل اى فرصه للتقدم لنصبح بشرا ثم وجدت انني لن اسمع -كالعادة - فيأست و استسلمت .. سوف اتقبل احكامهم في القبر بنفس تقبلي لها علي الارض فلا فارق كبير بينهما .. سلامى و سلامتك من الكوابيس

اخر الافلام

.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل


.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة




.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س


.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر




.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا