الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُتب الدين الفايروسية

واثق غازي عبدالنبي

2011 / 9 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أغلبية الناس في عالمنا العربي لا يقرؤون، ولكن الغريب في الأمر أن القلة التي تقرأ، في اغلبيتها، تترك كل الكتب النافعة والمفيدة في هذا العالم وتلجأ إلى كتب الصراعات المذهبية والدينية والطائفية. وهي كُتب وظيفتها التحريض والتكفير والاحتكار. كُتب يدعي أصحابها أنهم يحتكرون الحقيقة، وأنهم ينطقون باسم الله وباسم نبيه، ويعتبرون أنفسهم صوت الله في أرضه. بختصار، هي كُتب فايروسية، تُصيب من يقرأها بفايروس احتكار الحقيقة، الذي يسبب ثلاث امراض خطيرة هي: التعصب، والتطرف، والعنف.

هناك عدد من الشباب الذين انغمسوا في قراءة كُتب التفرقة والطائفية والمذهبية، يبحثون فيها عن الحق والحقيقة. إن هذا عمل غير مجدي في نظري. إنها مهزلة حقيقية أن يسعى أحدنا للبحث في كُتب الجدل العقائدي والمذهبي ليثبت صحة عقيدته وخطأ عقيدة المخالفين له. إن هذه الكُتب عاجزة عن إرشادنا إلى ما هو الحق وما هو الباطل لأنها لا تبحث عن الحق وعن الباطل، إنها باختصار تريد أن تجر الحق إلى جانبها فقط وتلصق الباطل بالآخر المخالف.

من الجدير بالذكر أيضاً، أن هذه الكتُب الفايروسية تجعل من يقرأها يعيش في الماضي وشخصياته، وتنسيه واجبات الحاضر وطموحات المستقبل. لذلك تجده يصرف الساعات الطويلة في نقاشات لا طائل منها حول أحقية فلان بالخلافة أو فضل فلان على فلان في العلم واسبقيته في اعتناق الاسلام. وفي أكثر الاحيان تكون النتيجة الطبيعية لمثل هذه النقاشات هي الكراهية والتفرقة بين المتناقشين.

فضلاُ عن ذلك، فأن هذه الكُتب الفايروسية تعمل على خلق مجرمين حاقدين على جميع الناس إلا فئة قليلة تدّعي لنفسها احتكار الحقيقة. لذلك أجد من الواجب القول أن علينا أن نعرف ماذا نقرأ قبل أن نعتزم القراءة. وهذا لا يعني أن نخشى الخوض في غمار القراءة والبحث في جميع الموضوعات، بل يعني أن نضع مقياساً للكتاب الذي نقرأه، وفي رأيي أن على القارئ أن يسأل نفسه هذه الأسئلة عند شروعه في قراءة أي كتاب:

هل هذا الكتاب يدعوني لمحبة الآخرين والاهتمام بشأنهم، أم يدعوني إلى كراهيتهم وعدم المبالاة بهم؟. هل هذا الكتاب يدعوني للاهتمام بجميع الناس على هذه الأرض أم بأبناء جماعتي وطائفتي ومذهبي فقط؟. هل هذا الكتاب يدعوني لاحترام العقل والبحث والتقصي، أم يدعوني للتسليم والإتباع والتقليد؟. هل هذا الكتاب يدعوني لاحتكار الحقيقة والجنة أم يترك فرصة امتلاكهما للآخرين؟ باختصار هل يدعوني هذا الكتاب إلى امتلاك الوجدان البشري العالمي المُحب للجميع، أم يدعوني إلى الوجدان القبلي الطائفي المذهبي الضيق، الذي يكره الأغلبية ويحترم فئة قليلة من الناس يدّعون لأنفسهم احتكار الحقيقة والجنة؟

وظيفة القراءة أيها الشباب هي غسل الروح وتنقيتها، وليس توسيخها بقذارات التعصب والحقد والأنانية. فالقراءة هي النافذة التي نطل منها على أنفسنا وعلى الآخرين. وهي التي تربطنا بواقعنا وتجعلنا مستوعبين له دون أن نكون خاضعين له. لأجل هذا أرى أن القراءة الدائمة والمتواصلة والحثيثة هي الخطوة الأهم في حياة كل شاب طموح ينشد النجاح، ولكن ينبغي لها أن تكون قراءة المحبة والتسامح واحترام العقل والانفتاح على الآخر وليس العكس. أيها الشباب، تجنبوا قراءة الكتُب الفايروسية، لكي تحموا أنفسكم من أمراض التعصب، والتطرف، والعنف. وهذا بالطبع لا يمنع من قراءة الكُتب الجادة وغير المتحيزة في موضوعات الدين والتاريخ والفقه وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال حلو
مازن صلاح ( 2011 / 9 / 12 - 08:13 )
مختصر و رسالته واضحة ومفيدة لصحة الشباب في جميع جوانبها


2 - الكتب الصفراء
جيفري عبدو ( 2011 / 9 / 13 - 21:06 )
في عالمنا الإسلامي يا سيدي لا نقرأ الا الكتب الصفراء التي نعتقد أنها تحتوي على أفضل ما قاله سيد الخلق وذلك للأسباب التالية
العمل بكتاب الله وسنة رسوله لإننا نعتقد أن هذا هو العلم الصحيح وغيره غباء
خوفنا مما وراء الطبيعة ودرءا لتحقيقات المخبرين منكر ونكير وعذاب القبر ونار جهنم
طمعنا في الحور العين المقصورات في الخيام والولدان المخلدين وأنهار اللبن والعسل
اعتقادنا أن الغرب قد احتكر جميع العلوم الدقيقة ولم يبق لنا سوى التلاهي بالخزعبلات
تعويض هذا السبق بكره ما هو غير اسلامي متهمين غير المسلم بالخلاعة والمجون
الجهاد في غير المسلمين لنيل خير الدنيا والآخرة
تحياتي لك و لجميع الاخوة المعلقين

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة