الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق المرأة بين الرجعية و الإنحلال

عمر دخان

2011 / 9 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مفهوم حرية المرأة يتجاذبه طرفان، كل منهما ذهب بعيدا في مطالبه و أطروحاته. طرف ينادى إلى نشر حريات المرأة بشكل مطلق، و عدم فرض أي معايير أو قيم أخلاقية عليها، بل و غالبا ما يربط انحلال تلك المرأة الكامل بالتحرر و التقدم، و ان كل امرأة تختار ان تصون نفسها من تلقاء نفسها هي متخلفة و يجب إجبارها على اللحاق بركب التطور عن طريق إجبارها على السير في طريق الحرية و التقدم و ترك كل ما تؤمن به و ما لا تؤمن به في سبيل ذلك. أما الطرف الآخر فهو ليس أقل تطرفا من حيث فرض قيود على المرأة تجعل منها مجرد وسيله في الحياة يتم استخدامها حين الحاجة إليها، و تعامل معاملة العبيد من حيث حرمانها من حقوقها و جعلها خادمة لأسرتها و لزوجها دون أن يكون لها أدنى حق في أن تحصل على رأيها الخاص بها، أو تمارس حياتها وفق مفهومها الشخصي، و تلك القيود في الحقيقه كلما كثرت، كلما دلت على أباء و أزواج فاشلين لا يجيدون تربية و معاملة بناتهم و زوجاتهم، فيفرضون عليهم القيود التي تجعلهن في مرتبه الحيوان كنوع من إراحة الدماغ من التعب على التربية و التنشئة السليمه.

كلا الطرفين يهتف بذات الشعارات تقريبا، فكلاهما يقول أن يصون كرامة المرأة بإعطائها حريتها أو سلبها إياها، و كلاهما يقول أن دور المرأة في المجتمع يجب أن يكون أكبر، سواء في السياسة أو في المطبخ، و كلاهما يعتقد اعتقاد اليقين أن كل نساء الطرف الآخر يجب أن تقتنع بمفهومه حتى و إن فرض عليهن بالقوة و الترهيب، و كل طرف يعتقد أيضا أن رجال الطرف الآخر يجب أن يتم إجبارهم على جعل نسائهم يسرن وفق المفهوم الخاص لكل طرف، و ننتهي في الأخير إلى طرفين كل منهما فاشي أكثر من الآخر، ولو ارتدى أحدهما ثياب المدنية و الآخر ثياب الرجعية.

المجتمعات العربية بالذات تعاني من أشد أنواع القهر الموجه بحق النساء، و الذي يمارس عليهن بشكل ممنهج منذ مراحل الطفولة الأولى، تبدأ من فهم منحرف للدين يؤمن بأن المرأة مكانها الطبيعي أن تكون أقل شأنا من الرجل، و أن رأيها لا يؤخذ عليه و لا يجب أن يتم استشارتها في أي شيء، ولو كان قرارا مصيريا يتعلق بزواجها أو دراستها مثلا، فكل تلك القرارات يتم فرضها من الأب و الزوج و بالقوة أيضا، و إن حاولت المرأة تغيير ذلك إلى الأفضل و لو بالحسنى، ولو إلى شيء لا انحلال فيه و لا فساد، فقط مختلف، تجد المجتمع بأكمله يثور عليها، و يتم تدمير حياتها تماما و معاملتها معاملة أسوأ من ذي قبل، جاعلين منها كيانا فاقدا لأي حياة أو غاية.

لعل الفقرة السابقة تعد السبب الرئيسي لندره النساء اللاتي يلتزمن خط الوسط بين الانحلال و الانغلاق سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، وهو السبب الرئيسي للأصوات التي نسمعها من أوربا و أميركا لنساء عربيات فررن من مجتمعاتهن المتخلفة، و تجاوزن المطالبه بالحقوق المشروعه لأي إنسان، ذكرا أو أنثى كان، ليصبحن دعاة إنحلال بمعناه الحرفي، بل و يسخرن حياتهن للنيل من مجتمعاتهن المتخلفة التي لم يُسمح لهم بالتعبير فيها عن آرائهم بشكل معتدل، و تم كتمها تماما، لينفجروا في أماكن أخرى من العالم مهاجمين مجتمعاتهم الأصليه، على الرغم من أن معظم كلامهم عن الانتهاكات في المجتمعات العربية غالبا ما يكون صحيحا، و لكن الإشكال أنه لا يصدر منهن بغاية التغيير و التحسين، و إنما بغاية التدمير التام و الإنتقام من مجتمعات سلبتهن أبسط حقوقهن، و الملام الوحيد هنا هم أصحاب الجماعة الثانية من الرجعيين الذين ساهموا في تغذيه شعور القهر و حب الانتقام في نفوس اولئك النسوة.

يمكن علاج كلا الطرفين، و لكن يجب البدء بالرجعيين لأنهم أشد خطرا و تدميرا، فالإنسان المنحل غالبا ما يصطدم بعقبة الفطرة الموجودة لدى الكثير من البشر بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، أما الإنسان الرجعي الذي يستخدم الخطاب الديني مؤثرا به على عواطف العامة، فعقبته الوحيدة هي الاصطدام بأناس عقلانيين يستخدمون عقولهم، و الذين تكاد نسبتهم تكون صفرا في المجتمعات المتخلفة. إذا، الخطر الرجعي أخطر من الخطر الانحلالي، و الفكر الانحلالي يمكن له أن يؤثر على الأفراد بشكل يبقى الفرصة لإصلاحهم لاحقا، أما الخطر الرجعي فهو يرى في قتل المرأة و سلبها روحها جريمة شرف مبرره، و يرى في تعذيبها تأديبا مباحا، و غالبية آثاره تدمر الإنسان تماما و يصعب إصلاحها لاحقا.

إذا، قبل الحديث عن مواجهة موجات الفكر الانحلالي الذي يغزوا مجتمعات تتوق له أساسا مع أنها تدعي صبح مساء أنها ضده، على الرغم من أنها تحمل كافة مكوناته من انعدام للضمير و انتشار لحب الشر، قبل ذلك يجب أن يتم محاربة الفكر الرجعي الذي ينهش في هذه المجتمعات دون أن يتم محاربته أو حتى التفكير في التصدي له، بداعي ارتباطه بهتانا بالفكر الديني، و استخدام أتباع هذا الفكر لكافة الأساليب الدموية و الترهيبية و التي تبث ثقافة الخوف في أوساط المجتمع و تجعل من الصعب مواجهتهم بسهوله، خاصه و أنهم يستخدمون الدين و كأنه ملك أبيهم و لا يترددون في إصدار فتاوى القتل و إباحة الدماء ضد كل من حاول تطوير المجتمعات العربية و النهوض بها، و بالتالي تقليص سلطتهم المطلقه على حياة الأفراد و خصوصياتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم


.. المشاركة تفريد الباسط




.. -بالزهور وسنابل القمح مستمرون في حراكنا السلمي-