الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الرشيدة والوحدة الوطنية

صاحب الربيعي

2011 / 9 / 20
المجتمع المدني


تعدّ الدولة أباً روحياً لمكوناتها الاجتماعية باختلاف ثقافتهم وديانتهم وعرقهم ومذهبهم الديني والفكري فمن دون أن تبتكر أساليب فعالة لضمان حرية ممارسة كل مكون اجتماعي شعيرته الدينية والثقافية والمذهبية لن يكون في مقدروها الحفاظ على الوحدة الوطنية وضمان ولاؤهم والتزامهم بالواجبات.
يفترض بالدولة الرشيدة نبذ استخدام العنف لقسر مكوناتها الاجتماعية الانصياع إلى توجهاتها السياسية، لأن ما تحققه من مكاسب سياسية آنية يضعف وحدتها الوطنية في المستقبل لشعور أحد مكوناتها الاجتماعية تخفيض مرتبة مواطنته خاصة إن جرى معاقبته على نحو جماعي بجريرة توجهات نخبه السياسية المعادية لتوجهات الدولة.
كما يجب أن لا تمارس الدولة التمييز بين مكوناتها الاجتماعية والدينية والمذهبية وتكفل لهم حرية التعبير عن توجهاتهم الفكرية على نحو سلمي، وتكف عن محاولة صهرهم في بوتقة ثقافية أو فكرية واحدة لتدعي تمثيلها شعب متجانس ثقافياً وفكرياً ما يشعرهم بالاغتراب عن الوطن وبعدائية ضد الدولة فيفضلون الانفصال على الوحدة الوطنية.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن الدولة مفهوم عام لمجتمع متجانس ثقافياً أو مستعداً لأن يكون كذلك، لكن لا يجوز قسر المجتمعات المتباينة بمكوناتها الأثنية والعرقية وبطبيعتها وسلطاتها وأهدافها وتاريخها وحاجاتها بالعنف على التجانس الثقافي بعدّ الدولة ليست أداةً للظلم والقمع ما يشجع على عدم الاستقرار والمطالبة بالانفصال ".
لا تنمو نعرات الانفصال ومعاداة الدولة من فراغ، فهي تعبيراً عن عدم الولاء إلى وطن لا يعترف بحقوق المواطنة ودولة تعتمد خيار العنف لفرض توجهاتها وتفرق بين مواطنيها في الحقوق والواجبات. الدولة الرشيدة تجعل الموطن يفخر بإنتمائه إلى وطن موحد ومتنوع بمكوناته الاجتماعية وثقافته وتاريخه الحضاري، فالوطن يمثل هوية المواطن في الأسرة الدولية وكلما كان كبيراً بمساحته وثقله السكاني وعمقه الحضاري ومتانة اقتصاده وثقافته الحاضرة عظم شأن الدولة ودورها الدولي ما يعظم شأن مواطنيها على خلافه يتقزم شأن الدولة ودورها الدولي ومن ثم شأن مواطنيها.
يقول (( أحمد أوغلو )) : " إن كل انقسام جيوسياسي وجيواقتصادي وجيوثقافي للوحدات الكبيرة إلى وحدات أصغر، يضعف موقع الدولة الحيوي ويقلل أهميتها في البنى السياسية الدولية الكبرى ويعيقها عن تحقيق مسؤولياتها التاريخية ".
إن النخب السياسية الفاسدة المرتبطة بأجندة اقليمية دولية تسعى جاهدةً تجزأة الوحدات السياسية الكبيرة إلى وحدات أصغر وافتعال العداء بين المكونات الاجتماعية لتكون مهيئة الارتباط بمشاريع إقليمية ودولية. إن تعاظم مشكلات الدولة السياسية على الصعيد الداخلي يخل باستقرارها الأمني والاقتصادي والسياسي ما يقلل أهمية خططها الستراتيجية للنهوض بواقعها التنموي والاقتصادي ما يتناسب وثقلها الاقليمي.
إن إخفاق الدولة المزاوجة بين خياراتها الستراتيجية وخياراتها التكتيكية يعطل مسارات التنمية والخدمات ويحجمها إلى مسارات ثانوية تتقدم عليها المسارات الأمنية، لفرض الوحدة الوطنية والتصدي إلى أعمال العنف التي تمارسها الحركات الانفصالية ضد الدولة.
يعتقد (( أحمد أوغلو )) " أن عدم وضوح سياسات الدولة العامة والتردد بتحديد أولوية خياراتها التنموية أو الأمنية يربك خطواتها في كلا المسارين ".
إن خيار الدولة الرشيدة الأمثل في معالجة مشكلاتها العرقية والأثنية يتمثل بالحوار ونبذ العنف والالتزام بالثوابت الوطنية ووحدة التراب الوطني، والإقرار بالحقوق المتساوية لكل المواطنين وإلزامهم بالواجبات اتجاه الدولة والمجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم