الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الاختلاف بين الجنسين

ماريو أنور

2004 / 12 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل أن نعرض بعض مظاهر الاختلاف بين الرجل و المرأة نتوقف قليلاً على فلسفة هذا الاختلاف. فتباين صفات الجنسين الأساسية يبرز مميزات كل منهما و خصائصها , و هو لا يعنى امتياز جنس عن الآخر بقدر ما يعنى تميز كل منهما عن الآخر. فحين نقول إن المرأة تساوى الرجل لا يعنى هذا أن تكون مشابهة به فى صفاته و خصاله , لكنها تساويه فى القيمة الانسانية و فى الحقوق . إذ الأختلاف لا يعاض أبداً المساواة.
هل من الممكن أن نطرح السؤال التالى: أيهما أحسن الورد أم الفل؟ الورد هو الورد , و الفل هو الفل , و لا يمكن أن يفضا أحدهما على الآخر, لأن لكا منهما رائحته و جماله , مع أنهما متساويان فى القيمة بكونهما من جنس الزهور نفسه . كذلك لا أفضلية بين الجل و المرأة . لكن فى بعض البلاد غير المتقدمة تكون الأفضلية مبنية على القوة العضلية ( قانون الغاب) , علماً بأن الأنسان يتميز بعقله لا بعضلاته , لكان الثور أفضل منه.
الاستقطاب الجنسى:-
إن تأملنا فى تطور الكائنات الحية نجد أن و جود الاختلافات بين الذكر و الأنثى يظهر بوضوح كلما زادت مرحلة الارتقاء و التطور. فالكائنات الأولية و حيدة الخلية مثل الأميبا , لا تعرف ذكوراً أو إناثاً. ثو نجد فى عالم النبات الكثير من النبات التى تتكاثر عن طريق التلقيح الذاتى. فإذا ما ارتقينا سلم التطور نجد أن الانسان فى أعلى مراتب الكائنات الحية , إذ توجد أختلافات واضحة بين الرجل و المرأة على المستوى التشريحى و الفسيولوجى و النفسى ......ألخ.
من المعروف أن الطفل لا يشعر قبل سن البلوغ بأى انجذاب نحو اتلجنس الآخر, إذ لا يكون بين الفتى و الفتاة سوى مشاعر الصداقة البريئة ) يرجع هذا الى فترة الركود الجنسى ما بين سن الخامسة و الثانية عشرة ). فى هذه الفترة نلاحظ تشابهاً كبيراً فى الشكل و الطباع و الاهتمامات , بل وفى طبيعة الهرمونات أيضاًَ فيكون الصوت متشابهاً إلى حد ما , لدرجة أنه لو لبس صبى ملابس فتاة لما أمكن تمييزه.
إن التشابه يترتب عليه انعدام شعور الانجذاب المتبادل بين الجنسين فى هذه المرحلة من العمر , إذ يختلف مدلول كلمة حب عن مدلولها لدى البالغين . فإن سألت فتاة: هل تحبين هذا الفتى؟ من الممكن بكل بساطة أن يكون جوابها نعم. لكن بعد سن البلوغ لو سألتها السؤال نفسه سرعان ما تحمر و جنتاها من الخجل , لأن الاختلافات قد ظهرت , و أصبح لكلمة ( حب ) معنى آخر فى حياتها.
إن كلاً من الرجل و المرأة يمثل نصف إنسان بمعنى أن الرجل يحقق فى ذاته جذءاص معيناً من البشرية , و المرأة كذلك. وحتى تكتمل البشرية يجب أن يجتمع هذان النصفان.
تروى قصة رمزية فى الكتب الهندية التى تسمى الأوبانيشاد , رواية عن خلق الرجل و المراة على شكل كرة و جدهاالأله و حيدة , فاستل سيفه و شطرها شطرين , و جعل منها الرجل ةالمرأة و منذ ذلك الحين يحاول كلا الشطرين أن يلتقى الواحد بالآخر , حتى يحققا الوحدة التى خلقا بها. و لقد اتخذ الفيلسوف أفلاطون هذه الصورة و عبر عنها بطريقة مشابهة , فصور الانسانية بشكل كتلة واحدة انقسمت إلى قسمين , و كل قسم فى حالة إنجذاب مستمر نحو الآخر حتى يلتقيا. و مما يلفت نظرنا أشتقاق كلمة أراة من أمرىء بمعنى انسان. نعلم ان كلمة جنس يقابلها فى اللغة الانجليزية كلمة sex التى اتخذت من اللغة الاتينية فى الفعل secare بمعنى قسم , و منها أخذت كلمة section بمعنى قسم . إذ ان كلمة sex معناها قسم أو جزء , و من هنا نجد أن كلمة جنس أو sex فى حد ذاتها تشير إلى شىء مشطور أو منقسم . فالرجل بدون المرأة هو إنسان غير مكتمل , و المرأة بدون الرجل كذلك.
كل هذا يدل على أن هناك انقساماُ و التقاء فى صميم الانسانية . و هذا تعبير رمزى يدل على جوهر الحقيقة , إذ يمكننى أن اقول أنت عندك جنس , لكن الأصح أن أقول أنت جنس , الرجل جنس , المرأة جنس , بمعنى ان كلاُ منهما جزء من الانسانية.
الانجذاب بين الجنسين أساسه الاختلاف بينهما:-
أساس الحب هو تبادل بين شخصين مختلفين و مكملين بعضهما بعضاُ فى الوقت نفسه . و هذا الاختلاف شرط أساسى للتكامل بينهما , لأنه إن لم يكن هناك اختلاف فلا مجال للأخذ و العطاء. أنا أعطى مما لدى و أخذ ما ينقصنى . و لو خلق الرجل و المرأة متشابهين تماماُ , لما حدث بينهما هذا التيار الديناميكى الذى نسميه حباُ. فالانسان لا ينجذب لحقيقة مشابهة له , بل على العكس تماماُ نجده مشدوداُ لعنصر يفتقده و يجده فى الآخر.
هذا هو سر الأنجذاب بين الرجل و المراة : الرجل يريد أن يكتمل , و المرأة تريد أن تعود الى أصلها.
لذلك يشير الزواج الى عودة الانسان لاصله , ليكتمل مجدداُ . و نحن غالباُ ما نستخدم تعبير النصف الآخر و هو تعبير رائج فى اللغة العربية و الانجليزية و الفرنسية , إذ كثير ما تعبر اللغات بإيجاز بليغ عن حقائق جوهرية . و الخلاصة أن نزعة الحب فى الانسان هى نزعة أساسية جوهرية لتكملة كيانه و تحقيق ذاته. فالحب ليس من كماليات الحياة , فإن لم يكن فيك حب , ينقصك شىء جوهرى . هذه النزعة نحو الآخر هى أساس لتحقيق ذاتك , و الحب فى جوهره نزعة نحو الآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو