الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنصوِّت لقائمة سعدون!*

هادي محمود

2004 / 12 / 6
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عرفت الرفيق سعدون عن قرب. وما كان يجمعني به إضافةً الى الرفقة الكفاحية، هو التواصل الإنساني الذي تعزز يوماً بعد آخر في مجالات العمل، وخاصةً بعد انتفاضة آذار المجيدة التي كان للغالي سعدون دوراً متميزاً فيها وخاصةً في مدينة أربيل.

كان اسم سعدون يشكل قلقاً يقض مضاجع أزلام الأمن والاستخبارات والمخابرات قبل الإنتفاضة وبعدها. ففي عام 1987 كان سعدون مع رفاقه في منطقة خوشناوتي يقود إنتفاضةً جماهيرية في مدينة شقلاوة التي كان الغالي سعدون يدخلها رغم وجود السلطة فيها، ويجد الحماية في بيوت وقلوب أهلها.

ونتيجة لشجاعته الفائقة وبطولاته وتضحياته، صنعت جماهير هذه المنطقة قائدها وفارسها سعدون الذي كان حاضراً بينهم يتقاسم همومهم وأحزانهم، ويشاركهم، بل ويقود معاركهم النضالية ضد الديكتاتورية.

وفي داخل مدينة أربيل وقبل الإنتفاضة، كان سعدون يشارك في العمل السري.. يخطط للإنتفاضة.. يشكل المفارز الحزبية المسلحة، ويُؤمِّن سلامة الرفيقات والرفاق الذين كلفوا بالتظاهر لكي تندلع شرارة الانتفاضة من داخل أربيل.

بعد هجوم قوات الحرس الجمهوري على كردستان في نهاية آذار 1991، كان سعدون يقود مفارز أنصارية للتصدي لهجوم السلطة. وقد كان له دوراً متميزاً في معارك ملا عمر القصبة التي تقع في الطريق بين مصيف صلاح الدين ومدينة شقلاوة. وفي معركة ملا عمر التي خاضها سعدون مع أطراف الجبهة الكردستانية ضد قوات الحرس الجمهوري، حقق البيشمركة نصراً كبيراً على قوات السلطة، وبدأ بعد تلك المعركة العد التنازلي لوجود السلطة الديكتاتورية وأجهزتها العسكرية والقمعية في كردستان.

والحديث عن سعدون لا يجري لكونه يحمل صفةً حزبية أي عضوية المكتب السياسي لحزبنا الشيوعي العراقي. فسعدون كان قائداً سياسياً نابعاً من معترك النضال الفعلي، ومن خلال قناعة الجماهير به وقناعة رفاقه أيضاً. ولهذا فقد تجاوز صفة القائد الرسمي، أو المسمّى من قبل الحزب قائداً. وقد تعاملت الأحزاب الكردستانية الحليفة معه إنطلاقاً من هذه الحقيقة.

ولهذا تعاملت تلك الأحزاب وتعاملت الجماهير مع خبر استشهاده بالشكل الذي جرى في أربيل وشقلاوة، وما رأيناه من خلال التلفاز من تشييع مهيب وما لمسه رفاقنا من حزين عميق لدى الناس لفقدان هذا الرمز الكبير.

خلال فترة تواجد سعدون في شقلاوة، قبل الإطاحة بالنظام، اختار سعدون إحدى صبايا شقلاوة، وهي العزيزة (دنيا) شريكةً لحياته. وكان عرسه يوماً مشهوداً لم يغبْ عنه أحد من سكنة هذه المدينة الواقعة في حضن جبل سفين. وكيف يغيب الأهل عن عرس حبيبهم الذي كان يتحدث لغتهم بطلاقة، وكان مأمن أسرارهم، ومحط قناعاتهم، وحلاّل مشاكلهم؟ وقد قلت له يومئذ: لو رشحت نفسك لرئيس بلدية شقلاوة ما تجرأ أحدُ على منافستك!

كان سعدون مبادراً في العمل الحزبي. ونجح بابداع في كافة المهام التي كلفها به حزبه. كان أميناً على الحزب، وعلى ماليته وممتلكاته.. ساهراً على حمايته وحماية رفاقه. والأكثر من هذا كان ورود اسمه في مهمة من المهام كفيل بأن يطمئن الجميع على نجاح تلك المهمة.. ولهذا كُلف من قبل قيادة الحزب لحماية أمن المؤتمر الخامس والسادس والسابع للحزب. وقد نفّذ هذه المهمة بابداع.

بعد الإطاحة بالديكتاتورية خصص سعدون كل وقته للمساهمة في اعادة بناء الحزب ومنظماته... كنًا نسمع عنه مشاركاً في لجان حزبية عديدة تخص التنظيم والإدارة والمالية، والعمل الجماهيري بين الطلبة والشبيبة... حتى إن البعض من رفاقه عاتبوه مرةً خوفاً على حياته، عندما كان متواجدا في كربلاء يهيء لمراسيم الأربعينية في العام الماضي، من خلال موكب (العباسية) الحي الشعبي والموكب المشهور لكادحي كربلاء في تاريخ المواكب الحسينية، في وقت كان إحتمال التفجيرات من قبل ايتام السلطة المقبورة والظلاميين وارداً. وقد حدثت فعلاً، انفجارات عديدة خلفت الكثير من الضحايا الأبرياء في العام الماضي.

ومع مهامه العديدة، إضافةً الى دوره المتميز في المجلس الوطني المؤقت، الذي كان فيه معبراً صادقاً عن سياسة الحزب داخله. حرص سعدون على أداء مهمة التواصل مع المنظمات الحزبية ورفاقه، من خلال متابعة ارسال التقارير وايصالها لهم، لضمان المشاركة في أوراق العمل قبل حسمها في اجتماعات قيادة الحزب.

كان سعدون مستهدفاً من قبل القتلة الإرهابيين أيتام البعث الفاشي والضلاميين الفاشيين الجدد. وقد جرى تهديده هو ورفاق آخرين بالقتل أكثر من مرة. وقد كان الحزب حريصاً عليه مثل ما كان هو حريصاً على الحزب.

وكم كانت فاجعتنا شديدة وكبيرة بسماع نبأ استشهاد من كان حريصاً على أمننا جميعاً.

أيتها الأخوات أيها الإخوة

أن مصابنا كبير جدا.ً.. لقد فقدنا رفيقاً لا نجد عبارةً أو وصفاً يليق به اكثر مما وصفه المكتب السياسي لحزبنا، عندما نعته بالرفيق الغالي... لقد فقدنا الغالي... وهذه خسارة لا تعوض بسهولة، رغم إيماننا بقدرات شعبنا المعطاء. فسعدون كان تراكماً نضالياً ساهم في بلورته جيل من قادة حزبنا... وقد استوعب هذا الغالي تلك الدروس والخبر والتجارب وسخَّرها وفق طاقاته بإبداع لخدمة أماني الشعب، ومصالح الكادحين.

لقد فقدنا سعدون... ولكن بقي لنا المستقبل.. بقيت لنا سياسة تعتمد على مصالح الشعب والحلم بالسعادة والأمن والإستقرار. سياسة تفتح أبواب الأمل.. سياسة واضحة تؤكد بأن الإرهاب سوف لن ينال من شعبنا ولن يوقف قضيته العادلة.

سياسة مبنية على القراءة السليمة لطبيعة العملية السياسية وتعقيداتها، و تُجنب الوقوع في القراءة الأمنية المجردة فقط للوضع، تلك القراءة التي ستوصل الى بلورة لوحة سوداوية، إذا ما جرى تناولها بشكل مجرد. فالقوى الارهابية ورغم امكانياتها التي برزت في قدرتها على تنظيم وتخطيط عملياتها، والحاقها الاذى بالناس واشاعة الرعب والخوف، ليس لها افق سياسي من جهة، كما انها تمتلك مشروعا سياسياً مبنياً على الأتيان ببديل استبدادي بلبوس دينية، وقومية شوفينية. ومثل هذا المشروع لن يلق القبول من جماهير شعبنا، وليس قادراً على إجراء تغيير حقيقي يؤدي الى تحسين أوضاع شعبنا في المستقبل القريب والبعيد.. وبإستثناء شعارات هذه القوى بـ "طرد الامريكان" فإن اعمالها تطيل بالملموس أمد الاحتلال وتقدم المبررات على "ضرورة" استمرار القوات الاجنبية لحماية الوضع ومنع تدهوره، كما أن البعض من تلك القوى "يجاهد" لتوظيف "النجاحات" في العمليات العسكرية لتحقيق اتفاق مع القوات الامريكية حول دور سياسي، هذا ناهيك عن مشروع الزرقاوي غير المعني بالقضية العراقية، بل والمتجاوز الشأن العراقي أصلاً.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

ونحن نؤبن سعدون نريد أن نؤكد بأن لا مستقبل للإرهاب في العراق. ولا يأتي هذا التأكيد من الأيمان بأن التحولات السياسية والإجتماعية في بلدنا كفيلة بالرد على الإرهاب وإفشال مخططات الإرهابين، بشكل ميكانيكي، أو من خلال الإعتماد على العامل الخارجي، ودور القوات متعددة الجنسيات في العراق. إن إيماننا بالمستقبل، وبدحر الإرهابيين مبني على اساس الإعتماد على الفعل الإنساني الداخلي الذاتي..على العامل البشري.. على جماهير شعبنا وقواه السياسية التي ناضلت ضد الديكتاتورية.. ومن هنا تأتي أهمية التكاتف والتوافق الوطني العام من أجل العراق ومن أجل مستقبله المشرق، على أساس غلبة التناقض الرئيسي على التنافضات الثانوية. فطريق التوافق السياسي في هذه المرحلة الحساسة على أساس برنامج وطني ديمقراطي، هو طريق معالجة التناقض الرئيسي.. وهو طريق القضاء على الإرهاب.. وطريق إنهاء تواجد القوات المتعددة الجنسيات في العراق، واستعادة السيادة الوطنية الفعلية.. وهو طريق تحقيق حقوق شعبنا الكردي وإقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد..

فلنصوت في الانتخابات المقبلة لهذا الطريق.. ولنصوت لقائمة سعدون والطريق الذي ناضل من أجله.


* كلمة ألقيت في حفل تأبين الشهيد سعدون، والذي نظمته منظمتي الحزب الشيوعي العراقي والكردستاني في هولندا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب


.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا




.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا


.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2




.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع