الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتشار التعليم الأهلي بالعراق هل هو ظاهرة صحية؟ أم لا؟

نادية تعبان محمد غني

2011 / 9 / 23
المجتمع المدني


في الصباح الباكر وانا في طريقي لمحل عملي لفت أنتباهي لوحات إعلانية تملئ الشواع العامة والأزقة ببغداد عن مؤسسات تربوية أهلية(رياض أطفال-مدارس ابتدائية-مدراس ثانوية).جذبت إنتباهي لان أغلب النظام التعليمي في العراق حكومي.ونادرا ماتتواجد مدارس خاصة (أهلية) للأن النظام السابق كان لا يسمح بفتح مؤسسات تربوية خاصة الا ماندر.ويعد نظام التعليم في العراق من الأنظمة الصارمة للغاية قياسا للأنظمة الاخرى الموجودة في باقي الدول.وهنا سؤال يطرح نفسه ياترى ماالذي جعل أنتشار التعليم الأهلي في العراق؟ أكيد هناك عدة أسباب أدت إلى ذلك ومن خلال رؤيتي المتواضعة للموضوع وبعد البحث والتقصي من تلك المؤسسات ومن الطلبة وأولياء امورهم حاولت تشخيص البعض من تلك الاسباب التي أدت إلى أنتشار هذه الظاهرة وهي:
1- إنخفاض مستوى التعليم بصورة عامة في المؤسسات الحكومية كافة وفي كل المراحل الدراسية.إذ بلغ أسوء مستوياته في العقود الثلاثة الماضية.وهذا بسبب الغزو والاحتلال الامريكي وما نجم عنه من تدمير طال المؤسسات التعليمية الحكومية . وما جرى من حملة تصفيات للكفاءات التدريسية العراقية قد أدّى الى إنهيار النظام التعليمي وتدني كفاءة التدريسين.لذا حاول التعليم الأهلي أستقطاب الطلبة وأولياء أمورهم بأختيار اكفء التدريسين المتقاعدين ومن أكثر المدراس شهرة واستغلالهم بالعمل وبرواتب غير مجزية لان المتقاعدين أخذوا يفضلون العمل بهذه المدراس على جلوسهم بمنازلهم أو على القهاوي بدون عمل.مما أدى بأولياء الأمور اعطاء الأقساط الباهضة الثمن للمدارس الأهلية التي تغنيهم عن (الدروس الخصوصية ) بالمدارس الحكومية.وبذلك يضمنون مستوى دراسي عالي لأبناءهم.
2- كان نظام التعليم بالعراق واحدا من أفضل الأنظمة التعليمية في المنطقة طبقا لتقارير الامم المتحدة. أما في يومنا هذا الفساد يسود كافة المؤسسات التربوية الحكومية المركزية منها والمحلية.هذا الفساد أدى إلى تردي الأوضاع في المؤسسات التربوية الحكومية بصورة عامة.فأغلب هذه المؤسسات لاتتوافر فيها شروط الأثاث المريح من(رحلات للجلوس-مراوح-تبريد-إضاءة-زجاج الشبابيك-دواليب-طاولات-سبورات-تباشير-حاسبات-كراسي–مختبرات-مرسم-حاويات للنفايات-ادوات نظافة..الخ).وبذلك حاول التعليم الأهلي أستقطاب الطلبة بتوفير كافة هذه المستلزمات وبشكل أنبهاري ملفت للنظر وذلك بأستخدام ارقى انواع الأثاث.
3- المؤسسات التربوية الحكومية تفتقر إلى توفير الخدمات الصحية .ومن اهم هذه الخدمات هي النظافة وخوصوصا نظافة (الحمامات والاطعمة)..إذ هناك الكثير من المدارس الحكومية لاتتوافر في حماماتها الشروط الصحية .وهذا يعد كارثة خصوصا بالنسبة لرياض الأطفال والمدارس الإبتدائية مما يترب عليه الكثير من المشكلات الصحية والنفسية للطلبة.لذا حاول التعليم الأهلي أستقطاب أولياء الأمور بتوفير كافة الشروط الصحية في مؤسساتهم التربوية.ولم يقتصر توفير الشروط الصحية بالحمامات فقط بل تعدى إلى اكثر من ذلك بتوفير الشروط الصحية بالأطعمة المقدمة للطلبة في مؤسساتهم.والتي لاتخضع هذه الأطعمة للشروط الصحية ولا للرقابة في المؤسسات التربوية الحكومية.
4- المؤسسات الأهلية أدخلت اللغات(الأنكليزية والفرنسية) والحاسوب والموسيقى في مراحل متقدمة.بينما في المؤسسات الحكومية اللغة الانكليزية موجودة بمراحل متقدمة .بينما اللغة الفرنسية والحاسوب تقتصر على مؤسسات دون غيرها.أما الموسيقى فلاوجود لها.
5- المؤسسات الاهلية تحتوي على حدائق جميلة وأنيقة,كما وأنها تحتوي على قاعات مبردة للألعاب وأرضية مفروشة.بينما تفتقر المؤسسات الحكومية لذلك.
6- الدوام الرسمي بالمؤسسات الأهلية يكون من الساعة الثامنة صباحا ولغاية الساعة الثانية ظهراً ومنها من يكون لغاية الساعة الرابعة عصرا بينما الدوام بالمؤسسات الحكومية يكون من الساعة الثامنة صباحا ولغاية الساعة الثانية عشر والنصف ومنها لغاية الواحدة والثلث ظهرا.اي ان الدوام بالمؤسسات الأهلية أطول بكثير مما أستقطب الكثير من الاهالي الموظفين.
7- أعداد الطلبة بالمؤسسات الاهلية في الصف الواحد اعداد نموذجية (25) طالب مما يتسنى توفير الرعاية النفسية والعقلية الكافية للطالب بينما بالمؤسسات الحكومية يصل الى 60 طالب وأحيانا الى 70 طالب وهذا مما يثقل كاهل الطالب والمعلم ولاينال الطالب فيها حق الرعاية النفسية والعقلية الكافية.

8- المؤسسات الاهلية اخذت تستقطب الأهالي من باب المفاخرة بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي اكثر من كونها مؤسسات تعليمية.
ويبقى السؤال قائماً هل إنتشار التعليم الأهلي بالعراق ظاهرة صحية أم لا؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال بشقين الاول: يمكن اعتبارها ظاهرة صحية فيما أذا توافر فيها ماياتي:
1- تخضع هذه المؤسسات الى كل الشروط والقوانين واللوائح التي تخضع لها المؤسسات الحكومية من:
أ-الاشراف (الأختصاصي والاداري)
ب-ضوابط وشروط الامتحانات
ج-الاعمار المحددة لقبول الطلبة بكل مرحلة
د-الزي الموحد
ه-الحضور والغيابات.الخ
2- أن تقود هذه المؤسسات كوادر وكفاءات تربوية متخصصة يحملون شهادات اكاديمية مثل الكوادر التي تقودها المؤسسات الحكومية.
3- أن يكون الهدف الرئسي والعام من تلك المؤسسات لا للربح المادي والمتاجرة بالتعليم.بل يكون الهدف هو بناء شخصية سليمة متكاملة جسميا ونفسيا وتعمل على تحقيق الاهداف التربوية العامة والخاصة التي تناشد بها الدولة.
4- يجب أن تحصل المؤسسات الاهلية على إجازات وموافقات أمنية من وزارة التربية.وان تراعى في تلك الموافقات الكثير من الامور ومنها الموقع الجغرافي للمؤسسة بحيث يمكن فتح بالمحلة الواحدة (روضة-مدرسة ابتدائية-مدرسة ثانوية) واحدة فقط ولايجوز فتح أكثر.
5- من حق العوائل الغنية والتي بامكانها دفع القساط الباهضة أن تؤمن على مستقبل أبناءها وتضمن لهم التربية والتعليم الجيد وتضعهم بتلك المؤسسات أسوة بالدول المتقدمة.

اما الشق الثاني يمكن عدّإانتشار التعليم الأهلي ظاهرة غير صحية وذلك للأسباب الاتية:
1- القلق والتوجس من المستقبل خوفا من أن المؤسسات الأهلية تسحب البساط رويدا رويدا من تحت المؤسسات الحكومية وإذ ياتي علينا يوم ونرى التعليم بالعراق قد تحول أغلبه الى تعليم أهلي بدلا من حكومي.والتعليم بالعراق له تاريخة الطويل ومشهود له بأنه تعليم مجاني وله إنجازات لا يمكن نكرانها برغم التعثرات والنواقص التي ترافق مسيرته.
2- التعليم الأهلي يثير الفوارق الطبقية ويشيع التفرقة بين الطلبة والعوائل العراقية فهو تعليم مخصص للعوائل الغنية التي تستطيع دفع الاقساط الباهضة الثمن والتي بها تضمن تعليم جيد لأبناءها.
3- الطالب بالتعليم الأهلي يمتاز بحرية مطلقة كونة (يدفع المال) فيتولد لديه إحساس بأنه يستطيع شراء كل شيء بالمال.وكل شيء له مسموح(حمل الموبايل –الحضور او التغيب عن الدرس- لايعاقب على اخطاءه.......الخ) وبدلا من أن نبني شخصية قوية ومتوازنة تتولد لدينا شخصية فوضوية لاتشعر بالمسئولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للكتابة نادية
وليد حنا بيداويد ( 2011 / 9 / 23 - 20:29 )
تحية، بلا شك ان ما طرحتيه ظاهرة غاية فى الخطورة تسود فى تلك الدول التى تتفشى فيها ظواهر الفوضى والرشوة والاقتتال والنهب والانفلات الامنى والفوضى فى الاجهزة الصحية وتدخل الاخرين وعدم تركيز جهود الدولة على التعليم والتعليم العالى
انا كلى اسف ان يتحول ذلك العراق الجميل العلمانى والمتقدم فى البناء والاعمار والمتفوق فى التعليم والصحة الى هذا الانحطاط الذى لاحظته فى الوصف الذى قدمتيه لحال بلدنا واسفاه يا عراق واسفاه
هناك ظاهره عراقية ايضا فى الخارج قامت بها شلة او مافيا من العراقيين نصابون فى تاسيس هكذا ظاهرة عندما استغلوا ظروف ابناء شعبنا من خلال تاسيس اكاديميات غير معترف بها فاشلة دراسيا وغير مجدية ،، يدا بيد نحن جميعا يجب ان القضاء عليها وانا شخصيا احاول فضح المؤسسات الوهمية سواء فى الداخل الوطن وفى خارجه ، وقوفنا جميعا نحن الحريصون على مستبقل وطننا وابناء شعبنا و بوجه هذه المافيات سيتم القضاء عليهم حتما بلا ادنى شك.. تحيتى لك وشكرا لك على فضحك لهذه الظاهره المدانه

اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا