الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيام المختار بين الحقيقة والخيال(2) ثورة الحسين

الاء حامد

2011 / 9 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تطرقنا في الجزء الأول عن قيام المختار الذي استوحيت مبادئ قيامه من ثوره الحسين وأهدافها وقلنا انه امتداد لحركة التوابين الشيعية التي قامت بالانتفاضة نتيجة عقدة الشعور بالذنب والتقصير عن نصرة الحسين في واقعة كربلاء الأليمة.

لم يأتي هذا القيام من فراغ وإنما هو نتيجة القهر والظلم والجور الذي وقع على آل بيت علي وإتباعهم . وما قضية الحسين ببعيدة عن هذه المحنة التي مرت بها الأمة الإسلامية جراء اعتلاء عرش الخلافة من قبل حكام ليس مكانتهم الخلافة أو جاءوا بالتوريث.

احتل بيت علي مكانة وقدسية في نفوس أهل الكوفة ومواقفهم منذ عهد علي وحتى موته وقد التزم اغلب أهلها بأفكاره ونهجه وتابعوا نضالهم السياسي من بعده وفق حكمته وعدله رغم أجواء القهر والملاحقة.

ونتيجة هذه المعطيات تمت مكاتبة الحسين للقدوم إلى الكوفة من اجل قيادة ثورتها التي قطعت شوطا من النضج السياسي الثوري بعد محصلة من الجهود المكثفة في مرحلة سريه وأخرى علنية عقبتا موت الخليفة الأموي معاوية بن ابي سفيان وتوريث ابنه يزيد للحكم كسابقة خطيرة تعد الأولى من نوعها في عصر صدر الإسلام في مسالة اختيار الخليفة.

قدم الحسين إلى الكوفة وبدأت فصول الثورة الكوفية حكاياتها التي أعدت ليقودها الحسين ولكنها سرعان ما تحولت إلى مأساة دموية اضطربت لها ضمائر المسلمين واهتزت أركان النظام الأموي ومعه الخليفة نفسه الذي حاول مسح يديه من المجزرة وإلصاقها بأبن زياد(1)
سواء كان الخليفة الشاب هو المسؤول المباشر أم واليه المخلص وأداته المنفذة , فأن نظامه هو الذي تحمل عمليا وزر التصرف الارتجالي الذي عولجت به هذه الثورة وقد سقطت بأول امتحان لقدرات الخليفة المتواضعة سياسيا.

محاولة الحسين هذه رغم فشلها عسكريا تعد أول انتفاضة سياسية عسكريه على مستوى الثورة والتغيير ضد حكم الأقلية التي استأثرت بالخلافة وحولتها إلى ملك وراثي متجاهلة الأكثرية المجبرة على الصمت والمكرهة على تقبل الواقع , فكان الحسين هو الممثل الطبيعي للاتجاه الإسلامي الإصلاحي, فقد كان صوت الجماهير المفجوعة بآمالها ومواقعها التي اكتسبتها في عهد الرسول وعمر وحاولت استردادها في عهد علي .
لم تكن ثورة الحسين تنحصر بالبعد الكوفي الضيق ولا بنزوات الحسين الشخصية الضيقة وإنما هي ثورة سجلت ضد النظام القائم على مبدأ الوراثة في السلطة وعلى واقع يسوده الظلم والقهر.

لهذا نجد ان ثورة الحسين شحنت الفكر السياسي في الإسلام بواقع جديد من التحدي الصعب والانتصار على الذات والتضحية من اجل المبدأ, فكانت حدث غير عادي في التاريخ العربي الإسلامي حين اجتاحت إعقابها دولة الأمويين عاصفة ثورية عارمة كان من نتائجها القريبة إسقاط الحكم السفياني دون ان ينجو منها الحكم ألمرواني على المدى الأبعد(2)

ومن إفرازات واقعة كربلاء أصبح الموقف الإسلامي آنذاك عصيان مسلح في المدينة وإعلان ابن الزبير لدولته المستقلة في مكة وفوضى واضطرابات في الشام وفي العراق فقد ظهرت تطورات مذهلة فيه منها حركة التوابين الانتحارية وحركة المختار الثقفي ومعها أول سلطة شيعية منذ تنازل الحسن .

بعد أن وضحنا السبب الأهم في نجاح قيام المختار الذي اعتمد على مبادئ ثورة الحسين وأهدافها متخذا شعاره ( يا لثار الحسين ) الذي أجج مشاعر الناس الواقعة أصلا تحت عقدة الشعور بالذنب والتقصير.سنتطرق لاحقا لأسباب أخرى ساعدت في نجاح قيام المختار... في الجزء الثالث قريبا.
دمتم بود وخير ...





المصادر والإحالات
1-الدينوري الإخبار الطوال ص261
2-الدكتور إبراهيم بيضون (دولة عبد الملك)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تمكن في الكتابة و غرابة في التحليل
سمير خليل ( 2011 / 9 / 24 - 14:50 )
خلافا لم رأيناه في الحلقة الأولى، فإنك كنت متميزة هذه المرة و متمكنة من الكلمات و الأفكار بشكل يدعو إلى الإعجاب. و التسلسل المنطقي للطرح كان أيضا رائعا. و لكن..................
أعتقد أنه من حقي عليك أن أدعوك لقراءة المزيد من كتب التاريخ التي لا تتبنى وجهة النظر الشيعية. فمثلا، أنا على المستوى الشخصي، أعلم أن الحق مع علي، و لكن شاءت للأحداث أن ينتصر معاوية. ألا يلقي هذا الأمر بظلال، و لو قليلة، على مقدرة علي – و ذريته من بعده- على إدارة الدولة؟ لماذا لم يتأثر أهل الشام-خلافا لأهل الشقاق و النفاق- بكل خزعبلات علي و أتباعة؟
إن نزع صفة القداسة و الألوهية عن هذه العائلة يعتبر، في نظري، مقدمة لخلق الدولة العلمانية التي عاش فيها الجميع باحترام، نسبي طبعا. و هنا أحب أن ألفت نظرك الى الكاتب ابن المقفع (الفارسي )، الذي تمت تصفيته من قبل العباسيين و حلفائهم الشيعة في ذلك الوقت لمجرد أنه كان فيه هوى لبني أمية! و كذلك الشاعر العربي المسيحي المسمى الأخطل، الذي كان يفاخر بنسيه و دينه أمام عبدالملك بن مروان، دونما خوف أو وجل!


2 - 2 تمكن في الكتابة و غرابة في التحليل
سمير خليل ( 2011 / 9 / 24 - 14:52 )
يمكنني أن أسوق الكثير من الأمثلة على روعة و تنور بني أمية، و لكن لا يمكنني أبدا أن أرى أي إسهام من على و ذريته إلا أشياء تدعو للتساؤل عن صوابية عقولهم: المعصومية، الخمس، المتعة، فلان دخل السرداب و سيرجع قريبا، فلان، زنجي، يدعي النسب لهذه العائلة و يقود ثورة يقتل فيه الالاف قبل أن يقتل! ناهيك عن بقية الخزعبلات التي يتمتع بها إمام اخر الزمان: يقوم الله بعرض جدول أعماله عليه(=على الإمام)، إذا وافق عليه، فيمكن لله بعدئذ متابعة هذا الجدول.
و في النهاية، يظل هذا المختار واحد ...منهم!


3 - الاخ سمير خليل
الاء حامد ( 2011 / 9 / 24 - 18:43 )
الاخ سمير خليل.. عمت مساءا سيدي الكريم ... شاكرة لك حضورك المستمر في صفحاتي ..رغم انني كلدانيه مسيحيه الا انني لازلت متأثرة بالبيئة الشيعية التي عشت فيها معظم طفولتي عندما كنا نقطن في البصرة لهذا تجد معظم كتاباتي مستوحاة من نفس البيئة .. مع انني احاول قدر المستطاع تحليل الاحداث التأريخية تحليلا منطقيا وموضوعيا وقد استخدمت اكثر المصادر قبوليه في ابحاثي المتواضعة ... كما انني لست مختصة في مجال التاريخ سوى حب الاطلاع ما يدفعني في الخوض في تفاصيله... ما حصل للحسين في واقعة كربلاء لم يكن هو وليد استنتاجاتي وانما امر وقع بمأساة دمويه تحملت الدولة الامويه وزرها ,,, وما سقوط الخليفة السريع الا نتيجة هذه المأساة ... تحية لك


4 - بحث يستحق القراءة
ahmad mohamad ( 2011 / 9 / 28 - 21:58 )
ان بحوثكم جميلة للغاية اتمنى لكم الموفقية والنجاح

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس