الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البشرية مشروع فاشل

وسام غملوش

2011 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البشرية مشروع فاشل
ماذا يريد الله من الخلق؟

منذ فجر البشرية وهذا التساؤل يطغى على الفكر البشري لماذا وجدنا ..ماذا تريد الالهة بالمفهوم القديم وماذا يريد الاله بالمفهوم الحديث؟
سؤال قد ضلت في متاهاته الإجابة و انردمت على موانئه عقول العلماء والسادة وتحيرت فيه الفهوم وتخبطت فيه الظنون وبات الادراك لكافة البشرية وهمٌ لا تدركه لغة أنسية، فالعباقرة والفلاسفة والحكماء اصبحوا وأمسوا فيه بكماء و من ذوي الفهم الثاقب والذكاء الخارق وكلهم باتوا من دون الاجابة.
في العبثية و الخصوصية
يحاول الدين في كل اشكاله اعطاء قيمة وجودية للبشر، حتى لو كانت هذه القيمة تصور الفرد كعامل عند الالهة، المهم ان لا يكون مجرد وسيلة عبثية، فهو اي الفرد، راض ان يكون حتى وسيلة ولكن لها قيمة فردية اي لكل فرد قيمته بالعطاء الذي يقدمه حتى لو كان هذا العطاء قربانا، المهم ان يكون هذا القربان ذو اهمية عند الاله لأن ما ينتظر الفرد في الجنة هو المهم له كفرد.
ولكن عندما تكون البشرية جمعاء هي بمثابة فكرة عبثية لا ينتظرها من الغد اي شيء سوى خواء العدم فهنا تكمن المأساة، وكي لا يكون الوجود العبثي او الفكر العبثي من وجود البشر هو الطاغي والمستحوذ على حياة الفرد التي تؤدي الى دمار البشرية التي سترى هذه العبثية المخيفة التي حاولت كل الاديان ان تخفيها او تجعل منها مبرر لحياة رغيدة خالية من الشعور الهامشي للانسان. كان هناك جهد حثيث في كل الاديان لاعطاء البشر قيمة وجودية تنتهي بالحياة وتبدأ بعد الموت، وتعددت هذه المفاهيم التي تجعل من الفرد كائن ذي خصوصية بحتة وعلى سبيل المثال:
في الدين الاسلامي يقال انك يا انسان خلقت على صورة الله ولله خلقنا من كرمه وجوده وجعلنا نشاركه هذا الوجود ولنا بعد موتنا حياة ابدية نشاركه فيها بالخلود وايضا هناك فكرة الامتحان التي سنتطرق اليها في سياق بحثنا هذا.
اما في الدين المسيحي فهناك ضباب كثيف اذا اردنا ان نعرف ماذا يريد الله من الانسان، لم تحدد الديانة المسيحية أي غايات من خلق الإنسان ، ولكنها اكتفت بسرد الأحداث فيما بعد ‏عملية الخلق من خطيئة وهبوط .
وفي العهد العتيق( وقال للمراة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك.بالوجع تلدين اولادا.والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك. 17 وقال لادم لانك سمعت لقول امراتك واكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تاكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك. 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتاكل عشب الحقل. 19 بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الارض التي اخذت منها.لانك تراب والى تراب تعود.)
ولقد اختلفت الالهة في اشكالها وانواعها خلال الحقب الزمنية ولكن مهما تنوعت كان هناك دائما مبرر للوجود الانساني لكل اله ،ويختلف هذا المبرر حسب وعي تلك الجماعة ولكن يبقى في المضمون مبرر لوجودهم حتى لا ينردموا في بئر ذواتهم الفارغة من مضمونها فأوجدوا عدة نظريات تثبت انهم ليسوا بلا معنى وحياتهم لها حكمة ابعد من مفهومهم البسيط غير المدرك للمفهوم الالهي الذي يتمتع بالحكمة المطلقة لكل الامور وهم مخلوقات عاجزة عن ادراك الحكمة الالهية وهذا المفهوم ساعد جدا في طمس العبثية لفكرة الوجود للبشرية جمعاء.
في مفهوم الامتحان
فالالهة بنظر البشر تحدد المفاهيم والقيم الاساسية للحياة وهي دائما تريد الصلاح للفرد و مها كانت قاسية فلهذه القسوة دائما نتائج ايجابية. و من هذه المفاهيم التي اعتمدت خلال التاريخ والاحقاب المتعاقبة هي على سبيل المثال لا الحصر:
خدمة الالهة، لعبادة الالهة او مرآة للالهة، قربانا يضحى بنا بين الالهة و كذلك هناك مفهوم العبادة في الدين الحديث وما "خلق الجن والانس الا ليعبدون" قرآن
و المفهوم الاهم الذي طغى مؤخرا على فئة من البشرية وهم المسلمون هو مفهوم الامتحان وهو ان هذه الدنيا هي امتحان للوصول الى جنة للعيش الرغيد او نار لهيبها السعير" وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" قرآن.
لكن هذا المفهوم يبهت و يصبح غير ذي نفع عند ذكر الدين ان هذا الاله هو اله كلي القدرة لا يغيب عنه شيئ ولا يخفيه شيء غني عن عباده حتى بالعبادة مما يجعل هذا المفهوم مفهوم ضال غير مقنع، فما نفع الامتحان والاله يعلم النتيجة سلفا وهو من قرر في الازل ماذا يريد من هذه البشرية؟
في نرجسية الفنان الكلي واللهو البشري
هناك الحديث القدسي الذي يؤكد ان وجودنا وجود لا يتعلق باهمية الفرد كما ذكر الدين الاسلامي بأن الله خلقنا من كرمه وجوده وسوف يجعلنا نقاسمه الابدية في جنة الخلد ،فكما يقول في الحديث القدسي، ومعنى الحديث القدسي انه منقول من الله الى جبرائيل الى النبي محمد والحديث هو(كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق ) و هذا جاء بعد تأويلات لا تحصى ولا تعد عن سبب وجودنا و كأن هذا الحديث اتى ليقول لنا اننا لم نخلق لغاية انما خلقنا وسيلة وايضا ليقول للبشرية جمعاء صه و خذوا الحقيقة المرة التي لطالما حجبت عنكم لمصلحتكم من جهة او هي نرجسية الإله التي يجب ان تظهر بعد غياب طويل او قسري، ولكن لا مفر من ظهورها فهي نرجسية الفنان او المبدع الكلي فهي نرجسية لا يمكن ان تلجم فقالها الاله و استراح ليطوي صفحة من المكر كانت في حقبة زمنية طويلة، ولكن ايضا هي حقبة ظرفية، الحديث ينفي فكرة الامتحان و يثبت اننا مخلوقات ليعرف من خلالنا الاله ،فليس وجودنا هو وجود لاجلنا او كي نوجد ويكون للفرد اهمية خاصة به اي انه وجد ليوجد، وليس ليكون فقط علامة على موجود اعلى منه وغايته ان يعرف من خلالنا فنصبح نحن وكل امورنا الدنيوية امور طفولية نلهو بها كما اراد لنا الاله حتى ننسى ما نحن بصدده من تفاهة وعبثية ماجنة بحقنا.
فنحن مخلوقات ليست لها غاية و انما هي وسيلة فقط وليس فيها قيمة للفرد ولكن رغم هذه العبثية من وجودنا فهو ايضا وجود ضروري ليكون هناك وجود ولكن هذه الضرورة تبهت حين نحمل فقط معاناة الوجود في كل اشكاله ولا نشارك هذا الوجود الا في امتثاله فينا امتثالا ظرفيا ولكل حقبة زمنية مخلوقاتها ولا يحق لنا ولها سوى الامتثال لهذا الوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - و ماذا عن البوذية ؟
Hany Freedom ( 2011 / 9 / 25 - 17:40 )
البوذية لا توعد اتباعها بالحياة بعد الموت ، و ليس تزعم بوجود آله

و لكن البوذيين لا يعتبرون انهم فى هذه الحياة بشكل عبثي


2 - رد
وسام غملوش ( 2011 / 9 / 25 - 18:09 )
كل المتدينيين يعتبرون ان هناك حكمة ما من الحياة و البوذية هي ديانة يا صديقي


3 - الى المحترم وسام
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 9 / 26 - 21:41 )
فليس وجودنا هو وجود لاجلنا او كي نوجد ويكون للفرد اهمية خاصة به اي انه وجد ليوجد، وليس ليكون فقط علامة على موجود اعلى منه وغايته ان يعرف من خلالنا فنصبح نحن وكل امورنا الدنيوية امور طفولية نلهو بها كما اراد لنا الاله حتى ننسى ما نحن بصدده من تفاهة وعبثية ماجنة بحقنا.
**********************
المعرفة وحدها لا تكفى يا عزيزى

لو كانت المعرفة هى غاية الخلق الوحيدة ما ارسل الله الانبياء والرسل وانزل الاديان ليعرف الانسان كيف يستفيد من هذه المعرفة
المعرفة بداية الطريق يا اخى وليست نهايته

الموضوع كبير
كبيرقوى يا وسام
اتهامكلله بالعبثية يتناقض مع ايمانكولوبمجرد وجوده
هل الانسان اى انسان يكتفى بمعرفة نفسه؟؟؟
لواكتفى كل انسان بمعرفة نفسه ولميعمل .ما اصبح لمعرفته اى معنى

ايكونالانسان اكمل من خالقه؟؟؟
معرفة الله ليست معرفة ذاته ولا معرفة صفاته ..ولكن معرفة الله معرفة كيف خلق وكيف يدير الكون والحياة .كى تكون مثله ....
تخلق مثله
تبدع مثله
تدير حياتك مثله
تتحقق بصفاته
كى تقترب من الكمال مثله

فانه فى الحقيقة هناك فرق شاسع بيننا وبينه كما وكيفا
لكن فى النهاية
كلنا فينا من الله

وتحياتى


4 - رد
وسام غملوش ( 2011 / 9 / 26 - 22:30 )
اخ شاهر شكرا اولا على مرورك على المقالة
عندما يقال لك في الدين ان الله غني عن العالمين ولا ينقصه شيئ ويعلم كل شيء ولا يحتاج لشء و و و و الى اخره
فما نحن اذاً
سوى عبثية تريد معنا لوجودها لذلك نبحث في المعرفة علنا نجد شيئا يبرر هذه العبثية


5 - رد
وسام غملوش ( 2011 / 9 / 26 - 22:40 )
اخ شاهر شكرا اولا على مرورك على المقالة
ان الاديان جميعا تعطي قيمة للانسان ولكن من دون مبرر منطقي فقط قيمة عبثية من امتحان و عباد
وكما علمنا الدين ايضا ان الله غني عن العالمين و عالم بكل شيء و عارف كل شء فكل ما علمه لنا الدين هو منافي لفكرة الله اذا وصفها
فما نحن الا مخلوقات عبثية لذلك ترانا ليلا نهار نبحث في عالم المعرفة لنجد مبرر لهذه العبثية ولكن عبثا
فلا نجد شيئا

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية