الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحالة صفر: نقد نظرية الإرادة الحرة

أحمد منتصر

2011 / 9 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يذهب كثير من الأصوليين (متدينين وإلحاديين) مذهبًا خياليًا محضًا يقوم على تحفيز الناس بفكرة الحرية والتي تستتبع فكرة أصغر منها ولكن أشد خطورة ألا وهي نظرية الإرادة الحرة. وفكرة الحرية لا غبار على أنها فكرة هامة وواقعية. فالفرد منذ صغره في صراع من أجل البقاء وإثبات ذاته والتفوق على الآخرين. وهذا يدخل في باب الحرية. لكن للحرية تفسيرات كثيرة نتحفظ عليها منها نظرية الإرادة الحرة.

تقوم النظرية على أن الفرد حر 100% في اختياراته. الحرية المطلقة. وفي نفس الوقت هو مسئول عنها. أعتقد أن حاصل جمع هاتين الفكرتين: الحرية والمسئولية هو صفر. لأن الفرد إذا كان 50% حرًا و50% مسئولا فإنه لن يقوم بأي إنجاز في حياته. بينما الناجحون في المجتمع هم من تغلب عليهم فكرة الحرية على المسئولية أو فكرة المسئولية على الحرية. هذا.. إن فسرنا نجاح الفرد في المجتمع بنظرية الإرادة الحرة.

الفرد ليس حرًا 100% في اختياراته. وهو في نفس الوقت ليس مسئولا عن 100% من اختياراته. ليس حرًا لأنه يقضي طول حياته ليحصل على مزيد من الحرية. وليس مسئولا لأنه يقضي طول حياته ليصير متحكمًا ومسئولا عن أكبر قدر من البيئة التي حوله: نقود، أراض، عقارات، أشخاص، أفكار.. إلخ.

وإذا جمعنا بين الأمرين (الحرية والمسئولية) بهذا التفسير البرجماتي. نجد أن الفرد منا عبد لظروفه والأشخاص الذين يتحكمون به. فلا هو حر ولا هو مسئول. ولذلك ينادي دعاة نظرية الإرادة الحرة بها ليل نهار. لأننا لو كنا أحرارًا مسئولين لما نادوا بها. تمامًا كالأصوليين الذين يجأرون بالالتزام الديني ليل نهار لأن الناس ليسوا ملتزمين.

هذا التفسير البرجماتي الاجتماعي لوضع الفرد بمجتمعه. لا يتعارض مع التكييف القانوني لنفس الوضع. ذلك أن الاحتكام للقانون يتطلب خلق الحالة صفر التي تحدثنا عنها آنفا. يتطلب المساواة أي أن يكون الناس سواسية كالأصفار أمام القانون حتى لا يتعرض لهم الأخير. وهذا الكلام القانوني نظري بحت. لأن الناس لا هم سواسية في الشكل والمال بل والذكاء حتى. ولا هم أصفارًا.. فهناك فرد يزن أمة من الناس وهناك فرد.. لا يكترث لموته أحد..

خارج النص:
قبل نشر المقالة عرضتها على إحدى الصديقات والتي اعترضت بأنني مولع بجمع النقيضين في الأشياء مثلما أصف نفسي في المسألة الدينية بـ(ملحد مسلم). وأستخدم في النقد غالبًا نظرتين مختلفتين لتفسير ظاهرة واحدة. فلماذا ههنا أعارض نفسي وأذهب إلى أن الجمع بين فكرتين متناقضتين (الحرية والمسئولية) غير مفيد؟

قلت لها: الغرض من نقدي هو (تحقيق الفائدة) مثل أي برجماتي. نظرية (ملحد مسلم) الغرض منها هو جمع متناقضين لتحقيق الفائدة في المسألة الدينية ألا وهي الحالة صفر لأنني أذهب مذهب (اللا اهتمامية) في الموضوع الديني فحدث وأن وجدت أن أقصى فائدة يمكن تحقيقها هو لا شيء. لأن المسألة الدينية سواء كانت بالإيمان أو الإلحاد غير مفيدة ولا يجوز تضييع الوقت في مناقشتها حتى.

أما استخدام فكرتين مختلفتين كالوجودية والبرجماتية مثلا عند تفسير ظاهرة ما فهذا من أجل تحقيق (أقصى فائدة فكرية) ألا وهي تفسير عام كبير فضفاض يتسع لتفسير الظاهرة من كذا وجهة نظر وجمع كل هذه الوجهات في شكل واحد مفيد. أما الأمر ههنا فمختلف عندما نتحدث عن العمل أو كيف يجب أن يمضي الفرد في حياته.

إن تحقيق النتيجة صفر في مسألة العمل لدى الفرد ضار جدًا بالمجتمع. لتجد أغلب مواطني الدولة كسالى ومتواكلين لا يريدون العمل وأقصى أمانيهم ممارسة الجنس. يجب أن يعمل الفرد.. ولكي يعمل يجب أن يرغب بتحقيق ذاته ومنافسة الآخرين ومحاولة السيطرة على البيئة من حوله طول حياته. ونظرية الإرادة الحرة في رأيي لا تحث الناس على العمل..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي يقر إصلاح سياسات الهجرة واللجوء.. أي تداعيا


.. تونس: الاتحاد الأوروبي يطلب إيضاحات بعد موجة التوقيفات الأخي




.. ردا على افتحام مقر هيئة المحامين في تونس.. عميد المحامين يلو


.. حرب غزة والتطورات في المنطقة تخيم على أعمال القمة العربية في




.. الجزيرة ترصد معاناة سكان رفح بعد أسبوع من إغلاق المعابر