الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحملة الاعلامية على وزارة التعليم العالي من يقف وراءها

جواد كاظم البكري

2011 / 9 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


يعدّ التعليم العالي اليوم من أوليات الدول في التطور والبناء، لكون الاستثمار في هذا القطاع هو استثمار في رأس المال البشري للدولة الذي يُعتبر ثروة الامة بلا منازع، فدولة اليابان، على سبيل المثال، لاتمتلك من مؤهلات الدولة المادية من شيء سوى رأسمالها البشري، فهي دولة جزرية بامتياز، خالية تماماً من الطاقة الاحفورية، أرضها غير قابلة للزراعة، مناخها غير طبيعي، ولكن أبناء اليابان وبمساعدة النظام التعليمي المتطور أصبحوا نفط اليابان، كما يحلوا لليابانيين وصف أبناءهم.
وفي العراق الجديد وبعد السنوات العجاف التي مرت بالتعليم العالي بكل مفاصله، من المناهج القديمة، الى التدريسي الذي أصبح من الطبقات المعدومة في المجتمع العراقي، الى البيئة الجامعية التي عانت الكثير من الامراض من أهمها الدكتاتورية وتكميم الافواه، هذه الغمامة اليوم بدأت بالانكشاف وبدأت المعالجات بالتدريج، فأول ما تم معالجته الوضع المعاشي للتدريسي، أما المناهج فتعمل الوزارة اليوم لبلاً نهاراً لوضع آليات بمساعدة التدريسيين لتطويرها وجعلها تتناسب والتطور المتسارع في ارجاء العالم.
ولكن في كل مرحلة هناك العديد من العراقيل التي تضعها بعض الفئات التي لا تريد للعراق الجديد أن يتقدم، علماً أن هذه الفئات أغلبها من خارج الوسط التعليمي ولكنها تحمل أجندات تخريبية لأرضاء هذه الدولة أو تلك، ففي الآونة الاخيرة تصاعدت اصوات ناقمة على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وسط استغراب جمع العلماء العراقيين التي تحتضنهم حاضنة العلم تلك، على الرغم من انه ليس هناك تغيراً يُذكر قامت به تلك الوزارة سوى تطبيق قانون كان قائماً لمدة طويلة من الزمن ليس في وزارة التعليم العالي فقط وانما في جميع الوزارات العراقية، وهو ابدال المدراء العامين بصورة دورية كل اربعة سنوات، مع ان السيد وزير التعليم العالي لم يطبق سوى جزء بسيط من القانون لا يتجاوز الـ(05%) وتجري هذه العملية بناءاً على توصيات الجامعات التي تقترح مجموعة اسماء لتقوم الوزارة باختيار الاكفأ من بينهم لشغل المنصب وهو أمر كان سارياً حتى زمن النظام السابق.
واستوقفتني هنا قضية احد (أعتى) وزراء التعليم العالي وهو سمير الشيخلي ذلك المتخلف الذي استوزر على اهم وزارات صدام وهي الداخلية، الصحة، التعليم العالي، وقبلها أميناً للعاصمة، وكأن الله لم يخلق غيره، ولكن على الرغم من تواضع الامكانات العقلية والسلوكية والعلمية لسمير الشيخلي الا اننا لم نسمع ان احدا انتقد ذلك العبقري الا قلة وبصوت منخفض.
بعد تصفحي مواقع عديدة للأنترنت ومتابعتي لوسائل الاعلام من صحف وفضائيات في الايام الماضية وجدت ان المستهدف في الحملة الاعلامية الاخيرة ليست وزارة التعليم العالي بذاتها، وأنما المستهدف هو شخص وزير التعليم العالي، والملاحظة الملفتة للنظر هنا ان جميع من شارك في هذه الحملة يقوم بالتوقيع باسماء مستعارة، اذ ان الوسط الجامعي العراقي ليس بالواسع ومن الممكن ببساطة التعرف على الاساتذة الكرام الذين ينشرون بحوثهم ومقالاتهم على صفحات الانترنت من قبل أي اكاديمي آخر.
أما الملاحظة المهمة والتي من المؤسف ذكرها هنا ان اصحاب المقالات تلك ينطلقون بكتاباتهم من منطلقات طائفية هي ابعد ما تكون عن الاستاذ الجامعي المنزه عن ما يشبه هذه السلوكيات.
هذه هي مقدمة لمقالي الذي اود ان افصح فيه عن لقاء لجمع من الاساتذة مع السيد وزير التعليم العالي الذي بدا فيه متلهفاً لسماع اية مقترحات لتطوير قطاع التعليم العالي وتطبيقها في فترة قياسية من الزمن مع التركيز على الجانب العلمي والعمل بحماس لتطوير مراكز الابحاث (Thank Tank) في الجامعات التي يعدها مطابخ صنع القرار والتي يفتقد العراق لمثل هذه المطابخ لمدة طويلة من الزمن، اضافة الى التركيز على مخرجات التعليم العالي وتطوير المناهج وتحديثها من قبل الاستاذ الجامعي بما يواكب التطورات العلمية المتلاحقة، اذ ان الاستاذ الجامعي ليس اداة لنقل المعارف القديمة الى المتلقي وهو الطالب، بل عليه ان يواكب التطورات الحاصلة في المادة العلمية التي ينقلها ويتابع تلك التغيرات بصورة مستمرة ليخرج جيلاً يتوائم مع متطلبات المجتمع المدني المعاصر.
وهنا ادعوا اخواني وزملائي واساتذتي في التعليم العالي الى مواجهة هذه الهجمة التي تقودها ذات الاطراف البعثية التي عبثت بمسيرة التعليم العالي طوال عقود من الزمن للنيل من سمعة ومكانة الاستاذ الجامعي العراقي، ليس في الداخل فقط وانما في الخارج ايضاً، ومن المؤكد ما من استاذٍ جامعي يرتضي على نفسه هذه الصورة غير الحقيقية التي تحاول اقلام البعث الصدامي تشويهها على الدوام لجر البلد الى الهاوية.
في زيارة الى احدى الجامعات اللبنانية قبل اقل من شهر سألني أحد الاساتذة اللبنانيين في تلك الجامعة عن حملة التشويه المفاجئة التي يتعرض لها الاستاذ العراقي، فأجبته إن سؤالك يحمل جوابه حين قلت انها حملة مفاجئة، فأين كانت تلك الاصوات في السابق وهل أن التعليم العالي في العراق لم ينحدر الا في تلك الشهور القليلة الماضية؟ فأستدرك الاستاذ اللبناني اننا نعلم علم اليقين قوة وعلمية الاساتذة العراقيين في كل جامعات العالم، وعلمت حينها انه فهم مغزى هذه الحملة، وانها بمثابة حلقة من سلسلة التآمر على العراق والعراقيين بكل اطيافهم.
واختتم قولي بحديث للأمام الصادق علية السلام (العلم امام والعمل تابعه، والعلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلاّ ارتحل).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة