الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟

نوال السعداوى

2011 / 9 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


هذا سؤال وارد فى بلادنا حتى اليوم، رغم أنه انقرض فى معظم بلاد العالم، سؤال متخلف ينتمى إلى العصور الحجرية، وأسئلة أخرى عنصرية من نوع: هل يصلح القبطى لرئاسة الدولة، هل يصلح الزنجى للرئاسة (قبل تولى أوباما فى الولايات المتحدة)، هل يصلح العامل أن يكون رئيس الدولة (قبل الرئيس لولا فى البرازيل)، فى العصور الحجرية كانت تطرح أسئلة أكثر عقلانية وإنسانية، لأن المجتمع الحجرى لم يكن تم تقسيمه سياسياً على أساس الجنس أو الدين أو الطبقة أو اللون، لو درسنا التاريخ البشرى (دون تحيز جنسى أو دينى أو طبقى) سوف ندرك أن الحضارات القديمة، قبل نشوء النظام الطبقى الأبوى الاستعمارى كانت أكثر عدالة وحرية وكرامة من المجتمعات المعاصرة الحديثة وما بعد الحديثة، لو قرأنا الحضارة المصرية القديمة لعرفنا كيف كانت أرقى إنسانيا من عصرنا الحديث، كيف كانت المرأة رئيسة الحكم ورئيسة القضاة وكبيرة الأطباء، وكانت أيضا الإلهة المعبودة.

العصور الحجرية لم تعرف الاستعمار، ولا أسلحة الدمار الشامل، النووية والذرية والكيماوية، وقنابل الليزر وطائرات الشبح، لم تكن دولة إسرائيل أو أمريكا موجودة بعد، ولا الآية فى كتاب التوراة، عن الأرض الموعودة، وهبها الإله يهوه لبنى إسرائيل مقابل ختان الذكور، لم يكن يهوه شرع للرجال قانون تعدد الزوجات فى الحياة وبعد الموت، وفرض العذرية على جميع النساء حتى الأمهات اللائى حملن وولدن.

لم تكن الفكرة موجودة، فكرة أن المرأة مخلوق ناقص، وما ينقصها هو الرأس، حسب قانون الإله يهوه، ثم بعد الزواج يصبح زوجها هو رأسها، لقد فرض يهوه على المرأة تغطية رأسها بحجاب لتخفى عارها (كونها جسداً بغير رأس)، وقع الإله يهوه هنا فى تناقض صارخ.

أولا: كيف تغطى المرأة رأساً غير موجود؟ ثانيا: كيف يعاقبها يهوه على ما فعله هو ( خلقها بغير رأس).

ورثت البشرية هذا القانون المقدس المتناقض، يعاقب القانون المرأة على ما يفعله الرجل، لأن الرجل مخلوق كامل مثل آدم، الذى لم يأكل الثمرة المحرمة لولا تحريض زوجته حواء الناقصة العقل ( الرأس).

كيف تكون المرأة رئيسة الدولة فى مصر؟ هل تطلق زوجها بعد أن تنجح فى الانتخابات؟ هل تصبح رئيسة لكل مصر ما عدا زوجها؟ هل يمكن أن تكون مرؤوسة داخل البيت ثم تخرج من باب بيتها لتصبح رئيسة الملايين فى الدولة؟؟

نشرت قصة قصيرة منذ عدة سنين عن رئيسة دولة فقدت الحكم وعادت إلى البيت، كان زوجها يعاملها كرئيسة الدولة، يكبت مشاعره السلطوية الذكورية خوفا من سلطتها الكبرى فى الدولة، ثلاثون عاما من حكمها وهو مكبوت مكتئب، يخشى الإفصاح عن حقيقته، يضحى ببعض سلطته كرجل لينعم بمزايا زوج الرئيسة، يضحى بوضعية الأعلى جنسياً ليحصل على منصب أعلى سياسياً، يتخفى فى الليل مع عشيقاته، ينتقم من زوجته بخيانتها فى السر، ترفعه الخيانة الجنسية إلى درجة أعلى من الرجولة، يعوض عن الإحساس بالنقص (فى حضور زوجته) بالإحساس بالعظمة بين النساء فى الليل، كانت زوجته (الرئيسة) تدرك ما يعانيه، فتجعله يمشى أمامها، أو تشيد بعبقريته أمام الآخرين، دون جدوى، كلما رفعته إلى أعلى زاد إحساسه بالنقص، زاد انتقامه منها فى الخفاء مع الأخريات،

كانت النساء يقعن فى حبه تقرباً من رئيسة الدولة وليس حباً فيه، كان يدرك ذلك فيزيد غضباً على زوجته ورغبة فى الانتقام منها، ثلاثون عاما مرت حتى فقدت زوجته العرش، وعادت إلى البيت لتواجه رجلاً غريباً عنها، يكنّ لها الكره والبغض المتراكم فى التاريخ منذ حواء ويهوه، حين أعلنت عن ترشيح اسمى ضد الرئيس السابق مبارك فى انتخابات ٢٠٠٥، لم أسلم من غضب جميع الرجال (ونساء تابعين لرجالهم)، من جميع الطوائف والحكومة والمعارضة والأحزاب (يسار ويمين ووسط)، والتيارات العلمانية والدينية إسلامية ومسيحية وبهائية وسلفية وصوفية وغيرها، كنت أدرك سبب هذا الغضب التاريخى المتراكم منذ حواء ويهوه، حتى فى البلاد الأخرى التى تسمى ديمقراطية، لا تزال فكرة حواء (الناقصة العقل) مدفونة فى اللاوعى الذكورى، وكم شهدت من مشاجرات بين الزوجة وزوجها (الأمريكى أو الأوروبى)، الموجوع من تفوقها عليه، فى العلم أو الأدب أو السياسة أو غيرها، وكم كان الرجل ينكر السبب الحقيقى للتوتر بينه وبين زوجته، يؤكد لى أنه لا يؤمن بالإله يهوه أو أى إله آخر، أنه ضد النظام الطبقى الرأسمالى، أنه اشتراكى ماركسى ملحد، أنه ضد النظام الأبوى البطريقى، وعضو نشط فى الحركة النسوية الثورية.

كيف تصبح المرأة رئيسة دولة فى الشرق أو الغرب؟ عليها أن تصرف النظر عن الزوج، تدرك أن الوحدة خير من رفيق يضمر البغض المتراكم والغيرة، قد يتهافت الكثيرون للزواج منها، تقربا من الرئيسة، وليس حبا فيها، المرأة ذات العقل فى عالمنا الحديث، عليها أن تدفع ثمن خرقها قانون يهوه، أو عليها أن تخفى رأسها، وتدعى أنها مخلوقة بدون رأس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأس المرأة
رامز عبدالله ( 2011 / 9 / 27 - 13:54 )
الدكتورة نوال قرأت لك كتبا منذ اكثر من ثلاثين عاما وما زلت (قدرالامكان ) انك قمة في كتاباتك واحاديثك وتفكيرك لا بل انت رأس للقمة


2 - اليهوديه هى اكثر الديانات احترمآ للمرأة
مـينا الطـيبى ( 2011 / 9 / 28 - 17:14 )
الى اعز من احبهم من الكتاب د.نوال دائمآ كلامك رائع ونعرف فى مصر القديمة الملكه حتشبسوت ونفرتيتى وكليوبترا وايضآ فى اسيا واوربا ايضآ ومنهم مازالوا ملكات لبلادهم حتى الآن وايضآ ملكات فى بلاد الشام قبل الأسلام ولكن العالم العربى او الدول الأسلامية تختلف فى هذه المنظومة ( ان تكون المرأة ملكة ام رئيس لدولة او حتى وزيرة لقطاع ما الا فى العقدين او الثلاث الأخيرة فى مصر على سبيل المثال ) فهناك فى الغرب فى كل يوم تكتسب المرأة حقوق اكثر واكثر لتوجدها فى جميع المجالات العلمية بشتى اشكالها وانوعها وليس لتوجدها فقط بل اثبات مهرتها وابدعها فى كل مجالات الحياة وتواجه كل شىء بشخصيتها القوية وعلمها المتميز عن الرجل وهذا مايثبت انها بالفعل تستحق كل الأحترام والتقدير كما نرى عظيمات منهم كانوا فى الماضى ولايزال منهم الآن يحتلون اماكن سياسية هامة فى دول عظمى مثل امريكا والمانيةوانجلترا و..كل ماأريد قوله هنا ان يهوا الذى ذكرتية ليس هو الذى حقر المرأة وابتز مكانتها فى الحياة لأن اليهود يكاد انهم يقدسون المرأة وخاصة الأم منهم ولكن الذى حقر بالفعل واستهان وعور المرأة هو الأسلام الذى استمد منه الرجل ذلك الفكر


3 - حتى انت ياسيدة نوال؟
سيلوس العراقي ( 2011 / 9 / 28 - 18:23 )
تحية للسيدة نوال السعداوي المحترمة
ان الكتاب الكبار مثل حضرتك غالبا ما يكونون امينين في استشهاداتهم، لكن في مقالك هذا سيدتي ياتي تعبير من دون سند حول يهوه ، ( فكرة أن المرأة مخلوق ناقص، وما ينقصها هو الرأس، حسب قانون الإله يهوه، ثم بعد الزواج يصبح زوجها هو رأسها، لقد فرض يهوه على المرأة تغطية رأسها بحجاب لتخفى عارها (كونها جسداً بغير رأس)، وقع الإله يهوه هنا فى تناقض صارخ) . انا لا اعتقد بان لديك مرجع من التوراة لهذا الاستشهاد الغريب، الا اذا اعتمدت على ما كتبه السلف الصالح حول اله اليهود، هل لنا من توضيح يا سيدة مع التقدير


4 - حقوق المرأه
انتصار الانصاري ( 2011 / 9 / 29 - 12:50 )
تحيه للدكتوره الرائعه نوال السعداوي
في السويد البلد الذي يعتبر من اكثر البلدان ديمقراطيه في العالم وبرلمانه يعج بالنساء كلما ترشح امرأه نفسها لرآسة الوزراء تلفق لها تهمة الفساد او السرقه او الرشوه بغرض عدم حصولها على اصوات
هذا يعني ان دورها ينتهي عند رآسة الحزب وليس لها الحق بمنصب اعلى هذا مايحصل في بلد حقوق المرأه فكيف في بلدان متخلفه كبلداننا


5 - المرأة الرئيسة
أسماء ذات النطاقين ( 2011 / 10 / 18 - 18:29 )
لقد أشرت يا دكتورة نوال إلى أن المراة كي تصبح رئيسة في الشرق أو الغرب عليها أن تصرف فكرها عن الزواج ، ألا ترين أن هذا يشير بطريقة ضمنية إلى أن المراة عاجزة على أن تكون زوجة ناجحة إذا أرادت أن تكون مسؤولة ناجحة


6 - تحيه اجلال وتقدير
عراقيه ( 2011 / 12 / 7 - 02:31 )
اهلا بك وسهلا رائدة التحرر الفكري المعاصر للمرأة العربيه التي مانفكت تعطي وحياتها كلها عطاء انتي مدرسة لنا وعقلك الراجح ورأسك النير انما يعادل آلاف الرؤوس الفارغه من بعض اشباه الرجال مع اعتذاري للرجال الرجال الذين لايساومون على الحقيقه هو ان المرأة هي عنوان الحياة وعبقريتها في كل معاني الكلمه ...تحياتي سيدتي


7 - هل تصلح المراة رئيسة للدولة
انوار يوسف ( 2011 / 12 / 9 - 12:38 )
مقال اكثر من رائع

يتعجب الغالبية من هذا السؤال لانهم يرون ان المراة دورها محصور بين المطبخ وغرفة النوم وما يعمق هذه النظرية الذين يسمون انفسهم رجال دين (وهم عبارة عن ناس شاذين جنسيا ) وهو ما يعلنوه في منابر الجوامع في خطب الجمعة لانهم يريدون الانقسام الاسري مستمرا الذي ينتج عنه اطفال وبالتالي رجال ونساء مريضين نفسيا واجتماعيا وبالتالي مجتمعا منقسما على نفسه فاشلا ومقززا

اخر الافلام

.. تفاصيل تغيير كسوة الكعبة .. لأول مرة المرأة السعودية تشارك ف


.. لحظة انتشال امرأة أوكرانية على قيد الحياة من تحت أنقاض مستشف




.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح حكم -ذهاب المرأة المتزوجة ل


.. رئيس الوزراء: سنعمل على تعزيز دور الشباب والمرأة في كافة الم




.. لبنان.. دراسة لمؤسسة سمير قصير تؤكد تعرض 37% من الصحفيات للت