الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيبة الثقافة العراقية وانحطاطها

أسعد البصري

2011 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كلّ الشعوب تُنجب مثقفين يُدافعون عن معناها و وجودها
الفقهاء ليسوا ثقافة بل مجرّد استلاب واختطاف للوجود كلّه
لكن الفقهاء في العراق اليوم بانتصارهم الساحق
أثبتوا لي أن المثقفين العراقيين غير موجودين إطلاقاً
لقد سلّموا بلادهم بلا مقاومة و بلا هزيمة و بلا ضحايا
ليس مهماً أن ننتصر بل المهم أن نُقاوم و أن نُثخن الفقهاء بالجراح
ولكن كيف يحدث هذا ؟ والفقيه أكثر ثقافة و إيماناً من المثقف العراقي
لقد بلغ بنا الإنحطاط درجة أن المُدافع الأول
عن الشهيد هادي المهدي هو فقيه مراهق و عضو برلمان
هو الشيخ صباح الساعدي ، يتعرض للتهديد بالإعتقال والقتل
لأنه يُدافع عن قضية مثقف اغتالته حكومة المالكي
هذا الفقيه الشاب يتحول إلى أب للمثقفين لأنه
يدافع عنهم ضد بقية الفقهاء بينما المثقفون يتصرفون كقيان حزينة
لا حول لهم ولا حتى كلمة
من المُضحك حقاً أن المثقفين العراقيين الذين حفظوا
مباديء الثورة الفرنسية و كتب فولتير و روسو عن ظهر قلب
حتى أن بعظهم رأى روبيسبير و مايكوفسكي في مناماته
هؤلاء المنافقون الذين من المُفترض أن يُدافعوا
عن الشعب ضد فساد الفقهاء وظلاميتهم . كانوا بحاجة
ماسة إلى فقيه شاب مثل صباح الساعدي
ليُدافع عنهم حين قتل رئيس الوزراء نوري المالكي واحداً منهم .
الواجب العيني والواجب الكفائي عبقرية حقيقية في الفقه الإسلامي
على كل كاتب الأخذ بهذه القاعدة الفقهية حين يكتب
لا تكتب شيئاً يستطيع كتابته غيرك
أكتب ما لا يُمكن أن يكتبه أحدٌ سواك
قال النبي العظيم
خير الناس مَن نفع الناس
وعليه أقول
خير الشعراء مَن نفعَ القُرّاء
يروي (العقد الفريد) ل إبن عبد ربه الأندلسي
كيف أن فحول الشعراء والأدباء كانوا يدخلون بكبرياء على الخلفاء والأمراء
يا شعراء الحداثة مَن منكم يجروء أن يدخل بقصيدته الخائبة
على خليفة جبار كالمأمون ؟
المأمون أثقف وأعلم حاكم عرفته البشرية
الديمقراطية جلبتْ لكم رجال دين جاهلين
نُقبّل أيديهم ويجلس شيوخنا يستمعون خطبهم المملة
يال بهاء الماضي ويال فساد الحاضر
في العهد الأموي الذي تشتمونه كان دافع الزكاة
يقطع الفراسخ والفيافي باحثاً عن مُستحقٍ للزكاة فلا يجد
في الماضي المتخلف كان أديب الخليفة هو أبو نؤاس والتوحيدي
في الحاضر الديمقراطي أديب الحكومة هو رياض الوادي و باسم الكربلائي
كما تكونوا يُولَّ عليكم
وكما تكونوا تكنْ ديمقراطيّتُكم
لا أُريدك أن تكون ديمقراطياً أو دكتاتورياً
لا أُريدك أن تكون إسلامياً أو علمانياً
لا أُريدك أن تكون مؤمنا بالوصايا العشر أو بلائحة حقوق الإنسان
لا أُريدك أن تكون مؤمناً بحديث الكساء أو بحديث الغدير أو بالصحابة
لا أُريدك أن تكتب هذا الكلام الفارغ
أُريدك مثقفاً وطنياً كلامك يخرج من قلبك و يدخل إلى قلبي
الكاتب العراقي الذي رأيته في منامي سيظهر قريباً
هو كاتب صامت لا يعرفه أحد ، في الخمسين من عُمره
سيخرج من إحدى المصحات و لا يرى بشكل جيّد
كاتب حين يفتح فمه تُصغي له الدواب قبل البشر
وحين يكتب تنام العجائز الأميّات على كتابته
كاتب يدخل العراقيون في لغته جميعاً كأطفال عابثين
كاتب يتبلّلُ بلغته العصفور والغريب
كاتب يفتحُ لنا طريقاً آخر غير هذه المهالك
الكاتب العراقي سيكون اسمهُ آدم
وسوف يُنبئنا بأسمائنا

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa


.. 43-An-Nisa




.. 44-An-Nisa