الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإسلام هو الحل؟ أم هو الذي يحتاج إلى حل؟

بهاء أبو زيد

2011 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مدونة بهاء
http://blog.bahaa.info/2011/01/22

يوجد حاليًا تيارين إسلاميين أساسيين، تيار يرى أن الحل لجميع مشاكلنا هو أن يتمكن الإسلام من حكم بلادنا. وتيار آخر يرى أن الحل لجميع مشاكلنا هو أن يدخل جميع (أو معظم) المواطنون حظيرة التدين، ويتحولوا جميعًا إلى مواطنين متدينين ذوو سمت إسلامي، وهذا يؤدي تلقائيا إلى صلاح الأحوال.



أزمة الإسلام والمسلمين الحقيقية

منذ قيام معاوية بتحويل دولة الخلافة الإسلامية إلى مملكة على غرار الإمبراطورية البيزنطية، والمسملون يعانون من عدة مشاكل لم تختفى إلى الآن: (1) ظهرت مشكلة توريث الحكم، فأصبح صلاح حاكم المسلمين رهنا بمشيئة القدر، إما أن يأتينا (بالصدفة) حاكم صالح يصلح أحوال الدولة بضع سنوات فى عهده، أو يأتينا (وهو الغالب) حاكم فاسد يفسد علينا حياتنا ولا نستطيع أن نفعل له شيء غير انتظار موته. لأن (2) الدولة، كما كانت الإمبراطورية البيزنطية، كان لديها جيش نظامي محترف، وحرس ملكي غليظ، وجهاز شرطة قمعي، ولائهم جميعا للخليفة الملك، ومستعدون جميعا لقطع رأس من يعارض. وهذه الظروف بالطبع (3) أدت إلى تركيز الفقه الإسلامي على الأمور التي لا تضايق الدولة، مثل العقيدة، حكم الخروج على الحاكم، حكم حلق اللحية، حكم تغطية الحائط بستار، … إلخ.

فى القرون الأولى من عمر الإسلام، لم تمنع هذه الظروف الدولة الإسلامية من التقدم الحضاري، فقد كانت الدولة الإسلامية القوة العظمى العالمية، ولم يظهر بعد من يهددها. وكان الخلفاء الملوك الأوائل يشجعون العلماء ربما بسبب الإقتصاد القوي وتوفر الأموال، وربما لأنهم كانوا آمنين على عروشهم وعلى حدود دولتهم.

لكن هذا لم يستمر طويلا، فمنذ خمسة قرون بدأت أوربا فى النهوض، فالعلماء تحرروا من قيد الكنيسة، التجار قضوا على الإقطاع وسيطروا على سياسية أوربا وبدأت دول أوروبا تحكم بسياسات تراعي مصالح طبقة التجار بديلا عن المصالح الضيقة للإقطاعيين، خيرات العالم الجديد بدأت تنهال على أوروبا، حدث حراك سياسيى واجتماعي وثقافي فى أروربا أدى إلى اتساع الفرق الحضاري بين الأوربيين والمسلمين، إلى أن حدث التصادم منذ قرنين.

منذ قرنين والغرب يسيطر على مقادير العالم الثالث بما فيها بالطبع مقادير المسلمين، من استعمار عسكري إلى تبعية اقتصادية، استعمار سياسي، والأخطر “الهزيمة الحضارية”. فهذه الهزيمة الحضارية أدت إلى تزعزع ثقة المسلمين فى أنفسهم، وظهور عقدة الخواجة، والشك فى تراثنا الإسلامي، واعتبار كل ما هو غربي صحيح ومثالي يجب اتباعه، بل لدرجة أن الكثيرين بدأوا يظنون أن الغرب متفوقين جينيا علينا ولن يمكن أبدا أن نجاريهم.

ويمكن تلخيص أزمة المسلمين الحقيقة فى النقاط الآتيه:

- أزمة سيطرة الغرب على بلادنا: وعلى حكمنا فنحن نعلم أن حاكمنا القادم سيكون بمشيئة غربية، أو على الأقل عدم اعتراض. هذا بجانب سيطرته على اقتصادنا وثقافتنا، واعتمادنا عليه فى كثير من شئون حياتنا. كما أننا مهزومون نفسيا أمامهم مما يجل الأمر أسوأ.
- أزمة الحكم: فالحكم لدينا هو سبب الأزمة الأولى من الأساس. كما أننا لن نستطيع أن نحل الأزمة الأولى إلى بالحكم الرشيد.
- أزمة الفقه الإسلامي: فإلى الآن لا يوجد حل إسلامي لمشكلة الحكم. كيف يكون نظام الحكم؟ كيف يمكن تغيير الحاكم؟ هل يجوز توريث الحكم؟ متى يعتبر الخروج على الحاكم ذنبا ومتى يعتبر واجبا؟ … إلخ. هذه أسئلة كثيرة لم يجب عنها الفقه الإسلامي باستفاضة لأنه كان محرما عليه الكلام فيها لمدة 14 قرنا. فالفقه الإسلامي حاليا لا يملك حلا للأزمة السابقة.

هل الإسلام السياسي هو الحل؟

لا يمكن أصلا فى ظل هذه الأزمات أن يصل الإسلاميون للحكم، ولكن ماذا لو وصلوا؟ لن يتمكنوا فى ظل هذه الظروف الدولية أن يسيطروا على الحكم فترة كافيه لتنفيذ برنامجهم، ولكن ماذا لو تمكنوا؟ هل البرنامج الإسلامي سيحل مشاكلنا؟

نعم يستطيع الإسلاميون حل مشكلة الفساد، كما يستطيع غيرهم حلها. ربما أيضا يستطيعون أن يحلوا مشكلة التعليم، مثلما يستطيع غيرهم. نعم يستطيعون حل كل المشاكل كما يستطيع غيرهم. لكن حلول معظم هذه المشاكل ليست حلولا من القرآن أو السنة. إنها جميعا ستكون حلول عقلانية منطقية لا تحتاج سوى وضع الرجال الناسبين فى الأماكن المناسبة. فمثلا، حل مشكلة التعليم سيكون عن طريق رفع أجور المدرسين، ورصد ميزانية أكبر لوزارة التعليم، وتحديث المناهج … إلخ. ما علاقة القرآن أو السنة بهذا؟ إنها مشاكل إدارية يستطيع أن يحلها أي خبير فى التعليم والإدارة سواء أن كان مسلمًا أو بوذيا. نحن فقط فى حاجة إلى الحكم الرشيد.

هل الإسلام الإجتماعي هو الحل؟

هل لو تدين جميع المسلمين سينصلح حال الأمة؟ لو تدين جميع المسلمين سيدخلون جميعًا الجنة لكن هذا لن يخلصنا من سيطرة الغرب على مقدراتنا وحتى لو اختار المسلمين الجهاد ضد الغرب سيتم إبادتنا بأسلحة الغرب المتفوق حضاريا وتقنيا. هذا لن يخلصنا من مشكلة الحكم، ما دام الفقة الإسلامي لم يحصل على إجابة على هذه المشكلة بعد. هذا لن يخلصنا من مشاكل الإقتصاد والتخلف العلمي والتعليمي والمرض والبطالة … إلخ.

لكن الأهم، هل يمكن أن يتدين المسلمين جميعا فى هذه الظروف؟ هل من الممكن أن يتدينوا جميعا وهم مهزومون حضاريا ونفسيا؟ هل من الممكن أن يتدينوا جميعا وهم أفقر وأضعف أهل الأرض؟ هل من الممكن أن يتدينوا ونحن محكومون بنظام فاسد لا يراعي الدين بل يحاربه أحيانا عندما يقاوم؟

الخلاصة

ربما يستطيع أن يحل الإسلام بعض مشاكلنا، ولكن الإسلام لم ينزل أساسا ليحل مشاكل السياسة، فالإسلام لا يخدم السياسة، السياسة هي التي تخدم المسلمين. الإسلام نزل لكي يحل مشاكل الإنسان الأخلاقية التي لا تستطيع السياسة أن تحلها. الإسلام نزل لكي يجيب عن سؤال فى غاية الأهمية وهو ما معنى الحياة. الإسلام نزل لكي نحسن أعمالنا فى الدنيا كي ندخل الجنة ونتقى عذاب النار فى الآخرة. الإسلام نزل لكي يجعلنا أسعد وأزهد، ومفيدين للإنسانية والأهم مؤمنين برب واحد ومحررين من عبودية المال والبشر.

لكن الإسلام فى أزمة. فالواقع السياسي وما يترتب عليه من أوضاع اقتصادية وعلمية وصحية تهدد الإسلام، وتجعل من المستحيل أن يكون المسلم مسلما نموذجيا فى مثل هذه الظروف.

الإسلام هو الذي يحتاج إلى حل. يحتاج أن ينهض المسلمون، يحتاج إلى أن يتحرر المسلمون، يحتاج إلى أن يملك المسلمين قرارهم، يحتاج إلى أن يحل الفقه أزمته نحو الحكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خلط الأوراق هى مشكلة المتأسلمين
Amir_Baky ( 2011 / 9 / 28 - 11:59 )
أى دين يكون فى أزمة لو لبس جلباب السياسة و الحكم. كذب من يتباهى بأن الإسلام دين و دنيا و سياسة و حكم و إعتبر ذلك ميزة. فالدين عندما لا يستقل عن السياسة و الحكم يستخدمه الحاكم مطية لأهدافه السياسية. أى دين دوره أن يكون مجرد إنذار و ضوء للبشر يحدد ما هو صالح و ما هو طالح و يترك البشر بكامل حريته بأن يفعل ما يريد ليكون هناك محكمة سمائية عادلة فى نهاية الزمان ليقدم الكل حساب وكالته. القوانين الوضعية لإدارة شئون الدنيا مطلوبة طبعا ولكن تمرير أن القانون الأرضى من الدين هو كارثة. لأن الدين الذى يدعو البشر لوجود محاكمة سمائية و يمرر محكمة أرضية فى نفس الوقت يناقض نفسه. فهناك سارق تقطع يده بمفهوم المحكمة البشرية و آخر لا تقطع لعدم إكتشاف جريمته. الأديان لا تروج لمحاكمات بشرية تصيب و تخطئ و لكنها تضع دستور أخلاقى لمن يضع القوانين البشرية. للأسف هناك خط صغير بين أن يكون الدين دستور أخلاقى يساعد البشر و بين أن يكون رجال الدين هم قضاة المحاكم البشرية ويروجون بحكم الدين السياسى فى الدنيا

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب