الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدعية تسيء إلى النبي

إبراهيم رمزي

2011 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1 - ورد في: الكامل في التاريخ، لابن الأثير:
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ... رآه النبي يوما يمشي ويتخلج في مشيه، كأنه يحكيه. فقال له: كن كذلك. فما زال كذلك حتى مات. اهـ
2 - وجاء عند الجاحظ في: كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان (باب ذكر البرص من الآباء والأمهات):
فمنهم: البرصاء ... بنت الحارث بن عوف الحمّال ... وزعموا أن النبي "ص" خطبها إليه، فقال: بها سوء - يعني بَرَصًا -. فقال النبي: ليكنْ كذاك. فيرجع النبي وقد بَرِصتْ.
وهذا لا يكون، إلا أن يكون قد شاركت أباها في كراهة النبي "ع س"، بمعنى استحقت ذلك. اهـ.

منشِئو الخبريْن غيّبوا بعض القيم، وجعلوها تبدو غائبة عن نظر النبي: كالحِلم، والترفع عن الدنايا، والرحمة، والموعظة الحسنة، "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". "وإنك لعلى خلق عظيم". "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
الجاحظ - رغم تحفظه في البداية - وقع في فخ: العذر أقبح من الزلة، وهو يتمحل عذرا للنبي في "الاستحقاق".
وبسبب ماذا؟ بسبب الكراهية، التي هي جزء عادي من التركيبة النفسية للبشر. فالناس يختلفون - فِطرة أو عن تجربة - في الارتياح والنفور مما حولهم: كالأشخاص، والأماكن، والأطعمة، والألبسة، والأصوات، والحيوانات، و ... و ... لماذا تتقزز زوجتي من طريقتي في الأكل؟ لماذا أحب نوعا من الطعام وابني لا يحبه؟ لماذا أتحاشى الاستماع إلى مغنية تبدو ابنتي مهووسة بها؟ لماذا أفضل جدي لأبي على جدي لأمي؟ لماذا أشعر بالنفور من أحد أقاربي ولا يشعر بذلك أخي؟ لماذا لا أشارك غيري عشقه لتربية بعض أصناف الحيوانات المدجنة؟ لماذا أكره وجها يطل من الشاشة الصغيرة رغم انعدام الروابط بيننا؟ لماذا أتعاطف مع إنسان في أقصى الأرض وأزري برئيس حزب في بلدي؟ .... التساؤلات قد لا تنقضي، والنوازع لا تعد ولا تحصى، وبعضها قد لا يجد له الإنسان تفسيرا، بل إنه - وبكل بساطة - يعفي نفسه من البحث لها عن مبرر. ومع ذلك تستمر الحياة في سلاسة ودون توقف، وأحيانا - إن لم يكن غالبا - دون إحساس طرفيْ "هذا السلوك" بما يعتمل في نفس أحدهما تجاه الآخر. وحتى وإن كان هناك احتكاك مباشر، وتصريح بما في الدواخل، فقد تنْبني العواقب على مدى السلوك المتحضر للأطراف، وقد لا تتجاوز - في الحد الأقصى - التعبير عن نفس الشعور العدائي: سخرية بسخرية، احتقار باحتقار، كراهية بكراهية، ... وكلها أشياء معنوية لا تلحق علة أو عاهة بطرف.
فما الذي يدعو النبي - حسب الخبر - للخروج عن هذا المنطق، ويدعو على من لا يحبه بعاهة تلازمه طول حياته؟
أيهما أحق بأخلاق النبوة؟ النبي الذي لم يفهم الاعتذار ولم يقدره حتى ولو كان كاذبا؟ أم الرجل الذي يعتذر عن تزويج بنته للنبي ويتذرع - إن حقا أو باطلا - بوجود مرض؟ علما بأن الكذب في الأعذار كثير، لرد السائل - بمنتهى اللباقة - عن طلبه، ودون جرح مشاعره.
وما الذي يستفيده النبي من الإعاقة اللاحقة بمن يدعو عليه غير تفريخ جيش من المعاقين، وتفريغ مكبوت ساديته، وإشاعة الإرهاب النفسي حوله، وإذلال كل من لايستجيب لطلباته، ونسف مبدإ الحوار وحرمان الغير من الردِّ عليه بحُرية؟
بعد مجاراة الخبر في نطاق خرافيته، علينا أن نناقشه بميزان العقل.
هل دعاء النبي يشكل جزءا من نبوته؟ ويمثل نموذجا من معجزاته؟
إن كان الجواب بالإثبات، فبئس المنطلق وبئس الغاية، وبئس النبوة والمعجزة. لأن أداة التسلط - في يد القوي المتّزِن - لا يستعملها منذ الوهلة الأولى، بل تكون آخر شيء يلتجيء إليه، بعد أن يجرب وسائل أخرى. والمعروف أن المعجزة - كما يقولون - توظف لغاية عَقَدية همّها إقناع المنكرين للرسالة، وليس توظيفها لخدمة غرض شخصي (الزواج) وما يعتريه من ملابسات.
وعلى اعتبار أن الدعاء خاصية نبوية تستجاب وتتحقق في الحين، فلماذا لم يكتَفِ النبي بأدعيته فقط في مواجهة قومه وأهل عشيرته الذين أذاقوه الأمرّين، واضطر لتجريد السيف - ومحاربتهم مستعينا بالملائكة!!! - لإجبارهم على الإسلام؟ ألم يكن في الدعاء وحده كفاية لحقن الدماء والنفوس وتوفير الجهد؟ وإبهار خصومه "بالقوة الخفية" التي يمتلك، فيسخِّرها لسوْقهم أمامه خاضعين مستسلمين؟
العجز والتعجيز يقع في عطالة العقل، مع إطلاق قيود الخرافة "الإعجازية"، التي سرعان ما تذروها رياح المنطق - الذي لا يؤمن بما فوق الطببيعة -، جارفة في طريقها كل "مهابة" مصطنَعة ومضلِّـلة يحاول المولعون بالغرائبيات إضفاءها على النبي، مبدؤهم: "حبك الشيء يعمي ويصم". والعمى والصمم في مثل هذه الأخبار يسيء أكثر مما يفيد. ويثير السخرية والاستغراب ممن حنطوا عقولهم واعتقدوا أنهم أبدعوا شيئا يرفعون به قدر النبي. بينما هم ينسفون الكثير من المباديء التي أقام عليها دعوته. ويحولونه إلى "رسوم كاريكاتورية" يتداولونها بكل إجلال وتقديس لقرون متوالية، ولا أحد ثار عليها كثورتهم على الرسوم الدانماركية.
إن دعاء لم يفد في المواقف العصيبة والحاسمة - خاصة تلك التي يتوقف عليها مصير الدعوة -، لن يفيد أيضا في مواجهة رجل أو امرأة لا حول لهما ولا قوة. ولكن العقل الخرافي يأبى إلا توهّم خلاف ذلك. كما أن السذاجة - إن لم نقل الغباء - ترخي بسُجف "التصديق" دون إعمال النقاش والتحليل. وبسبب ذلك يزدهر سوق الغيبيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها