الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيف الشريعة لا يعرف الحوار

علال البسيط

2011 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ماذا يصيب الدنيا إذا ذهب أحدنا يهجو الشر ويقدح في مناشيره, ومن أين كل هذا وما سببه؟ ويكتب أنصار الإسلام كلاما يصلح لشيء ولا يصلح لشيء آخر، يصلح ليقرأ اليوم ويلقى, ولا يمكن أن يصلح للغد, لان الإسلام الذي يدافعون عن أهله يخذلهم ويكذب مزاعمهم ويأبى إلا أن ينتصب كل يوم: مشنقة في طريق أو مدية على رقبة أو مرزبة في يد جلاد.

يسرنا أن طائفة معتبرة من القراء قد أخذ كل منهم يحاذر أن يكون من أولئك المدجنين بالفكر التبجيلي والعصموي بعد أن مزق نقاد الإسلام تلك الاعلانات المزوقة التي تغطي هذا الحائط اللاهوتي وبعد أن أروهم الحائط نفسه طوبا وتبنا وحجرا, لا أصباغا ولا ألوانا، وما هو إلا الحائط وما هو إلا الإسلام!.

ومن العجيب أن كثيرا من المخدوعين في براءة هذا الدين ورقة حواشيه, يزعمون بأننا نذهب في الازراء عليه فنحتطب من كتب القصاصين ورواة السير وتخرص الوضاعين ما الإسلام منه بريء، تامّ البراءة خلو التهمة مدفوع الشبهة!!
فهلا قرأوا المنشور القرآني ليعلموا أن ما تولد عنه من تراث وتفاسير كلاسيكية تحمل جميع الخواص والتراكيب الجينية و الاديولوجية التي تجعلها من بنيات أفكاره ووحي كلماته. لكنهم لا يقرأون!!

أما من أراد الفائدة للقراء, فالفائدة أن يُنقل لهم الاسلام نقلا صريحا بأمانة لا غش فيها ولا تخليط ولا دعوى. وهاهنا استطراد لا بد منه وهو أن هذه الطائفة من الذين يقولون عن أنفسهم أنهم لادينيون (واللام هنا زائدة) ينقمون منا أننا قوم من الغوغاء نهوى السباب والشتم وندير الكلام في الاسلام ورسوله على نمط واحد من اللؤم والحقد وما يكون بسبيل من الدناءة وسقوط الكرامة, يقولون ذلك ولا يقيمون على صحته برهانا ويحهم إلا كبرهان: عنزة ولو طارت.

ولكن الحق خلاف ذلك فليس كمحمد أرسخ دعوة وأنصع صفحة في ميدان الهجو والسب والاسفاف, حتى كأن هذا الرجل ينطوي من نفسه على مكتبة كبيرة من هذه المعاني حتى تكاد تقطع بأنه حين كتب وألف منشوره كان إلى أذنه فم شيطان يخطب، فهو يمليه عليه بكرة وأصيلا.
ولقد قرأت القرآن وحفظت أكثر من نصفه أيام الطلب, فما خرجت منه إلا بأنه أبلغ وصف من قلم محمد لمحمد نفسه في أحواله وطباعه لا للخصوم ولا لغيرهم, انظر كيف يبدع الوصف في قوله:( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِالْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وقد ألفها في رجل يدعى بلعام بن باعوراء اشتهر عنه أنه الحد في الدين وكفر بزبر الاولين فضرب له محمد مثل السوء وجعل كل من كذب بآياته كلبا لاهثا. أليس هذا كلام رجل مسدود الخلقة وحدوي المزاج لا يرى وراء مطالبه طلبا ولا وراء احساسه بالدنيا وادراكه للحقائق احساسا او ادراكا, وذاك من أخص صفات محمد وأشد ما عرف العارفون منه فهو لا يرى لغيره موضعا إلا أن يكون تابعا أو...أو كلبا إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.

ولكن كلام محمد في المخالفين يكبر ويغلظ ويشتد في الانحدار والانسفال فصاروا:( مثلهم كمثل الحمار يحمل اسفارا ) سورة الجمعة، ثم كبرت الكلمة فصارت: (من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت) الآية, ولا عجب فرب محمد نفسه( لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) البقرة، حتى قالت قريش مستشنعة نسبة هذا التسافل في الخطاب المنسوب للصانع :( أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلاً بالذباب والعنكبوت). لعله غني عن البيان اختلال تصور محمد للصانع فهو يصف ربه بالغضوب, والغضب له علامة ومقدمة وهي غليان دم القلب، وشهوة الانتقام وله غاية وهي إنزال العقاب بالمغضوب عليهم وخطل هذا التصور لا يحتاج الى مزيد بيان.

بل أسوء منه وأخبل أن تعلم أن محمدا جعل السب والشتم مما يتعبد به ويعد من جملة القربات بل إن الحرف الواحد من القرآن بعشر حسنات والحسنة بعشرة أمثالها ويضاعف البنك اللاهوتي لمن يشاء فحين يقرأ المسلم لفظة (خنزير) مثلا، فالخاء بعشر والنون بعشر والزاي بعشر والراء بعشر فكل واحدة منها ورقة مالية اذا صرفت إلى عملة الحسنات الصعبة صارت أضعافا. فإذا انتهينا الى هذا كم يكون حساب القارئ حين يتلوا مثلا:( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ارجلهم وايديهم من خلاف). أو في قوله:( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) أو في قوله:( كلما نضجت جلودهم بدلناها جلودا غيرها ليذوقوا العذاب)...الخ. ونحن لسنا نجتزأ المعنى من سياقه ونقد الكلام عن لحاقه فما ذكرناه تام المعنى موفور الدلالة مكتف بذاته. وما ذكرنا إلا نبذا ولو شئنا التبسط لخرج بنا الكلام إلى مجلدات. وإنما ذكرنا ما تقدم حتى لا يعود من يتهمنا بالاسفاف والسباب والايهام والتطاول إلى تهمته, وينقطع المعترض بشبهته, فلسنا في ذلك ولا منه فإن أبوا إلا إصرارا فكل يعمل بعدُ على شاكلته.
ولا أثقل على النفس ممن يقول: أنا لست أنكر نقد الأديان ولكن ادعو لنقدها نقدا علميا!! فهل رأونا ننقدها دراهم ودنانير في الأسواق! أم أنهم رأونا نذهب في النقد الى اللدم واللكم واللطم على الوجه والقفى، فبضربة نرفع وبأخرى نمسك وبثالثة نهوي؟!


وتحقيق المقام أن بعض الكتاب والمعلقين من هواة القفز على الحواجز تنقصه الخبرة وتعوزه الرشاقة, وأن بعضهم يذهب إلى تحجير وسائل النقد وأسبابه، فالنقد ما يراه هو نقدا، والشكل والمنهج ما ارتضاه هو شكلا ومنهجا, والمأخذ والمنزع ما أقره هو مأخذا ومنزعا، أما سوى ذلك فخطابية متقعرة أو عمومية شعبوية أو وعظية شكلانية لا قيمة لها ولا أثر. هذا كله سؤال واحد يفضي بعضه إلى بعض لأنه إن وقع شيء من ذلك وقع الكل فأجيبونا أيها القراء!!
إنه إن لم يثبت ذلك كله انتفى كله وصرنا من دعوى القوم في هواء وفضاء, ولا ريب أن من يُضيّق أسباب النقد وإعادة قراءة الموروث والمقدس ويرجعها إلى منزع واحد ويحصرها في أنماط محددة فقد تحجر واسعا، إذ أن أنماط القراءة تختلف باختلاف الموضوع والحال والقارئ، والمدارس النقدية رحبة مترامية وما أدى منها المطلوب وهو زعزعة اليقينيات الدوغمائية فقد أدى ما عليه.
ولكي أبرهن على ضرورة تركيز النقد على الدين الاسلامي فإنني سأعرض عليكم ثلاثة أحكام من أحكام الجنايات الإسلامية وهي حد الرجم وحد القطع وحد الردة وسوف أُعقب كل حكم منها بما أسفر عنه أحدث استطلاع للرأي عممته مجلة (دي اكنومست) في عددها الصادر في السادس من غشت من هذه السنة, وقد أشارت الدراسة اإلى أن أكثر من خمسين دولة يشكل المسلمون فيها أغلبية صوت أهلها لصالح تلك الأحكام البدائية، ولم تستثن الدراسة من تلك الدول سوى أربع دول ناصر أهلهم المدنية على الأعرابية والحداثة على الخرافة والهمجية وهما (اندونيسيا ومالي ولبنان وتركيا).


الرجم: حكم إسلامي من صميم التشريع الإسلامي والعمل به من ضروريات الإيمان عند المسلمين فالحاكم ملزم بتطبقيه والحكم بمقتضاه وهو فرض كفاية إن قام به البعض سقط الاثم عن الآخرين وإن تركوه أثموا جميعا. شرعه محمد وعمل بمقتضاه في حياته وثبت عنه رجم عدد من سكان المدينة رجالا ونساء وتبعه في ذلك خلفاء الإسلام. يقول محمد: (الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ) وروي من طرق وهو عند البخاري وغيره.
فمما أوردته الدراسة نورد استطلاع الرأي في أربع دول :
- مصر: أزيد من ثمانين بالمائة تؤيد الرجم
- الأردن: أزيد من سبعين في المائة مؤيدة
- باكستان: أزيد من ثمانين بالمائة مؤيدة
-نيجيريا: أزيد من خمسين بالمائة مؤيدة


القطع: وهو حكم جنائي إسلامي ملزم كسابقه تشريعه منصوص عليه في المنطوقة القرآنية التي تقول:
ففي مصر: ما يناهز ثمانين في المائة تؤيد القطع
-الأردن: أكثر من سبعين في المائة تؤيد القطع
-باكستان: أكثر من ثمانين في المائة مؤيدة
-نيجيريا: ما يناهز سبعين في المائة مؤيدة


أما ما يخص حد الردة فقد أقره الإسلام وجعل له حدا مرسوما وحكما معلوما فقد ثبت عن محمد في أصح دواوين السنة قوله: من بدل دينه فاقتلوه، وفي الصحيحين قوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله، ومعلوم أن محمد أسوة لأتباعه وطاعته واجبة عليهم وذلك ما يبرر النتيجة التالية:
مصر: أزيد من ثمانين بالمائة تؤيد قتل المرتد عن دينه.
الأردن: ما يناهز تسعين بالمائة مؤيدة
باكستان: ما يقارب ثمانين بالمائة مؤيدة
نيجيريا: ما يقارب ستين بالمائة مؤيدة
الدراسة أنجزتها مؤسسة
pew research center


فهذه شهادة بتوقيع الأرقام، أوردناها كما هي غضة طرية وهي تمثل وجهة نظر غالبة لمسلمي تلك الدول لهذا العهد، وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على أن ما تلقاه كتابات نقاد الإسلام من اعتراض وتسفيه، وما يتعرض له الحوار المتمدن من ضغط ومغالبة إنما هو أمر طبيعي باعتبار الكثرة الطافحة وإن بعض الرؤوس بعد هذا تصر على العناد لهي أقدر وأقوى على قطع الحجارة وتكسير الزلط منها على الكتابة وتشقيق الكلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشريعة سياسة دكتاتورية
Amir_Baky ( 2011 / 9 / 29 - 08:24 )
التشريع الوضعى الذى يضعة الإنسان لتنظيم حياته تشريع مرن قابل للتغيير حسب متطلبات العصر. الشريعة الإسلامية هى شريعة أيضا بهدف تنظيم حياة البشر ولكن منسوبه إلى الله وغير مرنه لأن المؤمنين بها يعبدون نص التشريع و ليس جوهره. فهل الله سيخاطب بدو يسكنون فى خيام بمفردات مجتمع متحضر يعيش فى القرن 21؟ فلو فعل الله ذلك لن يفهم أحدهم شيئا و العكس صحيح لا يقبل أى متحضر هذه المفردات العتيقة التاريخية بنصها ولكن نستنبط فكرة عقاب المذنب منها. إذن نحن لا ننتقد الشريعة فى حد ذاتها بل ننتقد الفهم الجامد و الصنمى لها. ننتقد تفسيرات بشرية لها. المشكلة الحقيقية هو من يعتبر ذلك تطاولا على الله و الدين لكتم الأصوات ومنع التفكير. وأى دين لو أدعى أنه يفرض تشريع وضعى سيقابل بالنقد فالموضوع ليس نقدا لشريعة الإسلام بل نقد لفكرة فرض أمور على البشر بشرطية عدم النقاس و المجادلة بها لأنها من عند الله


2 - آية القطع
علال البسيط ( 2011 / 9 / 29 - 08:31 )
سقطت آية القطع في ذيل المقال وهي بعد قولي: منصوص عليه في المنطوقة القرآنية التي تقول: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ


3 - nalam
khalid AHmad ( 2011 / 9 / 29 - 22:35 )
كما يعلم الجميع ان التشريع الاسلامي انوجدت لمكان وزمان محدد لحل مشكل الناس وتنظيم حياتهم اي قبل ١٤٠٠سنة,ولكن وكما تعلمون لم يقوم باي دورايجابي للناس إذ إنه قبل مراسم تدفين حامل الرسالة محمد دب النزاع بين ذويه والطامعين بالسلطة وتم بعدها بإ بادة اهل البيت وقتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين ,إذا لم يفلح في زمانه ومكانه فكيف يفلح الآن,!!!