الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الهي ! تراه من يكون ؟
ناديه كاظم شبيل
2011 / 10 / 1العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الهي ! من تراه يكون ؟
نادرا ماكان يخطر لي هذا السؤال في وطني الحبيب ، فالايمان في الوطن كبيت بني على الصخر لا يمكن ان يتزعزع مهما حاولت منه الرياح والزوابع والامطار .
اصحو ليلا لارى جدتي رحمها الله ملتحفة (بجادر الصلاة الابيض ) خاشعة غارقة في صلاة منتصف الليل التي تمتد حتى الصباح لتغفو كملاك فوق تلك السجادة القديمه .
لا تكتفي جدتي بهذا ، فلها نظام خاص لا يمكنها تجاوزه ، فما ان تستيقظ صباحا حتى تفتح جهاز الراديو للاستماع لايات الذكر الحكيم التي كانت تتغلغل في مشاعرها بقوة فتردد مع القارئ بصوت هامس الايات عن ظهر قلب ، نعم كانت جدتي تحفظ القران كله عن ظهر قلب ، وعندما يؤذن المؤذن للصلاة ويقول : واشهد ان محمدا رسول الله : تهمس جدتي وكأنها تخاطب الرسول :( رسول ونعم الرسول ياغاتي).
وفي المساء عندما تنتهي من اعمال البيت ، كانت تحمل دعاء مفاتيح الجنان وتردد ماشاء لها من الادعية الطويلة المنسوبة لامير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام.
كنت احاول تقليد جدتي ، ولكنني لم افلح في ذلك على الاغلب ، فبغداد الحبيبه كانت تتهادى بخيلاء كفاتنة في ريعان الصبا ، وهي تدعوني لان اعيش حاضرها الذي يزهو بكل ماهو انيق وجميل وراق ، فالمرأة العراقية مشهود لها بالاناقة والذوق الرفيع ،فما ان يأتي المساء حتى تخرج الفتيات بأحلى الحلل الى الشوارع ، يتهادين كاسراب الحمام بسلام وحبور ، النسيم يشي بعطرهن الاخّاذ ، فيتبارى بعض المارّة ليسمعهن كلمات الغزل الرقيق فيرددن عليه موبّخات ولسان حالهن يقول :هل من مزيد ؟ او تتظاهر احداهن بالغضب فتبصق على الارض علامة الاحتقار ، لتثور كرامة الرجل فتحتل الشتائم مكان الغزل ، او قد يتقدم الى خطبتها كونها اثبتت جدارة في الاحترام ونجحت في الاختبار .
نعم هكذا كانت بغداد في السبعينات ، كان الحب عذريا طاهرا ينتهي بالزواج في معظم الاحيان، ولم يكن هذا الحال يرضي كبار السن ومنهم جدتي بطبيعة الحال ، فكانت تنظر الى ملابسنا القصيرة شذرا ، ثم تقول بانتقاد لاذع ( ستر الصخول ) مشيرة بذلك الى الميني جيب ، ثم تستغفر الله قانطة يائسة من اصلاح حال الحفيدات المتمردات .
يبدو ان مقولة التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر لها الكثير من الصحة ، فما ان تدور عجلة الزمن الا وترى تلك الشابة المتمردة ، قد تقمّصت دون وعي منها شخصية جدتها ، فتسارع الى الحجاب ، ثم تقيم الصلاة وتبدأ بالنصح والانتقاد .
لو نظرنا الى الدين نظرة حياديه ، فاشهر الاديان تدعو لعبادة اله واحد ، لم يره احد ولكنه ثابت في روح الانسان لا يمكنه الفكاك منه مهما حاول ذلك، هذا بالنسبة لمن نشأ في بيئة دينية ، وترى ذلك بوضوح في معظم كتابة الكتّاب العلمانيين العرب ، ويظهر الصراع على اشده لدى النساء اللواتي ينحدرن من عوائل ملتزمة دينيا ( وانا احداهن )وهذا واقع لااستطيع انكاره بحال من الاحوال فكتاباتي خير شاهد علي .
ولكن ما استخلصته من الصراع المحتدم في داخلي هو خلاصة مفادها انه ليس مهما على الاطلاق من يكون الهي ......مشكاة من شجرة درية ....المسيح المتجسد .....يهوه ...ليس مهما كل هذا ان كان في داخلي يتراقص شيطان الشر .
علي قبل كل شئ ان ابدأ بتطهير نفسي من كل الشرور كالقتل والسرقه والحسد والغيره والغرور والانانيه وشهادة الزور وحب الظهوروالتكبر واحتقار الاخر وتكفيره والاستيلاء على الممتلكات العامه والخاصه والرشوه والوشايه بالابرياء والكذب والرياء .
هذه المعاصي قد تفتك بمرتكبيها اكثر مما تفتك بضحاياهم ، فعلاوة على الامراض النفسية التي تخلفها الجريمة لفاعلها فأن القانون العادل لهم بالمرصاد .
في الغرب يسهم الانسان في المحافظة على نقاء البيئه والممتلكات العامه ، ويسهم المرء باعمال الخير من تبرعات واعانات سخية للدول الناميه او التي تتعرض لكوارث بيئيه او اجتماعيه ، يتمتعون بالصدق والتواضع ويحملون في ضمائرهم كل حسنات بني ادم . شيوخ وعجائز لا يكّلون او يملّون من فعل الخير وغرس جذوره اينما حلو ، تقرأ في وجوههم نوع من الاطمئنان العجيب ، والغريب في الامر ان بعضهم لايؤمن بيهوة او الله او الاب او الابن ، ترى ايهم اقرب الى الله ؟ من قال انني اعبد الله ونسي وصاياه ام من طبّق كل الوصايا ولم يحدد من هوالله ، فالله في نظره هو الحب والعدل المطلق .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال