الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليتيم في الإسلام

زينب عبد العزيز

2011 / 10 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اليتيم في الإسلام

(قال رسول الله صلى الله عليه واله :إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم)
ياليتنا نبكي حزناً وألماً كلما وقعت أعيننا على يتيم محزون يبكي لوعة فقد ألاب فتنهمر دموعه معبراً عن نقص ألم به قهراً وفارقته أبتسامة ألاطفال الذين ينعمون بحنان أبويهم وخصوصاً عناية ألاب
دموعنا التي تنحدر على وجنتينا أنما هي ذخر لنا لتضيء سواد صحائفنا فتشع بنور ألانسانية عندها تتحرك أيدنا برقة القلب الكسير الرحيم لتكفكف تلك الدموع من أعينهم البريئة فأن ألايدي التي تصنع ذلك هي أيدي المحسنين الذين يندفعون نحو أعمال البر وألاحسان هم الناس الذين لا يهجعون وينعمون بدفء ألآسرة ويعلمون أن هناك المئات من ألاطفال قد فقدوا حنان ألاب ورعايته أن ألايدي التي تصون دموع ألايتام وتستبدلها بابتسامات وأمل هي أيدي يكون صاحبها مصاحبا للنبي ألأكرم صلى ألله عليه وأله وسلم حيث قال : (أن او كافل اليتيم كهاتين مقرنا بين السبابة والخنصرـ في الجنة) فأي شرف يناله ذلك الرحوم وهو يدخل السرور على يتيم محزون.
لنستعذ بالله من عين لا تدمع لأن في ذلك مرض عضال وهو قسوة القلب فتجمد أبصارنا عن الرؤية الواضحة فلا نرى سوى حب ذواتنا وأشباع رغباتنا ويكون موقفنا سوى التمتمة بكلمات خجولة يكاد صوتها يبلغ اسماعنا فقط . لما شكا رجل قساوة قلبه الى – رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له : إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم (1).
لنستعذ بالله من موقف يمتثل أمامنا ونحن تقع أبصارنا الجامده على مناظر مؤثرة ليتيم يبكي حرمانه ابسط حقوقه وأمه حائره في تلبيتها فنحرم من عمل البر والاحسان فتفرغ صحائفنا من منجيات تنجينا بيوم لا ينفع لا مال ولا بنون سوى ألاحسان و الرحمة الضعفاء .
يا أيها المحسن البار بأخيك ألانسان أرحم ألأرملة التي مات عنها زوجها ولم يترك لها غير أولاد صغار ودموع غزار أرحمها قبل ان ينال اليأس منها ويعبث الهم بقلبها فتؤثر الموت على الحياة لتترك ثقل لا تقدر حمله ولا يمكنها تركه فالموت لها رحمة من أن تخبر صغارها أنها لا يمكن لها تلبية طلباتهم .
أيها السعداء بالنعم التي من الله عليكم سارعو في أدامة نعمكم ومداراتها في كفل يتيم ينتظر منك تمسح على رأسه بيد الرحمة ويد تهدي له ما رزقك الله من فضله ومنه عليك .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم : ) اشبع اليتيم والأرملة وكن لليتيم كالأب الرحيم وكن للأرملة كالزوج العطوف تعط كل نفس تنفست في الدنيا قصرا في الجنة . كل قصر خير من الدنيا وما وفيها .
ايها البار المحسن شارك يتيمك الذي تكفله ابتسامات أولادك التي ترتسم على ثغورهم وهم يأخذون منك حوائجهم التي سارعت في تلبيتها أليهم ليرفعك الله درجة ممدوحه حيث قال رسولالله ( صلى الله عليه وآله وسلم : )أربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين في غرف فوق غرف في محل الشرف كل الشرفمن آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا رحيم اومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما ومن لم يخرق بمملوك هو أعانه على ما يكلفه ولم يستسعه فيما لايطيق .
من هو اليتيم :
سببب تسمية اليتيم بهذا الاسم من قبل اهل اللغة منشأها ان عدم المبالاة به وبما اصابه من فقد وعدم التواصل معه والاعتناء به بعدما فقد ابوه وليس امه لان نفقته واجبه على ابوه فيتمه من ابوه وليس من امه وعندما يفقد من يكفله ويسد عنه ذلك الفقد لوليه يطلق عليه يتيم لانه وحيد غفل عنه وعن بره وألا حسان أليه .
وقال الجرجاني في التعريفات اليتيم : هو المنفرد عن الأب،لأن نفقته عليه لا على الأم.
اذن اليتيم يصبح يتيماَ من صنع المجتمع الذي يتغافل عن هذه الفئة المستضعفة من الأولاد المنفردين بفقدهم لمعيلهم والبر لهم وقال أبو زيد: يقال لكل ّمنفرد من أصحابه: قد يَتِمَ،وبذلك سُمّي اليتيم (2).
وقال المفضل:أصل اليتم: الغفلة قال: وبه يسمى اليتيم يتيما،لأنه يتغافل عن بره.
وقال أبو عمرو: اليتم الإبطاء،وهم أخذ اليتيم لأن البر يبطئ عنه.
وقال الأصمعي: اليتم في البهائم من قبل الأم،وفي الناس من قبل الأب. (3)
كما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بعد كبره يتيم أبي طالب لأنه ربَّاه.
**أما تعريف اليتيم عند الفقهاء (4)
يتفق الفقهاء مع اللغويين بتحديد اليتيم إلى هذا الحد،فهم يرون أن هذا العنوان يتمشى مع الطفل إلى حد البلوغ الشرعي،والذي تقرره الشريعة المقدسة بظهور واحد ٍمن علامات ثلاث :
1 ـ إنهاء الطفل خمسة عشر عام من عمره إذا كان ذكراً،وتسعة إذا كان إنثى.
2 ـ إنبات الشعر على عانته .
3 الاحتلام بخروج المني منه،أو الحيض من الانثى.
حيث تنبىء هذه العلامات بوصوله إلى مدارك الرجال . وحينئذٍ،فينتقل من مرحلة الطفولة،وهي مرحلة عدم المسؤولية إلى مرحلة العبء الاجتماعي،والمسؤولية الشرعية التي تفرض على الرجال البالغين.
ولم يقتصر إطلاق عنوان اليتيم على الطفل قبل بلوغه بل أطلق على البالغين أيضاً،ولكنه إطلاق مجازي،وليس بإطلاق حقيقي كما كانوا يسمون النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وهو كبير : «يتيم أبي طالب» (عليه السلام) لأنه رباه بعد موت أبيه وفي الحديث : « تستأمر اليتمية في نفسها فإن سكتت فهو أدنها ».
أراد باليتيمة : البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها،فلزمها إسم يتيم،فدعيت به،وهي بالغة مجازاً.
**اليتيم في المجتمع :
أن فقد هولاء ألا بناء أبائهم يعني حدوث ثغرة ونقصاً لا يمكن للأم أن تسدها لوحدها وتعوض فقد ألاب وهذه نكبة تلم بالعائلة لكن لا يعني ان تقف ألام وألا بناء أمام هذا الظرف القهري الذي حل بهم وقفة الخائب الضعيف تتلقفه الأحزان وصور الذكريات ليقعد مهموما متخلفاً عن بناء نفسه والوصول نحو التكامل .
أن الوصايا التي ألتها الشريعة المقدسة لليتيم والعناية به وكفالته تمنح اليتيم قوة نحو البناء الذاتي مهما كانت تلك الكفالة شدة او ضعفاً فأن الدعم المعنوي له أثره في منهجة حياة اليتيم بالصورة الصحيحة وتثقيفه بأن هذا النقص ما هو ألا أداة نحو ألعظمة والكمال وانه قد اتصف بصفة أعظم مخلوق لهذا العالم وسيد ألأكوان وهو نبيه محمد(صلى الله عليه واله)فقد أباه وهو طفل فقيض الله له جده عبد المطلب (شيخ الابطح) ليقوم برعايته،وتربيته فقد شاءت الحكمة الإلهية أن يذوق المنقذ ألاول للإنسانية مرارة اليتم،في فقد الحنان الأبوي لولا أن يعوضها لله بمن سدله هذه الخله ليطبق الدرس تطبيقا عمليا فتسير الأمة على هداه،وتنحو هذا النحو من السلوك الذي تتمخض نتائجه بالتوجيه الصالح للافراد فوصفته ألآيات الكريمة بأنه :
1 ـ « ألم يجدك يتيما فآوى ».
2 ـ « ووجدك ضالا فهدى ».
3 ـ « ووجدك عائلاً فأغنى ».
4 ـ « فأما اليتيم فلا تقهر ».ـ سورة الضحى : الآيات ( 6 ، 7 ، 8 ، 9)
لكن لم يقعده هذا النقص والمعاناة في فقد ألآب وألام من تبليغ رسالته بل كان من أهداف رسالته السماوية هي كفالة اليتيم أن صفة اليتيم لمن حرم ألآب صفة فريدة خصت شريحة من الناس الذين هم تحت العناية ألإلهية فهي نعمة قد يجهلها الكثير ويعيش ألم الفقد والفراق ويجهل إن اليتيم محل عناية ألله سبحانه وتعالى ولقد قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن،فيقول اللّه لملائكته يا ملائكتي من أبكى هذا اليتيم الذي غيب أبوه في التراب؟ فتقول الملائكة: أنت أعلم،فيقول اللّه تعالى: «يا ملائكتي،فإنّي أشهدكم أن لمن أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة»(5).
لنفهم أيتامنا أن هذه الصفة هي صفة أكثر العظماء الذين أنطلقوا من المعاناة ودونوا بالتاريخ أروع ألانجازات العظيمة لم يسطع الذين لهم إباء إن يصنعوا ما صنعوا هولاء ألايتام فيجب علينا ان نخبرهم بأنهم كرموا بكرامة وصفة تشبه صفة نبيهم ألاكرم وان القران أوصى بهم وكررت ألايات ذكرهم حتى بلغت ثلاثة عشر مره عندما ترسخ هذه الفكرة في ذهن اليتيم ويعلمون أنهم في نعمة لا في نقمة فهولاء الذاكرون لنعم اللّه لا يعتريهم يأس وقنوط في الشدائد والهزات،ولا يصيبهم قلق واضطراب،قلوبهم هادئة ونفوسهم مطمئنة وقدرتهم على مواجهة المشاكل كبيرة.
عندها نصنع افراد أصحاء من الإمراض النفسية بسبب النقص الذي قد ينمي فيهم روح العنف وألا جرام في المجتمع تعبيرا عن الحرمان الذي ألم بهم .
فأن واجبنا اتجاه هذه الشريحة واجب شرعي وواجب أنساني للحفاظ على المجتمع من مهالك أمراض نقص الحنان ألابوي فإذا فقد هؤلاء الأبناء آباءهم فإن المسؤولية تنتقل بشكل متدرج إلى الأقارب القادرين فإذا انعدموا قامت على المجتمع بأسره .
وقد ورد في الحث على كفالة الأيتام والعناية بهم ما يبعث في نفس المؤمن دافعا قويا إلى ذلك , إضافة إلى المسؤولية الواجبة والتي تقع على الدولة, بالقيام بهذه الكفالة ,وإذا تخلت الدولة عن هذه المهمة المقدسة تحولت المسؤولية إلى المؤسسات الخيرية فنلاحظ اتساع مجتمعاتنا بهذه المؤسسات الكفيلة لهذه الشريحة المهمة سعياً للاجر والثواب العظيم . ولأهمية هذه المسألة قرنها علي أمير المؤمنين في وصيته المعروفة بالصلاة والقرآن وقال: «اللّه اللّه في الأيتام فلا تغبُّوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم»(6).
**كفالة اليتيم وأثار ذلك في المجتمع :
لا يخلوا المجتمع ألانساني من شريحة ألايتام لكن قد يغفل أكثر الناس عن حاجة هولاء للدعم المعنوي قبل المادي وسبب ذلك أتكال كل فرد على ألاخر قد يتكل الجار على ذوي اليتم من العم والخال ولا ولا يسأل عنه وقد يتكل ألآخرين عن السؤال عنهم بأنهم اصحاب ارث وأموال فليسوا بحاجه للسؤال لكن لا تغني الاموال والتركةعن دورالدعم المعنوي وتأثيره على نفس اليتم وحتى المادة لا يمكن ان تنفصل عن الدعم المعنوي فهذان العنصران مهمان في مسرة حياة اليتيم والمسؤلية تقع على الجميع تدرجاً من ألاقارب حتى افراد المجتمع من غيرهم وان كفالة اليتيم والإحسان إليه والقيام بأمره من الأعمال التي رغب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيها،وذلك لضعفه وما يصيبه من الذل بفقد عائله،وقد وعد على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم.
فأن القرآن شوق الإفراد الى الانفاق بجعل عملية العطاء عملية مقايضة تجارة رابحه بين المنفق وبين ربه المجزي لهذا العمل الإنساني.
وبذلك يكون المنفق قد سد ثغرة حدثت في المجتمع ليبتلي ويختبر الإفراد بالمسارعة الى لتلبية نداء الشريعة في سد ثغرة اجتماعية بمساعدة هؤلاءالمحتاجين والله لايحرمه من فضله على هذه التلبية بل يعوضه في الدارين :في هذه الدنيا بزيادة الربح،والبركة في ماله. وفي الآخرة بالثواب الجزيل.
وتتوالى الآيات الكريمة لتعطينا صورة واضحة عن هذه العقود المجراة بين العبد وربه .
«وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور » (7)
«فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير » (8)
«مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم » (9).
«ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل حبة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل و الله بما تعملون بصير » (10).
فأن إحساس المسؤلية الذي يعيشه أبناء المجتمع واعز مهم في بناء مجتمع متكامل ابناءه يسارعون نحو المجد ولهم قوة البنيان المرصوص لا يمكن للمغرض ان ينفذ الى الصفوف ليفرقها مستغل بذلك ضعفاء النفس من أبنائنا الذين حرموا من وجود ألاب والناصح لهم . وقد جاء في الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله «خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه،وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه ».
فأن العناية بأيتامنا ومتابعتهم هو بناء لأنفسنا أيضا وحفاظا على بيئتنا وبيئة أولادنا من افراد تتلقفهم ايدي المغرضين فتشكلهم افراد يتقنون الخداع وألا جرام فيؤثرون بذلك على بناء المجتمع .
فيحل الفساد والتفكك الاجتماعي ألإنساني فيتحقق الغرض المطلوب فتزرع بذلك التفكك عقائد وأفكار لا تمد للدين بصله تتبناها هذه الشريحة من ألايتام أذا تركوا دون رعاية وأهتمام لذلك كان(صلى الله عليه وآله وسلم) تغرورق عينه بالدموع حين يرى يتيماً،وكان يظمّ ذلك اليتيم إلى صدره ويداعبه بكل حرارة.
ليشعره بالحنان المفقود لديه وليعلم ان هناك من يهتم لأمره .
أن إحساس والشعور بمسؤلية اليتيم واعز مهم لكل رب اسره أتجاه أبناءه ايضاً بأن يوفر لهم ضمان والحماية من قضاء الله لكل بشر بأن يرحل عن هذه الدنيا وانه سوف يخلف بعده عيال قد يقسي عليهم المجتمع بعد المبالاة لشأنه.
وأن هذا الضمان الذي خلفه لهم هو في عناية وصون من بعده لان الشريعة لطالما تعالج دقائق الامور ولم تترك ثغرة الا سدتها بتوجيهات دستوريه مفادها حياة طبيعية احد اصولها التكافل الاجتماعي فأن الحرص في صرف مال اليتم والتصرف به من تأكيدات الشريعة عليه ومن المحذورات لمن أراد ان يستغل ذلك المال لصالحه فهووعد من الله سبحانه وتعالى بأن يكون هذا المال نار في البطون بترتب اثار كأنها نار تحرق كل شيء ابتداء من الصحة والتي هي اعز شيء وأهمه عند الانسان .
فاليتم ومنهج العناية به والتأكيد عليه هو منهج أخلاقي تربوي متكامل تعود الفائدة على المجتمع اجمع لذلك تكررت الايات القرئانية على هذه الفئة واوضحت بأن هذه المسألة لها ابعاد واثار اخلاقية تعم المجتمع الانساني سيراً نحو التكامل الاخلاقي بين البشرية وهذا الاهتمام لا يخص المجتمع الاسلامي فقط وانما كل المجتمعات التي شعارها انسانية الانسان والحفاظ عليه.

وحينما نقرأ الايات التي تحذر من التلاعب بأموال اليتم
وكيف يمكن ان تصان وتوجه بما فيه صلاح لهم ,وقوله تعالى: { وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ُحَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } ، { إِنَّ الَّذِين َيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُون َفِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } , { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَ سْتُمْمِنْهُم ْرُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافً اوَ بِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا } , { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ولا تتبدلوا الخبيث الطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } كما دعا إلى استثمارها و الإنفاق عليهم { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُم خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ المفسد من الْمُصْلِحِ } ، { وَارْزُقُوهُم ْفِيهَا وَاكْسُوهُم ْوَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا }
وبذلك تكون أمواله محفوظة لهم وهم بمأمن من أموالهم التي قد تسبب لهم الفساد والانحراف لو كانت تحت تصرفهم أو قد يسفهون تلك ألا موال وتضيع في موارد ليس في محلها فهذا النظام الدقيق التي بينته الايات المباركة حل لكل المشاكل .
كيفية ألإنفاق على اليتيم:
يتبادر هذا السؤال عندالذين استرهبوا الوعيد من ايات القران المجيد وايضاً طمعوا بالربح العظيم من هذه التجارة الدنيوية والاخروية الموعوده وقوله تعالى لمن يسأل :
«يسألونكم اذا ينفقون قلما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فان الله به عليم »(11).
قد تضمن قوله ( ما أنفقتم من خير ) بيان ما ينفقونه وهو كل خيرليس هناك شرط في نوعية الانفاق كل ما يقدم فهو خير يسجل عند حساب المنفق ناهيك عن النفقة والاعالة المستمرة12 .
وقال الطبرسي : «السؤال عن الإنفاق يتضمن السؤال عن المنفق عمله فانهم قدعلموا أن الأمر وقع بإنفاق المال فجاء الجواب ببيان كيفية النفقة وعلى من ينفق »(13).
عندما شوقت الايات السابقة بفضل الاعالة لهذه الفئة المحرومه فتبادر هذا السؤال عن الكيفية لهذا الانفاق
لذلك بدأ القرآن يبين لهم مراحل الإنفاق بجهتيه :النوعية والمادية.
فعن النوعية لم تقيد بشرط وانما ترك ذلك إلى تقديرهم .
فالاطعام خير،والكساء خير،والمال ايضاً خيرفنلاحظ ان الشارع المقدس ترك الخيار مفتوح امام من يسعى للخير دون تعجيز ولذلك يصف هذا الانفاق بالخير ليكون حافز ودافع لكل مستوى من ذوي الدخل قال تعالى فيذلك :«وما تنفقوا من خير فلانفسكم » (14).
«وما تنفقوا من خير يوف إليكم » (15).
«وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم » (16).
وعن المادة او المصرف،وهو المنفق عليه : بدأ الكتاب الكريم بتحديد الاقرب من صاحب الانفاق لان اعالة الاسرة وسد حاجتها متقدم على كل عمل خير فالأقربون اولى بالمعروف ومن ثم لينتقل الى اسرته على المستوى العام ليتحقق البر لجميع الاطراف التي تضم صاحب الانفاق حتى ينتقل الى الشريحة المهمة بعد الاهل وهم الايتام .فأن وجوب الانفاق يبدأ من ألابوين الذين هما عامودين الاسرة ومن ثم الحواشي من الاهل وهم بمنزلة القرابة النسبية ايضا لهم حق وقوله تعالى :
«قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين ».
وذا عبرنا هذه الدائرة من القرابة والنسيج النسبي الاسري لنتقل الى العامة الواجب الانفاق عليهم فهم ابتداء من :اليتامى،والمساكين،وأبناء السبيل.
وهذا التدرج هو الذي تقتضيه طبيعة الاجتماع في هذه الحياة،وقوانينه.
فهذا التدرج الدقيق في الطبقات الانسانية من الوالدان فهما عمودا الإنسان،ومن ثم حواشيه ,وعند تعبي الفقهاء كلالته لانهم لهم حصة في الميراث حسب التدرج في الطبقات ومعنى هذا المصطلح الفقهي كونهم يحيطون
بالرجل كأكليل الذي يحيط بالرأس.
فهذا ألانفاق المخير من قبل الشريعة هو انفاق تجاري مع الله سبحانه وتعالى مثله مثل الحبة التي تنبت في ألارض فتثمر حبات عديده كقوله تعالى «ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل حبة بربوة أصابها وابل فأتت أ كلها ضعفين ».
فهذه التجارة الرابحة التي يجد ثمرتها في يوم توزن الاعمال وتخف الموازين وتثقل موازين وتنشر الصحف وتعرض فيجد الإنسان ان كتابه قد أمتلئ بحسنات رفعته درجة عند الله تعالى وأنقذته من مهالك الذنوب .
**المصادر :
1-مشكاة الأنوار: 167.
2- جمهرة اللغة / ابن دريد
3- تهذيب اللغة / الأزهري
4- اليتيم في القرآن والسنة /عز الدين بحر العلوم
5ـسورة الضحى : الآيات (6 ، 7 ، 8 ، 9).
6ـ نهج البلاغة،قسم الرسائل،الرسالة رقم 47.
7- سورة فاطر : آية (29).
8- سورة الحديد : آية (7).
9- سورة البقرة : آية (261).
10- سورة البقرة : آية (265).
11- سورة البقرة:آية (215).
12-الكشاف للزمخشري: في تفسيره لهذه الآية.
13ـ مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.
14– 15- 16- سورة البقرة : الآيات ( 272 ـ 273)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزتي زينب
مريم رمضان ( 2011 / 10 / 7 - 03:05 )
.لا تضيعي وقتك في كتابات متناقضه ليس لها صحة إلا الكذب والتأويل لصالح محمد ودينه إرجعي الى دينك وإقرأيه بتأمل وصدق ,كيف يكون لشخص الذي سبب المزيد من الأيتام والأرامل أن يكون له ذلك القلب الحنون الذي يعطف على الأيتام.أتذكري المرأه التي أتته لكي تتوب لأنها زنت وكانت حامل .قال لها إذهبي لبيتك حتى تضعي الطفل فلما أنجبت الطفل أخذته لمحمد آمله أن يغفر لها،قال لها هاتي الطفل وإذهبي إلى بيتك،فلما وصلت بيتها أرسل أحدآ لقتلها فقتلها.أين رحمة محمد من هذا الطفل الذي يتمه.
عزيزتي .هل حقآ عنده رحمه لليتامى . أين أنتم أيها المستموتون لإظهار رحمة محمد عندما قتل عصماء أمام أطفالها.أرجوك يا عزيزتي إرحمى عقولنا من هذه الخرافات والأكاذيب.
ماذا يستفيد المرء إذا ربح العالم وخسر نفسه. أو بالعربي الفصيح خسر مصداقيته لكي يدافع عن إنسان ملئ الأرض بجرائمه لحتى هذه الساعه. وشكرآ لك عزيزتي


2 - كفي ضحك علي العقول
لطيف شاكر ( 2011 / 10 / 7 - 05:13 )
كفي سخافات ومهاترات وتجميل الوجه القبيح لن تستطيعي ان تجمليه مهما تكلمتي ارجعي الي عقلك ورشدك ام اصابك مرض الشيخوخة


3 - النقد ليس للتخريب يا سادة
سيلوس العراقي ( 2011 / 10 / 7 - 07:35 )
السيدة زينب المحترمة
تحية
صحيح ان النقد يطال الاسلام في الكثير من جوانبه غير الانسانية، لكننا يجب ان نشجع المسلمين الى الالتفات الى ما هو انساني ، مثلما فعلت يا سيدتي، فان البعد الاجتماعي مهم ويجب على المسلمين وعلمائهم ان يتركوا ترهات الفتاوي السخيفة ويلتفتوا الى ما هو انساني في الاسلام في محبة اليتيم والارملة ولكل من في حاجة، لا اتفق مع المعلقين الذين يريدون ان ينتقصوا من هذا المقال الذي يسلط الضوء على جانب اجتماعي مهم، ليت المسلمين يهتموا بما يبني المجتمع الانساني ، ويغضوا الطرف عما يدعو الى القتل والهتك والدمار، استمري سيدتي في الكتابة على هذا المنوال ليس كدعاية للاسلام بل كدعوة للاصلاح الاجتماعي ولاعمال الرحمة خاصة وان المجتمعات الاسلامية بامس الحاجة اليوم الى اعمال الرحمة والمحبة لمواطنيها ليتمكنوا ان يكونوا رحومين تجاه البشر، اكثر مما هم بحاجة لمحاربة اخوتهم في الانسانية ومعاداة العالم، تحياتي مجددا

اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة