الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يكون (النسب الشريف ) مطية لبناء المجد !!؟ .

الطيب آيت حمودة

2011 / 10 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


*الشرف عند الأمم محكه ُ هو مقدار عطاء الفرد للمجتمع الذي يعيش فيه من حيث البلاء في سبيله و الدفاع عنه عند المكاره إلى حد الموت في ساحة القتال ، والإتصاف بمستقيم الأوصاف من الوفاء بالوعد ، والأمانة في التعامل اليومي ،وقد تناغمت كتب التراث القديمة ، وأفصحت بأن الشر ف في الجاهليه يُقصد به رفعة المنصب وعلو المكانة وحسن التخلق ،أما في عهد الإسلام فكان مقرونا بمدى اتباع المسلم لتعاليم دينه والإلتزام بها درأ للرذيلة مصداقا لقول رسولنا الكريم [1] ، وتلكمُ كلها صفات مكتسبة يجنيها الإنسان بفعله وعلمه وعمَله وخُلقه .
* أما في عهد بني العباس ( منذ بداية القرن الثاني للهجرة ) فقد انقلب تعريف الشرف ومفهومه وغدا لصيقا بالإنتماء لأهل البيت وعترة النبي صلوات الله عليه ، فالأشراف بالتعريف العام هم الذين من نسل السبطين (الحسن والحسين ) عليهما السلام من ابنة الرسول فاطمة و ابن عمه علي كرم الله وجهه ، وقد يكون للآية الكريمة ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيراً. ) وقعٌ خاص في نفوس المؤمنين من المسلمين بجعل الشرف تنسبا إليهم دون سواهم ، وقد بلغ تنافس الأنساب إلى حد وضع الرايات والأعلام تميزا ، فالأمويون براية بيضاء ، والعباسيون رايتهم سوداء ، والفاطميون مميزون برايتهم الخضراء ، وطال الأمر حتى أمراء مكة الذين اصطنعوا لأنفسهم راية عنابية .... ؟
في الوقت الذي كان فيه أهل الشرف من أهل البيت يُقتلون ويُسبَون جهارا نهارا في مواقع شتى ( أثناء وبعد واقعتي كربلاء وفخ ....) من طرف ذويهم وبني جلدتهم ، وإن وجد بعضهم ملاذا آمنا عند الأمازيغ من بلاد المغاربة السذج وفي حالات متكررة .

*** الأمازيغ حاضنُوا كل داع للشرف ....

*تنادى قوم الشرق فيما بينهم بأن الأمازيغ قوم ٌ لا يُهان عندهم غريب ، وأنهم قوم ساذج ، سهل الإنقياد ، بإيمان فطري لا يُقاوم ، حاضن لكل فكر مهما كان خرافيا مستبطن ، فغرَّب القومُ تباعا وحدانا وزرافات ، لعلهم سيجدون شأ وهم عند هذا القوم الذي هو مثار استغرابهم في السر دون العلن ، فزحفوا إلينا باسم الشرف والأشراف ، ولا أدري كيف آمن الأمازيغ بأدعياء الشرف فهل كان لهم مقياس لإثبات شرف الشرفاء .؟ ، أم أن الأمر لا وزن ولا تقدير فيه ؟ فما البينة المطلوبة لقبول الإدعاء ؟ .
* وصل إلى بلاد الأمازيغ ( ادريس الأكبر) فارا من المسودة العباسية صحبة ( راشد الأمازيغي ) فتزوج منهم ( كنزة ) فأقام على عصبيتهم دولة الشرفاء الأدارسة التي توارثها أبناؤه من بعده .
* وصل ( عبد الرحمن الداخل ) سنة 754م ، صحبة الأمازيغي ( بدر ) ، فساعده أخواله من ( نفزة) في بلوغ منشده في وصول الأندلس لأحياء ملك بني أمية ، بعيدا عن خطر
العباسيين .. فأقام دولة أموية في الأندلس نافس فيها أحفاده دولة العباسيين في بغداد .
*وصل الداعية الفاطمي ( عبد الله الشيعي ) مرافقا لقبيلة كتامة الأمازيغية ، فاتخذ قوتها عصبية في إنشا ء دولة الفاطميين العبيدية على المذهب الباطني الإسماعيلي .
* وصل عبد الرحمن بن رستم الفارسي صحبة ابنه عبد الوهاب وجارية معهما فأسس دولة الرستميين الخارجية الإباضية بتاهرت ا ستعانة بعصبية الأمازيغ .

* تمكن محمد بن عبد الرحمن ( الزنداني ) الذي كان شيخا في زاوية بدرعا سنة 1502م من التمكين لولديه ( أحمد ومحمد) من البروز بزعم النسب الشريف ، ثم التمكن من بلوغ السلطة ، وتأسيس دولة الأشراف السعديين بعد إنهاء حكم الوطاسيين ، وكل ذلك باسم الزهد وباسم النسب الشريف .

**هذه عينة عن الأفراد الذين وصلوا بلاد الأمازيغ ، وتمكنوا من إنشاء حكم لأسرهم التي لعب في نشأتها وتكونها مزاعم (النسب الشريف) دورا جوهريا ومحوريا في تحريك الأحداث وإقامة دول مستقلة عن الخلافة الإسلامية ببغداد .

*من خلال هذا التتبع لنشأة الدول المغاربية في الفترة الإنتقالية بين سقوط الدولة الأموية وبداية العباسية خلال النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة يتضح بأن هذه الدولٌ التي يصنفها محمد مبارك الميلي في كتابه ( تاريخ الجزائر القديم والحديث ) على أنها عربية ، فهي في حقيقتها برأس عربي وجسم أمازيغي ، ونجاح هؤلاء العرب بقلتهم في تحقيق منشدهم مرده أساسا الإعتماد على (النسب الشريف) في تحضير عقول الأتباع والمريدين .

*قد يستغرب القاريء أيما استغراب كيف يمكن لغريب الديار أن يحل بمكان لا يعرفه ، وينشئ مملكة ، دون أن ترفقه قوة تدعمه وتعضده ؟؟ ، فالأمر بسيط ٌ ما دام القوم المستقبل بخصلة السذج من أهل الأمازيغ ، فهم كانوا البطانة والعصبية لأنهم يؤثرون على أنفسهم ولو بهم خصاصة ، فتلك الدول جميعها ولدت من رحمهم . ولا غرو بأن نجاح ( إدريس الأكبر) في تأسيس دولة له ( الدولة الإدريسية ) سيسيلُ لعاب غيره من المشارقة ، أصحاب الطموح والذكاء في اصطناع النسب لعل في ذلك ما يُساعد على بلوغ الشأو الذي وصل إليه السابقون ، ولعلي سأكون من أشد المستفسرين عن أسباب نجاح النسب الشريف في اختراق الأمازيغ تكرارا ، يرافقه فشل ذريع ( لآل البيت ) في تحقيق نجاح مثيل عند العرب ؟؟؟ .

*** كل الوسائل مشروعة للمجد... ولو باصطناع النسب ؟

مادام الشرف يقاس بمدى الإنتساب لآل البيت أو قريش أو العرب ، فإن انتحال النسب هو ديدن المتنفذين والطامحين وعموم الناس ، فكل بلاد الإسلام من الفليبين وأندونيسيا ، وبلاد البنغال ،إلى صحاري تومبكتوا إلى أد غال وسط افريقيا و سرنغيتي ، ألسنة تلوك الانتساب إلى العرب و آل البيت ، حتى يخيل إليك بأن الأمر فيه ( امبريالية قومية ) المنتسبون إليها يزيدون عن نصف المجتمع الإسلامي !! الذي أصبح منقسم إلى شطرين، (الشريف )الذي يقابله حتما ( الوضيع ) ، فابن تومرت الأمازيغي ادعى بأنه من نسل الحسن بن علي لكسب الشرعية لحكمه ، وأبو مسلم الخرساني انتحل لنفسه نسبا عباسيا زاعما بأنه من ولد ( سليط بن عبد الله بن العباس ) والمعروف عنه أنه فارسي الأصل [2] ، والفاطميون مشكوك في نسبهم الشريف ، و يروى أن سلطان السعديين ( المنصور الذهبي )عند غزوه (لتمبوكتو) الصحراوية ، أوصى قائد جنده بأن تلك البلاد فيها أشراف يجب الإحسان في معاملتهم ، وانتشر الخبر بين السكان ، فلجأوا إلى وضع ( مشجرات )تدخلهم في طائفة الأشراف ، لينعموا بتلك الميزة التي أنعم بها عليهم المنصور الذهبي ، و أعتقد ُ جازما بأن الأحاديث المروية عن الرسول الأكرم بشأن أهلية قريس وأسبقيتها [3] في الفوز بالسلطة قد لعبت دورها في انتحال الإنتساب حبا في بلوغ السلطة لتي يتحقق من ورائها المنعة والرفاه والمجد .

*** ابن خلدون ...... يفضح أدعياء النسب ....

** ابن خلدون في كتابه العبر يفضح وبشكل صريح (أدعياء النسب ) ، ويبين أسبابه ودواعيه وأمثلة عنهم ، هو يرى بأن العصب تبنى على القوة ، فالقبيلة القوية تلتهم القبائل الأدنى منها كما فعلت قريش مع غيرها من قبائل العرب ، وهو الشيء ذاته بين العرب والعجم ، ولكي يتنفذ العجم ُ يعمدون إلى تقمص نسب غيرهم ( .. وقد يتشوف كثير من الرؤساء على القبائل والعصائب إلى أنساب يلهجون بها ، إما لخصوصية فضيلة كانت في أهل ذلك النسب ،من شجاعة أوكرم أوذكر كيف اتفق ، فينزعون إلى ذلك النسب ويتورطون بالدعوى في شعوبه ، ولا يعلمون ما يوقعون في أنفسهم من القدح في رئاستهم والطعن في شرفهم وهذا ( كثير في الناس ) لهذا العهد ، فمن ذلك ما يدعيه ( زناتة ) جملة أنهم من العرب ؟ )[4]. فمهما التحموا بهذا النسب واصطنعوه فهم يكونون أدون ( من الدونية ) منهم ، شأنهم في ذلك شأن الموالي في الخدمة .
ففي تقدير ابن خلدون أن الذي يلبس ( جلدة غيره ) ( ويُدعي بنسبهم ) (ويتناسى أصله الأول ) ...... ولو التحم بهم واختلط ..... ، و لو تنوسي عهده الأول .... ، فهو عبارة عن (لزيق ) أو (لصيق بغيره) حسب فهمي من سياق حديثه ، ولا حجب و لاعجب ما للمذلة والهوان من دور في استسهال الإنقياد للغير ، وهو ما يؤكده مؤرخ الأمازيغ بقوله : ( المذلة والانقياد كاسران لثورة العصبية وشدتها ، فإن انقيادهم ومذلتهم دليل على فقدانها ، فما رئموا المذلة حتى عجزوا عن المدافعة ، ومن عجز عن المدافعة فأولى أن يكون عاجزاً عن المطالبة والمقاومة . )

**هذ ا الرهط من الأدميين الذين لم يقتنعوا بجنسهم فطلبوا الذوبان في جنس آخر تماهوا معه حبا في جاه أو شرف أو ثروة أو حكم ، أمر لا يستقيم وتعاليم الخالق العزيز ، فقد يكون المغربي (محمد بودهان) مصيبا عندما وصف هؤلاء بالشاذين جنسيا من الوجهة القومية ، باعتبارهم لم يقبلوا جنسهم الأصلي و استبدلوه بجنس آخر (حبا أو جهلا ) ، مخالفة للأوامر الربانية الصريحة في الأمر ،ومن أمثلة هؤلاء في التراث كثير منهم :

* إدعاء أولاد رباب من بني عامر أحد شعوب زغبة أنهم من بني سليم .

*إدعاء بنو عبد القوي بن العباس بن توجين أنهم من ولد العباس بن عبد المطلب غلطا ( باسم العباس ) بن عطية .
* إدعاء شيوخ رياح أنهم من أعقاب البرامكة .
* إدعاء بنو سعد شيوخ بني يزيد من زغبة أنهم من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
*إدعاء ابنا ء زيان أنهم من ولد القاسم بن ادريس لتشابه اسم جدهم ( القاسم ) بقاسم ابن ادريس الأول ، فتوهموا أن قاسمهم هذا من ذاك القاسم !؟ ويروي أنه لما قيل ذلك ليغمراسن بن زيان مؤثل سلطانهم ، أنكره وقال بلغته الزناتية ما معناه : ( أماالدنيا والملك فنلناهما بسيوفنا لا بهذا النسب ، وأما نفعهما في الآخرة فمردود إلى الله وأعرض عن التقرب إليهما بذلك .)[5] .

*** الإسلام ضد .....الإنتساب للغير .

فالأمر الرباني في أمر الإنتساب للغير واضح وصريح :
يقول عز من قائل :
*(ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )[الأحزاب : 5]

*فإن كان المنتسب للغير يريد العزة فحديث عمر رضي الله عنه يقول: (كنا أذلة، فأعزنا الله بالإسلام، فمن ابتغى العزة بغير الاسلام اذله الله )

*روى البخاري في صحيحة عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر. ومن أدعى قوما ليس له فيهم نسب ، فليتبوأ مقعده من النار."
*وروى الإمام أحمد والطبراني بسند حسن عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: كفر بالمرء تبرؤٌ من نسب وإن دق وادعاء نسب لا يعرف .

وروى البخاري في صحيحة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أدعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.وليس المقصود في الأحاديث الأبُ القريب بل كل ما يطلق عليه أب من الأجداد.فكل جدّ هو أبٌ لأحفاده .

** ولا أدري ما سبب هوس الناس قديما وحديثا بأمر الإنتساب ، وهو محرم شرعا ، ولا أري كيف أن (ابن باديس الجزائري) وهو رجل علم ودين صوًّغ لنفسه صياغة عجز بيت شعري بشأن نسب زائف ( شعب الجزائر مسلم ** وإلى العروبة ينتسب ) في حين أن المسلمين الأوائل حافظوا على جنسياتهم الأصلية ، فهذا بلال الحبشي ، وهذا سلمان الفارسي ، وذاك صهيب الرومي ، دون نسيان كافور الإخشيدي ، والبخاري الفارسي وغيرهم كثير ، قد يقول قائل بأن النسب الذي يريده ( ابن باديس ) حضاري وثقافي وليس سلالي ، غير ذلك الرأي مردود ، فالنسب هلامي متعدد التفاسير ، فمعناه المتداول الصريح هو الإنتماء والإلتحام والإلتصاق ، فالأمر فيه أوردة وشرايين وقلب ودماء ، فإذن مقصوده علاقة دموية أكثر منه علاقة حضارية وثقافية . وأنا في هذا المقام لا أنكر مقدار الإنسجام الثقافي واللغوي والديني من أهمية ، فإن كان النسب التصاقا والتحاما جسديا ، فإن وحدة الثقافة تعني وحدة حسية عصبية عالية التأثر والإثارة لكل وخز غريب ، غير أن ذلك غير كاف لسلخ أمة بكاملها من هويتها الحقيقية الأصلية .

***هل النسب الشريف ... ثابت إلى قيام الساعة .

*الأمور الغريبة العجيبة أن البعض يدعي وراثة (الشرف) عن أ سلافه ، فترى القوم يشترون يناصيب على شكل ( صكوك الغفران ) من بيوتات خاصة تزعم أن لها دراية بالأنساب العربية المستقاة من كتاب ابن الكلبي في (جمهرة أنساب العرب) ، وآخر الصيحات ما عمد إليه ملك ملوك افريقيا في شراء النسب الشريف بمال لا يُقدر ، قد يكون في ذلك متأثرا بالحديث ( الإئمة في قريش ) أو خائفا من تفعيله في حالة تنفذ السلفية في بلاده .
*أمر الشرف حالة عابرة وليست قارة ، فكثير من الناس كانوا شرفاء وأصحاب منعة بجاههم وأموالهم وعصبيتهم ، غير أن تقلبات الزمان أ حالتهم إلى أراذل القوم ، وهو ما وقع لآل بن علي بتونس ، وآل مبارك بمصر ، وسيقع لكثير من الأشراف الذين بنوا مجدهم وشرفهم على رقاب ا لناس وقوت يومهم ، وما بقي من شرف لفرعون مصر وهو يُجر جرٌُّا للمحاكمات ؟ ، ويحشر حشرا في قفص الإتهام في مكان يستحي أبسط الناس المثول فيه ؟. فإذا كان هذا المنقلب آني وآت ، فكيف السبيل ادعاء ديمومة الشرف والمجد ، أو اكتساب بطاقة تجعل الإنسان مميزا بعمل أجداده الصُّلحاء الأتقياء على مدار 14 قرنا ؟؟؟ ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ..)،وليس بوسعي في هذا الشأن سوى ترديد ُ بعضا من صايا الشاعر (ابن الوردي ) لابنه حول الموضوع في قصيدته الذائعة الصيت :
..............................................
و اتق الله فتقوى الله ما*** جاورت قلب أمرىء إلا وصل
اطرح الدنيا فمن عادتها *** تخفض العالي وتعلي من سفل
كم جهول بات فيها مكثرا*** وعليم بات منها في علل
كم شجاع لم ينل فيها المنى *** وجبان نال غايات الأمل
فاترك الحيلة فيها واتكل *** إنما الحيلة في ترك الحيل
لا تقل أصلي وفصلي أبدا***إنما أصل الفتى ما قد حصل
قد يسود المرء من غير أب *** وبحسن السبك قد ينفى الزغل
إنما الورد من الشوك وما *** ينبت النرجس إ لا من بصل
قيمة الانسان ما يحسنه *** أكثر الإنسان منه أم أقل
بين تبذير وبخل رتبة*** وكلا هذين إن زاد قتل .

...........................................................


*** تغيير الذهنيات .... أمر شائك شاق وصعب المنال .

* تغيير ذهنيات المجتمع إلى أحسن في قبول الآخر المخالف على المستوى الديني ، أو المذهبي ، أو الإثني ،أو القومي ، و الحضاري أمر معقد يصعب اختراقه ، فالفرقةُ هي سمة المسلمين ، فهم لا يتوحدون إلا نادرا ، والبعد السُّلالي وإن استهجن دينيا وثقافيا ما ضيا حاضرا إلا أنه متجذر في النفوس ، وهو من الآفات الباعثة على التمزق والتشرذم ، لأن طغيان سلالة ما سيُحتمها المرور على مرحلة الكهولة والشيخوخة ،فتأ فل تاركة مكانها لغيرها ، فالشرف والمجد أشبه ما يكون بالجائزة أوالتحفيز المادي أو المعنوي ، ينتهي مفعوله بانتهاء الفعل المنجز أو المقدم ، فهو أشبه بمجد وشرف حصول فريق وطني ما على كأس العالم ، فمجده متنقل مع الكأس لرابع سنة ،ثم يمنح لمنتصر جديد ودواليك ، والمنتصر الجديد هو الذي يتقمص ذلك المجد المجسد في الكأس وإن بقي للسابق أثر وذكرى فيه .، فهو أمر متداول بين الناس ، لا يستطيع أيا كان الإمساك به أو الإحتفاظ بعزه لنفسه دون غيره .

خاتمة القول هو أن الشرف الحقيقي ليس هو الشرف الذي نرثه عن الأجداد والأولين ، وإنما ما نصنعه بأيدينا في زمننا من صالح أعمالنا في مواقعنا التي نشغلها ، فنواتج أفعالنا التي تعود بالنفع الظاهر على مجتمعنا القريب والبعيد ، هي المقياس الأنسب لقياس شرفنا وعزنا ومجدنا ، وهو اللون الأجدر للتمايز بين البشر شريفهم ووضيعهم ، فالأمم يقاسُ مجدها بمدى براعتها في تحويل الأماني إلى واقع ، وقدرتها على التأثير في مجالها الجغرافي بتحويل ثرواتها النظرية إلى ثروة فعليه لصالح مجتمعها ، وكفاءتها الفكرية والإبتكارية الفردية في خلق ما يفيد الناس أجمعين ، وهي أمور لم نتمكن كمسلمين وعرب من مجارات غيرنا فيها ، وهي إخفاقات وانتكاسات مريرة ومتكررة شهدها و يشهدها القوم العربي الإسلامي حاضرا ، وذاك ترجمان صادق لظاهرة الهرولة النكوصية وراءً ، التي يمكن عدها ظاهرة صوتية بلا أثر بارز ، لعلهم بذلك سيستجمعون أو يولّدُون أو يستنبطون من ورائها زخما ، سيجدون به متنفسا وبريق أمل ، يتمسكون بحبله في انتظار الخلاص .... ، وهي نظرية صاغها عنا ( توينبي ) [ 6] عن حصافة ودراية وإحكام .



الإحالات :-*-*-*-*-*-*
[1] يشير إليه حديث النبي صلوات الله عليه وسلم بقوله : ( يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، و اعمل ماشئت فإنك مجزي به ،و أحبب ماشئت فإنك مفارق ، و اعلم أن شرف المؤمن قيام الليل و عزه و استغناؤه عن الناس ).
[2] انظر تاريخ الطبري ، أحداث سنة ( 137هـ )ومن المعروف أن أبامسلم الخرساني فارسي الأصل.
[3] مثل هذا الحديث ومشتقاته : - تعلموا من قريش و لا تعلموها ، و قدموا قريشا و لا تؤخروها ؛ فإن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش ،الراوي: سهل بن أبي حثمة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2966 .
أو - لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان .. (البخاري ومسلم) .
[4] عبد الرحمن بن خلدون ، العبر ، ج 1 ص 165 .
[5] المصدر السابق ص 166.
[6] ( أرنولد توينبي ) في نشوء الحضارات يشير أن العرب المسلمين كانت استجابابتهم لصعقة الحضارة الحالية ( سلبية )، فأصبحوا انطوائيين ، نكوصيين يعودون إلى تراث الماضي للدفاع عن النفس .) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأمازيغ الخيار
محمد جبر ( 2011 / 10 / 11 - 20:44 )
تفوح رائحة العنصرية المقيتة من هذا المقال ، يتساءل الكاتب كيف لغريب ان يؤسس دولة في غير بلاده ؟؟؟هذا لا ينطبق على المغرب وحسب بل على جميع الدول اذ ان المسلمين قديما لم يكونوا يعرفون العصبية الكريهة التي بدت في مقالك ، فما اصل محمد علي الذي اسس دولته في مصر ؟ وما اصل معظم ملوك ماليزيا ؟؟ ومن اين جاء قطز والظاهر بيبرس ؟؟ومن كان يحكم زنجبار لعقود طويلة ؟؟وحتى عند غير المسلمين في العصر الحديث ما اصل اوباما ؟ وما اصل ساركوزي ؟وما اصل منعم الرئيس الارجنتيني السابق والسقا الرئيس السلفادوري السابق وابو كرم رئيس الاكوادور السابق ؟ اليس الاول سوري والثاني فلسطيني والثالث لبناني ورغم ذلك لم نسمع مواطن من الدول التي حكموها يتحدث حديثا عنصريا تفوح منه رائحة كريهة مثل حديثك . الامازيغ احفاد طارق وعقبة وابن تاشفين وابن تومرت من خير البشر واعرف منهم الكثير ، اما دعاة الفرقة والعنصرية من الامازيغ والعرب والكرد وغيرهم فتضمهم مزبلة واحدة ، رحم الله ابن باديس الامازيغي الحر القائل : شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب .


2 - لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا
جزائري من وهران . ( 2011 / 10 / 11 - 20:47 )
لا أوافقك يا حبيبي, لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا كما تزعم, إنما كانت فيهم الحمية و الثورة, و عندما إستجار أهل البيت عليهم السلام بأهل هذه البلاد لأنهم كانوا يعرفونهم لموقفهم و شجاعتهم و إستبسالهم و دفاعهم عن الحق و هذه شهادة الإمام جعفر الصادق في حقهم, و الدليل على ذلك هو إنفصال أول دولة في جنوب الجزائر أي الدولة الرستمية على يد عبد الرحمن بن رستم أحد الخوارج و من الفرس الذي هرب من بطش و ظلم بني العباس و استجار بأهل المغرب, ثم إنفصال دولة الأدارسة في أقصى المغرب على يد إدريس من أحفاد أهل البيت عليهم السلام الذي إستجار بأهلها و أعانوه و كذلك إنفصال الدولة الأغلبية في تونس التي إنتشرت رقعتها إلى نصف إيطاليا. يجب عليك أن تعلم أن تلك المنطقة كانت مصدر الثورات ضد كل الدول المركزية الغاشمة, و قد حاول رجالها إقامة دولا عادلة مثل المرابطين و الموحدين و الفاطميين ووو, و هذا يدل على أن شعوب هذه المنطقة كانت تثور على الحكومات المركزية في بغداد و دمشق و القاهرة و كانت مصدر قلق للشرق و الغرب الصليبي
و لا تقبل الإستعمار و الذل كما كانوا أهل وحدة و إنضباط.


3 - لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا
جزائري من وهران . ( 2011 / 10 / 11 - 20:49 )

أما ما نراه الآن من أحفاد هؤلاء الرجال الذين أرعبوا عروش الشرق و الملوك الصليبيين سابقا, هؤلاء الأحفاد من شاكلتك من تنظموا تحت إطارات سياسية كأحزاب و حركات و جمعيات تحمل لواء الإنفصال و الطائفية و العنصرية و الإشتراكية و الشيوعية و الإلحاد و التنصير و أخيرا التطبيع مع إسرائيل التي تعمل جاهدة في إستقطاب عداءكم للعرب و إستثماره و تثمينه. كما أصبحت الحركة الأمازيغية حصان طروادة في شمال أفريقيا, إذ تتمسح بالفراكفونية و الصهيونية لتحقيق إنفصال مناطقها عن بلدها الأصلي و كأن كل العرب أصلهم عربي في المغرب. كما تحارب هذه الحركة المتصهينة الإسلام لأنه من العرب و هذا ما نراه في الجزائر من إنتشار التنصير في مناطق أغلبها أمازيغ و طالت أيديهم تدنيس المساجد و تهديمها مؤخرا و حرق القرآن و رميه في المراحيض و توسيخه بالبراز أي قوم أنتم يا جهلة, إن الإسلام ليس حكرا على العرب أو غير العرب بل هو دين الله و لكافة الناس. لي سؤال لهذا الكويتب, لماذا لا ينط أحد من أندونيسيا أو ماليزيا أو باكستان أو تركيا أو إيران أو غيرها من البلدان غير العربية في عرب تايمز بين الفينة و الأخرى ليهين العرب ويشتمهم بمقالات كله


4 - لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا
جزائري من وهران . ( 2011 / 10 / 11 - 20:52 )
لماذا لا يكتب العرب عن الأمازيغ ولا يأبهوا بهم في عرب تايمز أو غيرها من المنابر لأنهم لا يهموننا و ليسوا أعدائنا بل إخواننا في كل شيء. لقد سئمنا من القومية و العنصرية و لا أحد يؤمن بالعروبة و القومية العربية التي تحارب فيها أنت و من على شاكلتك كدون كيشوت دي لامنشا, يا أخي إن القومية العربية غارت إلى الجحيم مع منظريها و قد دفنت منذ أمد بعيد مع عبد الناصر و بومدين و صدام و عفلق والقذافي و لا يوجد أحد من يؤمن بها من أجيالنا الحاضرة و من يؤمن بها جلهم من العجائز و الشيوخ الذين عايشوا أتعس مرحلة عرفها المسلمون. إن العرب و غير العرب يجرون وراء لقمة العيش و الديمقراطية و الرفاهية و لا يهمهم قوميتك و كراهيتك. إن القومية العربية إرث الإستعمار و مشروع سايكس-بيكو, و قد زرعوها لتنويم و تخدير الشعوب العربية للقرون المقبلة, و ما جنيناه من هذه القومية إلا النكسات و النعرات الطائفية و الحروب و التضليل و التجهيل و الإستدمار و الفساد و التفقير و ضياع فلسطين و غيرها, و لا يوجد أحد من العرب في هذا الحاضر من يؤمن بأننا شعب الله المختار. إن المسلمين الموحدين الحنفاء هم شعب الله المختار من كل الأجناس.


5 - لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا
جزائري من وهران . ( 2011 / 10 / 11 - 20:54 )
ما رأيك في الحركة الأمازيغية التي تهرول للتطبيع مع إسرائيل و كأن التطبيع معها أصبح بابا للإنفصال و الإعتراف الدولي بكم كما فعلها جنوب السودان و غيرهم من الإنفصاليين. وما رأيك في الحركة الأمازيغية التي تحارب الإسلام و تكتب لغتها بالأبجدية اللاتينية و تتستر وراء التنصير و العلمانية و الماسونية ووو يا أخي إن الله عز وجل أنزل القرآن بالعربية و بعث آخر رسول صلى الله عليه و آله و سلم عربيا, و إن كنت مسلما ستقرأ القرآن بالعربية و تسمع الآذان بالعربية و تصلي و تحج بالعربية و هذا إلى يوم القيامة, هذا فخر لنا و لك و هذا لا يعني أن العرب خير شأنا بل المسلمون المؤمنون من كل الأجناس هم خير شأنا عند الله و ليس عند غيره و العربية إلا لغة و أداة نتداولها و نستعملها لتوحيد كل المسلمين في إقامة شعائرهم الدينية و إلا لخلقنا الله سبحانه و تعالى لنتكلم لغة واحدة.


6 - لم يكن أهل شمال أفريقيا أو المغرب قوما ساذجا
جزائري من وهران . ( 2011 / 10 / 11 - 20:57 )
و الله إنك فضحتنا كمغاربة و جزائريين إذ لا تسأم و لا تمل من هذه المقالات العنصرية و كأنك تشفي غليلك و تبرهن لأبناء جلدتك أنك قدها و قدود لأنك تدخل في عرب تايمز بمخالبك و خناجرك تجرح و تشتم و تهين و ترفع من قوميتك المزعومة من شأنها و كأن لكم حضارة عريقة كانت تنافس دولة السومريين أو الأكاديين أو البابلييين أو العموريين أو الأشوريين أو الكنعانيين أو حضارات الهلال الخصيب مرتع العرب ثم تقول لنا بأنك من المسلمين و تحاول أن تفهمنا بأن العرب كلاب و حمير و متعجرفون و قوميون و عنصريون منذ بداية الخليقة أي تناقض هذا, و كأنك مريض نفسي. لي سؤال آخر لك لماذا لم ينصهر الفرس و الأتراك و الأرمن و الأفغان و غيرهم من العجم في العرب و لماذا لم يتعربوا و لم يتكلموا بالعربية و لماذا إنصهرت منطقة شمال إفريقيا بكاملها في العربية.


7 - sweeping generalizations
محمد الشيخ السعدي ( 2011 / 10 / 11 - 20:59 )
ما يغيظ الكاتب في الواقع هو أن دولته الجزائر لم يكن لها وجود إلا 1962 بعد أن صنعتها فرنسا كدولة حاجز تماما مثل الأردن . بينما أغلب دول الشرفاء هي سلالات تعاقبت على حكم المغرب أي المملكة المغربية الحالية . أحب أن أذكركم أنه لولا الدولة السعدية المغربية التي هزمت البرتغال -أقوى دولة في العالم في ذلك العصر- في معركة وادي المخازن لأصبح شمال إفريقيا كاثوليكيا...


8 - حقائق التاريخ و المواقف المتشنجة
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 11 - 22:48 )
تحياتي للأستاذ الطيب على هذه المقالة .
أود أن أعقب فقط على بعض التعليقات التي لم تخرج عن نطاق السباب والشتم وكيل الإتهامات جزافا للكاتب .
الكاتب يقدم رؤيته للأحداث التاريخية إعتمادا على مصادر موثوقة وموضوعية ، ومن يعارضه في هذ الأمر فليقم بالتصحيح إو التفنيد بادلة وحجج من التاريخ ، أما الغرق في هكذا مهاترات وكليشيهات ثرثارة ، فهذا لا يفيد في النقاش العلمي شيئا ، بل يظهر صاحبها في موقف ضعيف جدا أمام ما قدمه الكاتب .

الكاتب يعالج مسألة النسب الشريف ،و علاقتها ببناء دول وامارات في شمال إفريقيا باستغلال سداجة الفهم لدى الأمازيغ و عدم وعيهم،للتأسيس لحكم عرقي يقوم على السلالات ، وهذا نقبله كتاريخ .
أما أن يوجد من لازال يلوك هذ الكلام المتقادم ، في القرن الواحد والعشرين ،لكي يكون له صدى لدى ناقصي الوعي ، فهذا غير مقبول و أرفضه تماما لأنه عنصرية تدميرية مقيتة .
يتبع


9 - يتبع
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 11 - 22:52 )
فإذا كان هناك شرفاء ، فبقية البشر بهذا المعنى هم وضعاء وناس من الدرجة الثانية أو الثالثة ويكون للعرب الشرف كله و غيرهم تحت الحذاء ، وهذا ما أدى بالأمازيغ إلى الانسحاق في هويتهم ، معتمدين في ذلك على ترسانة من الأحاديث التي تشرف العرب وتدنس غيرهم .
باختصار فإن الإسلام استعمله العرب كورقة مهمة لتبديل هويات الشعوب المغزوة وكان سببا مباشرا في انسحاقها في هوية العرب .
تنميرت


10 - يتبع
أمناي أمازيغ ( 2011 / 10 / 11 - 23:03 )
فإذا كان هناك شرفاء ، فبقية البشر بهذا المعنى هم وضعاء وناس من الدرجة الثانية أو الثالثة ويكون للعرب الشرف كله و غيرهم تحت الحذاء ، وهذا ما أدى بالأمازيغ إلى الانسحاق في هويتهم ، معتمدين في ذلك على ترسانة من الأحاديث التي تشرف العرب وتدنس غيرهم .
باختصار فإن الإسلام استعمله العرب كورقة مهمة لتبديل هويات الشعوب المغزوة وانسحاقها في هويات العرب .
تنميرت


11 - ردود على التعليقات .
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 10 / 12 - 08:10 )
يمكن متابعة ردودي على بعض التعليقات أعلاه على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=279206

اخر الافلام

.. السنوار ونتنياهو يعيقان سياسات بايدن الخارجية قبيل مناظرة ان


.. خامنئي يضع قيودا على تصريحات مرشحي الرئاسة




.. يقودها سموتريتش.. خطط إسرائيلية للسيطرة الدائمة على الضفة ال


.. قوات الاحتلال تنسحب من حي الجابريات في جنين بعد مواجهات مسلح




.. المدير العام للصحة في محافظة غزة يعلن توقف محطة الأوكسجين ال