الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- أبو أمل - .. نضالاتك و تضحياتك تتجسد شموسا وأقمارا

نجيب الخنيزي

2011 / 10 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



لا يمكن فصل التاريخ الحافل والمسار الصعب والمعقد للحركة الوطنية البحرينية والخليجية ، بل ومجمل حركة التحرر في البلدان العربية ، نجاحاتها وانتصاراتها ، إخفاقاتها وهزائمها ، عن الدور الفاعل والمؤثر لشخصيات وزعامات تاريخية فاعلة ومؤثرة ( كارزمية ) تركت بصماتها عميقا في مسارها التاريخي المتعرج . غير ان القلة منهم ظل وفيا ومخلصا ومتفانيا وصلبا في وجه الأعاصير الصفراء ، مرحلة النكوص والهزيمة ، أمام وطأة الاستبداد وبريق الثروة السوداء في الزمن الخليجي والعربي الأسود. القلة أعلنت بوضوح وجرأة ، قولا وفعلا وقوفهم ضد التدليس والزيف وأجواء النكوص والهزيمة الداكنة التي تسربت إلى النفوس قبل العقول ، مبدين انحيازهم و ثقتهم إلا محدودة بقدرة الشعب على الإفاقة من الموت واجتراح المعجزات ( كطائر الفينيق ) باتجاه تحقيق وتجسيد تطلعاته العادلة والمشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساوة مهما طال ليل القهر والاستبداد والفساد . فقيدنا الراحل عبد الرحمن النعيمي ( أبو أمل ) أوسعيد سيف ، الاسم الحركي الذي عرف به في الخارج هو في طليعة أولئك الوطنين الشجعان والبواسل الذين حافظوا على نبل مبادئهم الوطنية والقومية والأممية . وقد ضحى وكابد وعاني في سبيل ذلك الكثير ، دون منه بل باعتباره مسؤولية وواجبا وطنيا وإنسانيا بامتياز . تعود معرفتي بالرفيق سعيد سيف إلى أواخر السبعينات حيث التقيته في بيروت ودمشق وعدن ، وفي مؤتمرات خليجية وعربية وعالمية ، كما التقيت في نفس الفترة وفي مناسبات مماثلة برفيق دربه الطويل المناضل الوطني والحقوقي البارز المهندس عبد النبي العكري ( حسين موسى ) . لقد شدني هدوئه المدهش وصلابته الوطنية والمبدئية وتحمسه العالي للعمل والتنسيق المشترك بين أطراف العمل الوطني الخليجي بدون ان يخالط ذلك أية حساسيات أو تنافسات فئوية ضيقة كالتي كانت تسود آنذاك ، والتي لا تزال تأثيراتها باقية للأسف حتى وقتنا الحاضر ، رغم تغير الظروف وانتفاء الكثير من مسبباتها الموضوعية إن وجدت . أنضم عبد الرحمن النعيمي في مطلع شبابه إلى حركة القوميين العرب كما كان أحد المؤسسين والقيادات البارزة في الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ، حيث ناضل من موقعه القيادي وعاش مع المقاتلين الفقراء و البسطاء في إقليم ظفار متحملا معهم شظف العيش والمخاطر . بعد تفكيك الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي في منتصف السبعينات أصبح النعيمي الأمين العام للجبهة الشعبية في البحرين . في عام 2001 عاد إلى أرض الوطن ( البحرين ) بعد قضائه أكثر من ثلاث عقود في المنفى ، وذلك إثر العفو الملكي غير المشروط الذي أصدره العاهل البحريني الملك حمد بن سلمان آل خليفة ، و عند عودته حظي باستقبال شعبي ووطني واسع ، كما ساهم في تأسيس أول جمعية وطنية تقدمية ( وعد ) حيث انتخب رئيسا لها في أكتوبر في نفس العام . المدهش إن النعيمي خالف القاعدة الذهبية للقادة والزعماء العرب بما في ذلك غالبية رؤساء الأحزاب العربية الدينية و القومية واليسارية على حد سواء حيث أعلن إصراره على عدم ترشحه لعضوية المكتب السياسي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد )، وهذا القرار يشمل بطبيعة الحال الرئاسة . بعد عودته تسنى لي لقائه في مناسبات ومؤتمرات عدة في داخل البحرين وفي خارجها ، وكان كعهدي به ، مبتسما متفائلا بالمستقبل المشرق للبحرين والخليج والعالم العربي على الرغم من الظروف المحبطة السائدة . كما عبر النعيمي في مناسبات ومواقف عدة عن تضامنه ودعمه المعنوي والملموس للحراك الوطني / الإصلاحي في السعودية . في أواخر مارس أو مطلع إبريل في عام 2007 دخل أبو أمل في غيبوبة ( كوما ) إثر عارض صحي خطير ألم به وهو في زيارة لحضور مؤتمر في المغرب. زرته مرتين بمعية العديد من الأصدقاء في مشفاه ( جناح العناية المركزة ) في الريا ض ، وإثر عودته إلى وطنه البحرين زرته مرتين في منزله ، حيث جهزت له غرفه طبية خاصة ، وفي الزيارتين كنت بمعية الصديق عبد الوهاب العريض والمناضل الأستاذ عبد النبي العكري . تلك الزيارات المتباعدة تركت أثرا لن يمحى من ذاكرتي ووجداني ، وخصوصا ذلك التماسك والجلد والتفاني والتواضع الذي ميز زوجته ورفيقة دربه ( أم أمل ) . مجلس العزاء الذي حضرته ، و الذي أقيم للراحل في المحرق كان يضيق على سعته بالمعزين من جميع الأطياف والمكونات السياسية والثقافية والفكرية والمذهبية من داخل البحرين وخارجها ، وشمل في ما شمل شخصيات وطنية وثقافية من مختلف الانتماءات السياسية والفكرية والمناطقية في السعودية . ستظل يا أبا أمل كما هو رفيق دربك أحمد الذواذي ( أبو قيس ) رغم اختلاف الموقع ( وليس الموقف ) النضالي، نخلة شامخة وشجرة وارفة الظلال وغنية الثمار . تعزيتنا بأن عطائك وتضحياتك و تراثك الوطني المجيد الذي هو جزء لا يتجزأ من تاريخ نضال الشعب البحريني الشقيق وحركته الوطنية ، لم ولن يذهب هدرا ، و رغم الأنواء وحلكة الليل المدلهم ، غير أن الفجر قادم لا محالة . إننا نجدك حاضرا ،مخضرا ،مفعما بالحياة وسط ربيع الثورات والانتفاضات العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج . إننا نجدك في عصر لم يعد فيه بمقدور أية قوة قاهرة أو مستبدة مهما بلغ شأنها وتعددت أساليب بطشها وإرهابها وتدليسها أن تعيد الشعوب العربية مجددا إلى أسر حظيرة الخنوع والخوف والجهل . ندائي الحار إلى الأعزاء في البحرين وعلى وجه الخصوص جمعيتا " وعد " و " المنبر التقدمي " أن يبادروا إلى تشكيل التكتل أو القطب الوطني الديمقراطي الموحد ، وصياغة البرنامج الوطني/ الديمقراطي البديل العابر للهويات الطائفية التقسيمية ، كرافعة للعمل الوطني العام مع القوى الأخرى كافة ، و لمواجهة الخطر الرئيس في هذه اللحظة التاريخية والمصيرية في حياة ومستقبل الشعب البحريني والمتمثل في تأجيج وافتعال النزعات و الصراعات الطائفية على حساب مصالحه وأماله وتطلعاته المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة والمواطنة المتساوية.
هذه الكلمة أعدت بمناسبة حفل أربعينية الراحل الكبير الذي أقامته جمعية وعد مساء الأثنين 10 أكتوبر من الشهر الجاري ، ولم أتمكن من حضوره ، وهو مكمن حزني الشديد ، وذلك لأسباب عائلية قاهرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوناك ينشر فيديو عبر حسابه على -إكس- يسخر فيه من سياسة حزب ا


.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟




.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب