الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحماك أيا بغداد فاتنة الفايكنغ !

جمال الخرسان

2011 / 10 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


رحماك أيا بغداد فاتنة الفايكنغ !

بشكل خاص تطلق مفردة (الفايكنغ ) على القراصنة والقبائل التي تعيش على الغزوات والحروب في مناطق اسكندنافيا، وبشكل عام هناك من يطلق تلك التسمية على "النورمان" أي الاسكندنافيين القدماء، سواء اكانوا من المقاتلين الاشداء او حتى من عامة الناس والطبقات العاملة في الزراعة وصيد الاسماك والحيوانات.
عرف الفايكنغ او رجال القوارب كما يسمونهم في الثقافة الاسكندنافية ببأسهم الشديد، وسفنهم النحيفة الطويلة ذات الشراع الواحد التي يدعمونها بالتجديف، يفضلون ذلك حفاظا على عامل المفاجئة بالنسبة للعدو بحيث لايراهم من بعيد. انتشرت رقعتهم الجغرافية في مناطق مهمة من اوروبا ابتداءا من القرن التاسع للميلاد وحتى منتصف القرن الحادي عشر. حيث تمددوا صوب الجزر البريطانية، أيسلندا، أجزاء مهمة من فرنسا، كما انهم نجحوا في فرض سيطرتهم على أنحاء من روسيا. وهناك اعتقاد شائع بأن الفايكنغ وصلوا امريكا قبل كولومبس بخمسمائة عام ولكنهم لم يتركوا أثرا فيها كما فعل كولومبس.
لقد عظمت شوكتهم وتوسعوا كثيرا نحو الشرق والغرب، هناك بلدان وصلوها من اجل الاستحواذ عليها وهناك اخرى حرصوا على تكرار الزيارات اليها بهدف زيادة المنفعة وتوسيع التبادل التجاري. هكذا كانوا يفعلون مع الدولة العباسية وعاصمتها بغداد. إذ وصلت قوافلهم التجارية الى بغداد عبر بحر قزوين، قيل انهم تركوا سفنهم هناك وامتطوا الجمال الى العاصمة العباسية المهيبة، وهناك من يعتقد بأنهم وصلوا عن طريق دجلة. كانوا شغوفين جدا بتلك الحاضرة الاقتصادية والعلمية، يأتونها بعد عناء طويل من اجل أن يستبدلوا ما يجلبون معهم من جلود، فراء، كهرمان بما يحتاجون من بضائع، إضافة الى ذلك فإنهم كانوا يبيعون في بغداد ايضا الجواري الحسان والغلمان من الاسكندنافيين الشقر. كان ذلك حينما ( كانت بغداد مركز التأثير التجاري والفكري ، في محيط عام من رغد العيش والأناقة والفخامة ، لقد كانت فيها حدائق معطرة وأشجار وارفة الظلال ، وثروة متراكمة تعود لامبراطورية شاسعة ، لقد كان عرب بغداد مسلمين ، وقفوا أنفسهم بشدة لهذا الدين ، ولكنهم كانوا منفتحين علي شعوب تختلف عنهم في المظهر والمسلك والعقيدة . وفي الواقع ، كان العرب في عالم ذك الزمان أقل الشعوب إقليمية ، وهذا ما جعلهم شهودا أفذاذا للثقافات الأجنبية ) على حد قول المستشرق ميشيل كريشتون.

هناك العديد من المتاحف في اسكندنافيا تضم العملات الذهبية والفضية من الدنانير والدراهم وماشابه ذلك بشكل مثير للانتباه وبكثرة تتجاوز ما متوفر في العديد من المراكز الحضرية المهمة في اوروبا. يعود ذلك وفقا للمؤرخين الى التعاون التجاري الوثيق بين الاسكندنافيين وخصوصا الفايكنغ وبين العاصمة العباسية بغداد.
بغداد من جهتها أرسلت الى مشارف اسكندنافيا مبعوثين عن الخليفة المقتدر في عام 921، ردا على طلب ملك الصقالبة ( ألمش يلطوار ) حيث طلب الاخير من الخليفة أن يرسل إليه من يعرف شرائع الإسلام، وقد كان على رأس الوفد الرحالة أحمد بن عباس بن رشيد بن حماد المعروف بـ ( بن فضلان )، وبعد ثلاث سنوات عاد هذا الاخير الى بغداد وقد قام بتدوين رحلته عن العديد من المناطق التي مروا بها. وقد عدت ( رسالة بن فضلان ) أقدم وثيقة إتنوغرافية في وصف القبائل والأقوام المتداخلة على امتداد المناطق الأوروآسيوية.
أفل نجم الفايكنغ وانكسرت شوكتهم في معركة جسر ستامفورد الشهيرة والتي دارت رحاها بين انجلترا والنروج في الخامس والعشرين من ايلول عام 1066 ، كانت الغلبة في البداية للنرويجيين، ولكن الخواتيم قد ابتسمت للملك الانجليزي هارولد. في تلك اللحظة التاريخية تخاذل عن نصرة اتباعه إله الرعد ( ثور ) الذي يستقوي به كثيرا الفايكنغ، ليعلن بذلك افول حقبة تاريخية مثيرة للاهتمام كانت تسمى بـ حقبة الفايكنغ. فاحذري جيدا يا بغداد!


جمال الخرسان
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |