الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد جمال الدين

مجدي مهني أمين

2011 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إنسان عادي جدا، الأمر الوحيد الفارق والداعي أن يتصدر "جمال" عنوان الموضوع أنه صديقي، كنت أتمنى ان يقرأ كل ما كتبته عن الإسلام السياسي، ويتعرف على معارضتي ومكاشفتي لكل سياسياتهم وآرائهم، ولكن فرقت بيننا السبل ، وأخذت كل منا في طريق.. في أول يوم في الدراسة ونحن في الصف الثالث الثانوى وجدت محمد يجلس بجواري ، وهكذا صرنا أصدقاء، كل يوم بنروح مع بعض في نفس الطريق، وهكذا توطدت الصداقة، خلصت السنة، نحجنا، واكتشفنا إننا في ذاهبين لنفس الكلية.
وجدنا أنفسنا في نفس المبنى في المدينة الجامعية ، ناكل مع بعض، نشرب مع بعض، نذاكر مع بعض، عشنا مع بعض في نفس الحجرة في السنتين الأخيرتين من الدراسة ، محمد كان عنده راديو ترانزيستور صغير، الساعة الثامنة كان برنامج "حديث الروح"، واخترنا إحنا الاتنين أن نخصص هذا الوقت لحياة الروح، محمد يفرش على الأرض بطانية ويلبس طاقية ويقرأ في القرآن، وأنا على المكتب بجواره أقرأ في الإنجيل، نصف ساعة مثلا، ثم نبدأ المذاكرة.كنت أنا ومحمد ولازلنا أصدقاء، لازلنا أصدقاء رغم أننا لم نلتقِ من سنين طويلة، لكن أنا عارف وهو كمان يعرف إن صداقتنا عميقة ، حتى لو حُرِمت من مدد الحديث اليومي.. مع الأيام انضم لهذه الصداقة "علي" المسلم، و"رمزي" المسيحي.
أربعة أصدقاء تشاركنا معا أصعب المحن ، تشاركنا أدق المواقف، تحاورنا في كل القضايا، وتعمقنا في حواراتنا حول الخير والفضيلة والحب والإنسان والوجود.. "على" كان فيلسوف وعنده رؤيته الصوفية للحياة ، وفي نفس الوقت عنده مزاج عالي جدا، فمع "على" كنا نحلق في سماء الفكر، ثم نعود لطرب الأغاني القديمة لأم كلثوم، حيث كانت لديه مكتبة كبيرة لشرائط أم كلثوم. وفي إحدي المرات كنا نجلس عند "علي" نستمع لأم كلثوم ، طلعت في دماغ "على" إنه يقص لي شعري ، كان شعري طويل وتاني يوم كنت مسافر القاهرة أتقدم لخطبة زوجتي، وأقنعني بالفكرة، ووصلة والتانية من وصلات الست كان شعري شوارع، والساعة 12 نص الليل، والسفر في الفجر على بيت العروسة، وتقدمت للخطبة حاملا توقيع صديقي "علي".
"رمزي" كان إنسان شاعري، وله صوت عذب، وكان يهوى أغاني عبد الحليم، وكنا نلح عليه كثيرا واحنا على الكورنيش إنه يغني لنا عبد الحليم، مشكلته إن كان صاحب مزاج خاص، ولكن أحيانا ما كان يتجاوب ويطربنا.
لم تختفِ من بيننا حكاية مسيحي ومسلم بالعكس تألقت، كنا نعمل معا في التدريس ، نجتهد في عملنا ونطوره ونحبه حبا شديدا ، ونؤمن برسالتنا، هم أكملوا العمل في هذه المهنة الشاقة، يعني كلنا كنا كويسين ، نحاول أن نكون أفضل ما يمكن ، كنا بنحب الناس، وكنا محبوبين من كل الناس ، يعني مواطنين صالحين، أمهاتنا تدعو لنا، ورضا الله من رضا الوالدين، يبقى ربنا راضي علينا، ونحن نجتهد قدر طاقتنا أن نلقى رضاه بالعمل الصالح. كنا بنراجع بعضا البعض في كل ما نفعل، يعني صداقة بجد، ونمو مشترك، وإن كان الله يقبلنا معا في الدنيا ، فلا بد أنه يقبلنا معا في الآخرة، فالحب هو الأساس، والعمل الصالح هو الأساس، هو ما يجعل الحياة جميلة آمنة.
ليس لأي منا فضل فيما يؤمن ، وإيمانه ليس امتيازا ولا تشريفا ولكنه دعوة تخصه كي يتعلم ما يجهل، ويعمل أفضل ما لديه.. الإيمان والمعتقد دعوة خاصة بي تجعلني رقيبا -أنا- على نفسي كي أراجعها في ضوء قناعاتي، وفي ضوء الفضائل التي يوحي إلى بها إيماني، كي أكون إنسانا صالحا.
البشر في الأساس أخوة، البشر كل البشر أخوة ، ولكلٍ منا اختياراته، واختياراته نافعة طالما أنها تدفعه وتطور من سلوكه وترقق من مشاعره ، وتعينه كي يعيش رسالته في الحياة، والمؤشر هنا كلما كان الإنسان يحيا أفضل ما لديه، وكلما كان يعطي أفضل ما يملك، كلما كان سعيدا وقريبا من قلوب الناس، وكلما أعطى للحياة طعما جميلا.
الإنسان اللي حياته لها قيمة هو إنسان سعيد، وشه منور، قلبه مبتهج ، محب والناس، هذا يكفي جدا.. معتقداتي في النهاية لي، مقاييسها تخصني أنا كي أنمو، لا كي استخدمها لرقابة غيري.
إرسال الناس للجنة أو للنار مسألة لا تخصني، ولا يحق لي ان أفكر فيها، ولا أن أطرحها على غيري، ولا أريّح مع روحي وأبدأ في ممارستها كطقوس رقابة على غيري، ده ما يبقاش دين ده اعتداء .. الدين تسامح ومحبة ، أنا عشت الدين مع محمد ورمزي وعلي، ومهما فرقت بيننا سبل الحياة ، فبيننا صداقة من العيار الثقيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قوة الاختلاف
صلاح الساير ( 2011 / 10 / 15 - 22:32 )

الاستاذ مجدى مهنى امين المحترم
اذا لم نختلف لايمكن ان نجتمع ...الاختلاف قوة محركة تدفع المجتمع الى الامام وبدونها تتوقف
الحياة علينا ان نتعلم كيفية ادارة الاختلاف ونقف مع الفقراء والكادحين ضد الراسمالين الجشعين
والقضاء على استغلال الانسان للانسان 00
شكرا مع التقدير


2 - هناك حلقة يجب أن نوصلها
مجدي مهني أمين ( 2011 / 10 / 16 - 01:10 )
أستاذ صلاح
أنا أتفق تماما مع ما تقول، ضرورة التركيز على قضايا العدالة والتنمية، ولكننا الآن ندفع فاتورة الفكر الديني المنغلق، وعلينا مواجهة هذا الفكر، خطورته انه يفكر كل الناس، وما دام كفرهم يعني استحل دمهم، والمدهش ان الجنود الذين دهسوا الشباب في ماسبيرو واطلقوا عليهم الرصاص، والقوا بهم في النهر ليسوا بالضرورة من السلفيين، ولكنهم اتباع الفكر السائدة عن الآخر أنه كافر ودمه مستحل، يشغلني الجنود أكثر من القادة، فهم من ينتمون للشريحة الأوسع من المجتمع، إذن المجتمع في خطر داهم، وعلي كافة المستنيرين والتقدميين الآن ان يتعاملوا مع كيفية تطوير المفاهيم الدينية، نحن في حاجة إلى نوع من اليسار الديني، أسوة بما حدث في أمريكا اللاتنية التي انتجت لاهوت التحرير كمدرسة تنتمي للشعب وحقوق الأغلبية في مواجهة المؤسسة الدينية المتحالفة مع السلطة ، في مصر عندنا فكر ديني متطرف، وفكر ديني مؤسسي متحالف مع السلطة ، ثم فكر يساري تقدمي، هناك فراغ في الفكر الديني التقدمي، وهذه حلقة يجب ان نوصلها.

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah