الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدين الظاهري وانحطاط الثقافة الدينية

سعيد تيسير الخنيزي

2011 / 10 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك هوة كبيرة بين المفهوم الديني المتمثل بجوهر الشيء و الدين المجرد من الفكر؛ فنحن فقدنا الجوهر الحقيقي منذ عودة الشعوب للتدين في نهاية الخمسينات عبر موجة لا تمثل منطلقاته الساميه- في القيم والعدالة والمساواة- بل تحمله مالايطيقه! فإن الدين الأسلامي الصحيح قد دفع بالمسلمين يوما لكى يحكموا العالم ويعلموا البشرية الحضارة والفن والعلم. أما الأن و مع هذه الظواهر والمتلخصه في لبس النقاب أو الحجاب وتربية اللحية والصراخ فى الميكروفونات وفضائيات تاخذك الى الجنة واخرى للدجل والشعوذة لاتسمى في مجملها دين على الاطلاق! وانما شكليات اجتماعية سيطر عليها التخلف والرجعيه اي التقوقع بين قبائل وعشائر والتحيز لها وتفضيلها على بقية الخلق الآ مارحم ربي.
نحن ليس في صدد انتقاد من يؤمن بها ان كانت في زيها تحمل من مفاهيم سامية وبهذا تغدو بالشعوب الى القيم الرفيعة ولكن للأسف ان كل هذه التقاليد ثبتت عكس ذلك حال خوضنا في معركة الحياة. فنجد هؤلاء المتلقنين (وليس المتفكرين) هم الاخشن والأشرس بين الناس! لآن عقولهم تكاد أن تخلو من جوهر الدين. بل انني الاحظ حتى ان الشخص المتدين ظاهرياً تبرز علامات العبوس في وجهه ويبدأ مفعول الافيون في حركاته فيصبح لدود ولئيم ولايتقبل وجهات النظر الاخرة! .عكس الحر و .المتفكر في حاله حيث اذا اجتمع مع من صاحب وعرف, رغم اختلاف الدين والعقيدة والمُسَلمْ به وربما حتى الحال الأقتصادي والأجتماعي الآ انه يعيش في سلام معهم
إن مؤسسات التربية والتعليم المسيسة في بلداننا العربية لم و لن تحقق أي اهداف نهضوية ما دامت سوى تعتمد على التلقين الأبهم حيث لا تملك الحرية التامة في صنع مواطن يستطيع أن يمارس عقله وفكره. فهذا التعليم المنخفض و المُتحكم به من خلال كوكبة من النخب التي تعتبر لنفسها تمام التقديس وقمة التعظيم في ان تنتقد، سوف يقضي على مابقي من ابتكارات وعلوم في حياتنا. وسيهدد بتقلص الطبقات المؤمنه بنظريات الحضارة و التقدم ويسبح في الجهل حتى طلوع البدر. فالمناهج الدراسية ليست قادرة الى هذه اللحظه على إعداد جيل عربي يستطيع أن يخدم أمته ويشارك في بنائها بالشكل الصحيح، لأن ذلك الجيل يُعد في مراحله الأولى على المستوى الفكري والنضجي فلا يبتكر ويصنع قرارته بنفسه بل تحشى في ذهنه كمية من الهلوسات والخرافات فيصاب بالخفوق والأحباط كانت في حياته الأجتماعيه او العلمية والعملية.
المسألة إذن ليست مجرد نفاق أو جهل، وإنما هي وعي فاسد بالدين مُلقن وغير قابل للنقاش في المنشئات التعليمية يؤدي إلى نوع من التدين الظاهري الذي يشكل بديلا من الدين الحقيقي، وهذا التدين البديل سهل ومريح ولا يكلف ثمناً لأنه يحصر الدين في الشعائر والمظاه والأفتاء. فالدفاع عن مبادئ الإسلام الحقيقية، التي هي العدل والحرية والمساواة، مسألة محفوفة بالمخاطر في الدكتاتوريات العربية. أما التدين الظاهري فلن يكلف شيئا، و يمنح إحساسا كاذبا بالطمأنينة والرضا عن النفس. فلماذا فشل المتدينون التقليديون على اختلاف أزمانهم وأنبيائهم وأمزجتهم وأجناسهم عن أن يبتكروا في مجال الدين او الدولة اي نظريات ترتقي عليها الشعوب وتتطور. ذلك لآن معظمهم يرى أن الله حينما خلق الحياة وخلقهم قد حفظ أرزاقهم كلها واقر بحمايتها على ان يكونوا متدينيين بالمعنى القشري وبالتالي تحريم النقاش في مسائل الدين الجدلية بين الفقهاء والشيوخ لآنها ببساطة تعتبر من المسلمات الدينية! فيصابون بداء التواكل والاعتماد وحينئذ يتجاهلون الواقع ويسبحوا في مجال الوهن والضياع. فالذين يتبنون هذا النوع من التدين يصومون ويصلون، ويحيون الناس بتحية الإسلام، ويلزمون زوجاتهم وبناتهم بالحجاب والنقاب. وهم يعتقدون بعد ذلك أنهم قد أدوا واجبهم الديني كاملا غير منقوص, غير كارثين للشئؤن السياسية والأقتصادية للدولة على الأطلاق. فهذا الشذوذ الديني ما أنزله الله في كتابه.. بل إن الله نهى الناس عن هذه الظاهرة فقال تعالى: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل) [ ].
ومما يدعوا للأسف أن بعض الدول العربية تعتبر نقد منهاجها التعليمية اعتداء عليها وعلى سياسة دولها والخوض فيما لا يعني إلا السلطات العليا وأن التدخل في نقد سياسة المؤسسات التعليمية معارضة للنظام ومحاولة للتحريض، وستبقى كذلك مادامت تستغل مؤسساتها التعليمية من أجل خدمة أجندات أدت بنا إلى كوارث مشهودة. فوجود حريات شكلية وديمقراطية موجهة لمصلحة هذا الحزب أو ذاك, وسيادة البيروقراطية في العلاقة بين اجهزة الحكم والمجتمع وتفاقم الفساد المالي من النخب الحاكمة وحواشيها والتمييز لصالح كوادر الأحزاب الحاكمة - أي غياب العدالة الاجتماعية النسبية- حولتنا الى بربر في نهجنا للحياة فأصبحنا لانميز التاريخ من الحاضر والوهم من الواقع والخطأ من الصواب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كبد الحقيقة
محلل نصوص ( 2011 / 10 / 16 - 17:20 )
أستاذ سعيد: أفادكم الله، أصبت كبد الحقيقة، بارك الله فيك.

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي