الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قالوا فئوية

هانى تمراز

2011 / 10 / 16
حقوق الانسان


كثير من النقاد والمتابعين ومحبى التاريخ يجمعون على ان غياب البعد الاجتماعى عن ثورة 1919 بقيادة سعد باشا زغلول ورفاقه كان سببا جوهريا ومحوريا لاستمرار الانتفاضات والمظاهرات والاضرابات فيما بعدها وانتهاء بثورة 1952 بقيادة جمال عبد الناصر وزملاءه.
الا ان هذا البعد لم يكن بصورة او باخرى غائبا عن شعارات و ادبيات الثورة الناصرية ذات اليد العسكرية و الاجنحة الشعبية التى خرجت تؤيد حركة الجيش وتدعمها املا فى العدالة الاجتماعية والحرية والديموقراطية فقد تم فى اقل من شهرين من قيام الثورة تغييرات جذرية من تحديد عدد ساعات العمل والحد الادنى للاجور وتحديد الملكية الزراعية بالاصلاح الزراعى الاول سبتمبر 1952 ثم توالت التغييرات.
الملفت للنظر هو موقف النخب السياسية انذاك فى تعاملها مع الموقف الجديد من اعتقادها ورؤيتها باقتصار التغيير على القوانين والدستور وطبيعة البناء السياسى للنظام الحاكم وبناء على هذا الفهم الضيق والرؤية الذاتية ظهرت مساوئ هذه النخبة من انتهازية ورغبه فى ابعاد واقصاء الاخرين لتحقيق منافع حزبية او وزارية وفشلوا تماما فى حشد الشارع المصرى لتنبيه الثوار من العسكر لاهمية الحرية والديموقراطية النيابية جنبا الى جنب مع العدالة الاجتماعية.
ولم ينتبه الجميع سواء ثوار عسكر او نخب سياسية ذات افق ضيق ان الاعتماد على محور واحد فى التغيير يفضى الى تغيير ناقص ومريض واعرج وسيتهاوى سريعا تحت وطاة الثورة المضادة والقوى الرجعية الكاره لكل تغيير وتحديث محولا الامور لما يشبه الحروب الاهلية نتيجة سيطرة الاحباط على دعاه التغيير والتقدمية والحرية مما وصلت اليه الامور من فشل ومن اجهاض لاحلامها الثورية مما يؤدى لتولد قوى التطرف من رحم الاحباط والاحساس بالهزيمة وما يتبع ذلك من عنف وعنف مضاد وهيمنة قوى الرجعية الدينية وقوى الفاشية القومية وبقايا النظام الساقط على المشهد العام مشكلا صورة ظلامية للفوضى العارمة.
باى حال من الاحوال لا يمكن اغفال اى بعد منهم والتغيير الاجتماعى لا يستقيم بدون تغير اقتصادى وسياسى موازى وكل تجارب الماضى اثبتت ذلك وانهيار انظمة ثورية او تدعى الثورية نتيجة غياب بعد من هذه الابعاد امر معروف وحتمى نتيجة هذا الخلل فى بناء نظامها
احسب الان اننا نواجه نفس الاشكالية وكان التاريخ يعيد نفسه مع الفوارق الزمنية والمكانية لحوادث الاشياء من نخبة سياسية مشغولة تماما بتوزيع الغنائم المصرية من برلمان ومحليات وانتخابات رئاسية ومناصب تنفيذية ووزارية ودعاية حزبية وتتناحر فيما بينها على ملكية مستقبل الوطن غير عابئه بهذا الوطن ذاته او بملاكه الحقيقيين والادهى هو نظرتها الفوقية المتعالية الى انين هذا الوطن وشكواه وتسميته بانه مطالب فئوية واتهام هذا الانين بانه امتهان وانحطاط لثورة 25 يناير باعتبار ان الثورة لا تختزل فى مطالبات فئوية هنا وهناك لبعض فئات الشعب وكان المواطن الذى يسعى للقمه عيشه وكساء اولاده وتعليمهم وصحتهم هو مجرم طماع اما الساعى الى مقاعد البرلمان وكراسى الوزارات وكرسى الرئاسة فهو مصلح قنوع .
وانى اسالهم كيف يمكن بناء وطن وبناء نظام حكم قوى بدون توزيع عادل للثروات الوطنية بين افراد الشعب وتحديد فوارق منطقية بين الاجور وفرض نسب مقبولة من الضرائب وفق مستوى الدخل ونسبة الربح وتوفير الخدمات المباشرة لكل الافراد مع مراعاة ادائها الكمى والكيفى بطبيعة الحال لا يمكن وكل ذلك لا يمكن تسميته بمطالب فئوية .انما تسميته الحقيقية هى العقد الاجتماعى بين الشعب ومن انتخبه ليحكمه اى بين الحكام والمحكومين وهذا العقد لا يمكن الاخلال ببنوده او التغاضى عنها ببث دعاية مضادة بان المطالبة ببنود العقد هى مطالب فئوية.
هذا الانين ليس مطالب فئوية او عصبية بل هى حقوق وجب استحقاقها منذ زمن وستبقى دائما مادام غاب البعد الاجتماعى عن الاداء السياسى والاعلامى وعن ادوات التشريع والتنفيذ التى لا ترى ولا تسمع هذا الانين وان راته او سمعته قالت فئوية.ودعت وحرضت الى حصاره واجهاضه وتشويه قياداته واصحابه فهل يجب على المكلوم ان يصمت وهل يجب على الموجوع كتم صرخته وهل يجب على المظلوم ترك الدعاء على من ظلمه وهل يجب على المريض انتظار ساعه موته فى هدوء ام ماذا؟.
ان النخبة لا ترى سوى نفسها واهدافها ومكاسبها وغنائمها فى هذا البلد وتابع كل التحركات والنشاطات والفاعليات تجدها تصب فى هذا المنطلق دون غيره اما الشعب بطبقته العاملة سواء كانوا عمال او فلاحين او مهنيين اطباء مهندسين معلمين محامين واصحاب راى وفكر وفنانين هم فقط الذين يخوضوا معركة النضال والكفاح هم فقط من تكلم وحارب وصارع من اجل العدالة الاجتماعية والمساواة وهم الذين سينتزعون النصر بايديهم دون غيرهم مثلما فعل عمال مصر من استرداد شركاتهم ومصانعهم التى نهبتها راسمالية المحاسيب المباركية الغاشمة سيفعل كل هؤلاء وستقف الطبقة العاملة دائما من اجل حريتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وستكون دائما كما كانت حائط الصد الاول فى نضال الامم ضد الاستبداد والقمع والجشع والظلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في التضافر بين القضايا
مصطفى مجدي الجمال ( 2011 / 10 / 16 - 14:14 )
مقال مختصر ومفيد.. فلم لا تطوره أكثر بالأمثلة حتى تزداد الفائدة؟ وفي الحقيقة أنني قد مللت منذ أوائل السبعينيات- تصور!!- من القول بأن الثورة المصرية ذات أربعة أبعاد متكاملة ومتضافرة وتداخلة:التحول الديمقراطي+ التنمية الاقتصادية الوطنية والتغيير الاجتماعي لمصلحة الطبقات الشعبية + اإتمام الاستقلال الوطني السياسي
والاقتصادي + التنوير الثقافي ومع ذلك ظل الثوريون يركزون على ثورة البعد الواحد.. رغم أن الديمقراطية والاستقلال الوطني والتنمية والتنوير لم تعد مهامًا يجدر بالبرجوازية أن تنجزها.. ويجب أن تتقدم لإنجاز هذا طبقات جديدة شرط أن تنظم نفسها في جبهة متحدة تعي هذا الترابط بي محاور أو أبعاد الثورة..شكرا لك على فتح الموضوع بهذا الأسلوب المنضبط.. مع رجاء أن تتخلى عن -بخلك- وتتوسع أكثر في الكتابة


2 - محاور فشل من تخلى عنها
هانى تمراز ( 2011 / 10 / 16 - 15:20 )
عزيزى الاستاذ الجمال
صدقت فعلا الموضوع بحاجة للامثلة وادخر ذلك للتطوير الذى دعوت له وشكرا لك.
منذ السبعينات هذا عمر طويل ولكن انا اقف معك فى دعوتك هذه والسبب بسيط هو المنطقية والمعقولية ودروس التاريخ المتعددة التى كثيرا ما نتجاهلها فى تحليلاتنا ورؤيانا للاحداث وادعوك لعدم الملل ومواصلة الدعوة بل والتبشير بها ان صح القول.
اعدك ان اتخلى عن بخلى وساتوسع فى الكتابة بخصوص الموضوع واتمنى المساعدة منك ان سنحت الفرصة وشكرا لقرائتك

اخر الافلام

.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء


.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي




.. بمشاركة قادة سياسيين.. آلاف الماليزيين يتظاهرون في العاصمة


.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر




.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن