الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون والغرب والربيع العربي !!

صلاح يوسف

2011 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا شك أن الأنظمة الحاكمة في الدول العربية هي أنظمة طاغوتية فاسدة، أهدرت المال العام للدولة لدرجة أن أحد الباحثين الاقتصاديين بمصر قال أن الفساد في مؤسسات الدولة يمتص 40 % من الدخل القومي، وهو رقم لو صح، لفهمنا كيف انتشر الفقر، وكيف انحط التعليم فلم تجد الدولة المال الكافي لبناء مدارس جديدة فأصبح لدينا 60 طالباً في الفصل الواحد مقابل 18 في ألمانيا مثلا، أما الخدمات الصحية والاجتماعية فحدث ولا حرج حيث التجاهل والتهميش وترك الناس فريسة للجهل والخرافة وطب المشعوذين !
الأنظمة لا تعترف بحرية الرأي ولا الفكر ولا العقيدة ولا بحقوق الإنسان، مما توجب على الشعوب الثورة لتغييرها والإطاحة بها، ولكن برزت هنا مشكلة كبيرة، وهي مشكلة هيمنة الإسلاميين على الشارع العربي مما يعني أن بديل الأنظمة هم الإسلاميون، وفي هذه الحالة فإن البديل سيكون أسوأ من الأنظمة ذاتها، والقول بأنه لابد من حراك في المياه الراكدة لكي يجرب الناس حكم الإسلاميين أمر مشكوك في صحته ودقته، ولنا أن نستحضر النموذج الإيراني حيث كان حزب تودة الشيوعي من أكثر القوى مشاركة في الثورة ولكن بعد نجاح الثورة في إسقاط الشاه، نجح الإسلاميون في الهيمنة على مقاليد السلطة وقاموا بذبح المخالفين حسب الشريعة الإسلامية وكانت النتيجة 30 ألفاً على المشانق والمقاصل من أعضاء حزب تودة الذي شارك في الثورة بكفاءة وفاعلية !

لقد ظهر جلياً هيمنة حزب النهضة على الشارع في تونس وهيمنة الإخوان المسلمين والسلفيين على الشارع في مصر ( غزوة الصناديق )، وفي سوريا فإن الإخوان المسلمين يجهزون أنفسهم للانقضاض على الثورة لأن دور القوى العلمانية فيها محدود، بينما الناس لا زالت تؤمن لحد اللحظة بأن الإسلام هو الحل ! هكذا دون تأمل النماذج الإسلامية في الجزائر والسودان والصومال وأفغانستان وغيرها. ربما كانت الدول التي دفعت ثمناً باهظاً للإرهاب الإسلامي كالجزائر والعراق والسودان والصومال هي أقرب الدول فهماً لشريعة الإسلام وللدواب والمجرمين القائمين على تطبيقها.

من الجهة الأهم فإن الغرب الذي يؤمن بالديمقراطية أصبح لا يعارض استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة كبديل للأنظمة لعدة أسباب، منها أن الغرب بات مقتنعاً بأن الإخوان يفوزون في أي انتخابات حرة ونزيهة وبأنهم القوة الوحيدة الكفيلة بلجم متطرفي السلفيين والقاعدة وما يمتخض عنهما من إرهاب. هذا التناغم الغربي مع إلإخوان نجد صداه في قيام حلف الناتو بدعم لا محدود للثورة الليبية على الرغم من معرفة الغرب بأن الثورة الليبية هي في معظمها إخوان مسلمين ولا بأس من بعض عناصر القاعدة، ثم بدا جليا إصرار الغرب على دعم الثورات الإسلامية ضد الأنظمة بمنح توكل كرمان العضوة في الإخوان المسلمين جائزة نوبل، ثم لنا أن نتساءل. أليست لندن هي مأوى الإرهابيين الإسلاميين بما في ذلك الإرهابي هاني السباعي الذي يعقد لقاءات على قناة الجزيرة لإعلان تأييده لتنظيم القاعدة ولإباحة دم العلمانيين ؟؟!

إن التحالف بين الإسلاميين والغرب ليس جديداً، بل هو امتداد للتحالف أثناء الحرب الباردة حيث دعم الغرب والمملكة الوهابية الحركات الإسلاميين بمليارات الدولارات ومراكز الأبحاث والأموال اللازمة لبناء المساجد حتى أصبح في الشارع الواحد أكثر من ثلاثة مساجد !!

الحركة العلمانية والتقدمية اليسارية محدودة الأثر في الشارع العربي، ضعيفة المؤسسات، ملاحقة بالإرهاب الرجعي للأنظمة والإسلاميين معاً في آن، حيث ما زالت الناس البسيطة تؤمن بأن الإسلام هو الحل لفساد الأنظمة، فالإسلام والدعاية الإسلامية مسلحة بآلة إعلامية ضخمة تمولها دول النفط لكي تحافظ على حكمها الثيوقراطي حيث يحرم الإسلام الخروج على الحاكم.

وإن كان الأمر كذلك، فما بال بعض العلمانيين تغلبه الحماسة والعاطفة لمساندة الثورات الإسلامية أو الشعبية التي سوف ينقض على منجزاتها الإسلاميون بلا جدال ؟؟! ما الحل الحقيقي والجذري لهذه المعضلة المستعصية والخطيرة ؟؟!

ليس ثمة حلول سحرية في الأفق، فقناة الجزيرة التابعة للإخوان المسلمين مدعومة بأموال طائلة من إمارة قطر ولديها سيطرة إعلامية لا تنافس، والأنظمة تتصارع مع الإسلاميين على السلطة ولكنها تتحد مع الإسلاميين ضد البديل الديمقراطي الحقيقي الذي يؤمن بلا تحفظ بمباديء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ينبغي في موقع الحوار المتمدن باعتباره المنبر الوحيد القوي للقوى العلمانية أن تتحد القوى العلمانية واليسارية والليبرالية في مواجهة قوى الظلام الرجعية الفاشية، ويجب عدم الانجرار وراء العاطفة لدعم ثورات الإسلاميين في ليبيا وسوريا واليمن، ذلك وأنه بحسب النموذج الإيراني، ستكون رؤوس القوى العمانية والتقدمية اليسارية هي أول ضحايا سقوط الأنظمة. يجب التركيز في الوقت الحالي على خوض معركة التنوير التي يخوضها مفكرو التنوير بقوة ضد قوى الظلام.

إن ما يمنحنا بعض الأمل في المعركة هو فضاء الإنترنت من حوار متمدن وفيسبوك ويوتيوب حيث أصبح للادينين والملحدين صوتاً مؤثراً، وباعتراف أحد خطباء المساجد الجدد فإن الإلحاد ينتشر بقوة بين الشباب بسبب تهافت الخطاب الإسلامي، وعلينا المراهنة على الزمن، وليس على الانتحار بسيوف الإسلاميين في حال سقوط الأنظمة كما حدث في إيران ومرشح ليحدث في جميع دول ما يسمى بالربيع العربي !

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلاميين والغرب
عباس فاضل ( 2011 / 10 / 18 - 13:33 )
سيدي , لم يكن يخفي الاخوان والوهابيون تحالفهم مع الغرب الى حد الثمانينات , انهيار الشيوعية , وكان تبريرهم انهم انما يتحالفون مع مؤمنين بالله ضد ملحدين كفار ! لقد عادت المؤسسة الدينية ثورة 14 تموز 1958 في العراق بشدة وحرمت على الفلاح استلام اراض من الدولة لانها كانت ملك لاقطاعي . وان جريمة قطار الموت لم يكن بامكان البعث والقوميين تنفيذها الاّ بعد الحصول على فتوى شيعية وسنية بابادة 500 ضابط شيوعي ويساري . على كل حال لا الومهم على ذلك , فقد كشفت الثورة اسماء اكثر من 100 عمامة تقبض من السفارة البريطانية . احترامي


2 - افضل حل
طالب طالب ( 2011 / 10 / 18 - 14:12 )
هو التصميم والتاكيد والتكرار على اخطاء صلعم وفضحه والتاكيد بالبراهين الدامغة انه هو الذي الف القران وان الاساطير التي فيه كلها قصص مسروقة قديما جدا وفضح نكاحاته الجنسية والقتل وغيره-هذا سيجعل الوهابية والاخونجية في حالة الدفاع عن صلعمهم والناس
لاhttp://www.tabee3i.com/topic/6568-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%A9/تصدقهم وتصدق الاعيبهم وكذبهم-فاذا هدم الاساس وقعت البناية- والعاقل يفهم


3 - الغرب لا يخشى الاسلام ولا أتباعه !
زاهر زمان ( 2011 / 10 / 18 - 16:31 )
أخى / صلاح
تحليلك لنتائج مايسمى بالربيع العربى غاية فى الموضوعية والعقلانية ! بالفعل الغرب يستفيد كثيراً من سيطرة الاسلاميين على الحكم فى الدول ذات الغالبية المسلمة لأن الغرب يعلم علم اليقين أن النظام السياسى الوحيد القادر على احتواء تطلعات شعوب المنطقة وتسييسها بالشكل الذى لا يتعارض مع المصالح الغربية فى المنطقة هو النظام السياسى الاسلامى لأنه النظام الوحيد على وجه الأرض الذى يمتلك الجرأة على تصفية المعارضين معنوياً وجسدياً وبموافقة الغالبية المسلمة ورضاهم ومباركتهم لايمانهم واقتناعهم أن النظام لا يفعل الا مافيه مرضاة الالاه ! وكما تعلم أن تلك الغالبية من المسلمين لا تملك غير الركوع والخنوع أمام كل من يرفع فى وجوههم مقولات ( قال الله ..وقال الرسول ) ! المهم أن يربى اللحية ويرسم على جبهته الزبيبة ويتصنع الخشوع والوقار والزهد فى متاع الدنيا أمام المأمومين ! الغرب يتشدق ساسته ويناورون بحقوق الانسان والمرأة والطفل للضغط على الأنظمة فقط وذلك من أجل تمرير مصالحهم ! انهم يطبقونها فى بلادهم فقط ، وتحت ضغط شعوبهم الحية الحرة ، أما مايحدث فى الدول ذات الشعوب الميتة فيهمهم بقدر مصالحهم فقط !


4 - لن تنجح التيارات الاسلامية في تونس
Anissa Arfaoui ( 2011 / 10 / 18 - 17:28 )
اقولها باختصار لن تنجح التيارات الاسلامية في تونس وان نجحت لن تمر الا على جثثنا يبقى من الضروري توعية بقية الدول التي تعيش ثورات من اجل الحرية والديمقراطية اعجبني المقال كثيرا شكرا لك سيد صلاح وسانشره قدر المستطاع وامل ان يقرءه الكثيرون نحتاج الى توعية شاملة فشكرا لكم على هذه الجهود الخلاقة...سلام


5 - التركيز على الشباب
صلاح الساير ( 2011 / 10 / 18 - 18:17 )
الاستاذ صلاح يوسف المحترم
ان تشخيصك لحالة الثورات العربية صائبة لكن مجرى التاريخ اى التحول من السلطة الفردية الى السلطة الجمعية امرا لابد منة ولكن فى نفس الوقت يتطلب المشاركة الفعالة فى اشاعة روح المبادرة والتغير والركيز على مفهوم التنوير وسط الشباب الاسلامى حيث هناك بوادر تشير الى انقسام الشباب
عن القيادات الاسلامية القديمة وهذا مؤشر لصالح القوى العلمانية 000
شكرا مع التقدير


6 - تحية إلى : صلاح يوسف
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 10 / 18 - 19:29 )
الصديق والكاتب الرائع صلاح يوسف
كتابتك الصادقة ـ كالعادة ـ مليئة بالصدق والحكمة والصواب والمنطق. ولكن في عالمنا العربي والإسلامي, من يسمع اليوم الصدق والحكمة والصواب والمنطق. حيث يتنكر الملايين باللحى والزبيبة المصطنعة والرياء الديني.. وحيث النساء تلفحت بأكياس من العتمة والجهل والخنوع...
يا صديقي ألا ترى سرطان التعصب الذي ينخر عظام مصر والعراق وتونس وليبيا وغيرها وغيرها.. ويتغلغل التعصب والتحجر الأعمى بدلا من الانتفاضة والخروج إلى النور...
ولكننا سنكتب ونصرخ ونقاوم.. ولن نقبل أن يتبدل طغيان العسكر بطغيان العمائم...
وحتى نلتقي.. لك مني أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


7 - السيد المحترم عباس فاضل
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:35 )
لا شك أن الشيوعيين والعلمانيين بشكل عام قد دفعوا ثمناً لتصاعد الفاشية الدينية، ويبدو أنه لا خيار أمام الجميع من مقاومة هذه الفاشية وتفكيك مسلمات التفكير والعقيدة الدينية. شكرا للمرور والتعقيب وتقبل مودتي.


8 - السيد المحترم طالب طالب
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:39 )
نعم أتفق معك. يجب العمل على فضح سية محمد من أمهات الكتب الإسلامية نفسها. تصور أنني قرأت في أحد التفاسير أنه كان يدخل على مرأة تغديه ثم يضع رأسه على فخذها لكي تفليه ؟؟؟ يعني أنه مقمل ثم كيف يضع رأسه على فخذ مرأة ليست زوجته ؟؟؟ ثم يأتي ويقول لك غض البصر !! شكرا لمرورك وتقبل تحياتي


9 - الأخ المحترم زاهر زمان
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:42 )
شكرا لاتفاقك معي حول طبيعة تلك الثورات وكيفية تعامل الغرب معها. أشكر لك التحليل الصائب والجميل وتقبل مودتي.


10 - السيدة المحترمة Anissa Arfaoui
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:44 )
تونس بلد علماني بسبب الدستور الذي تبناه الراحل بورقيبة لها، والواقع أنني ألاحظ قوة القوى العلمانية في تونس برغم تصاعد حزب النهضة الرجعي لديكم. أتمنى كل الخير لتونس وشعبها العظيم. شكرا للمرور والتعقيب والتشجيع وتقبلي مودتي.


11 - الأخ المحترم صلاح الساير
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:49 )
أحترم رأيك برغم اختلافي معه. فالشباب المسلم ما زال عقله رهينة لدى القرضاوي وحسان والحويني وعمرو خالد وغيرهم. هؤلاء لديهم عقيدة مكونة من قرآن وأحاديث وجميعهم يؤمنون بها خاصة قضايا احتقار المرأة وحقوق الطفل. أما أن استلامهم للسلطة أمر لابد منه فهو غير صحيح على الأرجح لأن البديل سيكون تصاعد الفاشية الدينية على الطريقة الإيرانية أو السعودية. شكرا لاهتمامك ومرورك وتقبل مودتي.


12 - الأخ المحترم أحمد بسمار
صلاح يوسف ( 2011 / 10 / 19 - 04:52 )
نحن متفقان على المآل النهائي والرجعي لهذه الثورات التي لا تغدو هبات شعبية سيقطف ثمارها الإخوان المسلمون والسلفيون. ليس لدينا حل سوى استمرار التنوير. شكرا لحضورك الجميل وتقبل مودتي.


13 - ضرب الاسلام بزيف الربيع العربي
noor ( 2012 / 4 / 29 - 00:44 )
ايها الكاتب اعلاه , والمعلق ادناه
لقد سبقت رائحة الفعل المخل بالحياء الانساني الراقي لتفسد اجواء المعرفة الحقة
ان التكلم عن الانسان في بيئته في جيله هو ليس التكلم عن تاريخ الحظارة الانسانية برمتها.
ان الكاتب اعلاه ومؤيده ادناه وان تعدد يريد ومشجعيه نضح بحر لاساحل له بدلو مفتق ادناه
اي اذا تكلمت عن العرب فانك تكلمت عن الاسلام لأنه اصل وجودهم بل وروحه وكل وجودهم وان تخاذلوا , فالدنيا دار بلاء, ويتوب الله على من تاب وان لم تصدقهم وتؤمن به
ان التكلم عن الاسلام هو ذاك البحر الذي تنضحه ولا ينضح ماؤه لأن من حقيةحقيقته فهو كسراب.
ان الاسلام دين الله منذ الازل وان اختلفت عنه الاديان ارتدادا وظلالا
ان الكلام عنه بالحق هو مزاحمت الازمان والحظارات بكل مراحلها ,فاناللثورات العربية الحالية فيه من مكان,واناللربيع العربي من فصول كل الزمان.
فلا تحاولوا عجن الاسلام من عمل مارقي آخر الزمان وان كانوا عربا لأن الاسلام لايعجن.
بقلم نور
[email protected],


14 - لم لم تنشروه
noor ( 2012 / 4 / 29 - 01:14 )
لما لم تنشروا تعليقي قبل حين
فهو مستوفي الشروط للنشر
نور

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran