الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصخب الإعلامي والإسلامي

مالوم ابو رغيف

2011 / 10 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



إننا نعيش في صخب إعلامي وإسلامي رهيب، أخبار وصور وأراء وأفلام ولافتات ومعارك كلامية وأخرى تجري باستخدام القنابل والمدافع والسكاكين والسيوف. صخب حزبي وديني ومذهبي وطائفي يكاد يصيب آذاننا بالصمم وعقولنا بالتعب الفكري. آلاف الأخبار اليومية التي تغزو عقر عقولنا ولتجعل منها ميادين لمعارك وصراعات لا تنتج إلا التشويش الفكري والتيه العقلي. أجهزة التلفزة والراديوهات والانترنت والجرائد والبيانات والخطب والمهرجانات والمظاهرات والمسيرات التي تضج بها الشوارع والحارات والساحات والأزقة محملة بالمتناقضات والعداوات والصراخ. صخب وضجة إعلامية سريعة لا تتوقف أبدا، تشغل العين والإذن وتغلق نوافذ العقل، لا تعطي مهلة للتفكير.
إن استقر الإنسان على رأي ومال إلى اعتقاد سرعان ما تصدمه معلومة من مصدر آخر، تحمل معها مثل نقيضتها أدلة وإثباتات، صور وأفلام وتصريحات واعترافات وتحليلات دينية وسياسية واجتماعية، فيضيع في عواصف التشويش الإعلامي ولا يجد نفسه إلا سائرا مع تيارات العواطف الايديلوجية أو الدينية أو الطائفية أو الانتقامية.
إغفاءة القيلولة فقدت سكونها السابق وأصبحت تعج بمخيلات الأحلام المفزعة وكوابيس الواقع.
الموسيقى والأغاني نفسها لم تعد مثلما كانت، فقدت أنغامها واتساقها وأصبحت هي الأخرى ضجة متسارعة لا تحاكي النفس بل تثير رغبات وشهوات الجسد، تطرف في الدين وتطرف في الشهوات، فالإسلام على عكس ما ينصح به رجاله، يثير الشبق والغريزة الجنسية مثلما يثير النزعات العدوانية. حتى كلمات الشعراء وأمثال الناس اليومية أصبحت إما مغرقة بتلميحات الجنس أو دموية انتقامية غير متسامحة تنشد الثأر وتطالب بالقصاص.
مرة وصف لي احدهم كيف هو وأخته الأصغر منه وكان في التاسعة من عمره رأيا جمهرة من الناس التي كأنها خرجت عن عقالها وهي تحمل فخذا بشريا كان لنوري السعيد، كانت تهرول في الشارع بصخب وهتافات مدوية كأنها الرعود، قال لي تصور مقدار الخوف والرعب والذعر الذي يسببه سماع ضجة الصراخ ورؤية فخذ بشري مقطوع يقطر منه الدم لطفل صغير اعتاد على سماع كلمات الحنان من أمه وأبيه. ترى هل تدرك الفضائيات وهي تعرض باستمرار مشاهد جثث الأطفال المقطعة والناس المحروقة والأجساد المشوية المتفحمة، هل تدرك تأثيرها على الأطفال والمراهقين بل حتى على الشباب.!؟
هل تدرك تأثير صخبها الدموي على اتجاهات الناس النفسية وعلى تصرفاتهم وعلى علاقاتهم فيما بينهم.؟
لقد أنتج لنا الصخب الوهابي سلالة ذباحي البشر فماذا سينتج لنا هذا الصخب الإعلامي الدموي غير الأحقاد والضغائن؟

في هذا الصخب واللغط والعجة الإخبارية يطلب منا إن نكون حصيفين منتبهين يقظين إلى ما يحوك لنا من مؤامرات ويسرب لنا من دسائس وان ننتبه إلى من يحاول تشويه تاريخنا وديننا وقوميتنا ويفرق صفوفنا ويتسرب من تحتنا كما يتسرب الماء من تحت التبن، ما أرانا إلا مبللين من رؤوسنا إلى اخماص إقدامنا، لقد سال الماء من تحتنا وجرفنا بعيدا عن شواطئ العقل. فهذه الضجة الدينية الإسلامية والمذهبية والسياسية والعاطفية والانتقامية والمعارك الدموية لا تنتج إلا مغفلين وليس مفكرين ومبدعين. ماذا لو كان كل هذا الجهد الإنساني المبذول مكرس في مجال النظريات المعرفية والعلمية والفلسفية والفنية والأدبية والهندسية، فكم سيكون عدد البارعين في ميادين المعرفة والثقافة والأدب والعلم والعمران والبناء.؟ سيهجر الناس الدين وسيتعبدون الله في ميادين الإنتاج والعمل وليس في مكاتب السياسية وفي غرف البنوك والبزنس.
كيف لهذا الإنسان المسكين الذي كل متطلباته لاتزيد على عدد أصابع يده الواحدة، الحرية والكرامة والمعيشية الإنسانية والرعاية للأطفال، متطلبات بسيطة وصغيرة جدا لا تحتاج إلى كل هذا الصراخ ولا إلى كل هذا النعيق ولا إلى كل هذه الدماء والتضحيات الهائلة ولا إلى كل هذا الخراب والقتل اليومي ولا إلى كل هذا التخوين ولا إلى كل هذه الاتهامات والى كل هذا التكفير والتهديد بجهنم وغضب الآلهة، كيف له إن يفهم إن هذا الصخب وهذا الصراع من اجله بينما كل ما يطالب به هو قليل من التفهم، قليل من التنازل، قليل من الاعتراف به كانسان، ككائن له الحق في العيش بأمان واطمئنان وكرامة مثل غيره من البشر.
على ما يبدو من المشاهد التي نراها يوميا أن الحكام والمعارضون من نفس آتون الصخب والضجة، نتاج لثقافة واحدة، ثقافة غير متحضرة لا تعرف غير لغة الصراخ، لا تطالب بغير الانتقام والأخذ بالثأر وإنزال الموت بالآخر. أما سعادة الإنسان وكرامته واحترام حرية اختياراته الخاصة والعامة وتلبية متطلباته وعدم الاعتراض على ميوله فإنها غائبة عن شعارات الصخب والضجة هذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وكم جمل الاسلام قبحه
mazin199 ( 2011 / 10 / 21 - 20:54 )
الاعلام الاسلام السياسي هو الناسخ من القرأن وعلئ شاكله مؤسس الاسلام محمد فالغش والنفاق مفضوح وكم جمل الاسلام قبحه وقبح كل شئ جميل لا جديد علئ الامة الذي نحرة الخير وهلهلت للشر والدليل كل المسلمين علئ شاكلة بعرور الامة محمد الاسلام اساء للبشرية وحتئ الحيوانات لم يفلت من الافة الاسلامية ..تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية