الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياسين ذكرى فراق من أجل لقاء في زمن الرعب والموت!..

صباح كنجي

2011 / 10 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في الطريق من الموصل إلى بغداد، ما زلتُ أتتبع اثر خطوات المسار الذي غيب النصير ياسين الذي فارقني الوكر السري في وغى الحرب وانقطعت أخباره، بت قلقاً عليه ورغم ما كان يحيق بي أنا الآخر من مخاطر جدية عزمت على البحث عنه في حينها.. هكذا حسمت أمري وتخلصت من حالة القلق جاعلا من الوصول إلى بغداد هدفي عسى ولعل أن اعثر عليه..
كنت موقناً من خطورة الوضع ومدركاً لحجم الخطوة التي بدأتها لكن ياسين يستحق أن ابحث عنه.. ياسين في آخر لقاء لي به في ذلك الوكر الجبلي قال لي:
ـ صباح أدرك حجم المغامرة التي تحيط بنزولي إلى بغداد في هذه الأيام.. قد تكون هذه المرة الأخيرة التي أراك فيها.. أنا مصمم على الذهاب واعرف قد تكون هذه المرة الأخيرة.. سأعتقل وتكون نهايتي..
حينما استفسرت منه عن الدافع الذي يجعله يغامر إلى هذا الحد بحكم تجاربي السابقة معه ومعرفتي بجانب من المهام المكلف بها، بما فيها محاولاته لكشف حالات الاندساس داخل شبكة بغداد التنظيمية قال لي: هناك سبب آخر في اندفاعي ومغامرتي.. أنا أبحث عن شقيقتي التي لا اعرف أين هي.. منذ مغادرتي العراق.. هاهي الحرب تدور من سنين ولا ادري ما حل بها..
كان ياسين عائداً من الاتحاد السوفيتي متسللاً عبر الحدود نحو مقرات الأنصار في جبال كردستان.. حدثنا كثيرا عن دراسته وكيف كان الوحيد بين مجموعة طالبات في مرحلة من تلك الفترة هناك.. لم يكن ثرثاراً ومتباهياً يقص أشياء من وحي الخيال كما كان يفعل غيره من الذين عاشوا بذخ ونعمة الاشتراكية من خلال مقاعد التعليم المخصصة لأبناء الثوار من مختلف دول العالم.. لذلك لم يحدثنا ياسين عن أبيه يوما ما.. لم نسمعه يثرثر يوم أو يتحدثُ بشكوى فقدانه للأب الثائر ولحظة الغدر به... كان يصمتُ حينما يحتدم النقاش ورغم البسمة التي ترسم على محياه وهو الوسيم الجميل.. كان شعاع عينيه الواسعتين يحكي الكثير.. شعاع عينيه وحده كان يكشف حجم الألم الدفين في أعماقه.. شعاع يستمد حزنه من خيوط القمر في ليالي البدر المضيئة التي تنشر سكونها في أرجاء الكون... وحده القمر في حزنه كان شبيهاً بياسين... ياسين المغادر إلى العاصمة في تلك الأجواء الحربية تاركاً كامرة فورية مستعملة في الوكر.. غادر في ساعات الفجر بطريق مؤمنة إلى مدخل في الموصل ومنها إلى بغداد التي ابتلعته كما توقع..
لم يكن مخطئاً في هواجسه وما قد يحل به.. ومع ذلك لم يكن متردداً وهو ينزع ملابس الثوار في ذلك الوكر الجبلي ليرتدي القميص و البنطال كأي طالب ينهض في ساعات الصباح المتأزمة في زمن الحرب الطاحنة التي غيبت الآلاف من الجنود في ذلك العهد.. لكنها أي الحرب لم تكن الوحيدة التي تأكل لحم البشر.. كانت الحرب تأكل لحم الجنود.. ياسين لم يكن جندياً.. أين اختفى؟... من قتله؟.. من غيبه؟..
بعد حين .. علمنا من مصدر يشرف على خيوط العمل بين بغداد والجبل تلك الأيام انه اعتقل.. اعتقل في بغداد واختفى في أقبية الأمن والمخابرات..
هل تحقق حلمه بلقاء شقيقته في ذلك الزمن المميت والمرعب؟...
ياسين أيها الوعل الجبلي الجميل مازلنا ننتظر بلهفة عودتك لتخبرنا عن ذلك اللقاء..
صباح كنجي
بداية أكتوبر 2011

ـــــــــــــــــــ
ـ مقتطف من حكايا الانصار والجبل..


ـ النصير ياسين هو.. (جماهير الخيون).. هذا ما اختاره من إسم لأبنه المناضل أمين الخيون الذي قاد مجموعة الكفاح المسلح في اهوار الجبايش بمبادرة منه ليست لها علاقة بتوجه القيادة المركزية ونهجها.. اعتقل وعذب وبعد اطلاق سراحه جرت تصفيته في بغداد..
ترك ياسين/ جماهير .. مجموعة اوراق أودع فيها اشعارا وقصصا وخواطر آن الاوان لطبعها وفاء للذكرى والموقف اتمنى ان تقوم منظمة الانصار بتعقبها وتجميعها من أجل توثيقها وطبعها من جديد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستفسار
حاكم كريم عطية ( 2011 / 10 / 20 - 16:20 )
العزيز صباح محبتي وأحترامي لك لاأدري أن ترك رفيقنا هذه الأوراق لديك أم في مكان آخر وأذاكانت لديك هل يمكن أرسال نسخة منها على أيميلي وأكون شاكرا وذلك لتجميع ما ترك النصيرمن أوراق وحبذا أذا كانت لديك صورة للنصير مع التقدير


2 - توضيح للعزيز ابو نادية
صباح كنجي ( 2011 / 10 / 20 - 20:10 )
العزيز ابو نادية
تحية حارة
ترك ياسين مجموعة قصائد وخواطر وبعضها طبع في الفوج الاول على شكل كراس او ديوان صغير حسب علمي .. للاسف ليس لدي اية نسخة منها.. وبدوري اوجه النداء لاصدائه والعاملين في الاعلام.. الاعزاء نبيل وهو من اقرب اصدقاء ياسين وابو طالب وابو رعد وابو الفوز من العاملين في اعلام الفوج الاول وبقية الانصار في القاطع..
ممن لديهم اية معلومات او وثائق تخصه للاتصال بالعزيز ابو نادية تلبية لطلبه.. اما عن صورة له فسأبحث واسأل الاصدقاء.. وعلمت مؤخرا ان الباحث رشيد الخيون يمت بصلق قرابة للشهيد ياسين يمكن الاتصال بشقيقته من خلاله او اي فرد من العائلة له صورة ليستنسخها لك.. وارجو من ابو سربست ان يتأكد من الصور التي عنده ان كان بينها صورة للشهيد ياسين.. ارجو ان نتوفق في جمع ما له علاقة بياسين من كتابات واتمنى ان نتواصل في المستقبل مع مودتي..
صباح كنجي

اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يعود للحكم بعد 14 عاما من سيطرة المحافظ


.. حزب العمال ببريطانيا ينتزع السلطة من المحافظين بعد 14 عاما




.. محمد نبيل بنعبد الله، ضيف برنامج -بدون لغة خشب-


.. أعادت حزب العمال للحكم.. تعرف على نتائج الانتخابات العامة ال




.. بريطانيا تنتخب حزب العمال.. وفرنسا تتجه صوب اليمين المتطرف |