الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم المواطنة وحقوق الأقليات

صاحب الربيعي

2011 / 10 / 20
المجتمع المدني


لا يقتصر مفهوم المواطنة على توكيد هوية الموطن وانتماؤه إلى وطن ما، وإنما تمتعه بكل حقوق المواطنة المنصوص عليها في وثيقتي العهد السياسي والاجتماعي بين الدولة والمجتمع من دون التمييز القومي والديني والمذهبي. وفي المقابل لا يحق لنظام سياسي ما سلب هوية المواطن بالأصالة وإسقاط جنسيته مهما كانت المسوغات فلكل إنسان وطن ينتمي إليه، لكن تشرع بعض الأنظمة السياسية قوانين التجنس للأجنبي المقيم ليكتسب مواطنتها شريطة التزامه بالواجبات اتجاه الدولة والمجتمع وعدم انتهاكه أمنها الوطني وخلاف ذلك يسقط حقه بالمواطنة.
تختلف وثيقتي العهد السياسي والاجتماعي بين الدولة والمجتمع بنماذجها من دولة إلى أخرى تبعاً لتباين الأنظمة السياسية في منح الحقوق وفرض الواجبات والإقرار بالخصوصية الثقافية والقومية والمذهبية، لكن هناك دول لا تقر بالخصوصية وتعدّها تمييزاً بين المواطنين فالمواطنة قاسم مشترك بين الجميع لنيل الحقوق والإلتزام بالوجبات.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إن الدستور الفرنسي ونظامه السياسي يقر بمبدأ المواطنة وليس بمجتمع متعدد الثقافات، ويعدّ مطالبة الأقلية بمكانة مميزة وحصرية في المجتمع الفرنسي أو الاعتراف باختلافها وخصوصيتها غير شرعي فخيارها الوحيد الاندماج على نحو طوعي بالأمة الفرنسية ".
إن المواطنة تمنح الموطنين حقوقاً متساوية بالتعبير عن آراؤهم السياسية والثقافية وترفض مطالبة الأقليات بحقوق استثائية تزيد على حقوق الأغلبية، فمبدأ المساواة يعني اقرار الأغلبية بحقوق الأقليات القومية والثقافية والأثنية بعدّها تمثل جزءاً من التراكم الثقافي شريطة عدم مصادرة حقوق الأغلبية تحت مسوغات الخصوصية القومية والثقافية والأثنية لأن المواطنين جميعاً يحظون بالحقوق والواجبات نفسها أمام الدولة والمجتمع.
يعتقد (( كيمليكا )) " أن مبدأ العدالة يقتضي تمتع الأقليات بحقوق ثقافية متساوية مع الأغلبية وامكانية ممارستها من دون قيود، فالحضارة الانسانية أساسها تراكم ثقافي ".
إن مطالبة بعض الأقليات على نحو غير شرعي منحهم حقوقاً استثنائية تزيد على حقوق الأغلبية السكانية بحجة الخصوصية يعدّ تجاوزاً غير مبرر على حقوق المواطنة ولربما يجري تفسيره على نحو توجه عنصري وتحسس غير مبرر ضد الأغلبية، ما يجعلها تنتهج سلوكاً عنصرياً مضاداً يتمظهر بالتعالي والاحتقار الاجتماعي ويؤسس لمراتبية المواطنة. إن تشريع قوانين لضمان حقوق المواطنة على رغم أهميتها لن تجدي نفعاً بتفشي التوجهات العنصرية في المجتمع وعدم وجود رادع أخلاقي يُعيب على الفرد انتهاك حقوق الآخرين. لذلك فمن الحكمة أن تتبنى الأقليات توجهات ليبرالية داعمة للحريات والعدالة والمساواة، لتردع على نحو غير مباشر التوجهات العنصرية ضدها وتستقطب توجهات الأغلبية الليبرالية لضمان حقوقها ونبذ مراتبية المواطنة.
ينصح (( كيمليكا )) الأقليات القومية على : " أن تكون توجهاتها ليبرالية وتتصدى الدفاع عن الحريات المدنية والسياسية والمساواة والتنوع الثقافي، وتنبذ التوجهات العنصرية والعنفية وتشجع على الحوار والتعاون، فتوجهات الأقلية غير الليبرالية تمنح الأغلبية مسوغات لتبني توجهات عنصرية ضدها ".
يتعين على الأقليات القومية والثقافية والأثنية التخلص من طوق عزلتها عن الأغلبية تحت مسوغات الحفاظ على الخصوصية والاختلاف، فالانفتاح وتعزيز صلاتها على نحو أكبر مع الأغلبية والتصرف بثقة عالية بالنفس والتمسك بالحقوق والواجبات أمام الدولة والمجتمع يُكسبها مكانة مميزة في المجتمع. إن توجهات الأقلية العنصرية لن تنقص حقوق الأغلبية، وإنما تشجع المغالين منهم تبني مواقف عنصرية تخل بمراتبية المواطنة ما ينمي حالة العداء في ذات الأقلية ويشعرها بالغبن فيضعف ولاؤها الوطني.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تبدي انزعاجها من إجراءات إنفاذ القانون ضد محتج


.. الأمين العام للأمم المتحدة: نحث الأطراف بقوة على التوصل لاتف




.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة


.. نشرة الرابعة | اتفاقيات سعودية أميركية -قريبا-.. وعمليات -سع




.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو