الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين الطوائف المسيحية

معاذ عابد

2011 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نجد يوما أن هناك كنيسة أو شخص أو طائفة تحت تسمية الروم الأرثذوكس وفي الاخبار "لغير القاطنين في مصر" الأقباط الأرثذوكس والكاثوليك والروم الكاثوليك وهناك الكلدان والمارونيين وكنيسة المشرق الآشورية وهناك أيضاً السريان الأرثذوكس والأرمن الأرثذوكس فما الفرق بين هذه الكنائس التي تنتمي للديانة المسيحية على الرغم أن الفرق بينها ليس كالفرق بين المذاهب الإسلامية كالشيعة والسنة والخوارج وغيرهم تتشارك هذه الكنائس في أغلبها قانون إيمان واحد وعقيدة مشتركة لكن ما الخلاف وما الشبه وما سبب هذه التفرقة الدينية أو الطائفية.
في هذا المقال سنتناول بالشرح المبسط والتفصيل أصول هذا الخلاف أو لنبين متى انفصلت هذه الكنائس.

بدأت ملامح الديانة المسيحية تتشكل خلال نقاشات وجدالات طويلة حول ماهية المسيح وطبيعة اللاهوت والناسوت وحول العذراء هل هي والدة الإله أم أنها أم المسيح القديسة وجرى خلال هذه النقاشات محاورات عقائدية طويلة لاتنتهي خلصت الى انعقاد ما يسمى بالمجامع المسكونية وهي تعني المؤتمرات العالمية لكبار رجال الدين المسيحي، تم من خلالها اقرار قانون الإيمان "نؤمن بإله واحد ضابط الكل...الخ" وتم اعتماد الأناجيل القانونية الأربعة "لوقا، متى، مرقس ،يوحنا" وتم تحديد ماهية المسيح وعلاقة اللاهوت والناسوت وما هية العذراء كأم الإله ..الخ.
عقد أول مجمع مسكوني عام 325 للميلاد تحت اسم مجمع نيقية نوقشت فيه طبيعة المسيح هل إله هو أم نبي بحسب الفهم الإسلامي الحديث ونستطيع أن نجزم أن العقيدة الإسلامية في المسيح تشابه إلى حد كبير العقيدة الآريوسية"نسبة إلى آريوس" وتشبه العقيدة النسطورية "نسبة إلى نسطور"، كان في الشرق كنائس عديدة تتبع وتبعت الى الإمبراطورية الرومانية بقيادة قسطنطين الأول أو الأكبر أو القديس بحسب بعض الكنائس، وكان بابا الأسكندرية ألكسندروس الأول الدور الواضح في حماية "الإيمان القويم" أو ما عرف لاحقاً بالأرثذوكسية ، فاحتلت الكنيسة المصرية "القبطية" مكاناً مهماً في الدفاع عن هذا الإيمان الذي أقره المجمع الأول وفي مجمع افسوس 431 ميلادياً وفي عهد الأمبراطور ثيودسيوس تم محاربة بطريرك القسطنطينية نسطور أو نسطوريوس الذي قال بأن العذراء مريم أم المسيح وليست والدة الآله كفصل مؤقت بين الناسوت واللاهوت الأمر الذي رفضه بابا الأسكندرية كيرلوس الأول أو المسمى كيرلس عمود الدين من ناحية أخرى كان من أشد المتحمسين للبابا كيرلس عمود الدين شقيق الأمبراطور ثيودسيوس أو المعروف لاحقاَ بقداسة الإنبا كاراس السائح أحد أهم قديسي الكنيسة القطبية الأرثذوكسية وهو ترهبن بعد هذا المجمع وانضم للرهبان الأقباط.

يعتقد البعض وأنا كنت منهم في السابق وفي صغري أن سبب الخلاف في الكنائس الكبرى "الفاتيكان، اليونان ، الأسكندرية، أنطاكية" يرجع إلى أصولهم في الخلافات الكنسية بين الطرائق الثلاث وهي الملكانية واليعقوبية والنسطورية.
لكن هذا التصور اتضح خطائه بعد تمييز الفرق بين هذه المسميات بتعريفها.
فالنسطورية هي عقيدة نسطور وتم القضاء عليها في عهد ثيودسيوس الكبير وكيرلس عمود الدين بابا الأسكندرية

أما الملكانية: فهي الخلاف الذي حدث في مصر بين الكرسي البابوي وبين سلطة فتم ايفاد أسقف للاسكندرية وبابا لمصر من قبل الدولة الرومانية وسموا بالأساقفة الملكانيين قتل أولهم على يد الشعب القبطي الغاضب.

اليعاقبة: وهو تسمية خاطئة ولكنها كانت تقصد الأقباط الأرثذوكس الذين جعلوا بابا وأسقفاً آخر ينتخبونه بأنفسهم غير ما يوفد عليهم من الأمبراطورية.


الأرثذوكس: تعني كلمة الأرثذوكس الإيمان القويم وتطلق صفة الأرثذوكس على عدة كنائس وتمسى أيضاً بالكنائس المشرقية وهي القبطية ومقرها الأسكندرية" مصر" السريانية ومقرها أنطاكية وكنيسة الروم"اليونان" الأرثذوكس وكنائس أخرى مثل الاريترية واثيوبيا "الحبشة" وهذه الكنائس تتبع هذه الامبراطورية لدفاعها عن عقيدة الأيمان القويم والفرق بين هذه الكنائس هو جيوسياسي وليس عقائدياً وللاستزادة عن هذه الكنائس يمكن الرجوع الى محركات البحث فهي توفر الكثير من المعلومات عنها وعن عقائدها، والخلاف الكبير بين هذه الكنائس الشرقية وبين الكنائس الغربية "اللاتين الكاثوليك ..الخ" هو خلاف سياسي عقائدي فهذه الكنائس بقيت موالية للامبراطورية الرومانية الشرقية "البيزنطية" لأنها أقرت بقانون ايمانها وعقائدها التي انبثقت عن 4 مجامع مسكونية "مؤتمرات دينية" لاتعترف هذه الكنائس بغير هذه المجامع وتنكر مجامع أخرى عقدتها الكنائس التي تتبع الامبراطورية الرومانية الغربية.
والخلاف بقي في مجمع يسمى مجمع خلقيدونية كان خلافاً عقائدياً حيث قالت الكنائس التي رفضت هذا المجمع وهي "الأرثذوكسية بانواعها" بأن للمسيح طبيعة لاهوتية واحدة وهي الكلمة أو "اللوجوس" على عكس اللاتين والكاثوليك الذين يقولون بان للمسيح طبيعتين ناسوت ولاهوت.

سمي هذا الاختلاف العقائدي بالانشقاق الكبير الذي أنتج كما سبق الكنائس الارثذوكسية التي تشترك بالعقيدة والايمان ولكنها تختلف في التسمية والجغرافيا واللغة وبعض الطقوس الكنسية.


الكاثوليكية: وتعني الجامعة وهي الكنائس الغربية التي تبعت الامبراطورية الرومانية الغربية واعتمدت اللغة اللاتينية في بدايتها لذا ما تزال التسمية في فلسطين والاردن للتميز بين الطائفتين باسم "روم ولاتين" الروم اشارة للأرثذوكس واللاتين للكاثوليك.
بعض الطوائف او الجماعات في المناطق الجغرافية مثل مصر وانطاكية والامبراطورية الرومانية الشرقية قبلت مجمع خلقيدونية المسكوني ونسبت الى الكنيسة الكاثوليكية مثل المارونية السريانية والسريانية الكاثوليكية وغيرها.

اذن نخلص إلا أن التقسيم بين الأرثذوكس هو جغرافي وتسميتها بالمشرقية نسبة الى الامبراطورية الرومانية "البيزنطية" الشرقية وما يشتركون به رفضهم لمجمع خلقيدونية .
وكذلك الأمر للكاثوليك الذي قبلوا مجمع خلقيدونية وكانوا مؤيدين للامبراطورية الرومانية الغربية .
والاختلافات فيما بينهم على صعيد الطقوس بسيطة وتختلف حتى بين الكنائس من ذات المنهج الواحد وتختلف تواريخ الاعياد بين الكنائس الشرقية والغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
zoma ( 2011 / 10 / 23 - 06:49 )
مقال جميل جدا


2 - شكرا
معاذ عابد ( 2011 / 10 / 23 - 10:13 )
شكرا وزوما تظل هذه الاشياء البسيطة التي نراها كل يوم ونمر عليها سؤالغير ذا اهمية ولكن من الجميل معرفة الاجابة عنه


3 - التوسع فى الموضوع
صلاح الساير ( 2011 / 10 / 23 - 22:47 )
الاستاذمعاذ عابد المحترم
ان موضوع مقالك رائع يتطلب التوسع بة وربطة وتاثيرة على انبثاق المفاهيم الدينية الاسلامية
ما هو الكتاب المسيحى من الكتب الاربعة التى اشرت اليها اقرب الى تلك المفاهيم 00
شكرا مع التقدير


4 - تحية للأخ صلاح
معاذ عابد ( 2011 / 10 / 24 - 17:06 )
هل تقصد بالكتب الأربعة الأناجيل -لوقا متى مرقس ويوحنا- هذه اربعة من مئات الأناجيل تم اعتمادها على اسس عديدة
سأورد قريبا مقالة بخصوص الأنجيل والفهم الإسلامي للأنجيل شكرا لك على هذه الملاحظة المهمة والمفيدة


5 - المسيحية لا إلاه ولا كتاب واحد
الصديق المغربي ( 2011 / 10 / 26 - 00:56 )
لقد أنصفكم الاسلام إذن عندما قال إنكم محرفون،
ليس لديكم كتاب واحد، ومنكم من يؤمن بالإلاه ابن الالاه ورب الاله، فمن هو إلاهكم إذن؟؟؟
الاسلام على الأقل لدينا كتاب واحد اسمه القرآن لايتبدل لا يتغير ، ولدينا بشرا رسولا مثله مثل بقية الأنبياء والرسل،
كلامك عن الشيعة والخوارج هو ليس خلافا عقائديا كما تدعي ، لأن الخلاف هنا قائم حول الحكم أو مايسميه الشيعة بالحاكمية ، حسب فهم كل واحد ، وحتى أنت قرأت القرآنوفهمت منه بطريقتك ما شئت والمسلمون لن يملوا عليك الطريقة التي ستفهم بها
للإسلام علماؤه ينظرون في المسائل التشريع والحلال والحرام والعمل وووو
أما المتشابهات فهي مجال للصيد خاص بالنفوس الضعيفة والمريضة
....فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرمتشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاءتاويله....-


6 - الأخ الصديق المغربي
معاذ عابد ( 2011 / 10 / 26 - 07:44 )
اخي العزيز تحية في هذا المقال ليس هناك تحيز للجانب المسيحي فانا لست مسيحيا نهائياً ولكن هذا من باب العرض لا التحيز ولا أحد ذكر المتشابهات أو مواطن التخالف والاختلاف في المسائل الفقهية البسيطة أود أن اسألك هل قرأت المقال؟؟
هذا مجرد عرض علمي وموضوعي للفرق بين الطوائف المسيحية واصول خلافها لمجرد المعلومة لا النقد
أما بخصوص الخلاف بين المذاهب الإسلامية فقد صدقت الخلاف كان على السياسة وتطور الى أن وصل عثقائديا فالعقيدة الإمامية تختلف عن الطحاوية عن السنوسية عن غيرها
شكرا لمرورك الكريم