الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيام المختار بين الحقيقة والخيال(3) التوابين

الاء حامد

2011 / 10 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحدثنا في الجزء السابق عن إفرازات خلفتها واقعة كربلاء على الموقف الإسلامي آنذاك من عصيان مسلح في المدينة وإعلان ابن الزبير لدولته المستقلة في مكة , وفوضى واضطرابات في الشام والعراق.

كان أكثر المستفيدين من هذه الإحداث هو ابن الزبير لتخلصه أولا من المنافس الرئيسي له الحسين بن علي بعد مقتله بواقعة كربلاء. إضافة إلى استفادته المطلقة بموت يزيد ثانيا , حيث انه خرج سالما وحركته منتصرة من هزيمة عسكريه محققه من حمله عسكريه كان يقودها احد كبار القادة الشاميين هو ( الحصين بن نمير) وقد تعثرت تلك الحملة متأثرة بخبر موت يزيد الفجائي الذي ابطل مفعول قذائف المنجنيق المكثفة التي سقطت على الكعبة بعد الحصار المفروض عليها.

لم يمتلك الزعيم الحجازي الكفاءة السياسية ليستغل تلك الظروف الملائمة التي تحققت بعامل حسن الحظ لتوظيفها في الوقت والمكان المناسبين.وذلك لتردده في الاستجابة للدعوة المغرية التي عرضها عليه القائد الشامي بتأييده للخلافة المسلمين شريطة الذهاب معه إلى مركز الخلافة( دمشق ) كونها تمثل محور القوى السياسية والقبلية الفاعلة. قد يكون انه غير واثق بشكل تام من موقف الحصين ونواياه كونه مرتبط وقبيلته ارتباطا وثيقا بالبيت الأموي.أو إن المغامرة كانت خارج مألوف سلوكه ونشاطه السياسي وهذا ما أثبتته السنين اللاحقة التي عاشتها حركته مرتكبا غلطة العمر برأي الكثيرين ومنهم الحصين نفسه الذي اتهمه بقصر النظر(1)

بتخطيط ام من غير تخطيط." عموما امتد نفوذ دولة ابن الزبير إلى ما وراء شبه الجزيرة سريعا بينما تقلص النفوذ السياسي لدولة الأمويين وذلك لان معاوية الثاني الذي انتقلت إليه ألخلافه بالوراثة كان يجنح خارج السرب الأموي . ربما لحداثة سنه او لموقفه الخاص بشان الحكم الوراثي ودعوته إلى الشوروية الراشدية . وقد يكون انه ذهب إلى ابعد من ذلك بطلبه إرجاع الخلافة إلى آل علي الذين كان لهم هذا الحق قبل ان يقوم جده معاوية الأول بأنتزاعه منهم. حسب الروايات التاريخية

قلنا سابقا ان عقدت الشعور بالذنب رافقت جميع العراقيين بعد المجزرة الدموية التي تعرض لها الحسين وأهله وصحبه في العراق مما ساهمت بشكل أو بأخر الى تحفيز الرأي العام المعارض ضد الحكم الأموي بعد موت يزيد .

لقد بدأت فكرة الانتقام تشق طريقها في اغلب نفوس العراقيين الذين أرادوا غسل الآثام نتيجة الشعور الفادح بالإثم جراء التقصير في نصرة الحسين . لهذا خرجت للعلن حركة بأسم التوابين إثناء التطورات التي عاشتها الدولة الأموية. من فراغ الحكم في دمشق بعد موت معاوية الثاني الذي خلف الكثير من الغموض من بعده والكثير من التساؤل حوله.وامتداد للثورة الزبيرية إلى العراق بعد تمرد البصرة على واليها ابن زياد وطرد نائبه من الكوفة .ونتيجة لهذه الظروف والتطورات أصبح المناخ السياسي أكثر ملائمة إمام حركة التوابين فأنصرفوا الى تعبئة الأنصار في الكوفة وخارجها وجمع الأسلحة والدعوة إلى جهاد والقتال من اجل الثأر للحسين من قاتليه .

الموقف الزبيري لم يكن واضحا في دعم هذه الحركة التي أيضا كانت تحمل نفس الشعار الذي يحمله ابن الزبير في ثورته وحركته . ربما أيدهم بطريقة غير مباشره من اجل استنزاف قوى الطرفين فهم يمثلان العدو المشترك له .. فبخصومتهم وحربهم كسب الكثير من الوقت لفرض سيطرته على بعض المناطق التي لم تدخل ضمن نطاق دولته.

تجمعت حشود قواتهم في معسكر النخيلة مصطحبه معها الشعارات الحماسية الانتحارية والجهادية ثم مضوا الى مصيرهم فالتقوا بالقوات الأموية في عين الوردة وخاضوا معها معركة بطولية أسفرت عن تدمير قوتهم ومقتل زعمائهم (2)

لاشك ان حركة التوابين كانت حاملة معها بذرة الفشل لعجزها عن إقامة توازن عسكري ضد أعدائها الأمويين الذين كانوا ما يزالون ممسكين بزمام التفوق . ولكنها كحركة انتحارية في الصميم نجحت في تحقيق الحد ألممكن من أطروحتها وهو الانتقام الذاتي"

من الأسباب الأخرى التي ساهمت بفشل حركة التوابين هو تشكك المختار بهذه الحركة وعدم انضمامه لها , قد يكون لعدم تجانسه مع أفكار قادتها وزعمائها وربما انه لم يلتقي معهم مطلقا بأي توجه الا في الثأر للحسين . وما عدا ذلك فقد شن حملة دعائية واسعة ضدهم واصفا حركتهم بالسذاجة ومتهما زعيمها بقصر النظر وعدم الكفاءة لقيادة الثورة الشيعية.

قد يكون المختار فشل في إن يكون القيادي البديل لسليمان إلا انه نجح في حملة التشكيك التي ساهمت بدورها في تحجيم الحركة وتقليص الاستجابة الشعبية لها ولكنه ما لبث ان تحول من ناقد مرتاب الى مؤيد مشجع لاعتقاده إن غياب التوابين عن المسرح السياسي سيمنحه الفرصة الأفضل لتحقيق طموحة في الكوفة وهذا ما تحقق فعلا بعد نجاحه بالوصول الى السلطة عن طريق قيامه الذي نحن بصدد البحث في أسباب نجاحه ...

للحديث بقية في الجزء الرابع قريبا ... نلقاكم على خير


المصادر والاحالات
1- ابن الاثير الكامل ج4ص129-130

2- الطبري ج7ص75








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة