الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوراة والأنجيل في المفهوم الإسلامي

معاذ عابد

2011 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يُعرّف الدين الإسلامي الكتب السماوية بأنها كتب أنزلت على أنبياء مثل موسى وعيسى ومحمد وداوود وغيرهم، وقد كتبت الكثير من الفتاوى والاجتهادات الدينية التي تعرف "بالعلمية" على أساس أن أصول الفقه والتعاليم الدينية والتشعريعات الطقسية هي "علوم شرعية".
التعريف الموضوعي للكتاب المسمى بالانجيل وكذلك تُربط التوراة بنفس المفهوم والتوراة والأنجيل هي ما يُعرف بالكتاب المُقدس: الذي يضم العهدين القديم فيه الأسفار الرئيسية مثل التكوين والتثنية والخروج ..الخ وأسفار الأنبياء مثل حبقوق وحزقيال وإرميا وملاخي وما يُعرف بمزامير داوود ، أما العهد الجديد فهو يتكون من أربعة أناجيل وهي انجيل يوحنا وانجيل لوقا وانجيل مرقس وانجيل متى وفي هذه الاناجيل الاربعة حياة المسيح ونسبه ومعجزاته وصلبه وقيامته والعظات الخ الخ أي نستطيع أن نصفها بيوميات سجلت بنمطية معينة،وفي العهد الجديد أيضاً أعمال الرسل أو الحواريين"بحسب الوصف الإسلامي" وهناك رسائل بولس الرسول الى مدن عدة مثل افسوس ورومية وغلاطية الخ الخ، وفي نهاية العهد الجديد هناك سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي المليئة بالرموز التي وصل تفسيرها الى اختراع طائفة مسيحية تسمي نفسها مجتمه إنذار وهي مزيج بين طائفتي شهود يهوه "يهوه الاسم العبري لله" والادفنتست السبتيين.

اذن نستطيع أن نقول أن الكتاب المقدس لدى المسيحيين هو مجموعة أسفار مقسمة إلى عهدين العهد القديم والعهد الجديد يبدأ الكتاب المقدس بسفر التكوين وذكر الخلق وخطيئة آدم وينتهي بسفر الرؤيا آخر أسفار العهد الجديد.

بالنسبة للكتاب المعروف بالأنجيل وهو الكتاب المقدس لدى المسيحيين هناك مغالطة مهمة في اعتبار الأنجيل هو كتاب مقدس واحد للمسيحيين، الكتاب المقدس أو الأكثر قداسة للمسيحيين وتقوم العقيدة المسيحية عليه هو العهد الجديد أو المسمى أحياناً بكتاب الحياة، ولنسلم جدلا أنه الأنجيل .

المفهوم الإسلامي للأنجيل: يعتبر الفهم الإسلامي لموضوع الكتب المقدسة أنها مشابهة ومماثلة للفكرة الكتابية للقرآن أنه وحي أنزل على المسيح وفيه آيات يتعبد بتلاوته فيذكر القرآن والتفسيرات ما يلي عن الأنجيل:

الإنجيل: فهو كتاب الله المنزل على عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، الذي أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل بعد موسى.
قال تعالى: وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ [الحديد: 27].



وقال تعالى: وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [المائدة:46].

اذن يعتبر المسلمون أن الأنجيل هو كتاب كامل أنزل على المسيح مصدقاً للتوراة وهي أيضاً في التعريف الإسلامي كتاب أنزل على موسى :

التوراة هي كتاب الله عز وجل المنزل على موسى عليه الصلاة والسلام، الذي أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل.
قال الله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ [المائدة: 44].
وكان إنزال التوراة على موسى بعد إهلاك فرعون وقومه ونجاة بني إسرائيل.

ونلمح هنا إشارة لسفر الخروج وهو ما يمكن أن نعتبره تحديداً إسلامياً للتوراة بإنها بدأت بالنزول في سفر الخروج وقد تكون الإشارة هنا إلى الوصايا العشر التي تلقاها موسى على الجبل وكتبت على ألواح حجرية الأمر الذي يتفق عليه المسلمون واليهود، في الحادثة فقط لا في مضمونها وتعريفاتها.
فصعود موسى الى الجبل وتلقيه الألواح أو الوصايا العشرة اعتبر في التصور الإسلامي هو تنزيل أو بداية تنزيل التوراة يقول التشريع الإسلامي من آيات قرآنية وأحاديث في هذا الخصوص :

قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص:43].
قال قتادة عند قوله تعالى: "ولقد آتينا موسى الكتاب" قال: التوراة.
وكان نزولها بالتحديد في السادس من شهر رمضان.
روى الإمام حمد و البيهقي في "شعب الإيمان" عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنزلت التوراة لستٍّ مضين من رمضان... الحديث.
ومما يدل على عظم مكانة التوراة ومنزلتها: أن الله عز وجل كتبها بيده سبحانه وتعالى، كما في حديث مُحاجَّة آدم موسى، "فقال آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده، أتلومني على أمر قدره علي قبل أن يَخْلُقني بأربعين سنة؟" رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.

الفهم الإسلامي يقدس التوراة بجعلها كتبت بيد الله وخلقت قبل آدم بأربعين سنة (....)

الغريب في الأمر أن التعريف الإسلامي وإن شابه التعريف المسيحي في أن ما جاء به المسيح هو تصديق للتوراة أو إكمالها : ما جئت لأنقض بل لأكمل" (متى 5: 17)
ولكنه فيه من المغالطات التاريخية والعلمية الشيئ الكثير
فالأنجيل ليس انجيلا واحدة بل أربعة تم اعتمادها من مجامع مسيحية"مؤتمرات عالمية" أربعة من الكثير الكثير كأناجيل الطفولة وانجيل برنابا وبطرس..الخ

اذن لايوجد كتاب نزل على عيسى أو المسيح يسوع كتاب نزل على مراحل أو فترات مثل القرآن.
في التعريف المسيحي أو التاريخي لكلمة انجيل هي كلمة يونانية الأصل عربت من كلمة ايوانجيليون تعني البشارة السارة ومن كتب هذه الأناجيل ولنقتصرها على الأربعة المعتمدة والقانونية (متى ، مرقس، لوقا، يوحنا) من كتب هذه الأناجيل هم أشخاص عاصروا أو عرفوا أو سمعوا بالمسيح وبشروا به وبعقيدة "الفداء والخلاص" وليس كتاب أنزل على المسيح، وتؤكد الديانة المسيحية أن هذه البشارات الأربعة المكتوبة بيد وبخط هؤلاء الرسل أو المبشرين كما يطلق عليهم مثل : لوقا البشير متى البشير ...الخ هذه الكتب لم تكتب بيد بشرية أو تأليف ليوميات المسيح بل بإلهام من الروح القدس، من ناحية علمية لايعنيننا في هذه المقالة كيفية اختيار هذه الكتب ولماذا هذه الأربعة فقط كتبت بالروح القدس والأخرى كتبت كيوميات مثل أكثر من لاصق المسيح كمريم المجدلية التي تقول بعض التفسيرات الروائية أنها زوجة المسيح أو مثل انجيل يهوذا الاسخريوطي "التلميذ الخائن في الأناجيل الأربعة" والقديس لدى الغنوصيين أو العرفانيين التي تصدت لها الكنيسة الأرثذوكسية التي كانت تقود الإيمان المسيحي من الأسكندرية.
هناك استشهادات اسلامية تؤكد وجود كتاب وهذه الاستشهادات تأتي من الكتب" المحرفة والمبدلة" فيقولون ان هناك تعريف آخر للكتاب يقول بولس الرسول في سفر الرسالة الثانية إلى تلميذه تيموثاوس 16:3 ما يلي "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ"

مما قد يجعلنا نقول أن هناك كتاب جاء به المسيح ويحتج بعض المسلمين بهذا النص من رسالة بولس الرسول الى تيموثاوس تلميذه ولكن ما كان يقصده بولس تبينه آيات تسبقه وهو قوله"وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص، بالإيمان الذي في المسيح يسوع ..كل الكتاب موحى إلى الله"

الإشارة هنا أن بولس يقصد الكتب المقدسة التي بشرت وأعطت نبؤات عن المسيح مثل "من مصر دعوت ابني ...سفر"كتاب" هوشع النبي ومثال ذلك كثير "النبؤات عن المسيح" هو ذا العذراء تلد وتنجب ويكون اسم المولود عمانوئيل أي الله معنا".


يعتبر المسلمون الإيمان بهذين الكتابين "المنزلين" على موسى وعيسى من أركان الإيمان فيقول الشيخ عبد الرحمن اليوسف دكتور الشريعة (.....) :
والإيمان بهذين الكتابين أصل من أصول الإيمان، ولا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بأن الله أنزل التوراة والإنجيل على موسى وعيسى.
طيب ماذا نفعل لو لم يوجد كتابين نزلا من الله على موسى وعيسى؟؟


مفهوم التحريف في الإسلام


يعتبر الفهم الإسلامي أن التوراة والأنجيل كتابين...أُنزلا على موسى وعيسى وهم في حقيقة الأمر ليسا كذلك أبداً فما تلقاه موسى هو بعض التشريعات لا التوراة التي كتبت ودونت بطريقة عكسية في واقع الأمر وكذلك الأناجيل والرسائل ورؤيا يوحنا اللاهوتي فكيف يمكن تحريف كتاب لم يكن موجودا بالفهم الصحيح.؟؟

البعض ذهب إلى تجاوز فكرة الكتاب المنزل وتم التركيز على فكرة التحريف والبعض اعتبر التحريف قائما على كل ما يخالف الشريعة الإسلامية وعقائدها في المسيح وأمه مريم العذراء التي حتى بالمفهوم الإسلامي يقعون في خطيئة معرفية كبيرة.

لايعنينا من هو الصحيح من الخاطئ هنا بل مجرد الشرح والنقل والتفسير على أسس علمية موضوعية:

الإسلام ينسب مريم الى عمران وهي مريم بنت عمران التي أحصنت فرجها والتي ذكرت في القرآن كثيراً باسمها مريم بنت عمران وسميت سورة باسمها ، لكن الكتاب المقدس "التوراة العهد القديم والانجيل(..) العهد الجديد) يقدم تعريفا مغايراً لمريم وهي مريم بنت يواقيم زوج حنة وحنة أم مريم العذراء هي خالة يوحنا المعمدان (النبي يحيى) ابن النبي زكريا الذي كفل مريم وفي حديث منسوب للنبي محمد "الحسن والحسين سيدا شباب الجنة..إلا ابني الخالة (عيسى ويوحنا).
هناك مريم أخرى في التوراة..وهي مريم أخت موسى وهارون التي ورد ذكرها في التوراة: اخت موسى وهارون وابنة عمران (1 اخبار 6: 3).
وطبعا انبرا الحوار بين الطرفين الاسلامي والمسيحي والهجوم المتبادل وانكار وتأكيد حتى خلص (المفكر) الإسلامي عمرو خالد على انكار ان مريم بنت عمران هي ام المسيح علما بأن الصفات الواردة في هذا الخصوص تنطبق على مريم في إحصان الفرج ونفح الروح ..الخ
(مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) التحريم 12
وبالرغم من ان بعض المفسرين ذهبوا للقول ان الفرج هنا هو فتق في ثوب اخت موسى وهارون ...الخ
إلا أن هذه التضادات والحروب العقيمة القائمة على العداء الشديد والفهم المغلوط من كلا الطرفين .


في التصور الإسلامي هناك نفي بأن ما بين أيدي اليهود والمسيحيين هو الكتاب (المنزل على الأرجح) وتأكيد أن ما بين أيديهم هو من كتابات وتأليف اليهود والنصارى.

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79].
قال تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:78]

مما ينفي أن الكتاب الموجود مجرد كتاب محرف (للتوراة والأنجيل) بل إنها كتب تم تأليفها وكتابتها ونسبها لله.

أليس من المفترض أن كتاباً سماويا صعب الأندثار والتبديل بهذه الصورة الكاملة وبهذه السهولة؟؟
بل ذهب ابن عباس إلى القول : كانت ملوك بعد عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام بدلوا التوراة ولإنجيل. أثر صحيح، رواه النسائي.

من ناحية أخرى يدفعنا هذا القول الى التساؤل..أي ملوك؟؟ علما بأن النشوء اليهودي كان في شتات طويل وكل من حكم اليهود بعد ملوكهم كانوا من أعداء اليهود ...وأن اعتماد الأناجيل جاء في عهد امبراطور وثني تعمد على فراشه ولم يكن يعنيه الخلاف بين الفلسفات المسيحية الأولى كمحاورات اريوس والكسندروس بابا الاسكندرية.

هناك فهم مغلوط لدى "المفكرين" وقادة التشريع الإسلامي جعل هذا الفهم من الفكر الديني فكرا اقصائياً يرفض حتى الاتطلاع على الكتب المقدسة الأخرى رغم اقرار التشريعات الإسلامية ببعض ماجاء فيها كالتشريعات المنسوبة الى النبي موسى فتارة يقول البعض محرف والبعض يقول مبدلاً وهناك تناقضات في النصوص وفي فهمها وتفسيرها.
قد نتطرق لها في ابحاث قادمة.

المراجع:
اللاهوت العربي - الدكتور يوسف زيدان
فتاوى الدكتور عبد الرحمن اليوسف (اسلام ويب)
الكتاب المقدس- نسخة دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط(مصر)
القرآن الكريم
النسائي (علم احاديث)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
محمد البدري ( 2014 / 9 / 12 - 20:32 )
جاء لنا نيوتن صلي الله عليه وسلم بقاعدة اطر الاسناد (Frame of reference )ومنها نعرف انه لا يوجد اطار ثابت مطلق يمكن القياس منه فكل شئ نسبي، فاي اطار مرجعي يجعل المسلم متأكدا من وجود كتب سابقة جري عليها التحريف وهل هناك كتاب مرجعي مطلق يمكن العودة اليه لمعرفة التحريفات هذه؟
وما الذي يجعل القرآن نفسه كتابا صحيحا خاصة وان كل ما به من رؤية للكون يجعل من نيوتن مريضا عقليا !!!!

اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم