الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القابض على الماء تخونه فروج الأصابع

نبيل هلال هلال

2011 / 10 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المسافة كبيرة بين العقل وبين الوجدان الديني الذي يصوغه الكاهن, فالمصري القديم الذي أنتج منجزات علمية عظيمة , له تصورات دينية ساذجة فعبَد الحيوانات , وصدّق مثلا أن شروق الشمس هو خروجها من فرج معبودة السماء في الصباح , وأن صياح القردة ورفرفة الطيور بأجنحتها صباحا هي لتحية الإله وتمجيده . ويمكن ملاحظة تلك المسافة بين العقل والوجدان الديني في عالمنا المعاصر, فنشهد في آسيا من الدول المتقدمة علميا من يعبد البقر أو الإمبراطور أو الأوثان . فالوجدان الديني يصوغه الكاهن بمعزل عن العقل , ويسترهب "المؤمنين" أن يمحصوه .
وحصر المشايخ معاني كلمة "العلم" في العلم الديني وحده , وكأنهم لا يرون أهمية لسواه من علوم الدنيا التي جهلناها فداستنا أقدام من عَلموها . ولمّا تعذر عليهم- أي المشايخ - ادعاء العصمة والتميز, رأوا تعزيز منزلتهم عن طريق الاستئثار بصفة العلم والعلماء الواردة في سورة فاطر إذ يقول الله تعالى : "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ{27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ"{28} فاطر .
ففسروا كلمة العلماء الواردة في الآية على أنها تعني علماء الدين والمشايخ ! في حين أن الآية تتحدث عن ما يقع ضمن دائرة علوم النبات والجيولوجيا والأجناس والحيوان , لا علوم الدين . وليس بوسع أحد الخوض في علوم الرياضيات أو الفلك أو الطب مالم يعكف على دراستها أعواما كثيرة , أما الدين فسهل ميسور يسَّره الله لعباده . وإذا ما قال من لا يعلم بما لا يعلم , يكون ذلك هو المضمار الذي لا تسلم فيه الجياد من العِثار. وإذا كان الوصف "بالعلماء" موقوفا على المشايخ بينما حال الناس كما نعلم من جهل فاضح بالملة, فما الفائدة المرجوة من جيوش الوعاظ , وإذا لم يجُد الغمام بمائه فأي فائدة تُرجى في كثرة ماء الغمام !
وليس العلماء هم حملة المسابح المترنحين في حلقات الذكر, ولكنهم العاملون في المختبرات والمصانع والمزارع , الكادحون بالعقل والأيدي , وليسوا حملة التمائم المتحدثين بلغة لم يعد يفهمها أحد , لأنها تخاطب أجيالا قد انقرضت وحكم عليها الزمان بالتلاشي كالديناصورات .
وأوغل الفقيه في تخويف "المؤمنين"المساكين من عذاب القبر والثعبان الأقرع , ولم يقل الفقيه لمن يكون أشد العذاب , أيكون للإمام الظالم الذي ينهب مال الأمة ويضرب أعناق الناس ويهلك الحرث والنسل ؟ كلا فالعذاب الأليم لمن لا يستتر أو يستبرئ من بوله ! وفاته أن النظافة الشخصية أيام صدر الإسلام كان يكفي فيها مسح الإست بالأحجار( الاستجمار) , كما فاته أن كل المسنين يصابون بسلس البول , ولن يبتليهم الله بالسلس ليعذبهم العذاب الأليم بسببه !
وبينما تطوع كل المشايخ في ترديد ذلك على المنابر , لم يجد المسلمون واحدا منهم يطلب منهم القتال لاسترداد حقوقهم , والاحتفاظ ببعض ما يزرعون بأيديهم , بينما يسمعون الألوف ممن يعلِّمون الناس فقه المرحاض والتبرز. وشر العمى عمى القلوب , ولا مرض أوجع من قلة العقل . ومن يأمن أمثال هؤلاء على دينه يكن مثل قابض على الماء تخونه فروج الأصابع . kنبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معنى العلماء فى الاية
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 10 / 25 - 11:22 )
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ{27} وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ-{28} فاطر .

فسروا كلمة العلماء الواردة في الآية على أنها تعني علماء الدين والمشايخ ! في حين أن الآية تتحدث عن ما يقع ضمن دائرة علوم النبات والجيولوجيا والأجناس والحيوان , لا علوم الدين
***

تحياتى اخى الفاضل نبيل هلال

اسمح لى ان اضيف الى الجزء المقتبس عاليه من مقالك القيم ...ان المقصود بالعلماء فى الاية الكريمة ..هم العلماء بالله العارفون به حقا وصدقا والعاملين بما علمو وعرفو ...الذين يطبقون الدين والايمان على انفسهم واهليهم ولايأكلون سحتا ولا يعتبرون علومهم سبوبة يقتاتون بها رزقهم.

فكما انه هناك مشايخ ورجال دين لا يعرفون الله بحق وبصدق ..فهناك ايضا علماء طبيعة وجيولوجيا وكيمياء ينكرون وجود الله من اساسه وليس فقط لا يخشونه
تحياتى

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل