الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بولص خمو ،، طبيب السماوة

عامر موسى الشيخ
شاعر وكاتب

(Amer Mousa Alsheik)

2011 / 10 / 28
المجتمع المدني


كان يا ما كان خلف جدران الزمان السحيق ، أيام الزهدي والمكياج كان (ديرم ) ومياه الشرب من الشط تجلبها النسوة ( بالمصخنة ويخلنه بالحب ) كوز الماء ، عندما كان الكل يقرأ ، عندما كانت المقاهي عبارة عن ملتقيات تضم الجميع وتبيع الصحف مع الشاي ( وعيب إعلى الشاب الماعنده مكتبة وما يقره جريدة ) والبرانيات عاجة بالحوارات الدينية والمطاردات الشعرية ، ( والربل ) اجمل وسيلة نقل يقلها الناس ، عندما كانت امهاتنا تبرد ( تكبرت ) اللحم من خلال مده من السطح يعرضنه للهواء الطبيعي وليس لغاز الامونيا ، عندما كانت الناس تتحاور في كل شيء ، والشك واردا حول كل شيء من أجل تحفيز العقل على المواصلة والقراءة والكشف والمتابعة .
نعم انها ايام الزمن الجميل والتي يتصورها اطفال اليوم بأنها أيام سوداء وبيضاء وذلك لان صور ذلك الزمن مطبوعة بالأسود والابيض ، إلا أن البياض هو الطاغي على لون الحياة ، عندما كان لكل فرد حلم معين يسعى لتحقيقه ، فالكل مركون إلى امانيه الخاصة ساعيا من خلالها إلى تصحيح نفسه و العالم ، كانت هذه الارض التي اسمها السماوة بلدة الجمال والمحبة والنخيل الباسق وأنواع الفواكه من المشمش والبرتقال ( وليمون آل يونس ورمان آل سعودي ) ، والإتجاه يكون إما بساتين الغربية أو البساتين ( الشرجية ) حيث الجمال و سحر الطبيعة ، أو ( مكينة آل قدوري لو بساتين الإمامي ) الكل كان يعيش بتصالح ومحبة عالية ، متصالح مع نفسه ومتصالح مع الآخرين ، كان الكل يعيش حياة الحب من اجل الحب الكبير للناس والحياة ، حيث كامل عجاج المسيحي ويونس الدلة اليهودي هم أطباء شارع مصيوي ( شارع الشعبية حاليا ) عندما يمرض أي شخص كان علاجه بكل محبة عند هؤلاء وصغار الشارع دائما يهتفون ( كمال عجاج الفلة ،، ويونس الدلة ) إحتفاءا بشفاء أحدهم .
اسرد الأن هذه الذاكرة وانقل تلك الروايات التي تقادم الزمن عليها ، إلا انها ذاكرة المدينة البيضاء السماوة التي ما أن يصفون فردها إلا وقالوا:
( مملوح وعذب ينكط حلاوة ،،،
طبعه شكد سمح ما بي قساوة ،،،
سألته منين ،، كال من السماوة ، السماوة )
وهي هكذا أرضا وناسا كل شيء فيها جميل ، شخصيتها الطريفة والظريفة فضلا عن رجالاتها الدينية والعلمية والسياسية التي حفرت اسمها على صفحات تاريخ العراق .
هنا كان بولص خمو المسيحي طبيب اسنان ، يعالج أضراس الناس المتألمة والمصابة بالتسوس ، يعالجها بكل محبة وإعتزاز من أجل محبة الناس وسلامتهم .
بولص خمو كان الطبيب المعالج للشيخ كاظم آل عبد الرسول السماوي ـ جدي من أبي ــ وكيل سماحة السيد محسن الحكيم ( قده ) زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف ولاحقا وكيل ابو القاسم الخوئي ( قده ) زعيم الحوزة .
الشيخ كان عندما يشعر بألم الضرس يعالجه هذا الرجل ويناديه شيخنا الجليل ، العلاقة بين الأثنين علاقة انسانية ، تطبيقا لمقولة الامام علي (ع) " الناس لك صنفان أما أخا لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق" تلك المقولة المقتبسة من رسالة الإمام (ع) إلى مالك الأشتر ، التي أخذت منها الأمم المتحدة شعارا لتطبيق المساواة والعدالة على الأرض بحسب تقرير نشرته في العام 2002 على صفحاتها الإلكترونية ، داعية في الوقت ذاته الدول العربية في أن تأخذ من رسالة الامام علي (ع) لمالك ، دستورا ومنهجا عمليا تطبقه عمليا من أجل تجاوز أزماتها .
نعم عالج بولص خمو الشيخ من ألم ضرسه الذي يتحرك كثيرا وقال له الشيخ متهكما ( خاف هذا سن العقل ) فأجابه الطبيب بولص ( شنو القصة شيخنا انت العقل والعلم عندك بالوراثة ) فأجابه الشيخ أقلعه ، وبعدها يذهب الشيخ لبرانيته ويستعد لأداء صلاة الجماعة في جامع من جوامع الشرقي ، وبولص يذهب لبيته لأداء صلاته .
نعم هكذا هي السماوة النسخة المصغرة من عراق متعايش سلميا في كل شيء ، لا أدعي المخفرة ، لكن أين نحن من هذا الجمال الإنساني العميق ، الكبير ، العظيم الذي يجسد كل مفاهيم البعد الإنساني الوجودي ، أين نحن اليوم من تلك الايام ، أرجعونا إلى ( المضخنة ) و ( وترس الماي ) من الشط ولا نجعل من حياتنا مشروع تمزيق يومي من أجل إضحاك الآخر على هذا العراق ، متى نتجاوز مفهوم (إن لم تكن صديقي فأنت عدوي) .
دعونا نحب بعضنا دائما فالمحبة كنز كبير ، وتساهم بقتل الأحقاد في دواخلنا
ما زلت أحب العراق ، ما زلت أحب السماوة ، ما زلت أكتب هنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا