الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أريد إخفاء (إن أمكن) أي نزاع!!

كايد أبوالطيف

2011 / 10 / 28
المجتمع المدني



كايد أبوالطيف // وفاء بن بري


الرجل البدوي ذو مشاعر مرهفة تجاه قوته وسيطرته ونفوذه، وليس من حق احد ان يمس شخصيته، ونرى ذلك جلياً في سيطرته على بيته وأولاده، إذ على الطفل أن يحترم أباه وان يطيعه طاعة عمياء وإلا فهو طفل عاق، والطفل الذي يتمرد على أبيه بقيامه برفض الطاعة هو طفل يستحق العقاب لكونه تمرد على القاعدة الأساسية في العائلة ومس دائرة نفوذ الأب أو الأم والتي هي دائرة حمراء ممنوع الاقتراب منها. إن صفة حب السيطرة والنفوذ هي صفة مطبوعة في المجتمع البدوي إذ نراها تأتي على تدرج من الكبير إلى الأصغر ومن القوي إلى الأضعف، فالأب يسيطر على الزوجة والأبناء، والأبناء يسيطرون الواحد على الآخر من الأكبر إلى الأصغر، وهذا سلوك مكتسب. إن الشخصية البدوية بلا شك هي شخصية ذات طباع عنيفة، وهذا الأمر مكتسب من الأجيال السابقة والتي عاشت حياة طويلة مع العنف والقوة وحب السيطرة وذلك يتمثل في الحروب القبلية القديمة. وفي كثير من الأحيان ترى الشخصية البدوية أن العنف هو وسيلة جيدة للتربية، فالطفل الذي لا يخاف أباه طفل تنقصه التربية السليمة، إذ عليه أن يعمل ألف حساب لأبيه وبذلك فهو يكتسب صفة الاحترام.؟؟[تحليل للشخصية البدوية " النقبية"، د. بديع القشاعلة]!!
يقول الكاتب الروائي الروسي ليو تولستي " ان الحرية شرط كل تعليم حقيقي"، وهذا المقال لا يخص المقاطعة وحملات التضامن مع الأسرى والفوضى في سوريا ولا الإحتلال ولا جلعاد شاليط مقارنة برجوع سعيد محمد عاشور أبوسكيك الى احضان عائلته هو و 1000أسير فلسطيني، هذا المقال يمس بذاتنا ليسلط الضوء على زوايا تم التعتيم عليها في سيرورة الحياة المستمرة بالتناقضات. حيث يخضع المجتمع العربي في النقب الى ما يسمى بنظام تربية المقهورين او المضطهدين، حيث يعيش حول غطاء بما يسمى "المستقبل المقرر مسبقا"، ذو نظرة الى التاريخ، الحاضر والمستقبل كشيء محدد، قدر محتوم، حظ او مصير هذا الموقف، يتشبث بالماضي لإحياء الحاضر والمستقبل من منطلق النظرة الخاطئة الى التاريخ، العمل والمعيشة الذي ينتج عالم من التناقضات الذي نتعايشه مع تجاهل كامل لردود فعلنا. والاهم في عالم التناقضات هي العلاقات الانسانية حيث تقام العلاقات الاجتماعية وحلقاتها والروابط، حيث تتبدى بالنسبة لكل فرد و لمختلف الفئات الاجتماعية شيئا غريبا عنهم، و يغدو العالم الاجتماعي الذي صنعه الإنسان عالما معاديا له و مسيطرا عليه، فيضطر إلى التلاؤم مع هذا العالم على نحو أو آخر. حيث نرى المواطن العربي يخرج عن إطار مسؤوليته تجاه الوطن العربي ويتجاوزها إلى العالم كله إذ يتوحد بشعب أفريقيا في جوعه وفقره، وبأطفال اليابان في مأساتهم إثر ويلات القنبلة الذرية في هيروشيما كما يتوحد بالأقلية السوداء في الولايات المتحدة في نضالها لإنهاء سياسية التميز العنصري. إنه باختصار يتوحد بكل الضعفاء والمقهورين والمظلومين في العالم وبكل العاجزين الذين لا صوت لهم. أن مثل هذا التوحد الإنساني مع المسحوقين ومثل هذا التعاطف الكوني معهم إنما يأخذ مثالية عالية مليئة بصيحات تبشيرية متواصلة تحض على التمرد والرفض والمقاومة. ولكننا لا نرى توحد وتواصل المجتمع العربي البدوي في النقب مع ذاته، وقضاياه، والمه، وصيحاته، وتمر بجانبنا صرخات مجتمعنا كصوت الريح العابرة، ونصك ألسنتنا على المسامع ونختتم حديثنا بجمل لا تحرك ساكنا، بينما القضايا والظواهر الاجتماعية تتآكل في داخلنا وتهش اجسادنا كالجسد المريض.
يتحدث الفيلسوف المفكر باولو فريري في كتابه " التربيه للمقهورين" عن ثقافة الصمت التي تفرز وضعية القهر، ثقافة الصمت التي يتميز بها مجتمعنا نتيجة مستويات الاضطهاد والقهر التي مر وما زال يمر بها، صراع متواصل حول الهوية، الارض، اللغة، الثقافة الحضارة ورفض الاعتراف، صراع الذي يمرر للأجيال وتفريغ الاضطهاد عبر قنوات العنف الشتى، وذلك كون مجتمعنا نتاج لحالة عنف، ترى بلداتنا تعاني من تدمير للممتلكات موؤسسات تخدمنا، تربيتنا لا تخلو من العنف "لتهذيب" اطفالنا، وتجريح مستمر لندمر نفسيتنا. اليست بالمهمة الانسانية العظمى هي تحرير انفسنا، ولكي نناضل من اجل إنسانية أكثر اكتمالا لا بد من كسر ثقافة الصمت، والبدا بتحطيم المشكلات، والتناقضات التي يحيا فيها، والعمل على تغيير الواقع، الذي يؤمن بتحليل النقدي البناء للواقع. استوقفتني الجملة الآتية من الكم الهائل للجمل التي تتناثر على مسامعي وانظاري على مدار الاسبوع، "اسمي فلان الفلان وآه اهلي مخلفونيش عشان أموت قتل.." جملة تتجسد بها صرخة لظاهرة القتل التي تهزنا، من سلب حياة لاخرى، من قتل نفسي واجتماعي، من شرعية القتل والأمر الذي يجول في خاطري مرارا وتكرارا قيمة الحياة في مجتمعنا، حيث نرى بام اعيننا عائلات كاملة باتت تعيش في صراع بقاء تنتظر من سوف يكون على لائحة القتل، وتقوم بالتخمين من هو الرقم الاول للثار، فلان افضل لانه يعمل، لكن ذلك الشخص افضل لانه مثقف، وصوت آخر يقول ولكن لماذا لا يقتل القاتل، ولكن هل هناك قاتل او عائلة او أي شخص له صلة بالموضوع على وجه الارض، الجميع يهرب من قدر ليس بقدر، اصبح للجميع الامكانيه بشرعنة القتل او العنف وننسى للحظه اننا نتحدث عن حياة انسان، او اننا نملك ما يسمى بالإنسانية، لغة نداولها كأنها جزء من حديث شرعي وطبيعي بلا ان نضغ علامات استفهام او اسئلة او ان نحاول نسال انفسنا ماذا جرى لنا، أصبحنا مجتمع يكرس الموتى لتخليد ذكراهم بقتل آخر وسفك دماء مستمر، وقيمة الحياة لا تتعدى قيمة الاسم او العدد.
يلفت عالم النفس والروائي السوري حليم بركات، أن الهجرة تؤمن للإنسان الملتزم بقضايا مجتمعه تلك المسافة الضرورية التي يرى منها مجتمعه الأصلي بشموليته، فيتأمله متحرراً من أشكال الرقابة المباشرة. هذا البعد هو بمثابة التأمل الباطني بعد زمن طويل من الاندماج الكلي والغرق في متاهات التفاصيل والجزئيات والمخاوف التي يستبطنها الإنسان فتتحول إلى رقابة محبطة. هذا من جانب وعلى أرض النقب نحاول قدر الإمكان التجنب كل الحذر من وضع اليد على الدم النازف لمشاكله التي تأبى إلا ونزع الوشاح الذي يكتم النفس منذ عقود عدة، استقبلنا خبر فاجعة رهط بحالة رهيبة وغير مسبوق لها التي تتعلق بقضية سفاح القربى التي زعزعت أركان النقب قاطبة، وإن دل هذا على شيء فإنه بالأساس يعود إلى الإدارة الحكيمة لمكتب شؤون الرفاهة الاجتماعية متمثلة ببلدية رهط، التي فجرت هذه القضية، لنفض وبكل قوة الركود المميت لأركان البيت النقباوي ليستيقظ على واقعه من قرب شديد وأخذ دوره الريادي كل من موقعه للعمل على تغيير هذا الواقع لحياة أفضل.
لا يدور النقاش حول كميات الحالات الرهيبة التي تستقبلها مكاتب شؤون الرفاهة الاجتماعية في النقب بالقدر الذي يهمنا في إيجاد الآليات في التصدي لهذه الجملة " أريد إخفاء (إن أمكن) أي نزاع، بشأن المجتمع العربي في النقب في هذا الوقت!" التي تبني العقبات بالأساس وتثبط الهمة وكل عزيمة! معاملتنا كلها يجب التحديق والنظر الملي فيها بعد التمعن بتركيز وتأني لكل من البيع ونحن بمقربة قوسين أو أدنى من أضحانا المبارك، والصرف والرهن والمزارعة والشركة والإجازة والصلح والوقف والوصايا والوديعة والأمانة والحوالة والحجز والربا والهبة والضمان والكفالة. فما بما بالك بقضية أسير الحرية والعدالة المعدومة في هذه البلاد ومسلسل السجن الهمجي للسيد سليمان العبيد وها هو على أعتاب عقده الثاني في السجن المتهم بقتل الفتاة اليهودية حنيت كيكوس!، إسرائيل في نفس القدر الذي لا تريد عودته هو ذاته العلقم الذي تتجرعه كل صباح السيدة تامي أراد، عودة جثمانه حي أم ميتا للبلاد يعني انهاء الشرعية الإسرائيلي للفزع والرعب الذي يعيشه المواطن البسيط من إيران، كما ان توقيت إرجاع جلعاد شاليط يأتي ونحن على عتبات الإنتخابات التشريعية، ويبقى الأمل الكبير في زحفك انت وانت اليوم، الموافق ثلاثاء الزحف الأكبر للنقب وأهله معلنها عاليا لا للتطهير، نعم لحياة كريمة على أرض الآباء والأجداد!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #المشهد_اللبناني - سيليا خاطر: هذه أبرز الإرشادات لحماية الأ


.. ديلي ميل: تحقيق يكشف تورط خفر السواحل اليوناني بقتل عشرات ال




.. مؤسس نادي كرة قدم للمكفوفين في العراق يروي قصته بعدما فقد بص


.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي




.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف