الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئة وتأثيرها على الدين كهوية وواقع معاش

فاضل بطرس رمو

2011 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك عددا كبيراً من الناس في مختلف مناطق العالم يوجهون حياتهم وفق معتقدات دينية، وهم بذلك ينتظمون في جماعات تمنحهم معتقداتهم الشعور بهوية مشتركة، وحتى لو لم يكونوا معتنقين أقوياء فإن هذه الهوية الدينية تستطيع جمعهم داخل جماعة واحدة، وهذا يولد في حالات عديدة، طغيان شعور معينٍ لدى المؤمن وهو أن دينه لا يجب أن يُجمع مع أديانٍ أخرى طالما هو يعتقد أن دينه أو مذهبه ِهو الأوحد، وخصوصا في حالة تعدد الديانات وتعدد مدارس كل دين بحد ذاته ، هذا الشعور سيولد اشكالية التي قد تكون متكررة في بيئات عديدة لنفس الفترة الزمنية او قد يكون تكرارها ايضا عبر فترات زمنية متعددة لنفس الحالة او البيئة الواحدة، فما حصل في العراق وما يحصل الان في مصر وما حصل في السابق في لبنان وما قد يحصل غدا في سوريا وكذلك وتجارب اخرى في باكستان والسودان وايرلندا جميعها تخضع لاسباب تتعلق بشكل او بآخر بهذه الاشكالية الناجمة عن الشعور بالعنصرية الدينية والتمحور الهوياتي حول الدين بشكل مركزي.
فليس من المنطق ان نعزل دينٍ ما عن الوعي الجمعي لمجتمع مؤمنٍ بهذا الدين، حتى لو آمنا بأن كل دين هو فكرة نابعة او منادى بها من قبل شخص واحد، حيث لابد أن نقر ونعترف بأن هذه الفكرة او العقيدة ستتطور وتنضج اكثر وفق حاجات الاخرين المتقبلين لها، ووفق قناعاتهم ووعيهم، وان تعمقنا كثيرا في موضوعة الوعي لوجدناه انتاجا متميزا ببيئة معينة، فلا يمكن ان نقارن وعي مجتمع ما عن مجتمع اخر دون ان نأخذ بنظر الاعتبار العناصر البيئية من جغرافيا وامكانات مادية وتأثيرات انسانية ونفسية ، وحجم فعلها ودورها على تكوين الوعي الجمعي ، وبالتالي فان نضوج وبلورة ونمو اي عقيدة او دين هو خاضع لهذه التأثيرات.
ان ما يهمنا نحن من مناقشة هذا الموضوع قد يختلف عن أهتمامات الاخرين، فهنالك البعض ممن يتناولون موضوع الهوية الدينية من دوافع دينية تهدف الى تعميق وتكريس هذه الهوية بصورة اكثر، والمحاولة لجعلها هوية مركزية اساسية، بل هنالك رغبات قد تصل الى رفعها لمستوى اممي لاغين الحدود والجغرافيا، كما بالمقابل هنالك البعض الاخر يمتلك دوافع الحادية تهدف الى مجرد اقصاء الدين والدعوة الى نسيانه وتسخيفه، ولكن كمهتمين بوحدة العراقيين ونهظتهم كأمة موحدة مستقلة ذات سيادة ينبغي علينا ان نسلك طريقا ثالثا، غير هذين الطريقين، وبذلك فأنني اجد من الضرورة ان ندرك جيدا ما للدين من اثر كبير في نشوء الحضارات العراقية عبر مراحلها المتعددة، فلكل شكل تديني تاثيره على الشكل الاحدث منه، وبالتأكيد الحديث لم يلغي القديم على الرغم من أتساع الجديد وانحسار الاقدم منه وهكذا دواليك، وهذا كان بسبب متطلبات العصر الذي ظهرت به كل عقيدة او مذهب ديني، فالتأريخ الديني العراقي هو تأريخ متواصل ومستمر ومشترك كذلك، ومن الخطأ اعتبار هنالك فواصل وحدود بين الاديان التي ظهرت ضمن البيئة الواحدة عبر فترات زمنية متعاقبة، وامثلة كثيرة تشير الى اشتراك الاديان العراقية تلك التي توصف بالوضعية او الوثنية و تلك الاخرى الموصوفة بالسماوية، فمتطلبات وحاجات البيئة الجغرافية تدفع باتجاه بلورة الافكار في منظار متقارب، وهذا يشمل كل الاديان الاخرى المنتشرة في ارجاء المعمورة بكل ما يعنيه الدين من معنى، فالدين هنا يجب ان يكون تعريفنا له تعريفا واسعا وغير مقتصر وفق منظور واحد، وحتى لو انتشر دين او عقيدة فكرية واحدة على بيئات متعددة فانه سيختلف في الفهم والتطبيق والتفسير لكي يؤدي بالنتيجة الى ان يظهر على شكل اديان متعددة لكنها تحمل اسما واحدا، فتعدد البيئات قطعا لن يمر مرور الكرام على فكرة ما، كون تلك الفكرة ان لم تذوب في متطلبات الواقع المعاش ستبقى اسيرة عالم افتراضي تخلقه لنفسها .
ومن هذا فاني أجد انه من الضروري ان نولي هذا الجانب اهتماما جديا وان نناقشه مناقشة علمية، منطلقين من حاجاتنا التي تفرض علينا ان نولي اهتماما اكبر بتعزيز الهوية العراقية بان تكون حاضن لكل الانتماءات، اي ان يكون الدين او المذهب او العقيدة والفكر ، حتى تلك التي توصف بالافكار والعقائد السياسية، ان يكونوا جميعا جزءا من الهوية العراقية، لا العكس، هذا ان رغبنا ان نعيش بكرامة وانسانية في وطنن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في