الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة والتنوير

رائدة الغرباوي

2011 / 11 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات




الفلسفة والتنوير
استفزني احدهم عندما جادلته بهدوء وتحليل منطقي وصولا الى عقلنة الفكرة التي تجادلنا حولها بان انهى حديثة بكلمة بدت لي وصف رائع لكنها كانت بالنسبة له شتيمة يطلقها فيرتاح قلبه عندما قال لي بانك تتفلسفين مما دفعني ان اكتب مقالتي هذه احقاقا للحق وانصافا للفلسفة التي كانت يوما من الايام العلم الوحيد الموجود والعارف بها له مكانة مرموقة في المجتمع سحبت له شهرة ,وجعلته صاحب فضل ليومنا هذا وهذا هو ارسطو مثالا على ذلك فمازلت فلسفته تدرس في مشارق الارض ومغاربها, لكن في مجتمعاتنا حولها البعض الى جعلها صفة تعيب الموصوف بها , وشاءت الصدف وبنفس اليوم وبينما اشعر بحالة من الياس والاحباط قد من الله علي بان يسألني احد شبابنا المتنورين عن, اين يمكنه ان يجد موقع خاص لكتب الفلسفة, فرجع لي الامل بان نور المعرفة لن ينطفىء ابدا .

كانت الفلسفة يوما من الايام ام العلوم بمختلف ميادينها من ميتافيزيقيا ومعرفة ومنطق واخلاق ومع تطور الانتاج وتراكم المعرفة ونتيجة التخصص المعرفي بدأت العلوم تنفصل عن الشجرة الام ( الفلسفة ) مما يؤكد ان العلم نشأ من الفلسفة وهنا تفتح ذهن الانسان امام افاق ذلك المجهول الذي يمتد وراء كل معرفة موضوعية وأنها لم تقم الا حينما ادرك الانسان ان وجوده نفسه هو في صميمه سر لابد له من ان يعمل على كشفه مما فسح المجال امام المفكرين والفلاسفة لممارسة التفلسف التي هي عملية مهمة وضرورية وطبيعية في الحياة الاجتماعية وهي موجودة في الحس العام عند الناس .
يرى الفيلسوف الالماني هيجل ان الانشقاقات والانكسارات والتحولات الكبرى التي تمثلت في الانتقال من العصور الوسطى في اوربا الى العصور الحديثة , قد ولدت قلقا ذهنيا يعتبر هو مصدر الحاجة الى الفلسفة وأستشهد هيجل بفترته الزمنية ليثبت ان للفلسفة فضل للتنوير والخروج من ظلام القرون الوسطى .
ان المعرفة الفلسفية تشارك مشاركة اساسية في صياغة وعي الناس للواقع الذي يعيشونه ولذواتهم التي تشكلت داخل فعل هذا الواقع . المعرفة الفلسفية هنا متميزة عن المعارف الاخرى فهي بألاساس معرفة نقدية قادرة على التوجه للمشاكل مباشرة .
الفلسفة تنظر للانسان وتعالجه وتبنيه وتوضح طرائقه في المعرفة والمجتمع والقيم انها ما تحتاجه الذات في الحاضر المحتمل والمستقبل المأمول . انها تقدم لنا منافع جلية ودروسا في الدقة والوضوح والصرامة والتحليل وأثراء رأسمالنا الفلسفي ورصيدنا من الحكمة وتعميقها . انها دعوة لاعطاء العقل دوره الخلاق في قيادة السلوك وتطوير الوعي وتطهيره وطرح الاساطير والخرافة والتبعية والتقليد والجهل انها لبلوغ هدف وتحقيق رغبة وغاية بنائية للفكر بعيدا عن الانفعال والتوتر انها تطلع نحو التقدم والعقلانية حتى يكون العقل متبوعا وليس تابعا مبدعا وليس مبتدعا .
ان الفكر الانساني لايستطيع الاستغناء عن الفكر الفلسفي وذلك لآرتباطها وضرورتها لباقي العلوم الرياضية والطبيعية اما التطبيق الاكثر تماسا بحياتنا اليومية هو العلاقة الحميمة بين الفلسفة والديمقراطية فهي من الموضوعات التي تطرق اليها الفلاسفة عبر التاريخ . وأن تنظيم حياة الناس الاجتماعية يحتاج الى منطلقات عقلية تجريدية يستضاء بها وهي منطلقات فلسفية . بالاضافة الى ان المبادئ النظرية التي ترتكز عليها الديمقراطية لاتصاغ الا على اساس فلسفي جدلي اساسه العدالة الاجتماعية . وان مبادئ الحرية والعدالة والمساواة هي مواضيع فلسفية لايمكن دونها بحث الديمقراطية .ان المهم في الامر ان التفلسف قديما اعتبر جهدا عقليا يستهدف الكشف عن معارف جديدة او نزوعا لطلب المعرفة والباعث له اللذة العقلية من اجل كشف الحقيقة منزها عن المطالب الملية او العقائد الدينية لقد طرح الفلاسفة القدامى اسئلة كثيرة وشكلت الاجوبة عنها اسس علومنا الحاضرة . ان الفلسفة ضرورية للانسان لآن الفكر الانساني يسعى دائما ويشغف للوصول الى الحقيقة اما للضرورة او للذة . وان اي مجال من اهتمامات الانسان يمكن ان يصبح موضوعا للنشاط الفلسفي .
ان الفلسفة هي منطق العقل وهي نشاط انساني شامل فأنها تدخل في حياة الناس وخبراته اليومية المتعددة الجوانب ان اي انسان لايمكنه ان يتأمل تجربته الذاتية الخاصة ويصل الى نتائج مقبولة الا باللاعتماد على مذهب فلسفي معين بسعفه في حل المشكلات التي تواجهه وتعينه على اكتساب البصيرة الشاملة والبحث عن المعنى الشامل للعالم الواسع المعقد الذي يعيش فيه تعيننا الفلسفة على التعرف على حقيقة وضعنا في هذا العالم من مختلف مجالاته فكان التفلسف منهجا متبعا في الحياة يفسر به الانسان ظواهر الوجود المختلفة .
ان الفلسفة موجودة منذ القدم في الاساطير والحكايات والحكم والامثال على اختلاف اشكالها وانواعها واتصفت بالشمول والتكامل والعمومية وهي صفات تؤهلها لآداء المهام الثقافية المتعددة في المجتمعات البشرية . ان اهمية الفلسفة لاتعني التخلي عن المسؤوليات تجاه العلم والمنجزات التقنية فأن الفلسفة في المجتمع وثقافته ونظامه التربوي لصلة التربية واعتماده على الفلسفة لبناء منهج تربوي يعطي احسن الفرص لآبنائنا مستقبلا وهذا بدوره ينعكس على الثقافة بشكل عام .


يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24