الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان مشروع وجود

محمد ماجد ديُوب

2011 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنقسم الديانات وفقأ لموقفها من الإنسان إلى مجموعتين :

المجموعة الأولى : هي الديانات الوضعية كالهندوسية والبوذية والمانوية .........والتي ترى أن الإنسان هو محور الوجود وهدفه الأسمى لذلك وجدنا أن أتباع هذه الديانات لم يكن لهم مشكلة مع الآخر المختلف فقلما نسمع أن أتباع هذه الديانات كفروا أحدأ أو قاموا بإقصائه أو تهميشه فكأن هذه الديانات هي وجدت لخدمة الإنسان فهي بالتالي تحترم وجوده أياً يكن لونه أو عرقه أو جنسه أو دينه أو طائفته أو مذهبه أو قوميته ......

حتى أن المتابع لتاريخ بلد عظيم كالهند يجد وهي التي تدين بالهندوسية والبوذية لم تقم في يوم من الأيام بغزو خارج حدودها خلال تاريخها الممتد للآف السنين ولم يخرج جشيها خارج حدودها تحت أي مسمى كان ولو لمرة واحدة كما أنك تجد هذا الهندي على دماثة خلق تحسده عليها من أعماق قلبك وتجده في علاقاته مع الآخرين وإن كانوا مختلفين على درجة من الرقي تثير دهشتك

كما تجد في المانوية رؤية لحالة البشرية قلما تجدها في بقية الديانات الأخرى فلقد أقرت المانوية أن سبب كل الشرور على الأرض هو الطعام والمرأة فأشاعوا مبدأ أن الطعام والمرأة هما مشاعان لكل الناس

المجوعة الثانية هي الديانات المسماة سماوية وهي اليهودية والمسيحية والإسلام والتي بدأت مع فجر التوحيد الذي أتى به الفرعون الذي كان يحكم مصر وكان موسى وزيراً له هذه الديانت التي إنبثقت مع فجر التوحيد الذي إنبثق معه الإله الحاكم أو الحاكم الذي يحكم بإسم الإله وبدأت مسيرة الإنسان الذي هو مسخر لله والحاكم وميزان أعماله في خدمة هذا الإله هو الذي سيدخله جنته السماوية التي فيها كل ما يشتهي ويرغب

في الهندوسية والبوذية هناك فرصة متاحة وبالتساوي لكل البشر ليكون كل منهم هو البراهما أو البوذا أي أنه لديه الفرصة لكي ينتقل من عالم الولادة والموت من عالم اللذة والألم إلى عالم الخلود والمعرفة الكلية وهذه الفرصة هي رهن برغبته في التخلص من دوافعه الفيزيائية التي تتطلب الحصول على المتعة في الأكل والجنس والحكم أي تتطلب إشباعها أياً كانت الظروف أي في رغبته للتحرر من سيطرة آلهة البشر الثلاثة والتي ما زالوا أوفياء لها على الرغم من إدعائهم العكس

أما في الديانات المساة السماوية فنجد العجب من إله السماء والتي تدعي هذه الديانات وجوده إذ نجده في اليهودية لايبقل أن يكون من شعبه المختار إلا من تلده أنثى يهودية وهنا نجد أن هذه الإله يلاعب البشر بالنرد فمن يكون صاحب حظ يولد لأم يهودية ومن لايكون له هذا الحظ فهو من الأشقياء
ونجده في المسيحية لايقبل الدخول إلى عالم ملكوته إلا من خلال إبنه المصلوب ظلماً وعدواناً من أجل البشرية كما قيل
ونجده في الإسلام إلها مقاتلاً يدعو أتباعه للقتال من أجل رفع كلمته في الأرض والتي على مايبدو ترضي غروره ويكتشف في الآن ذاته أياً من عباده هو الأكثر إستعدادا للقتل والموت من أجله ليمحنهم لقب شهيد ويفتح له أبواب الجنة على مصاريعها ليدخل حيث بإنتظاره النساء الأبكار والغلمان وما حرم منه في حياته الأرضية من خمر وعسل وأعناب وإفتضاض أبكار ولاعجب إذ نرى المسلمين يتسابقون لنيل الشهادة كما يظنون. وفي الحقيقة ما يوعدون به يستحق الموت من أجله إذا كان صحيحاً

هاتان المجموعتان من الديانات يرسم بينهما الخيط الفاصل الذي هو الموقف من الهدف النهائي لخلق الإنسان ولكن المجموعتين كلتاهما تنظران للإنسان على أنه مخلوق عليه أن يسلك طريقاً ما للوصول إلى هدفه النهائي والذي هو الخلود في عالم القدرة الكلية حيث تلبى حاجاته والتي يملأ حرمانه منها في الحياة القصيرة على الأرض جوفه بآلام لايقدر على تحملها والإنسان بطبعه ميال للذة فهي تؤمن له الإسترخاء النفسي والعصبي اللذين يحتاجهما كثيراً بشكل طبيعي فهذه طبيعته التي فطرته عليها الطبيعة عبر تراكمات آلاف السنين

كلتا المجموعتين تريان أن السماء هو الهدف النهائي للإنسان وهذا الهدف هو نقطة التقاطع الوحيدة بينهما لكن بمسلكين مختلفين مسلك الأولى هو التركيز على الإنسان بكونه خلق ليسعى ليكون إلهاً أما مسلك الثانية فهو التركيز على الإنسان بكونه كائنا في طور التجريب فإن نجح إنتقل إلى عالم اللذات الذي لن يرى فيه إلهه ولكنه عالم اللذة الأبدية

ربما نجد أن المجوعة الأولى أقرب إلى الحقيقة لولا وجود فكرة السماء في صلبها ففكرة السماء من أصلها ومن الناحية العلمية لامعنى لها فعندما نتحدث عن كون أحدب وزمن يتمدد ويتقلص وتمدد نهائي أو لانهائي يصبح من العبث التحدث عن مفهوم السماء كنا ورد في الفكر الديني

عندما تطورت الحياة بإتجاه وجود الإنسان والذي كان حالة إحتمالية من مليارات الإحتمالات ولكنه وجد وتطور دماغه إلى أن إمتلك الدماغ المفكر الذي كان بآن معاً مصدر سعادته ومصدر شقائه

مصدر سعادته إذ أستخدم للسيطرة على الطبيعة وإنجاز تكنولوجيا ساعدته على تحصيل راحة ولذة وسعادة لم تكن في الحسبان
وهو في الوقت ذاته ذاته مصدر شقائه وخوفه فعلى الرغم من تطوره الهائل لم يتمكن من إيجاد صيغة قانونية تحفظ له حقه في أن يحصل ويالتساوي مع غيره على ما يؤمن له الراحة على الصعيدين النفسي والعصبي فنجد القتال الضاري والمتوحش من أجل الحصول على السلطة والمال والجنس آلهته الثلاثة الواقعية وإن إدعى غير ذلك هذا القتال الذي على ما يبدو أنه لن ينتهي طالما بقيت هذه الآلهة الثلاثة تتحكم بلاوعي هذا الإنسان

إن الإنسان في مسيرته التطورية بيولوجياً يحد من إستخدام كامل قدرته المكتسبة جرًائها تلك الأفكار الدينية التي يحشا بها دماغه منذ طفولته والتي لاتهتم إلا بما هو حلال وحرام من وجهة نظر هذا الفكر الديني أو ذاك وتجعله مكبلاً وسجيناً لهذا الأفكار التي لاتقدم له أية فائدة سوى بث ِشعور في أعماقه بأنه مميز عن غيره من خلق هذا الإله يعطيه راحة نفسية وعصبية كاذبة ما يتفتح وعيه لسبب أو آخر حتى تبدأ مسيرة آلامه مع نفسه أولاً ثم مع محيطه ثانياً

إن التحرر من الأفكار المقدسة أياً كانت دينية أو دنيوية هو أمر لابد منه ليسير الإنسان نحو تحقيق أحلامه في الحصول على حياة نفسية وعصبية يستحقها هذا من جهة ولكن هذا التحرر هو من جهة أخرى خطوة أيضاً لابد منها لتنطلق طاقات هذا الدماغ كي يتم إستخدامها على دروب العلم والمعرفة
عندها نجد أن الإحتمال الأقرب إلى الواقع هو أن هذا الإنسان سيجد صيغة قانونية تؤمن له الحياة على الأرض كأي إله ودون التفكير بالسماء وإلهها متحصلاً على حاجياته في الإعتبار الشخصي والطعام والجنس وأي مواد يجد لذة في إمتلاكها كما يتحصل على الهواء ففي رأيي كلها كالهواء وهي بحاجة للإشباع كي نتخلص من آلهة السماء والأرض وتحكمها في كل ثنية من ثنايا حياتنا وبتحررنا منها نكون قد حررنا العقل الذي علينا إستخدامه في تسريع التطور إن على الصعيد البايولوجي الذاتي للإنسان نفسه أو على أي صعيد آخر ليكون في النهاية هو الإله الفعلي على هذه الأرض ويتحقق بذلك وجوده الذي يطلبه

هل هناك أفضل بشكل أولي أفضل من المجتمع الشيوعي لتحقيق ذلك ؟؟؟؟















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أرجو إضافة ما يلي على الموضوع
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 3 - 16:32 )
هل هو صدفة أن يتحالف الفكر الديني مع الفكر الرأسمالي في جبهة واحدة غير مقدسة ضد الفكر الماركسي ؟؟؟؟ والذي سهيت عنه وأرجو من الأخوة القراء قبول إعتذاري


2 - كلمة بريئة
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 11 / 3 - 17:35 )
كلمة بريئة إلى الصديق محمد ماجد ديوب

أهنؤك يا صديقي لأنك حصلت أخيرا على درجة (كاتب). امتياز لم أستطع الحصول عليه حتى الآن في هذا الموقع!!!... عجبا؟؟؟...هل منحوك إياه لأنك تركت ـ في هذا المقال ـ الدفاع عن حقيقة ما يجري في سوريا ضد بعض الكتابات والمقالات والتعليقات التي تنشر كل ما يثير البغضاء والفتنة بين أبناء الشعب الواحد, واخترت موضوعا حياديا فلسفيا عن الديانات؟؟؟!!!...............................
أنا معك... ولا يهمك...
ولك كل مودتي وصداقتي.. وأطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


3 - الصديق محمد ماجد المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 11 / 3 - 18:06 )
تحيه وتقدير
كما السابقات مجزت العلوم لنتج مقال جميل و مفيد
اعتقد ان التساوي بين البشر مستحيل قد يجمعهم جامع نعم كا القانون والوطن ولكن في الاحتياجات اعتقد صعب
نعم يقتربون من البعض في الاساسيات ولكن لكل منهم اساسياته
اما السماء والاله فهناك درجات فقد اصبح القوي اله والغبي اله والمجرم اله والشيخ اله لذلك كل هؤلاء يربون من يعبدهم ويطيعهم ويرضخ لهم
تقبل تحياتي
وارجو ان تعذرني لاخاطب العزيز احمد بسمار واقول ان هذا المقال لا يختلف عن السابقات
لكما ايها الكريمين محبتي واحترامي


4 - أخي العزيز أحمد
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 3 - 23:52 )
صدقني أن آخر همي هو الحصول على إعتراف الآخرين بي فأنا أعرف نفسي جيداً ويكفيني رضاي عنها
أما عن الموضوع فأنا حزين إذ أنك لم تر فيه سوى أنه موضوع حيادي علماً أني أراه في صلب الصراع الذي تتحدث عنه ولكن أنا بطبعي لاأحب معالجة مظاهر المرض بقدر ما أحب معالجة المرض من جذوره وأعتقد أن ما طرحته واضح في هذا المجال ولك محبتي وتقديري


5 - الأخ الغالي رضا
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 3 - 23:57 )
نعم كلامك صحيح ولكن الحاجيات هي بسبب الغيرة متقاربة والمجتمع الذي ننشده نأمل أن يحقق فيه الفرد رغباته دون الحاجة لأن يكون عنيفاً مدمراً كما آمل أن يكون هناك صيغة قانونية أي عقد إجتماعي يفسح في المجال للفرد بأن يكون إنساناً ولك محبتي وتقديري


6 - الأستاذ محمد ماجد ديوب المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 11 / 4 - 08:15 )
أوافقك على ما تفضلت به ، لي ملاحظة إن سمحت لي بها ، صحيح أن الديانة البوذية ككل الديانات هدفها النهائي السماء لكنها تركز جهدها على الأرض ، أن يحسّن الإنسان من واقعه وبيئته والارتقاء بعلاقاته مع نفسه ومجتمعه قبل أي شيء آخر فهذه الامور مجتمعة ستؤدي به إلى تحقيق آماله الروحية ، ذلك أنهم مطمئنون إلى أن كل إنسان فيهم سيصبح إلهاً بالتدريج بعد الموت . تحياتي وتقديري


7 - الأخت المحترمة ليندا
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 4 - 08:51 )
ربما نجد أن المجوعة الأولى أقرب إلى الحقيقة لولا وجود فكرة السماء في صلبها ففكرة السماء من أصلها ومن الناحية العلمية لامعنى لها فعندما نتحدث عن كون أحدب وزمن يتمدد ويتقلص وتمدد نهائي أو لانهائي يصبح من العبث التحدث عن مفهوم السماء كنا ورد في الفكر الديني
هذا ماورد في المقال هل يتناقض مع تعليقك أيتها الكريمة المحترمة ؟
لقد طال غيابك عن ما أكتب أهلاً بك وأسعدني وشرفني مرورك


8 - الأستاذ محمد ماجد ديوب المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 11 / 4 - 14:15 )
لا أستاذ لا يوجد أي تناقض ، بالعكس أوافقك بما تفضلت به ، لكني قصدت أن البوذي يركز جهده وعمله لصالح واقعه على الأرض بحيث يصبح خدمة عمله ومجتمعه هو الهدف لأنه ضامن في النهاية السماء بدون حساب عسير ومزايا معينة يتطلع نحوها . المزايا على الأرض ، لذلك هي ديانات واقعية لا خيالية كالديانات السماوية . مع التحية


9 - الأخت الحترمة ليندا
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 4 - 15:31 )
أوافقك الرأي ولكني كعلماني أجد أن نقطة ضعف البوذية هي في أنها تجد الخلاص النهائي في السماء وليس على الأرض التي تشتغل على أن يكون البوذي فيها إنساناً كاملاً
لك كل التحية والتقدير


10 - الأخت المحترمة ليندا
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 4 - 16:08 )
أرجو المعذرة عن سقوط حرف الميم في كلمة المحترمة في ردي أعلاه اللعنة على أصابعي ولك كل الإحترام

اخر الافلام

.. رئيس مؤسسة -إسلام فرنسا- غالب بن الشيخ: مصطلح الجالية الإسلا


.. شاحنة تعرض رسائل معادية للإسلام في تورونتو




.. عضو حزب الاستعادة الفرنسي: حضارتنا الأوروبية ليست مبنية على


.. توافد الحجاج لزيارة المسجد النبوي بعد إتمام مناسك الحج في مك




.. القس دوماديوس: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعاقب الراهب المص