الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمانية حضارتين

حميد المصباحي

2011 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك صيغ متعددة للعلمانية,كما هو الحال بالنسبة للحداثة,فهي حداثات متعددة ومختلفة,فأين توجد في الفكر العربي,بتراثه الفلسفي ملامح العلمانية؟لاأحد ينكر أن أكثر الإرهاصات وضوحا وتماسكا هو فكر إبن رشد,فكيف تتجلى هده العلمانية,
العلمانية العربية الإسلامية
انتبه إبن رشد مبكرا إلى الصراعات المفتله بيت الدين والحكمة,فانطلق من أن الله ألهم الإنسان العقل,الدي تعتبر الآلة المنطقية إحدى إبداعاته,والتي لايمكنها أن تقود للتيه والضلال إن أحسن استخدامها,ومادامت مشتركة بين العقول البشرية فلا ضير من الإستفادة ممن سبقونا إليها حتى إن كانوا مختلفين عنا في الملة,يالها من فكرة عميقة مقارنة بالعصر الدي قيلت فيه,لكن الجمود الفقهي,لم تكن له القدرة على القبول بها,فقد كانوا سدنة الحقيقة,لايقبلون إلا بأن يظل العقل العربي سجين البيان اللغوي والعرفان الصوفي,من هنا اعتبر إبن رشد أن الشريعة لايمكنها أن تناقض حقائق العقل,وإن حدث دلك وجب التأويل حتى ينسجم منطوق الوحي مع العقل,لأن الطبيعة نفسها,عندما نحسن فهمها,أي ندركها حسيا ونفهم حركيتها هي نفسها تقودنا لتحقيق المعرفة بالله,لأنها إحدى مخلوقاته,ظاهرة,فالله لاتقود إليه الأشباح المجهولة,بل الموجودات المعلومة والمدركات الحسية,بهدا الفهم,استبعد إبن رشد اللاهوت الديني من الإسلام ليجعل منه دين العقل والعلم,ليجنب الفكر العلمي العربي مأساة الإنخراط في صراعات بين رجالات الدين والعلماء,ولو حدث دلك لأدركت السلطة الإسلامية ضرورة دعم نفسها بالمعرفة البشرية والخبرات الإنسانية,بدل أن تستظل بفقهاء الدين وكأنها تستمد سلطتها من الله,وهنا نستحض فكر ديكارت أبو العقلانية والحداثة,الدي فطن لضرورة المعرفة بالطبيعة وإبداع فكر جديد بالإعتماد على دعاماته من داخل نفسه,بدل البحث في الثرات اللاهوتي,لكن العلمانية الغربية,وجدت نفسها مرغمة على سلوك طريق آخر غير الدي اقترحه إبن رشد.
العلمانية الأروبية
مهد كما رأينا ديكارت لفكر يفصل العلم عن اللاهوت,لكن الكنيسة كانت أكثر تشددا,فاختارت مواجهة الفكر العلمي والفلسفي بالقوة,فكان على الثقافة الأروبية خوض غمار المواجهة بالمحاجة,وعندما تحالفت الكنيسة مع السلطة الإقطاعية,كان لامفر من الثورة على اللاهوت والحسم معه علميا قبل الحسم السياسي,ووجد الفكر الفلسفي نفسه مرغما على تصعيد خطابات ضد الدين,بل دهب أبعد من دلك في إلحاديته,وبعد انتصار الثورات الأروبية فرض على الكنيسة الإنفصال التام عن السلطة,واعتبار الديني مسألة شخصية,رغم أن الكنيسة بحثث عن الكثير من الحيل لتحافظ على علاقاتها الرمزية بالسلطة السياسية وبعض مجالات الحياة الخاصة,حفظا لماء وجهها,لكن الوعي الغربي لم يغفر لها الفظاعات التي ارتكبتها في حق الإنسان,ومع دلك اختارت لنفسها أقنعة متعددة,تأكدت بدعمها لليمين المحافظ سرا حفاظا على مصالحها,وحماية لدورها التبشيري الدي يستفيد منه اليمين المتطرف والعنصري في الكثير من الدول الغربية,ولازالت تحاول المس بالتجربة الديمقراطية للكثير من هده الدول,التي لم تنخرط مبكرا في ثقافة الأنوار,أو لم تعش مواجهات الكهنوت فعليا.
من هنا يبدو أننا أمام تجربتين مختلفتين في تصور كيفية التعامل مع ما هو ديني,غير أن الأولى نجحت,بفعل شروط تاريخية وثقافية وحتى سياسية,والالثانية فشلت,بحكم قوة الفقه الإسلامي وحاجة السلطة السياسية إليه,بفعل افتقادها لمصدر للمشروعية مغاير للشرعية الدينية التي تأسست عليها كل الدول العربية,والتي لم تفرط فيها لحد الآن,بل إن التجارب العربية التي صرحت بعلمانيتها كلها فشلت,أو كانت عسكرية في جلها,ولم تكن لها مرجعية بديلة للديني وثقافة علمية ومعرفية تؤهلها لتلاقي قبولا وتعمقا في المجتمعات العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني