الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يكون التعليم وسيلة للتجهيل

نبيل هلال هلال

2011 / 11 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


إن الهدف الأساسي لأي نظام تعليمي هو إعداد العقول القادرة على صنع المستقبل، والعقول المدربة على طرح الأسئلة والبحث عن إجابات عنها، العقول التى يمكنها ممارسة النقد وكشف أساليب القهر الذهني، القادرة على الإبداع، لا مجرد إعداد عقول لا تحسن سوى الحفظ وتعجز عن ممارسة التساؤل والاستفهام. فأساليب التعليم عندنا بعيدة عن فهم احتياجات العصر، إذ تناسب من نشأوا فى ظروف تكبيل العقل وتكميم الأفواه، تناسب إعداد موظفين لا مبدعين ينهضون بعبء حشد القوى لتنمية الأمة فى عصر تكتلات الدول وسحق الأمم الضعيفة المشرذمة. ويصعب الوثوق فى نظام تعليمي يتعرض باستمرار للتغيير المستمر لا بغرض التطوير والتحسين وإنما بسبب افتقاد خطة راسخة تقوم على رؤية واضحة للأهداف المرجوة من التعليم. ويمضى نظامنا التعليمي في اتجاه تعميق الهوة بيننا وبين سائر الأمم المتقدمة، فالمدة التى تتضاعف فيها المعارف الإنسانية تتناقص باطراد مذهل، مما يجعل اللحاق بالأمم التى سبقتنا أمراً يكاد يكون مستحيلاً فى ظل الإمكانات الراهنة. كما أن ما يتم ممارسته فى المدارس من تعليم تلقيني يرمى إلى إحكام السيطرة على عقول الطلاب من أجل توجيهها حسب توجهات المستبدين، وصرف هذه العقول بعيداً عن ما يتهددها، فمن تعلموا بهذه الطريقة التلقينية هم أنسب من يلائمون القهر والاستكانة والامتثال. فنظام القهر لا يسمح للمتعلم بالتساؤل، والتساؤل هو أول الطريق إلى الانتقاد واكتشاف الواقع، وهو بداية عمل العقل الإبداعي " المبدع ". ولما افتقدت أمتنا حرية الرأى والكلمة ضاعت، بالضرورة، القدرات الإبداعية لهذه الأمة، فالحضارة هي منتجات الفكر، والفكر هو نتاج عقلي لذا يمكن فهم استحالة إنشاء حضارة دون تحرير العقل ثم تفعيله عن طريق نظام تعليمي فعال، ومعنى ذلك أن التخلف والتبعية والتدنى سيبقون قدراً مقدوراً وسرمداً ممتداً طالما أن العقل مفرغ ومقيد .
والتعليم النظامي فى المدارس الحكومية يكرس إعداد أجيال تقبل الواقع على أنه أفضل الممكن، أجيال عاجزة عن التأمل والاستنتاج والحوار، وذلك باستبعاد وسائل التعليم الحواري التحليلي الموضوعي النقدي الذي يدرب العقل ويشحذ الحواس. ويتبنى هذا التعليم النظامي الوسائل التعليمية التى ترسخ الذاكرة والحفظ لدى التلاميذ على حساب ملكات النقد والإبداع والتفكير. وكان الحفظ هو طريقة التعليم التى درج عليها العرب قبل الإسلام، فقد كانوا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، واعتمدوا على الذاكرة فى حفظ أشعارهم. ولما كان التعليم بعد الإسلام يعتمد أساساً على القرآن الذى كانوا يحفظونه عن ظهر قلب، لذا كان الحفظ بمثابة الوسيلة الأساسية فى المنهج التعليمي وهى وسيلة لم تكن غريبة على آبائهم الأولين فى الجاهلية، ولم يكن الحفظ والاستظهار خاصاً بالقرآن الكريم ، وإنما تعداه إلى العلوم الأخرى أيضاً . وكلما تأكدت حقيقة أن الطلاب مجرد مخازن للمعلومات كلما قل وعيهم بالعالم المطلوب منهم تغييره، فقبولهم لهذا الدور السلبي، يعنى بالضرورة تأقلمهم المستمر مع الواقع المفروض عليهم والمعرفة المبتسرة التى أريد لها أن تملأ عقولهم. ومن هنا يتضح أن مهمة التعليم التلقيني الذى يعتمد على مجرد تخزين وإيداع المعلومات فى عقول الطلاب تتركز فى تقليل القدرة الإبداعية عند الطلاب أو إلغائها تماماً من أجل خدمة أغراض المستبدين الذين لا يرغبون فى أن يصبح العالم مكشوفاً لهؤلاء، أو أن يصبح موضوعاً للتغيير. فالمستبدون يتصرفون بغرائزهم ضد أى محاولة فى التعليم تستهدف تنمية الملكة النقدية. لأجل ذلك يشجع المستبدون مفهوم التعليم التلقيني، ويستميتون من أجل فرض نظام التعليم التلقيني الذي يبقى الواقع على ما هو عليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطرق الحديثة في التدريس
د. عبدالاحد متي دنحا ( 2011 / 11 / 9 - 08:08 )
تحية طيبة
ان تحديث طرق التدريس مهمة جدا, وخاصة بوجود التقنيات الحديثة من
استخدام الكومبيوتر والانترنيت كوسائل للايضاح والبحث

مع تحيات

عبدالاحد

اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر