الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء تونس ونساء مصر

نوال السعداوى

2011 / 11 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



نساء تونس خرجن فى مظاهرات شعبية يطالبن بدستور يقرر حقوق المرأة التونسية، والتمسك بحقوقهن المكتسبة التى ينص عليها قانون الأحوال الشخصية التونسى.

المرأة التونسية أكثر وعيا بحقوقها من المرأة المصرية، وأكثر شجاعة وقدرة على تنظيم صفوفها ضد المخاطر التى تهددها.

بعد الثورة التونسية تصاعدت القوى السياسية الدينية وأدت إلى فوز حزب النهضة فى الانتخابات، وهو حزب إسلامى لكنه أكثر تفتحا من الأحزاب الإسلامية فى مصر، أعلن رئيسه راشد الغنوشى مرارا أن حقوق المرأة مضمونة ولن ينال منها أحد، إلا أن المرأة التونسية واعية بتاريخ الحركات الدينية، كيف تقول كلاما متقدما عن المرأة حتى تقفز إلى السلطة، فتنال من حقوق النساء أول ما تنال، حدث هذا لثورات متعددة منها الثورة الإيرانية، التى تم إجهاضها على يد الخمينى وآيات الله.

لم تنتظر النساء التونسيات وقوع الانتكاسة، بل بادرن بمظاهرة للوقاية منها «درهم وقاية خير من قنطار علاج».

المرأة التونسية تصون كرامتها أكثر من المصرية، لا يمكن أن يجمع زوجها فى الفراش بينها وبين امرأة أخرى . تم تحريم تعدد الزوحات فى القانون التونسى منذ سنوات كثيرة، لم يحدث هذا فى بلدنا مصر.

لا يمكن قيام الشعب بثورة دون الوعى بأسباب الظلم وفساد الحكم، دون تنظيم الصفوف فى قوة سياسية متحدة قادرة على إسقاط النظام وتغيير الدستور والقوانين وإقامة نظام جديد أكثر عدلا وحرية وكرامة للنساء والرجال والأطفال.

لماذا سبقت المرأة التونسية فى الوعى والتنظيم زميلتها فى مصر؟

نظام التعليم فى تونس أكثر تقدما، المرأة التونسية لا تتعلم أن طاعة الزوج من طاعة ربها، وأن تعدد الزوجات أمر الله.

لقد تطورت المفاهيم الدينية فى تونس وتطورت معها أفكار حزب النهضة الإسلامى، أما فى مصر فقد حدث العكس، تخلف التعليم خلال عصر السادات ومبارك، وسيطرت عليه مفاهيم تخدم التبعية والخضوع للأوامر العليا فى الخارج والداخل.

فى مصر ما بعد الثورة تضافرت قوى الثورة المضادة لتقسيم الشعب طائفيا، الطوائف الدينية كلها تصاعدت وطغت على الساحة، من السلفية والخومينية والإخوانية والطالبانية والشيعة والسنة والصوفية ومشايخ الطرق وقارئى الكف.

اختفت أستاذات الجامعات والطبيبات فى مصر وراء الحجاب والنقاب، غرقت مصر فى ضجيج الفتاوى ترهب الناس ليل نهار، وابل من الأصوات الزاعقة الخشنة المهددة بالكفر والإبادة لكل من لم يطع الأمر، غرقت السوق المصرية الحرة بالبضائع الأجنبية، حتى المسابح والأحجبة والمصاحف أصبحت مستوردة مثل الفول المدمس واللبن والخبز والماء وعصير البرتقال، وتدفقت المعونات الخارجية بالملايين لتغرق العقل والضمير بالدولار واليورو والدينار.

أما العقول المصرية المفكرة فقد تم إبعادها أو نفيها. وفى الانتخابات الجارية (نوفمبر ٢٠١١) يتم ترشيح نساء منتقبات يعتبرن وجه المرأة عورة، وصورتها فى الصحف أيضا عورة وإن ارتدت النقاب، فماذا عن صوتها فى البرلمان؟

هبت الثورة المصرية الشعبية فى يناير ٢٠١١، شاركت فيها النساء مثل جميع الفئات، لكن سرعان ما انقضت قوى الثورة المضادة على النساء والضعفاء والفقراء، لم تتعلم المرأة المصرية الدرس من التاريخ، لم تتسلح بالوعى والتنظيم، كما فعلت المرأة التونسية، تخلت المرأة المصرية عن مسؤوليتها تجاه حقوقها، وتركت أمورها للقوى الحاكمة المعادية للثورة فى ضرب حقوقها.

لم تتغير القوانين الظالمة التى تحكم النساء إلا قليلا، حتى هذا القليل سرعان ما يضيع أو يهدد بالضياع، حق المرأة فى تطليق زوجها الذى يهينها أو يخونها يتعارض مع أمر الله، خيانة الزوج لزوجته أمر الله الحجاب والنقاب والختان أيضا أوامر إلهية.

خرجت نساء تونس فى مظاهرة وقائية استباقية، قبل أن ينقض الحزب الدينى على حقوقهن، نشرت الصحف صورهن يوم ٤ نوفمبر الماضى، صفوف من النساء المتظاهرات الصف وراء الصف، يرتدين الملابس العادية البسيطة للنساء العاملات فى مختلف المهن أو طالبات الجامعات أو الأستاذات، لا أرى شابة منهن ترتدى الحجاب أو النقاب.

الإعلام العالمى والمحلى لم يظهر من ثورة مصر وتونس وسوريا واليمن إلا المحجبات والمنتقبات، كأنما هذه الثورات لم تكن إلا إسلامية، أو الأفضل لها أن تكون إسلامية وليس سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وجائزة نوبل تم منحها لامرأة محجبة، كأنما أصبح نوبل أيضا من الحزب الإسلامى.

كثيرون يتصورون أن الاستعمار الأجنبى «كافر» يعادى الإسلام، لكن الحقيقة أن العدو الحقيقى للاستعمار الأجنبى هو الثورة الاقتصادية الاجتماعية الثقافية للتحرر من قبضته وحلفائه فى الداخل.

صورة نساء تونس المتظاهرات كشفت عن أغلبية نسائية على قدر كبير من الوعى والتنظيم.

خرجن معترضات على راشد الغنوشى وهرولته السريعة إلى قطر، تساءلت النساء: لماذا تكون الدوحة هى المحطة الأولى له بعد أيام قليلة من فوزه فى الانتخابات؟ فى دولة قطر أكبر قوة أمريكية عسكرية استعمارية، لم تنخدع المرأة التونسية بفضائية قطر الثورية!، رفعت النساء لافتات كتب عليها «من أجل المحافظة على مكتسبات المرأة التونسية، لا تهاون ولا رجوع عن حقوق المرأة فى الدستور».

تدرك المرأة التونسية أن الدستور الصحيح يؤدى إلى انتخابات صحيحة وليس العكس كما يحدث لنا فى مصر.

أين نحن النساء المصريات من هذا الوعى والتنظيم؟

فى ٨ مارس الماضى سارت مجموعات من الشابات المصريات والشباب إلى ميدان التحرير، احتفالا بعيد المرأة العالمى فماذا حدث؟ هجم عليهم بلطجية النظام السابق، تم التحرش بهن، قبضت السلطة العسكرية على بعض الفتيات، وفى السجن تم الكشف الطبى على عذريتهن، شىء لم يحدث إلا فى العصر العبودى القديم.

فى مصر الآلاف من المنظمات النسائية، فهل تصدت هذه الجمعيات للدفاع عن حقوق النساء؟ لماذا لم تتوحد هذه المنظمات المتفرقة فى قوة سياسية متحدة قادرة على الحفاظ على كرامتهن، وانتزاع الحقوق المهدرة المبتورة.

المرأة المصرية تخلفت مع تخلف العقل، مع تخلف نظام التعليم والثقافة والإعلام، مع خضوع المناهج الدراسية ووزراء التعليم والعلماء والأدباء لتوجيهات السيد الرئيس مبارك والرئيس باراك أوباما؟

كيف يفكر العقل المصرى (امرأة أو رجلا) إن سيطر عليه مندوب الرئيس الأمريكى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النساء الحقيقيات
آيا برجاوي ( 2011 / 11 / 8 - 10:28 )
المرأة الحقيقية هي التي تدافع عن نفسها من البداية قبل أن يتحالف الجميع عليها..فتحية كبيرة للنساء الحقيقيات نساء تونس وأتمنى ان يتعلم الجميع من شجاعتهن وشجاعتك أيتها الرائعة نوال السعداوي..


2 - تحية حب وأخوّة للأستاذة نوال سعداوي
مريم نجمه ( 2011 / 11 / 8 - 10:49 )
تحية الحرية .. للكاتبة السيدة نوال سعداوي

دائماً أنت الرائدة والقائدة ..مع محبتي وافتخاري


3 - المرأه في بلادنا ترفض حريتها
انتصار الانصاري ( 2011 / 11 / 8 - 13:13 )
المرأه المصريه بل المرأه العربيه بشكل عام بحاجه الى توعيه اكثر من اي وقت
مضى لتنجح الثورات ولكي يتم القضاء على تخلفها وتخلف مجتمعها ولكن ذلك يحتاج الى الكثير من الوقت فالمرأه العربيه لاتزال غارقه في بحر الجهل والتخلف وما الثورات التي قامت الا لتغيير الوجوه وليست لتغيير العقول تحيه للدكتوره نوال السعداوي في نضالها الدؤوب من اجل مرأه حره ولكن يبدو ان المرأه التي تناضل من اجلها نوال السعداوي ترفض تلك الحريه


4 - ليس كل ما تفكرين به سيدتي صحيح
shereen al dani ( 2011 / 11 / 8 - 17:23 )
لا يعني أن يتصرف بعض المتطرفين الذين يسيئون فهم الإسلام ويسيئون كذلك التصرف أن الدين الإسلامي دين تخلف، فالحجاب ليس سمة من سمات التخلف، وعلينا التسليم بأن من ترتديه أو لا ترتديه فلها شأنها وليس لأحد أن يفرض عليها ارتدائه أو عدم ارتدائه غير قناعتها، وأما عن المنتقبات وأحزاب الإسلام السياسي فلأولئك سياساتهم وطرق تفكيرهم الذي في معظمه، وأوافقك الرأي هنا، متخلف بل قمة التخلف؛ ذلك التفكير وذلك السلوك الذي تسبب في الإساءة إلى الدين الإسلامي الذي يدعونه أولئك الجماعات المتطرفة المستترين خلف شعارات ورايات الإسلام.. أولئك هم المتخلفون ولا يعني ذلك أن ننسب التخلف للإسلام والمسلمات فكما تفضلتي فإن النساء التونسيات المتعلمات والمثقفات هم أيضا مسلمات حتى وإن لم يتحجبن. مع الشكر


5 - هل تعلمين
عمر علي ( 2011 / 11 / 8 - 22:50 )
هل تعلمين يادكتورة ان اكثر من 60بالمئة من النساء التونسيات صوتن لحركة النهضة الاسلامية وانا شاهدت من على قناة البي بي سي الفضائية طالبات جامعيات تونسيات سافرات يوم الانتخابات وهن في آخر صرعات المودة واخر مكياج ،كانوا جدا سعيدات لانتخابهن حركة النهضة الاسلامية. اتعلمين ان جمهور الاحزاب الاسلامية هو الوسط النسائي المتعلمات منهن قبل الاميات. اتعلمين ان نساء وبنات اليسارين بالعراق ينتخبن الاحزاب الاسلامية. كوني على ثقة لو اليوم سمح الغرب للمسلمين بتشكيل احزاب اسلامية وخوض الانتخابات سيصوت لهم النساء السافرات قبل المحجبات .دكتورة المراة المسلمة ذات عقلية ذكورية اكثر من الرجل وتقدس قيودها التي فرضه عليها الاسلام وهي مقتنعة انها ناقصت عقل .مشكلة المسلمة لاتعترف بحقوقها وتعتقد ان حقوقها موجودة في القران والسنة وانت تعرفين معنى حقوق المراة بالاسلام؟؟ تحرير المسلمة جدا صعب في هذا القرن والقرن الاخر.نحن دعاة تحرير المراة رومانسين وثرثارين ولم تسمعنا المراة المسلمة لانها تعشق عبوديتها م


6 - والي متي
كرمل عبده سعودي ( 2011 / 11 / 9 - 14:31 )
تحياتي دكتورة نوال والمقارنة التي تفضلتي بها مابين المراة التونسيه والمراة المصريه رغم انها حقيقه الا اني اري انه لابد ايضا ان نسلط الضوء علي رواسب كثيرة من السابق ومنها اسلوب التربية الذكوري الذي عوملت به المراة لعصور سابقة ومازال يسيطر فهي حصلت علي تربية بل برمجة عقلية علي التنازل عن حقوقها بحجة الطاعة للدين والله وان هذا التنازل هو اول خطواتها للتقرب من الخالق عز وخلق وهو مادفع المراة لعدم تفعيل عقلها هل الله جعل الطريق اليه من خلال هدر الحقوق ومايشابه العبوديه المراة التونسية كانت واعية لمكانتها فطالبت بما يعزز وجودها الانساني وكل منصف يدرك ان حصول المراة علي حقوقها لايقلل من مكانتها ولا دورها في رعاية اسرتها


7 - نوال السعداوي طليعة النساء
ابراهيم سلاك ( 2011 / 11 / 9 - 19:25 )
تحية و تقدير الى استاذتنا الجليلة فانت رمز النساء اللواتي رفضن الانتقاص من انسانيتهن حرفا واحدا
ليس ذنبك ان يعجز معطلي العقول عن فهم معنى الانسان
العقل هو جوهر الكائن البشري وارقى سلوك هو خدمة البشرية


8 - رأي مواطن مغربي
نعينع عبدالقادر محمد ( 2011 / 11 / 10 - 23:59 )
بعد استقلال تونس أسس الحبيب بورقيبة تونس الحديثة على أساس العلمانية وفصل الدين عن الدولة وأعطى للمرأة ما تستحقه من حقوق وبنى دولة المؤسسات والمجتمع المدني حتى أنه أمر بترك المقاهي والمطاعم تعمل في رمضان نهارا قائلا الآكل في رمضان عقابه عند الخالق وليس المخلوق أما الدولة فهي تعاقب عن الجنايات والجنح والمخالفات.أما الرئيس الهارب بنعلى فرغم فساده واستبداده فقد حافظ على العلمانية لدرجة أنه نفى كل الاسلاميين الذين يشتغلون بالدين . أما عن رئيس حزب النهضة الغنوشي فهو منفتح مثل الاتراك وليس مثل الجماعة في مصر.هذه أسباب جعلت من تونس انطلاقة الربيع هذا هو الفرق بين تونس الحرة ومصر المستعمرة من طرف جماعة الاخوان المسلمين الذين أفسدوا الدين وأفسدوا السياسة وكان الله في عون المصريين ...... ...


9 - تحجير العقل بسبب الجهل
sara ( 2011 / 11 / 14 - 00:14 )
العيب ليس في الاسلام ولا في التدين ولكن العيب ان لانفهم هذا الدين ونطبقه تطبيق سيء مماجعل الناس تفكر ان هناك انتقاص في اوامره وافضل طريقه للمحافظه على الحقوق هي وجود اعتبار للخالق سبحانه واوامره ولكن مزج العواطف والميول في تطبيق تلك التعاليم واضافة الى ذلك الرجوع لاقوال اناس فسروا هذه الاوامر بتفاسير خاطئه وتطبيق تفاسيرهم مع العلم ان حسن النيه لايبرر الخطاء هي من الاسباب بل من اقوى الاسباب في التطبيق السيء للاوامر الساويه فهي نظام ليس من وضع البشر وخاليه من الخطأ وفيها من العداله والانصاف مالا يستطيع ان يقوم بمثلها ولوجود الخلل الكبير في المسلمين وللفهم السيء لتعاليم هذا الدين فكان هناك ردود فعل تطالب بالعلمانيه والليبراليه لانه لايوجد ايدلوجيه معينه لهذه التوجهات واي مبنى لابد له من قواعد متينه والا سوف ينهار بمن فيه نعم ان الظاهر لنا هو ان العلمانيه تحقق للانسان مجال اوسع ولكن هذا بسبب عدم اعطاء العقل مساحته المتاحه له بالتفكير فالدين الاسلامي قال للعقل توقف عند مجالك واترك مجال الخالق وماهو من اختصاص الخالق سبحانه ولوجود التنبيه الشديد حجر الانسان بجهله على عقله وترك مجاله ايضا

اخر الافلام

.. تفاصيل تغيير كسوة الكعبة .. لأول مرة المرأة السعودية تشارك ف


.. لحظة انتشال امرأة أوكرانية على قيد الحياة من تحت أنقاض مستشف




.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح حكم -ذهاب المرأة المتزوجة ل


.. رئيس الوزراء: سنعمل على تعزيز دور الشباب والمرأة في كافة الم




.. لبنان.. دراسة لمؤسسة سمير قصير تؤكد تعرض 37% من الصحفيات للت