الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيٌاك أن تعرف الحقيقة

محمد ماجد ديُوب

2011 / 11 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ربما تكون دعوة مجنونة أن تطلب من شخصٍ ما ,أن يحاذر ويبتعد نهائياً عن معرفة الحقيقة ولكنها من وجهة نظر علم النفس هي دعوة عاقلة تماماً إذا لم يمتلك هذا الشخص عقلاً قادراً على تقبل الحقيقة كما هي دون زيف خاصة أن أغلب الحقائق التي يؤمن بها البشر في مختلف مناحي الحياة هي أوهام نعم هي أوهام

ذكر مرةً المرحوم الدكتور صبري القباني في مجلته الطبية الشهيرة (طبيبك) وذلك في أوائل سبعينيات القرن الماضي التجربة التالية:

تم في إحدى المشافي الأمريكية عزل مريضين بالسرطان المَعِدي لهما القصة السريرية تقريباً نفسها من حيث نوع المرض والعمر والمرحلة التي تطور إليها المرض كل في غرفة بعيداً عن الناس وتحت حراسة طبية مشددة ثم جيء بأقراص دوائية مملوءة بالسكر العادي المطحون وقبل تناول الجرعة قيل للأول أن هذا الوداء هو آخر منتجات مراكز الأبحاث وأثبتت المعالجة التجريبية بواسطته نسبة شفاء بلغت مائة بالمائة بينما قيل للثاني الكلام ذاته ولكن خفضت نسبة الشفاء إلى خمسين بالمائة

تمت مراقبة المريضين المعزولين لمدة عشرة أيام فوجد الأطباء أن المرض لدى الأول بدأ بالتراجع بشكل مذهل بينما تطور لدى الثاني بشكل كبير وبعد خمسة أيام أخرى نجا الأول ومات الثاني

روى لي نقيب المعلمين في إحدى المحافظات السورية الحادثة التالية فقال: كنت مع وفد لنقابة معلمي سوريا في إجتماع لممثلي معلمي دول عدم الإنحياز والمجموعة الإشتراكية في العاصمة الجزائرية في العام 1967وكان مؤتمراً لدعم دول المواجهة في إثر عدوان عام 1967وكنت أجلس في بهو الفندق وإلى جواري أحد أعضاء الوفد السوفياتي وبحكم إتقاني للغة الفرنسية كنا نتجاذب أطراف الحديث في فترة استراحة وإذ بهذا الرفيق الروسي يقف كالمجنون ويسارع لإحتضان شاب طويل أشقر دخل لتوه من باب البهو وأخذ بعناقه بحرارة وبعد التسليم الحار وحوار قصيرمعه عاد الرجل إلى جواري فسألته عمن يكون هذا الشاب فقال إنه الطبيب العبقري الذي أجرى لي جراحة في معدتي وإستأصل جزءأ منها مصاباً بالسرطان وذلك منذ خمس سنين وإلى الآن أجري فحوصاً دورية وأنا سليم تماماً وأردف قائلاً حرارة سلامي عليه كانت بسبب أني ومنذ أن أجرى لي العملية لم أره بسبب مغادرته المفاجئة إلى الجزائر من ضمن عملية التبادل والدعم العلمي بين الجزائر والإتحاد السوفياتي حيث أوفد لتدريب الأطباء الجزائريين.عندها إستأذنت من الرفيق وقلت له سأقابل هذا الطبيب وقمت إلى عامل الإستقبال أسأله عن رقم غرفة الإقامة لهذا الطبيب ثم أسرعت صاعداً إليه
طرقت الباب ففتح الطبيب الشاب مستغرباً وقوف رجل غريب ببابه فقلت له أنا صديق ذلك الرجل الذي سلم عليك في البهو فقال تفضل ما الأمر دخلت وقلت له لن أطيل عرفت من صديقي أنك جراح ماهر في إستئصال الورم السرطاني ولدي في سوريا صديق وحالته كحالة صديقي السابقة الذي يجلس في البهو هل بإمكاني الإعتماد عليك في علاجه

تنهد وقال سأقول لك شيئاً أرجو أن يبقى بيننا :هذا الرجل كنت أظنه في القبر بعد العملية بأسبوع على الأكثر فأنا لم أفعل له شيئاً إذ لما فتحت معدته وجدت أن الأمر قد إنتهى ولم يعد لديه أية فرصة بالنجاة فأخطٌ الجرح وقلت له بعد أن أفاق من المخدر مبروك لقد نجحت العملية وكتبت لك النجاة وتركته ومشيت بعد أن تأكدت أن كل معاوني في العملية كانوا على ذات موقفي منه وأنا متأكد أنه لن يعيش لأكثر من خمسة أيام وها أنت تراه سليماً معافى ولاأعرف كيف كان ذلك

طبعاً هناك الكثير من الحوادث المشابهة التي يعرفها الكثيرون عن عمليات شفاء عجائبي ومنها ما إختبرته أنا نفسي بواسطة التنويم المغناطيسي وقد ذكرت ذلك في مقال لي بعنوان ليس إلهاً واحدا بل آلهة متعددة حيث أن لكل مقسده الكامن في لاوعيه وما أن يتم إستدعاء هذا المقدس المشخص من خلال عملية التنويم والطلب إليه أن يساعد المرض على الشفاء حتى يتماثل المرض للشفاء

هناك الكثير من الوهم في حياتنا منها الديني وهو الأكثر ومنها السياسي ومنها الإجتماعي فحكم العادة أقوى كثيراً من حكم العقل وحكم الأفكار التي نؤمن بها لدرجة القداسة يجعلنا نسير وكأننا مدفوعين بدون إرادتنا على السير في طريق نتوهم أننا إخترناه بملء إرادتنا

في حالة الحراك العربي في هذه الأيام نجد أن الناس يتوهمون أنهم ثوار ويتحركون لنيل الحرية السياسية ناسين أو متناسين أنهم أسرى أفكار عميقة تحتل لاوعيهم لاتختلف في تركيبتها عن الأفكار التي في لاوعي الحاكم نفسه فكلهم أسرى الفكر الأموي الذي يبرر كل شيء في مقابل الحصول على السلطة ومنها على الأخص إستغلال الشعور الديني الذي ربما ولأساب تتعلق بضعف الإنسان التاريخي هو أقوى محرك لهذا الإنسان والذي يتم إستغلاله من قبل ذئاب السياسة للحصول على مواقع لهم في كعكة السلطة كما فعل جدهم أبو سفيان وإبنه معاوية من بعده

مازال الوهم بالحرية يعشش في رؤوسنا ولكن ماذا لو أفقنا وعرفنا الحقيقة أن كل شخص فينا هو أبو سفيان ؟؟
ماذا لو أفقنا وعرفنا أننا مازلنا بدواً بكل ما في الكلمة من معنى وأننا لانختلف عن حكامنا في شيء أليس ما جرى في ليبيا ومصر والقتل الطائفي والتمثيل بالجثث في سوريا يؤكد ذلك ؟؟؟

ماذا لو أفقنا وعرفنا أن محمداً لم يكن لانبياً ولارسولاً بل كان طالب سلطة قوامها الدين والسيف ؟؟؟

ماذا لو أفقنا وعرفنا أن كل مقدس في حياتنا هو مقدس بفعل التربية وليس بفعل كونه حقيقة واقعية ؟؟

ماذا لو أفقنا وعرفنا ان إلهنا سلطة ومال وجنس ؟؟؟؟ بسم السلطة والمال والجنس إله واحد

ماذا لو أفقنا وعرفنا أن هذا الله وهذا الشيطان لاوجود لهما إلا في لاوعينا الذي شكلته التربية ؟؟؟؟

ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين الحقيقة ؟؟
صلاح الساير ( 2011 / 11 / 8 - 14:17 )
الاستاذ محمد ماجد ديوب المحترم
عندما نريد ان نعرف اين الحيقيقة نفتش عن اعمال الموتى هل تم انجازاعمالهم بصورة كاملة ولم يبقى عمل لم ينجز نرى ان بعض الاعمال لم تنجز بصورة كاملة ...ونستنتج من ذلك ان البشر دوما يسعون للوصول لادراك الحقيقة مثل ...السعادة ..الحب ..بناء البيت ..السفر..الخ كل هذة الاشياء حقائق لايمكن
انجازها كلها اثناء فترة حياتهم ولهذا تكون الحقيقة نسبية ...حتى موت الطفل ان حقيقتة لم تكتمل ليكون رجلا ان كل الكلمات محددة ولكن عندما تصبح جمل ومعانى ومفاهيم عندها تكون غير محددة وتتشظى
حقيقتها ويتية الانسان فى البحث عنها 00
شكرا ومع فائق التقدير


2 - الأخ المحترم صلاح
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 8 - 15:34 )
أهلاً بك إن الحقائق وكما تقول هي نسبية هذا صحيح لكن ماذا لو أفقنا وعرفنا أن الحقيقة الكبرى التي نؤمن بها ما هي إلا : الوهم ؟كما توحي القصتان اللتان ذكرتهما في المقال
تحيتي ومودتي لك


3 - مع اني اخاف النظرة الميكانيكية للحياة
بشارة خليل قـ ( 2011 / 11 / 9 - 01:48 )
الا انك استاذ ديوب صدقت في اغلب ما كتبت في هذه المقالة
ال placibo هو تأثير المعلومة او الاعتقاد على فاعلية الدواء.
الايمان بمعناه الواسع هو اعتقاد نابع من احساس او فراسة او بديهة وهو قادر على تغيير مسار الحياة وليس فقط التأثير على الصحة,لكني اختلف معك في نقطة واحدة:ليس بالضرورة كل ايمان هو وهم.بالذات ظاهرة البلاسيبو تثبت ان الايمان ليس وهم بل هو حقيقي وله اثار ملموسة على العلاج او على نواح اخرى من الحياة
احترم قناعتك بعدم وجود للغيبيات لكني اميل للاعتقاد بوجودها بل ان وعينا نحن البشر لعالم الروح يشبه وعي القرد لعالمنا نحن البشر اقصد انه محدود في نطاق الاعتقاد والتنظير والايمان ولا دخل للمعرفة والمعلومة الموثقة فيه.ما زال من الخيال العلمي امكانية اختزال العقل البشري الى مرحلة ادنى او ارتقاء الوعي الى ما هو خارج حدود طبيعة عقلنا كبشر.لكن يبدوا ان التكنولوجيا ستفاجئنا عما قريب بما يصعب تخيله الان فقد استطاع العلم مؤخرا احداث تفاعل بين شرائح الكترونية وخلاية عصبية في الدماغ فيبدو ان الكمبيوتر الذي هو امتداد خارجي للعقل بدا يدق مستأذنا الدخول الى اجسادنا.باعتقادي سيكون هذا الاكثر اثارة


4 - الأخ المحترم بشارةخليل ق
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 9 - 06:49 )
ما قلته صحيح لكن لو لاحظت أني أشير إلى مسألة اللاوعي وكيفية إستجابته للوهم كأنه حقيقة وبالتالي تحريك قوانا المختزنة الهائلة للشفاء وسواه
نعم ليست كل الحقائق وهم كما أنه ليس وهماً أنك تحاورني
وهنا علينا الإنتباه لمسألة التسليم ودورها في حياتناإيجاباً أم سلباً ولك التحية والتقدير


5 - الأستاذ محمد ماجد ديوب المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 11 / 10 - 04:05 )
حضرتك تناولت مثلاً عن حالة الحراك العربي ، أظن أن كل مجموعة تقوم بمناهضة الوضع الذي لا يلائم قناعاتها هي مجموعة ثائرة، هم ثوار بنظر أنفسهم ، متمردون خارجون عن القانون بنظر الطبقة الحاكمة
وكما تفضلت( ماذا لو أفقنا وعرفنا الحقيقة أن كل شخص فينا هو أبو سفيان ؟) وهذا صحيح، لأنه يوم يتولى الثائرون أو الثوار الحكم سينقلب الدور ليصبح الرئيس مرؤوسا والمرؤوس ينزل بطشاً وسحقاً بمن قبله
انظر من فضلك إلى التاريخ العربي سترى هذا الدور الذي قام به كووول الحكام الذين مروا على منطقتنا ، واليوم أصبح أبشع لأننا نعيش في عصر الحريات وحقوق الإنسان ويفترض أن يستجيب الحكام لتطورات العصر
منعوا التعدد والحريات ، فمن أين للمواطن التجربة التي تخوله أن ينزع من أعماقه الطابع السفياني ؟
أوروبا قدمت الكثير من الأرواح والتضحيات لتصل إلى الحقيقة التي تعيشها اليوم لكن .. بشعور أن ما تم الاستيقان منه في الحاضر سينقضه الغد ، وسيأتي بحقيقة جديدة
نحن في بلادنا العربية نعيش حقائق أبدية للأسف ، لذا لن يخرج أبطال حقيقيون من بيننا ، البطل بعيداً عن أبي سفيان له مواصفات غير متوفرة في مجتمعاتنا . شكراً ،


6 - الأخت المحترمة ليندا
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 11 / 10 - 06:46 )
لاأختلف معك إلا في أمر واحد هو أني أوصف حالة والتوصيف بحكم تسليطه الضوء على المشكلة يحمل في طياته تحذير فأنا لايهمني الطرفان لأنهما في نظري كلاهما أسوأ من بعض أما عن أوروبا فلي رأي آخر أتمنى أن يتاح لي الوقت لإظاهره وشكري وتقديري لك

اخر الافلام

.. الجزائر: نظام ري قديم للمحافظة على مياه الواحات


.. مراسل أوكراني يتسبب في فضيحة مدوية على الهواء #سوشال_سكاي




.. مفوضية الانتخابات العراقية توقف الإجراءات المتعلقة بانتخابات


.. الصواريخ «الطائشة».. الفاشر على طريق «الأرض المحروقة» | #الت




.. إسرائيل.. انقسام علني في مجلس الحرب بسبب -اليوم التالي- | #ر