الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوجهات العنصرية في المجتمع

صاحب الربيعي

2011 / 11 / 8
المجتمع المدني


تعود حالة رفض الفرد أو خشيته من شيء غير معلوم لديه سابقاً إما لعدم القدرة على فهمه وإما الجهل به وإما قد يؤدي فهمه إلى خللة قناعات راسخة ليس سهلاً التخلي عنها، والانفتاح السبيل المضاد لفهم الشيء من دون خشية التواصل لتعيين نقاط الاتفاق والاختلاف. تعدّ التوجهات الفكرية قناعات شخصية بقضايا حياتية لا يجوز رفضها على نحو كلي مهما تقاطعت مع توجهات الآخرين، لكن يجب التصدي لها عند تجاوزها حريتهم وحقوقهم، فالتوجهات العنصرية ليست خلافاً بوجهات النظر ولا يجوز حشرها عنوة في مساحة حرية الرأي، كونها تمهد إلى إلغاء الآخر والانتقاص من إنسانيته وحقه التمتتع بحقوقه والتزامه بالواجبات.
لا يتوقف رفض الآخر بسبب قوميته أو دينه أو مذهبه على قناعات شخصية وحسب، بل على ممارسات لاواعيه تنتهك حقوق الآخرين ما يشجعهم على مواجهتها بقناعات وممارسات مضادة فيسود المجتمع الحقد والكراهية والاستعلاء ما يؤسس لمراتبية المواطنة ويضعف الشعور الوطني.
يقول (( كينيون غيبسون )) : " إن الشعور بالغرور والكبرياء والتعالي تعدّ أعراضاً مرضية مردها جرثومة خطيرة تصيب النسق السوي لحياة البشر الطبيعية ".
يؤشر تفشي النعرات العنصرية والطائفية إلى وجود خلل في منظومة الوعي الاجتماعي بشقيها الديني والقيمي القائمان على التسامح والتواصل، ما يؤدي إلى انهيار منظومة القيم على نحو تدريجي داخل القومية الواحدة أو الأثنية فتضعف الأواصر المشتركة ليحل مكانها الحقد والكراهية ويسعى كل منها لفرض توجهاته على الآخر بالعنف والاستعلاء والنبذ الاجتماعي.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن الفرق شاسع وعميق بين الاهتمام الأخلاقي بصلاح المجتمعات وأحترامها التي تحظى بالترحيب، وبين الغطرسة الفجة المشبعة بروح الاستعلاء الواجب التخلي عنها ".
لذلك يجب العمل على نحو دائما خلق جسور تواصلية بين الفئات الاجتماعية المتباينة وعدم الانغلاق والتستر خلف حواجز نفسية بحجة الاختلاف والخصوصية، لأن التخفي يخلق شعوراً بالخشية من الآخر ما يدفعه التحري على نحو لاواعي لكشف الدوافع فيخرق الخصوصية ويجري عدّها محاولة لصهر الأقلية في بوتقة الأكثرية القومية أو المذهبية.
إن المنظومة القيمية في المجتمع لا تختص بقومية أو مذهب أو فئة اجتماعية من دون أخرى، أنها نتاج تراكم ثقافي وممارسات يومية وتواصلية طويلة المدى تقاسمت خلالها الفئات الاجتماعية حقوقها وواجباتها ضمن حدود الوطن الواحد بعدّه دالة على مواطنتها وإرثها الحضاري. لذلك فك الارتباط مع الآخر واتخاذ العزلة يشجع التنصل من حاكمية المنظومة القيمية لضمان العيش المشترك لجميع فئات المجتمع على نحو عادل ومنصف، ورفض كل التوجهات العنصرية المتعارضة معها.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إنه يستحيل التحرر من التعصب الأثني والاستعلاء الثقافي إن بقي الفرد مكبل بجهله ثقافة الآخرين ".
تفرض الخشية من الآخر حدوداً اجتماعية مصطنعة تحت لافتة الخصوصية لرفض التواصل، ما يؤسس لتوجهات انعزالية تخلق تصوراتها الخاطئة ضد الآخر وتعمل على نحو لاواعي لتوسيع مساحتها ورسم حدود جديدة داخل الدائرة الاجتماعية الرافضة لتقسيم منظومتها القيمية وإرثها الحضاري المشترك، لذلك يجب التصدي بقوة للتوجهات العنصرية التي تنال من حقوق الآخرين. لأن السكوت على ثلم حقوق الآخرين يعدّ تفريطاً بالعيش المشترك وموافقة ضمنية للتنازل عن حقوق مماثلة في المستقبل، فالحقوق لا يمكن تجزأتها إلى حقوق أقلية عرقية أو مذهبية مقابل حقوق أكثرية.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن ممارسات


.. مراسلنا: اعتقال شخص بعد أنباء عن طعن عدة أشخاص في محطة لمترو




.. إسرائيل تلوّح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة.. ما القصة؟


.. وفد إسرائيلي يخطط للسفر إلى القاهرة لاستئناف محادثات الأسرى




.. إصابات واعتقالات خلال فض احتجاجات في حديقة أميركية شهيرة