الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الاخوان..خريف السلفية

جمال الهنداوي

2011 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس بنفس الشدة..ولا الثقل على الاسماع..كان تلقي تلك الكلمات التي تناثرت من خطاب وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون والتي اريد لها ان تؤسس وتمنهج لاسلوب جديد من التعاطي السياسي للقوة الاعظم مع الجهات التي تفرزها المتغيرات المتسارعة في المنطقة..
فان كنا نستطيع ان نفترض انه سيكون هناك بعض التذمر الذي قد تبديه الحركات والاحزاب الليبرالية والفعاليات المدنية تجاه الترحيب الامريكي الاقرب الى التشجيع بالوصول المفترض للاخوان المسلمين الى مراكز القرار في بلدان الربيع العربي..ولكننا نستطيع ان نتوقع ايضا انه قد يكون هناك بعض الترضية من خلال اشتراط الالتزام بـ"المعايير التي يجب أن يحترمها كل حزب يحترم الديموقراطية وهي رفض العنف والانضمام إلى دولة القانون واحترام الحريات واحترام حقوق النساء والأقليات والقبول بمبدأ الهزيمة الانتخابية ورفض اثارة التوترات الدينية."
ولكن هذه الترضية المفترضة سينظر اليها بالتأكيد على انها نوع من الاجحاف من قبل اطراف اخرى قد تجد نفسها مقسرة من خلال هذه المعادلة الصعبة على مكابدة التعايش مع الانسحاقات التي يولدها الانحشار التائه ما بين الشعارات الديمقراطية التي تجتاح المنطقة وما بين تفلت لواء الاسلام من يدها الى يد جهات قد تكون اكثر مرونة وانتشارا وقربا من المتطلبات المرحلية..
فليس من السهل على التيار السلفي المدعوم ان يراقب نتاج استثماره الاعلامي والمادي والتثقيفي الضخم وترويجه الطويل للنموذج الاسلامي للحكم يجير لصالح الاخوان المسلمين وخصوصا في هذه المرحلة التي تقترب فيها نيران التغيير الى تخوم صحارى نجد والحجاز وتكاد تلامس اذيال الحكم السعودي الذي انهكته امراض الشيخوخة السياسية وتنكبه الطويل عن المسار الطبيعي لحركة التاريخ..
فمن المؤلم انه بعد كل هذا الجهد اللاهث المكثف المتناقض في محاولة تكييف الثورات الشعبية فقهيا على انها خروج على ولاة أمر واجبي الطاعة وادخال الثوار تحت طائلة البغي والافساد والعصيان..وبعد كل ذلك البذل تجاه اقناع الغرب بان النتيجة الطبيعية للثورات هو وصول قوى اسلامية غير مأمونة الجانب الى الحكم..وبعد كل تلك الشيطنة المنظمة للاخوان-وكل من يختلف مع السلفيين في الرأي- على انهم أهل حرابة وفساد في الأرض يجب أن يصلبوا أو يقتلوا أو يقطعوا من خلاف اوينفوا من الأرض على اقل تقدير..نجد الحكم السعودي يصدم بالغرب وهو يتحدث عن أن"الفكرة بأن المسلمين الملتزمين لا يمكنهم الازدهار في ظل ديموقراطية ما هي إلا فكرة مهينة وخاطئة".
ومصدر القلق السلفي-او السعودي على الادق- هو في عدم امكانية الخطاب الوهابي المتخشب في مزاحمة نموذج للحكم الاسلامي يتبنى-او ينتحل-الشعارات الديمقراطية ذات القبول الواسع في اوساط الشعوب التي ملت الاجترار التسويقي الفج لفكرة المزج بين المطالبات الشعبية وبين الافتئات على ارادة الاله في تقميصه الملك لمن يشاء..والمؤسسة الدينية الوهابية قد تجد نفسها في خانق ضيق في مجابهة صعود الاخوان وهي مثقلة بتراث هائل ومتعاظم من تغريب الدين وتشتيته بناء لمعطيات سياسية واجتماعية ضيقة..كما انها قد تفتقر الى القدرة على التحرك بنفس رشاقة الطرف الآخر واتساع منافذه على المجتمع وهي تجرجر خلفها الالتزامات الفقهية المربكة تجاه تسويغ سلطة التغلب وشرعنة تناوب ابناء عبدالعزيز حصرا على الحكم في ظل علو صوت الحرية والديمقراطية والتداولية..
كما ان ازمة الحكم التي تواجهها الاسرة المالكة تاخذ ابعادا خطيرة جدا في ظل التذمر العلني من ممارسات النظام المتقاطعة مع تطلعات الشعوب الى الحرية والحكم الرشيد مما يجعل من استلال الورقة الدينية من بين اصابعها يأخذ طابعا مأساويا قد يضاعف من التكاليف السياسية لمبادراتها الاقليمية والامنية ..
ان تداول مصطلحات الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان في تفسير المفهوم الاسلامي للتدافع الاجتماعي في المنطقة والذي يجيد الاخوان ترديدها قد يسحب البساط من تحت تدخلات الملكيات الخليجية السافرة في شؤون المجتمعات الثائرة تحت ثنائيات المصالح و المفاسد التي لطالما تلفعت بها واستلتها سيفا مسلطا على رقاب الشعوب المقهورة وارتكبت تحت لواءها ابشع الممارسات الشوفينية تجاه الحركات الاحتجاجية للشعب البحريني وخلف مسمياتها المبهمة مارست الارباك المنظم للوضع اليمني الداخلي من خلال التدخل لاطالة الازمة ومناهضة الحراك المؤدي الى دمقرطة البلاد وتنظيم تحولها الى الحكم المدني التعددي الديمقراطي وباسمها اسرفت في انفاق الاموال الطائلة لحرف الثورة المصرية عن مسارها ..
ويكون الامر اشد وطأة وانكى في ظل التقاطع الكامل والحساسيات المتفاقمة تجاه العديد من دول الاقليم ..واعتماد الملكيات العربية التام على الدعم الامريكي في ادامة خلافاتها السياسية الراهنة ..فالحكم السعودي لا يمتلك الادوات او القوة اللازمة لادارة صراع على هذا المستوى الافنائي مع ايران مثلا لولا اتكائه على علو الحائط الامريكي الذي يفصله عنها ..مما قد يقيد من امكانيات التجاذب السياسي مع القوة العظمى خصوصا مع كل هذا التصعيد الممنهج للاوضاع ومركزية الصراع وتحميله شحنات من التناقض الفكري والمعتقدي ..
مثل هذه المؤشرات قد تدفع الى الاعتقاد ان الممالك العربية المعتمدة على قاعدة غامضة من التفويض الالهي الزائف تتجه الآن نحو أزمات أكثر عمقا نتيجة لسياساتها الخارجية. وان معطيات الحرب الافغانية السوفيتية التي منحتها صورة الممثل للنظام الاسلامي قد تغيرت والى الابد بسبب استمرارها في دعم وتسويق صورة متصحرة متصخرة للاسلام لا تجد قبولا كافيا من قبل معظم المسلمين في العالم ووضعتها في علاقة صراع مع اغلب الحركات والتيارات الاسلامية.
ان الاشارات التي اضطر الرئيس اوباما على تضمينها خطابه الاخير عن الشرق الاوسط تحت ضغط البركان التي اطلقته اقدام الشعب الثائرة.. والتي ازال عنها الخطاب الاخير لوزيرة الخارجية كل المتشابه الذي قد يبغيه من في قلبه مرض الحنين الى ايام الحرب الباردة قد تكون الفرصة الاخيرة للانظمة نحو تعديل سياساتها والعمل على اطلاق اليات اصلاحية قد تجنبهم وشعوبهم تبعات التغيير القيصري الذي قد يقسرون على مكابدته وهم صاغرون..والابتعاد عن القراءات الخاطئة او المتعنتة للاحداث التي قد تكون لها نتائج كارثية على مستقبل الاسر الحاكمة بالضرورة نتيجة للخطل والسفه المتعاظم لسياسات الامعان في الترويج لعدم شرعية صناديق الاقتراع في خضم هذا المزاج الجمعي الشعبي لاعلاء مبادئ التعددية والتداولية والارادة الشعبية الحرة..ونردد مع السيدة كلينتون التحذير من"تفويت الفرصة"..فمن يرد ان يعش ابد الدهر بين الحفر..قد لا يجد من يقاسمه اياها مستقبلا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية