الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الام العازبة بين غدر الامومة وقسوة المجتمع

سيدة عشتار بن علي

2011 / 11 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الامهات العازبات??تسمية جاءت ترجمة عن التسمية الفرنسيةles meres celibataires اي الفتيات اللاتي يصبحن امهات خارج اطار الزواج,وذلك اثر اقامة علاقات مرفوضة دينيا واجتماعيا في مجتمعاتنا العربية.وهي فئة تتزايد يوما بعد يوم,فهل هن ضحايا ام مذنبات??
هل يجب الاخذ بيدهن ام ادانتهن??
اثارت قضية الامهات العازبات في تونس مؤخرا جدلا حادا في الشارع التونسي بعد التصريح الذي ادلت به مرشحة حزب النهضة الفائز في الانتخابات(سعاد عبد الرحيم)فيحديثها عبر( راديو مونتي كارلو)والذي عبرت فيه عن رفضها لسن قانون يحمي هذه الفئة من النساء اي الامهات العازبات معبرة عن استغرابها من طرح مثل هذه المواضيع....وانتهت الى التنبيه ان منح الحرية للمراة التونسية يجب ان يكون في حدود دون تجاوز المقدسات والدين
مرجعية تصريحها طبعا هو ما يفرضه الدين فيما يخص الزانية,ومعروف ان حكم الزانية هو الرجم حتى الموت,وبما ان حكم الرجم صعب تطبيقه في مجتمع كتونس,فالواجب الاجتهاد ورجمها معنويا حتى تكون عبرة لغيرها,وذلك بتحطيم هذه المذنبة واقصاءها من الحياة الاجتماعية وعدم الاعتراف باي حقوق لها بصفتها اما عزباء.فماذا يمكن القول في هذا الحكم??
اولا يجب الاشارة الى ان ظاهرة الانجاب خارج اطار الزواج ليست وليدة اليوم,بل هي موغلة في القدم رغم مظاهر الاحتشام والوقار التي كانت سائدة,فمن منا لا يعرف او لم يسمع عن حكايات الاطفال الرضع الذين كان يعثر عليهم في القمامات,او في الابار مقتولين,وفي افضلالحالات موضوعين امام المساجد او دور الايتام,لكن بما ان هذه الظاهرة شكلت طيلة قرون التابو الذي لا ينبغي مناقشته فقد ظلت من المسكوت عنه لان الجواب والحكم واضح وجاهز ومسلم به,وهو تعرض الام البيولوجية الى كل انواع العقاب الاجتماعي والاضطهاد ان لم يكن القتل مصيرها درءا للفضيحة ومحوا للعار
فهل هذا هو العدل الالهي والاجتماعي??
اليس البحث عن علة هذه الظاهرة ومناقشتها هو الافضل عوضا عن الاسراع باطلاق الاحكام المتعالية والتي تعبر عن القطيعة مع الواقع??
ماذا لو فاجاتك ابنتك او شقيقتك بحمل خارج اطار الزواج??
هل تقيم عليها الحد حقا ام انك تطمس معالم الفضيحة وتتصرف كان شيئا لم يكن??
لماذا لا نبحث في الظروف القاهرة التي حولت هذه الانسانة الى ام عزباء??
لقد ورد في احد الدراسات الاجتماعية ان حوالي 1060ولادة خارج اطار الزواج تسجل في تونس سنويا,وتنتمي اغلب الامهات العازبات الى الفئة العمرية بين19و25سنة,ومما لا يجب اغفاله او تجاهله ان اغلبهن ينحدرن من الطبقات الفقيرة والمهمشة لان الفقر يرتبط دون شك بالجهل والامية والحرمان,واغلبهن من خادمات البيوت اللاتي تضطرهن الفاقة والجوع الى النزوح من الريف الى المدينة بحثا عن مورد رزق لهن ولعائلاتهن,فالظروف الاجتماعية القاسية التي ترزح تحت وطاتها شرائح عديدة من المجتمع هي التي تدفع هذه الفئة التي يطلق عليها الامهات العازبات الى البحث عمن يعتقدن انه طوق نجاة,ولذلك يقعن بسهولة في مصيدة من يبيعون الوهم تحذوهن الرغبة في الخلاص من جحيم ما يقاسيهن من قهر وتسلط واذلال
ثم ماذا??
غدر الامومة في عز المراهقة,ولقب ام عازبةباحلامها التائهة ومستقبلها المجهول تتقاذفها امواج قسوة مجتمع لا يرحم ضياعها في طريق صعب,مليء بالاشواك والهزات النفسية دون رحمة للمخلوق الضعيف الذي تحمله بين يديها وهي ممزقة بين لهيب عاطفة الامومة التي تجعلها تكتوي الما من اجل فلذة كبدها وبين ما تحتمه قوانين المجتمع من ضرورة التخلص منه
نار لا تكتوي بلسعاتها الا مخلوقة زلت بها قدمها او اجبرتها الظروف او اغتصبت فاصبحت بذلك اما عازبة,فنجدها تواجه مصيرها وحدها,في حين ينسحب شريكها اي الاب البيولوجي وكان شيئا لم يكن وبراءة الاطفال في عينيه,فلا اصابع تتوجه نحوه بالادانة وتنعته باقسى النعوت,ولا اصوات تزار بضرورة تسليط العقاب عليه فهل هذا هو العدل??
لقد كان القانون الصادر سنة1998والقاضي بحق الطفل مجهول النسب في انتزاع نسبه من والده البيولوجي من خلال تمكين الام ومساعدتها على رفع قضية تطالب فيها بالتحليل الجيني حتى يتمتع ابنها بنسبه الحقيقي ويحصل على حقوقه كابن شرعي,وهو قانون انساني بالدرجة الاولى لانه يحمي الام والطفل امام تنكر المجتمع لضحاياه من الصبايا اللاتي فاجاتهن الامومة في عز المراهقة,فهذه الفئة من الامهات ماهي الا ضحية للاستغلال الجنسي او الاغتصاب,وكما نعرف جميعا للاستغلال والاغتصاب وجوه عدة,فمنه الذي يحمل معناه المالوف اي استعمال العنف او الضغط على الفتاة ,ومنه ما هو معنوي حين يحسن الجاني العزف على نقاط ضعف ضحيته التي عادة ما تكون ساذجة ,وجاهلة,ومحرومة...وللذكر فنون وفنون في هذا المجال,فلماذا يسلط السيف على الانثى ويبقى الذكر بعيدا عن كل معاناة يختال اعتزازا بفحولته وسط اصوات الادانة جهرا ونظرات الاعجاب سرا??
ان الاخذ بيد هذه الفئة ومحاولة ادماجها في المجتمع حسب ما قضى به قانون 1998,هي خطوة لم تات من فراغ او هي تشجيع على الرذيلة والانحلال الاخلاقي كما يبرر الذين يدعون الى انتزاع هذه الحقوق من الامهات العازبات,بل هي حل مدروس جيدا وفرضته مواجهة ونظرة حقيقية وواقعية لما يجري في المجتمع,لان الانجاب خارج اطار الزواج هو واقع لا يجب تجاهله وغض الطرف عنه كي تظهر المراة التونسية والعربية عموما بمظهر الشريفة العفيفة,وكي يظهر مجتمعنا في صورة انيقة مزيفة,فتشديد العقاب على الام العازبة بحرمانها او سجنها او اقصائها لن يزيد المشكلة الا امعانا في التعقد,لان مشهد الرضع المقتولين او الملقون في القمامات سيصبح مشهدا مالوفا,واذا نجا هذا الرضيع وبقي على قيد الحياة فهو ايذان لنشاة اجيال جديدة من المعقدين والمرضى نفسيا والناقمين.اليس ضمان حق هذا الطفل وتوفير الظروف الملائمة له ليعيش في احضان امه وينعم بحنانها هو حل جزئي??ثم ان نشاته في كنف والدته الحقيقية سيضمن له حق التمتع بنسبه وهويته التي لن يناضل احد غيرها في سبيل الحصول عليها,كما ان هذا القانون هو وسيلة ناجعة لردع الذكور الذين يستغلون سذاجة بعض الفتيات وظروفهن القاهرة,لان ذلك سيجعل كل رجل مستهتر يحسب الف ح يختفي بعدها ويترك وراء ضحيتين الام والطفل يصارعان قدرهما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من منكم
هانى شاكر ( 2011 / 11 / 15 - 13:07 )

اسباب كثيرة تجتمع معًاً لكى تحدث ظاهرة الأم ... العزباء ... و بدلاَ من الوقاية و العلاج نسرع للأنتقام و العقوبة .. لم ولن تسمع من النائبة النبيهه عن البحث عن الجانى الحقيقى فى هذه القضيه - الأب الغائب , الفقر الجائر , الجهل الكافر , و القاضى الفاجر ...

من منكم بلا خطيئة فليرمها اولاً بحجر


2 - الكتابة الجريئة
واصف شنون ( 2011 / 11 / 16 - 04:38 )
وهذا هو مقال اخر لسيدة بن علي يرمي بطن من ألأحجار في مستنقعات المجتمعات الذكورية الراكدة التي تعتمد العاطفة وأخلاق تنبثق من الجسد البشري وليس التعامل اليومي والواقع المعاش وحركة المجتمع وتأثيرات الكنلوجيا والإنفتاح الإنساني ...


3 - البحث عن حل
نجاة قصدلي ( 2011 / 11 / 16 - 20:52 )
المقال وموضوعه فعلا هو من المواضيع المسكوت عنها ليس سهوا بل عمدا لحساسيته وما يمكن ان يسببه من احراج للانا الاعلى,لكن الام العازبة تبقى حقيقة تفرض نفسها ووجودها ولذلك فان التغاضي عن مثل هذه المواضيع وتجاهلها لن يحل المشكلة بل هو سيزيد في استفحالها
الحل اذن هو البحث في علة المشكلة قبل اصدار الاحكام على الضحايا من المقهورين في المجتمع


4 - حقوق الام والطفل
منصف عثيمني ( 2011 / 11 / 16 - 21:14 )
اصبحت اعرف مسبقا قبل قراءة اي مقال للكاتبة سيدة بن علي اني اقبل على موضوع بعيد عن التكرار والاجترار,فموضوع الانجاب خارج اطار الزواج او ما يسمى بالامهات العازبات موضوع قلما يقع التطرق اليه لما في هذا الموضوع من مساءلات عديدة يمكن ان تطرح على المجتمع والدين وكل السلطات البشرية والدينية خاصة في مجتمع كمجتمعنا العربي الذي مازالت المراة فيه مكبلة ومحكوم عليها دفع ضريبة كل الاخطاء في حين يبقى الذكر في مامن من كل ذلك
اعجبني قدرتك على تبليغ محنة الام العازبة وتمزقها بين ما يحتمه المجتمع وبين امومتها
كذلك اقتراحك وتاييدك لتمتيع هذه الفئة من النساء من حقوق تحميها من الانحراف هي وطفلها الذي من المفروض الا يكون هناك الحق لاي سلطة ان تحرمها منها
مواضيعك هادفة ومميزة
ننتظر منك المزيد


5 - الامومة الثكلى
منصف البرايكي ( 2011 / 11 / 17 - 12:45 )
وحدها الكاتبة المبدعة سيدةبن علي تدكرنا دائما ان اثينا القديمة كانت المدينة الاجمل...حين ترجعنا الى تلك الميتولوجيا المعجزة والى عمق المساءلةفتحرج بدلك سلطة الدين حين يضعنا امام محنة مواجهة الحب كما في مواجهة الموت اد نحن متساوون لا يفيدنا جنسنا ولا ثقافتنا ولا حتى دكاؤنا فندهب مجردين من كل الاسلحةلنواجه قدردلك الحب عزلا ... شغفنا الهزيمة داتهاوالخسارة المشتهاة والجرم الجميل مادامت الحرية مع من نحب تقتصر على الموت بسببه او الموت دونه..فالى كل الدين لم يفقهوا بعد ان في كل لقاء بين رجل وامراة معجزة ما .. وحالة انخطاف لا تقبل التكرار وهي الشيء النقي الوحيدالدي نقترفه كدنب مقنع لا يحتمل النصح فمتى كانت الامومة جرما مادامت حادثا غامضا وحنينا لا يفسر.....


6 - إلى النهضاوية سعاد
قناص الاخبار ( 2012 / 1 / 30 - 08:26 )
شكرا للكاتبة على مواضيعها المثارة، وكذلك التعاليق. الموضوع أخلاقي وإنساني بالدرجة الأولى، ثم إجتماعي. فقانون 1998 لم يتخذ إعتباطا بل بعد درس عميق لأبعاده. ولا يجب أن يتدخل فيه aالمتدينون فهؤلاء أسرى نصوص صماء آتية من أعماق التاريخ. فلا يراعون لا إنسانية ولا ضمير.

اخر الافلام

.. الحب وحده لا يكفي.. لإنجاح الزواج | #الصباح_مع_مها


.. ملكة جمال إسرائيل بين المتضامنين مع فلسطين: أنا أخدم بالجيش




.. ريهام بالشيخ وهي حرفية في تقطير الزهر والعطرشية والورد


.. رانيا منصور واحدة من نساء محافظة نابل




.. تمثال نهضة مصر