الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امنحنى السلطة أمنحك الفتوى

نادين البدير

2011 / 11 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعث صديق سعودى برسالة عاتبة على عبارة أوردتها بمقالى الأحد الماضى تحت عنوان (ميليشيا الشرطة الدينية.. قريباً) كنت أصف بتلك العبارة جرأة الإسلاميين بالتعبير عن نقدهم للسياسى، وكيف أنهم لا ينافقونه رغم إنجازاتهم الكبيرة فى خنق الحياة، يقول الصديق إن الإسلاميين ليسوا جريئين ولا يحزنون، بل إنهم أكثر من يجامل ويطبل للسياسى وهل نسيت العلاقة التاريخية التى تجمع بينهما؟

ربما بدا تعبيرى كأنه تعميم، إذ إن عدداً من أبناء تيار يشارك فى التوقيع على بيانات تطالب بتغييرات سياسية جريئة ليس دليلاً على صراحة ووضوح جميع المنتمين لهذا التيار. إذا استثنينا هذه المجموعة فسنجد أن البقية المتبقية منهم إما إرهابيين خارجين على الإنسانية وعلى طاعة النظام أو من يطلق عليهم السياسى لقب (الفئة الضالة)..

وإما فئات خرجت على الإنسانية بشطحاتها وظلمها لأفراد المجتمع، لكنها لم تخرج على رفقة النظام.. فئات (غير ضالة).. فئات مسالمة تم ترويضها، أو أنها من قامت بترويض السياسى بطريقتها المهادنة المهددة ضمن إطار علاقة المصالح المتبادلة التى يمكن اختصارها بعقيدة: امنحنى السلطة أمنحك الفتوى، تلك هى الأغلبية التى قد يحدث أن تدخل فئات منها المعتقل بأمر سياسى فتخرج منه عصا بيد السياسى.. عصا لا تعصى، تبيح أو تحرم الأحكام وتتغير فتاواها بتغير المزاج السياسى العام.. ويصبح التحول ١٨٠ درجة فى الأفكار أمرا محتما علينا تصديقه والتعامل معه. هؤلاء يمثلون أكثرية التيار الدينى، هم أصحاب الفتاوى التحريمية المخزية، فإضافة للمحرمات الثقافية والاجتماعية التى نعانى منها والتى ذكرتها سابقاً فهناك المحرمات السياسية.

هناك الفتاوى التى تحصر العمل السياسى ضمن نطاق محدود جداً من البشر، وتحرم الآخرين من ممارسة أى نشاط. فتاواهم تحرم التظاهرات وتعتبرها خروجا على إرادة الحاكم. فتاواهم تحكم على أى مطلب سياسى مهما كانت بساطته وبداهته بالخروج على طاعة ولى الأمر (الحاكم) المقترن بعرفهم بالخروج على طاعة الله بحسب الآية «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم»، تحت مظلة الحكم القائم على أسس دينية، يستمد الحاكم شرعيته من الله فكيف يمكن للشعب انتقاده؟

وتحت مظلة الحكم الدينى يتم تحريم مؤسسات المجتمع المدنى، لأنها حسب قولهم مسمى تغريبى، فالأجدر القول بمؤسسات المجتمع الدينى. يحرمون الأحزاب ويحرمون التجمعات والتيارات السياسية وجميع الاتحادات. يحرمون الانتخابات، ويحرمون الديمقراطية والحرية وكل القوانين، أما التشريع فمجموعة من الأحكام تتغير بتغير الأحوال. محرماتهم السياسية لا تنتهى.. تحريم التعددية الفكرية، وسيادة الرأى الواحد. هذه النقطة التحريمية ضمانة مهمة جداً ليتبع كل أفراد المجتمع فكراً واحداً. أحياناً أتخيل أن طلسما (أو فتوى) قرأه ثم نفخه أحد ( المشايخ) فوق رؤوسنا، فتسببت بهذه القطعان البشرية الوديعة التى تمشى فى الأرض وراء أحد الرعاة دون أى انحراف سلوكى أو فكرى عن المسار مصدقة بسذاجة مفرطة خرافة أن الله ضد الفكر، وتحريم قوانين الأحوال الشخصية وكل اتفاقيات حقوق الإنسان لأنها اتفاقيات ضد الله.

هناك ميثاق غليظ يجمع السياسى برجل الدين، ينحنيان لبعضهما أدباً ويربتان على ظهر بعضهما فى الشدائد ويعتقدان أن شرعية كل منهما مستمدة من وجود الآخر، لذا تجد السياسى (رغم ليبراليته الخاصة فى حياته العادية) متمسك بتطبيق شعائر وأحكام رجل الدين المتشدد بتطرف لدعم الحكم وإبقائه كنشأته الأولى، وفى المقابل فإن رجل الدين يعلم تماماً قيمته الأدبية لدى السياسى، ولا يقف ساكناً دون استغلال ذلك لمصلحته، والنتيجة الطبيعية انتشار حكم ثنائى يتجاهل كل التيارات الفكرية الموجودة ويتجاهل الطرف الأهم فى معادلة الحكم وهو: المواطن.

أتمنى ألا يصل الربيع العربى لهذا الحد لكن كل المحرمات السابقة هى نتائج حتمية (لا فكاك منها) لتدخلات التيارات الدينية بالحكم وأهله. عندها، حتى معجزة الثورة، حتى تظاهرات الملايين والميادين ستعلن جميعها لحظة موتها بأمر سماوى، وأعيد سؤالى المطروح بمقالى السابق: من يصوت بصناديق الاقتراع العربية لهذا المستقبل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقتى سيدتى
Amir_Baky ( 2011 / 11 / 17 - 07:25 )
هناك ميثاق غليظ يجمع السياسى برجل الدين. فمن فتاوى الشيوخ عدم الخروج على الحاكم حتى لو جلد ظهرك و سرق مالك. والمتابع للفتاوى الدينية يجد أن الفتاوى الموجه للشعب معاكسة للتى موجهة للحاكم. فالسارق من الشعب تقطع يده. أما الحاكم فمن حقه سرقة الرعية و عدم جواز الخروج علية. ليس من حق الشعب وضع مدخراته فى البنوك لأنها تتعامل بالربا. أما الحكام فيضعون فائض الأموال التى سرقوها من الشعب فى البنوك الأجنبية الربوية. يتم تخوين من يتعامل مع الأجانب أما الحكام فلهم الحق بإستدعاء الجيوش الأجنبية للمنطقة دون تخوين و بتبريرات و فتاوى دينية. فشارب الخمر من الشعب يتم جلده أما قصور الأمراء فبها العربدة و الخمور ورجل الدين يتجاهل ذلك ويفعل منطق إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا


2 - مسمى تغريبي-مش عاجبهم
بشارة خليل قـ ( 2011 / 11 / 17 - 09:32 )
اما الموبايلات والسيارات ومراحيض بيوتهم وبلاستيك نظاراتهم فعاجبهم ومش تغريبي ولا حاجة...سبحان الله على النفاق والتلون والكيل بالف مكيال ومكيال ميكيافيللي
صدقتي استاذة البدير:لقد خنق الاسلاميين الحياة بل انه تراجعت كيفية الحياة اينما حلوا بالاضافة لعدم الامان الذي اشاعوه باشكالهم النجسة وهذا هو سبب لازم لهجرة الناس من الاوطان المبتلية بقطعانهم
لقد استغربت خنقهم للحريات حتى في ادق تفاصيل الحياة , مثلا تحريمهم على المرأة بيع ملابسها الداخلية!!! ما هذا القرف؟؟؟ كل ايديولوجيتهم مبنية على النجاسة والتفكير الجنسي المريض.العالم يتقدم في الحريات والمساواة والعدل وذرامة الانسان وهم يستميتون بجركرة الشعوب المغيبة عقليا الى الخلف در
نفس الشيء يحصل مع المتدينين (الحاريديم) في اسرائيل لكن لحسن حظهم انهم مجتمع واعي متعلم وعلماني ولا يألون جهدا في تحجيم تاثير هؤلاء المتذمتين لتهويد اسرائيل دينيا.هنالك ذم هائل من السمات المشترذة بين الاسلاميين والحريديم من ذثرة التوالد الى محاولات فرض رؤيتهم على الغير الى العنف والعدائية والانتهازية والتعالي على الغير وتكفيرهم وتخوينهم لمن يخالفهم.
سلامي


3 - كم انت عظيمة
محمد مختار قرطام ( 2011 / 11 / 17 - 15:12 )
تحياتي استاذة نادين
كم انت رائعة استمري


4 - نعم أنه الطلسم المقدس
علي الخليفي ( 2011 / 11 / 17 - 16:30 )
لقد صدقت يا سيدة نادين فهذه الرعية المُخذرة تتبع راعيها في وئام وسلام بفعل الطلاسم التي ينفخها فوق رؤسها المشعوذين ومنذ ألف وأربعمائة عام, ولذلك فإن المشعوذين يُجمعون على تحريم مجرد الإقتراب من كتب الشعوذة الموروثه عن أسلافهم منذ زمن كبيرهم الذي علمهم الشعوذة والسحر المدعو ابن عباس ..كلما تلاشى مفعول الطلسم بسبب الزمن والآفات ذبح الراعي عدداً من خرافه أقصد -ملياراته- وقدمها قرابين تقرباً للجني الذي يحمي الطلسم فيعود الجني لعمله.. لذلك ذبح الراعي السعودي 35 خروف -مليار- من خرافه العزيزيه حتى يحث المارد الذي يحمي الطلسم على القيام بعمله على أكمل وجه وليستمر في عزل رعية خادم الخُرمين الشريفين ومنعها من أن تستفيق وتسمع دوي الزلازل التي تهز المنطقة .. تحياتي لكِ


5 - مهمات طالبي الحرية بالعالم العربي
حسني كباش ( 2011 / 11 / 17 - 16:39 )

أتمنى ألا يصل الربيع العربى لهذا الحد لكن كل المحرمات السابقة هى نتائج حتم (لا فكاك منها) لتدخلات التيارات الدينية بالحكم وأهله. عندها، حتى معجزة الثورة، حتى تظاهرات الملايين والميادين ستعلن جميعها لحظة موتها بأمر سماوى، وأعيد سؤالى المطروح بمقالى السابق: من يصوت بصناديق الاقتراع العربية لهذا المستقبل؟

هذا السؤال مهم جدا فقد استطاع ثوار الربيع العربي هزم بعض المستبدين ( مبارك , ابن علي , و القذافي ) و هم في طريقهم لهزم مستبدين آخرين ( عبد الله صالح و الأسد ) فالجزء الأول من مهمتنا كثوار بالتخلص من الديكتاتوريات أنجز تقريبا إلا أن الجزء الثاني و الأهم و هو منع الإسلاميين من الوصول للحكم يظهر أكثر صعوبة من طرد فراعنة الأنظمة المتعفنة السابقة ففي ليبيا تطبق الآن قوانين الشريعة بإعلان من المجلس الانتقالي و في تونس وصل حزب النهضة للحكم و ها نحن نرى أستاذات جامعيات يتعرضن لهجمات من بعض الطلاب المتشددين لعدم ارتدائهن الحجاب
بالحقيقة إن منع وصول الإسلاميين للحكم يجب أن يكون هدف من أهدافنا كطلاب للحرية لأن بعض الحريات إن وجدت بعهد هذه الأنظمة المتعفنة ستلغى مع وصول
الإسلاميين للحكم

تحياتي


6 - الفتاوى الغربية
عبد الله اغونان ( 2011 / 11 / 18 - 00:18 )
احيانا تتحول افكار الى ايديولوجيا وعقيدة اشبه بالدين.ولهاذا يمكن ان نجد لها مفتين ولو لم يستعملوا الخطاب الديني.اي انهم يلزموننا بما يجوز ولايجوز.فالاعلامي الذي يجند لصالح اجندة معينة دون ان يكون قادرا على ان يقترب من موضوعات تنتقد ولي نعمته.فذلك شبيه بالمفتي الذي يتحالف مع السلطة.كلاهما يعمل تحت الطلب.المفتين ليسوا سواء.لكن من يفتينا في العلاقات الخارجية عن الفيتو عن التجسس والتحالف مع الاستبداد عن ارهاب دول عن الكيل بمكيالين ........ .


7 - للكاتبة والمعلقين
سرحان الركابي ( 2011 / 11 / 18 - 09:27 )
نستطيع ان ننتقد السياسي ونعري استبداده وتسللطه ونزواته ومغامراته
ونساطيع ان ننتقد رجل الدين وفتاواه الشاذة وفرض هيمنته الفكرية على عقول البسطاء
نستطيع ان ننتقد العامل البسيط وكناس الزبالة والوزير
لكن هل نستطيع ان ننتقد الكاتب الذي يدعي انه رسول الحقيقة وصانع المعرفة ومكتشف اسرار الوجود
ما دام الامر كذلك فاي برج تعتليه ايها العزيز المبجل
ومن منا سينال من نرجسيتك المفرطة وتورم ذاتك النخبوية
لا تتعبوا انفسكم اعزائي المعلقين فالبرج عالي والحصن مكين
ولن تصل اصواتكم الى ابعد من الصدى الذي سيرتد اليكم


8 - الدين والسياسة
د.عادل الشهاوي ( 2011 / 11 / 18 - 18:35 )
شكرا ،أستاذة نادين علي الدخول في موضوع جحائك وشائك في زمن المتأسلمين الجدد ،الذين ابتلت بهم المنطقة العربية وعلا صوتهم وصخبهم وتعالت فتواتهم بالتكفير والتهديد والرعيد والوعيد ،بالطبع هم بالعامية مسنودين من العم سام ،الذي مهد ويمهد لبديل الأنظمة القمعية وللتصالح مع التحالغفات السلفية والأصولية ،أيضا دول الخليج تساند وتمول وتلعب دور الراعي المحلي ،لسيادة مجتمعانت متخلفة ،لا بديل عن فثصل الدين بعيدا عن السياسة ،ولأن الدين كلي الصحة سماوي ،والرأي انساني نسبي الصحة ،فمن جعل الدين رأيا جعله خلافا ،ومن جعل الرأي دينا اصطفي بنفسه فوق منزلة البشر ،وأضحي حاكما باسم الله علي الأرض .


9 - يسر الحياة يساعدهم
نابيل محمد علي ( 2011 / 11 / 18 - 20:26 )
ما هو اكيد ان الشعوب الخليجية لا تابه بالفتاوي لولا يسر امور الحياة عندهم اما الحرية و الكرامة فهم يشترونها بمالهم لما يسافروا الى دول العالم المتحضر. وبالنسبة للنساء الخليجيات فلم يجربنها بعد.اما بالنسبة لباقي دول العالم العربي فالفقهاء سيتم تجريبهم لخلعهم بالمرة.


10 - إمنحني
ناس حدهوم أحمد ( 2011 / 11 / 18 - 20:39 )
الهم العربي هم حقيقي
من أولويات الأولويات فصل الدين عن السياسة
وبدون هذا الشرط الأساسي سنبقى نتعثر في بعضنا البعض
ونفتن بعضنا البعض ونتقاتل مع بعضنا البعض
لما لا نترك الدين لله
ونترك الخالق يحاسب المخلوق
ونتفرغ لأمورنا الحياتية والدنيوية بما يناسبها من قوانين وضعية
لماذا نخلط شعبان برمضان
فالدنيا أهم من أي شيء يمكن أن نفكر فيه وذلك لسبب بسيط
وواضح وهو
لولا الدنيا لما كانت هذه الآخرة التي أتعبتمونا بها قبل أن ندرك
مغزاها أو شروط وجودها

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر