الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاليتنا المصرية إلى أين؟

فاروق عطية

2011 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما أتيت إلى كندا منذ ثلاثة عشر عاما كنت قد آليت على نفسى ألا أعاود الكتابة حتى أنسى ما أصابنى من جرائها من عنت وقهر فى أرض الوطن. ولكن عندما بدأت فى الاطلاع على الصحافة المهجرية العربية هالنى ما وجدته فيها, كتابات أقل ما يوصب بها أنها كتابات تدعو للتفرقة بين أبناء الجالية المصرية. كاتب على درجة عالية من العلم حاصل على دكتوراه فى الفيزياء ويدرّس بالجامعة تدنى بالكتابة على مدى ستة أعداد فى مقالات يدّعى فيها تحريف الكتاب المقدس, وآخر حاصل على دكتوراه فى الاقتصاد وكان لمصر الفضل فى تعليمه إبان الوحدة المصرية السورية راح يكيل للحضارة الفرعونية السباب واصفا إياها بحضارة موات وأنها حضارة قذرة وفضّل عليها الحضارة العربية الإسلامية بجوامعها وعمارتها مستخدما ألفاظا سوقية مثل العهر السياسى والفجور الثقافى وغيرها من ألفاظ العوام والطبقات المنحطة, وكاتبة تحفظ أيات من القرآن بدلا من استخدامها فى هداية الناس راحت تستخدمها فى نعت معارضيها بالكفر والإلحاد معتبرة بن لادن قدوة لها ومن يهاجمه فهو كاره للإسلام والمسلمين, وغيرهم من مدعى الثقافة من يكتب على مقهى للشباب ومن يحرض على الفتنة. هذا ما حدى بى لمعاودة الكتابة ودخلت فى معارك صحفية أجبرت فيها أولائك الكتاب مدعى الثقافة على الاعتذار والتوقف عن هذه الرزايا. وللأسف ما زالت صحافتنا المهجرية أداة هدم ومعول كسر لتلاحم الجالية مشجعة على الفرقة والتشرزم كأننا حضرنا هنا ومعنا أمراضنا التى جئنا للهرب والتخلص منها.
كنت أقيم قريبا من سنترال باركواى كوميونتى سنتر, وكنت أذهب يوميا إلى هناك للتريض فى طرقاتها ثم أعرج على مكتبتها لاستعارة وقراءة بعض الكتب. سألت عن النشاطات التى يمكننى أن أمارسها وسألت عن المجموعات التى تتواجد لتأدية نشاطات مشتركة فقيل لى هناك مجموعات لثقافات مختلفة منها الصينية والهندية والفلبينية والإسلامية. سألت أليس هنا مجموعة تمثل الثقافة المصرية أو العربية فقيل لى ربما يندرجون تحت الثقافة الإسلامية, بمعنى أن العرب والمصريين المسلمين يندمجون مع أبناء البلدان الأخرى الإسلامية كباكستان وأندونيسيا ولا يندمجون مع أشقائهم المسيحيين, وأن المصريين المسيحيين لم يجدو التشجيع للاندماج مع أقرانهم المصريين المسلمين فآثرو أن يكون نشاطهم موزعا بين العمل والبيت ويتوجهون للكنيسة فى الآحاد والأعياد.
إشتركت فى نادى كبار السن (السنيوز) بسكوير ون لأقضى بعض الوقت بين الناس. قيل لى أن بالنادى نشاطات مختلفة كتعلم الرقص واليوجا والموسيقى كما توجد مجموعات تمارس نشاطات مختلفة كالحفلات والرحلات. سألت عن مجموعة مصرية أو عربية فقيل لى هناك مجموعات صينية وفلبينية وهندية وإسلامية.. نفس القصة ونفس الموال.. لا وجود لجالية مصرية متوحدة يعضد بعضها بعضا أنما فرقة لا أجد لها سببا.
بعد أحداث مسبيرو المؤسفة واستخدام الجيش للقوة المفرطة ضد أبناء الوطن من الأقباط المسيحيين, كنت عائدا إلى بيتى فتذكرت أن ليس لدى خبز فتوجهت إلى محل مصرى بشارع دندس على بعد خطوات من هيرونتاريو نادرا ما أذهب إليه لأننى أعلم مدى كراهية صاحبه للمسيحيين لشراء بعض من خبز البيتا, كان صاحب المتجر يتحدث مع أحد الزبائن يلبس جلبابا قصيرا وطاقية بيضاء مخرمة وذقنه منكوشة كالمقشة, كانا يتضاحكان فى غبطة وتشفى لما حدث للمسيحيين من قتل ودهس وسحل فقال السلفى هذا ليس بكاف كان على الجيش أن يبيدهم بالطائرت حتى يفنيهم عن آخرهم, نظرت لهما باحتقار ممزوج بالغضب وبصقت على الأرض وتركت المحل مفضلا أن أبيت بلا عشاء على أن أشترى خبزى من هذا الفسل المستنطع الشامت فى قتل أخوه الإنسان
لم يكن حالنا كذلك أيام الطفولة والصبا والشباب, كنا نتعامل كأصدقاء وأخوة ولم نفكر مطلقا فى العلاقات الدينية, فلم يجد غضاضة صديق مسلم فى الذهاب إلى الكنيسة لحضور حفل زفاف مسيحى, كما لم يجد غضاصة أى مسيحى أن يدلف إلى احتفال دينى إسلامى يتلى فيها القرآن والموشحات, لقد كنا أكبر من هذه التراهات. ولكن بعد الهزيمة المدمرة فى 1967 واندفاع العمالة المصرية إلى دول الخليج البترولى, حيث تشبعوا بالفكر الوهابى الصحراوى المتخلف وعادوا لمصر كارهين للآخر متمنين الخلاص من وجوده, وشجعهم على ذلك ارتماء السادات فى حضن الإسلاميين للتخلص من خصومه اليساريين والناصريين, ومن وقتها وامتد الفكر الوهابى فى طول البلاد وعرضها, فسمعنا عن الأمهات والآباء الذين يحرضون أطفالهم بعدم اللعب أو تداول المأكولات أو المشاريب مع أترابهم المسيحيين. وسمعنا عن مربيين أفاضل بالمدارس يحاربون نجاح التلاميذ المسيحيين ويشجعون على التعصب ضدهم.
بعض الدول الشقيقة كالعراق رغم ما نسمع عنه من تطاحن دينى حالى لكن الحقيقة أن أهلها أناس متحضرون لا يميلون للتعصب الدينى بل تجدهم متحابين ميالين للصداقة دون النظر للجنس أو الدين. تعرفت على صديق عراقى بالصدفة البحتة وهو يسكن فى نفس البناية التى أسكنها, كان واقفا فى مدخل البناية وتحت إبطه طاولة وكنت عائدا من رياضة المشى, حين رأيته ظننت أنه باكستانى فسألته بالإنجليزية إذا كان يهوى لعبة الباكجامون فنظر إلى متسائلا عن ماهية الباكجامون فأشرت له على الطاولة التى تحت إبطه فقال بالعربية هذه طاولة فعرفت أنه عربى وقال لى أنه عراقى وأنه ينتظر صديق سودانى من أصل مصرى ليلعبا معا ودعانى أن ألعب معه حتى يحضر صديقه. من يومها صرنا أصدقاء وانضم إلى صداقتنا آخرون بعضهم عراقيون وبعضهم سودانيون منهم المسلم ومنهم المسيحى, تزاورنا منزليا وصرنا كأسرة واحدة مترابطة فى السراء والضراء. قال لى أن ما تعيشه العراق من تطاحن دينى ليس من الشعب العراقى الذى يفخر بالفسيفساء الجميل من التعدد الدينى والعرقى يعيشون فى حب وترابط, وما يحدث الآن هو من فعل دول الجوار وعلى رأسها السعودية وإيران وعصابات القاعدة التى لا تريد للعراق السلام.
كم أود صادقا أن تعود العلاقات بين نسيج الوطن إلى جادة الصواب ويعلم الجميع أننا أشقاء من أب واحد هو أوزوريس وأم واحدة هى إيزيس وأننا جميعا يجرى فى عروقنا دم ممزوج بمياه النيل حابى وخلايانا من تراب أرض مصر الخالدة ولن يستطيع التفرقة بيننا عدو جاهل يجهل مدى الترابط الوثيق بيننا. علينا كمثقفين أن نبدأ المشوار وليكن من هنا من أرض المهجر الذى أعطانا الحرية الكاملة فى قول الرأئ والحرية الكاملة فى التعبد دون تفرقة بين مسيحى أو مسلم أو هندوسى أو سيخى أو يهودى أو بلا دين, الكل سواسية فى عيش مشترك. علينا أن نحترم هذه القيم التى نعيشها ونستثمر مناخ الحرية لعودة ترابط الجالية المصرية. وأنا أمد يدى لكل من يرى فيما أقول الصواب ولنبدأ معا فى تكوين رابطة أو منتدى أو أى كيان مصرى دون النظر إلى الدين لنمارس عودة الود والصداقة ونشجب معا كل ما يعكر صفو وطننا الحبيب ونشجع معا كل من يضع لبنة فى بناء الثقة وعودة الترابط فى الوطن, هل من مجيب ؟ إنى أنتظر فى لهفة من يلبى النداء لنبنى معا صرح جالية مصرية متوحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تخلص من منبع الكراهيه
حكيم العارف ( 2011 / 11 / 22 - 23:25 )
لن ترى امنياتك الشمس حتى نتخلص من منبع الكراهيه من الشعب المصرى..

نبات الكراهيه والتعصب موجود منذ غزوالعرب لمصر .. والدليل وجود شهداء بكل البلاد على الرغم من عدم الاعلان عنهم ... ولكن اشهرهم الشهيد سيدهم بشاى ...

ولاننكر ان حدة التعصب اختفت فى عهد محمد على لان اهتمامه كان لتعمير مصر وبناؤها ... ولهذا السبب وغيره بداءت مصر الحديثه فى الظهور ...

اما ان بداء ظهور اصحاب العمائم والدشداشه بمصر ... اصبحت مصر تحت ولايتهم واصبح النشيد الوطنى بدلا من - تحيا مصر- ... ظز فى مصر .. وفى حديث اخر ... تولع مصر


2 - الرد على السيد/ حكيم العارف
فاروق عطية ( 2011 / 11 / 23 - 03:09 )
أتفق معك أن نبات الكراهية قد ترعرع منذ زمن وامتدت جذوره حتى كادت أن تغطى أرض المحروسة ولكن علينا أن نحاول اقتلاع هذه الجذور وبذر حبوب جديدة للمحبة والتآخى خصوصا وهناك من الأخوة المسلمين اللبراليين والعلمانيين من يقف معنا مثل سيد القمنى وفاطمة ناعوت وغيرهم عشرات, يدى فى يدك نجعل منهم المئات واللآلاف ونجنى الكثير من المحبة والسلام.. خليك حكيم يا حكيم


3 - معلومات مؤكدة
على نجار ( 2011 / 11 / 23 - 03:15 )
هناك معلومات لدى دبلوماسيين غربيين ان المجلس العسكري تلقى ضوء اخضر من الولايات المتحدة بتنفيذ هذه الضربة الموجعة بحق المتظاهرين في ساحة التحرير ، والرهان الامريكي على نجاح هذه الضربة كان يعتمد على نجاح دبلوماسيين امريكيين من فتح قنوات من المباحثات مع حزب - الاخوان المسلمون - نجحوا خلالها من الحصول على اشارات من الاخوان انهم لن ينضموا الى شباب ثورة 25 يناير في اعتصاماتهم واحتجاجاتهم في ساحة التحرير -.


4 - نريدها دولة مدنيه تحترم الانسان
حكيم العارف ( 2011 / 11 / 23 - 04:00 )
الموضوع ليس بيدى او بيدك ... اولا الموضوع بيد الله وثانياالموضوع بيد من لديه القدره على تنوير مصر كماحدث ايام محمد على ...

نحتاج الى مسلمين لهم وزنهم وشعبيتهم ليحولوا الناس من اتجاه الكراهيه للمختلف معنا فى العقيده الى كراهية التمييز الدينى ...
من كراهية المختلف معه فكريا وتكفيره الى كراهية استخدام العنف
من كراهية مصر على حساب الدين الى كراهية الولاء للعرب على حساب مصر..

نريدها دولة مدنيه تحترم الانسان وتحترم القانون وتحترم نفسها


5 - لعنة الله عليهم وعلى بترولهم
بشارة خليل قـ ( 2011 / 11 / 23 - 20:33 )
عزيزنا استاذ عطية هذا لسان حال كل المغتربين من مسيحيي الشرق الاوسط.لكن اعتقد ان الوضع المصري هو الاكثر تعصبا وعمى والسبب هو ثقل مصر الديموغرافي ومركزية مصر جغرافيا وكدولة طليعة (كانت) في دفع المنطقة الى الحداثة مما جعلها مركز استهداف بدو الليموزينات والشبشب
بدل استغلال هذه الثروة الاحفورية في رخاء شعوبهم وتقدم بلادهم ارادوا تصدير عنصريتهم الوهابية وكرههم وحقدهم على مصر بالذات بمركزيتها رغم انفهم ورغم افتقارها للموارد الطبيعية وغناها بشعبها الامر الذي لم يستسيغوه ابدا فصرفوا مليارات دولارات ارهابهم الاسود على ادلجة العمالة الوافدة والمصرية بشكل خاص وصرفوا المليارات على تنمية التيارات الارهابية والمؤلفة قلوبهم من النيومحجبات وللحى والزبيبة المقرفة..هذه هي انجازاتهم وعلى رأسها التعرصة-اسف للتعبير-في الغرب لامرائهم وسلاطينهم وملوكهم يشترون الابتسامات والانحنائات بنقودهم القذرة
ومن انجازاتهم المبهرة تمويل نافورة بحيرة جينيف منذ عقود ليستمتعوا بمشاهدتها من سويتاتهم في افخم فنادق المدينة
لكن البترول(عندهم)سينتهي وسيعودون لرعي الابل والتداوي بابوالها ويتدفأون بحرق مخلفاتها
تحياتي ومودتي لك


6 - الرد على تعليق السيد/ على نجار
فاروق عطية ( 2011 / 11 / 24 - 05:20 )
يا عزيزى الأخوان هم دائما ما يعقدون الصفقات ويحاولون الركوب على الثورات فهذا ليس جديد عليهم. ولمعرفة المزيد عنهم يمكنك قراءة مقالى عنهم بعنوان ( الأخوان بين هتك العرض وتبويس اللحى). ولكن هم دائما الخاسرون

اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446