الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


؛؛لعنة استمرار رموز السوء بالتسلط ؛؛ تكسر مبدا التغيير وتجهض الديمقراطية(2)

علي عبد داود الزكي

2011 / 11 / 26
المجتمع المدني


؛؛لعنة استمرار رموز السوء بالتسلط ؛؛ تكسر مبدا التغيير وتجهض الديمقراطية(2)

ان الكثير من المناضلين او الذين حملوا ماساة الانسان العراقي في فترات العهود الدكتاتورية تقدموا لتحمل المسؤولية في عراق ما بعد سقوط الصنم وبعد ان وصلوا كراسي السلطة وجدوا انفسهم اعجز من ان يقدموا حلا لابسط مشاكل المجتمع العراقي لا بل انهم تدريجيا تحولوا من سلطة حماية الشعب الى سلطة الارتجال والتي لا تنظر نظرة استراتجية بل انها تعمل على اطفاء نيران مشاكل المجتمع المرحلية لتخلق مشاكل مستقبلية اكبر لتحمل الاجيال القادمة اخطاء هذه المرحلة وتزيد من تعقيد المشاكل المستقبلية لصالح الحلول الارتجالية الانية المدمرة وغير الواقعية على المدى البعيد وهذا ما يمكن ان نعتبره اكبر كارثة توجه الجيل القادم (سنتجنب الخوض في التدخلات الخارجية واستثمارها لازمات المجتمع العراقي ونقاط ضعفه وتاثيرها على تشكيل انظمة الحكم الفاشلة وتدعيم نفوذ العملاء المفسدين). لذا سيصعب التوصل الى حل وسيكون هناك استمرار بالترجع وزيادة الظلم والحرمان وزيادة اعداد مافيات التسلط التي تسرق قوت الشعب واستمرارها الى الحد الذي لا يمكن تحمله مستقبلا الا بخسائر وذل اكبر للانسان العراقي ، مما قد يولد الانفجار الشعبي في لحظة ما او سيشجع من يمتلك قوة قادرة على التغيير (الجيش مثلا ) لاحداث التغيير خصوصا وان حصل على ضوء اخضر من امريكا للقيام بذلك. ان اي بذرة تغيير قد تحمل معها الامل بالخلاص للانسان من جور السلطة واللانظام واللاعدالة. لا بل ان فكرة التغيير يمكن ان نعدها المفهوم الامثل لمعنى الديمقراطية خصوصا في البلدان التي عانت من الدكتاتورية لعقودة طويلة. ان التغيير مهم جدا حتى لو كان مرحليا يتجه نحو الاسوء برجالات جديدة لان ذلك سيكون مفضلا على استمرار نفس رجالات الادارة والحكم والتسلط السابقين ، لان التغيير يعطي الامل بالخلاص الحقيقي في لحظة ما ويبقي الانسان يعيش في فضاء الامل.
للاسف ان نظام الحكم في العراق اليوم بظل الفوضى واللانظام واللاعدالة اصبح وكانه حكم عصابات ومافيات لا يحترم فكرة التغيير نهائيا لا بل ان غالبية الاحزاب السياسية يسعون بكل قواهم الى استمرارهم بالسيطرة على كل مقاليد الحكم. حيث ان اغلب المناصب الادراية العليا اصبحت حكرا لهذه المافيات الحكومية ولمن يواليها. اما المستقلين وهم غالبية الشعب العراقي اصبحوا في خانة غير المرغوب فيهم. اضافة الى ذلك فان المافيات الحكومية استنسخت الفكر الدكتاتوري البعثي في الحكم والادارة واصبحت تطبقه بحذافيره ان لم يكن اسوء. اضافة الى الاعتماد رجال الصدفة السياسية المتسلطين على الكثير من رجالات البعث السابق في تسلم الادارت في العهد الجديد. ان الفكر البعثي لا يمكن حصره او تمثيله بالدرجة الحزبية صغيرة كانت او كبيرة فهو برنامج عمل لفرض سلطة الاغبياء على المتجمع وفرض سياسة التجهيل وعدم احترام الثقافة والمثقفين، ففي عراق ما بعد سقوط الصنم راينا الكثيرين يستخدمون نفس فكر البعث بالادارة في التسلط والسرقة ونهب خيرات الشعب واذلال الانسان العراقي. الكثيرين منهم لم يكونوا بعثيين لكنهم مشبعين بفكر البعث بالاسلوب لا بل ان الكثيرين من العراقيين المعارضين الذين كانوا في الخارج وجاؤا وتسلموا الحكم في العراق لم يكونوا بافضل حال من ذلك ففي كثير من الامور والقضايا اتبعوا نفس الاسلوب البعثي في ادارة المؤسسات العراقية حيث انهم اليوم يتبعوا ما كانوا ينتقدونه سابقا واصبحت الشعارات الكاذبة هي اسلوبهم في الدفاع عن انفسهم.
ان الانسان العراقي اليوم سيساند اي تغيير جديد لكنه لن يرحب باي تغيير مستنسخ عن الماضي او محاولة لاسترجاع رجالات الماضي. العراقي اليوم ينظر بامل الى اي بادرة تغيير جديدة رغم ان التغيير بحد ذاته اصبح مجازفة كبيرة بظل العتمة والضبابية وانعدام الشفافية وتفاقم الازمات والمشاكل المستعصية التي تعاني منها البلاد. ان العراقي اليوم ينظر الى التغير كمن يرمي النرد ويتامل بان يكون نصيبه جيدا في المستقبل وذلك لان الانسان اصبح عاجز فعلا عن ان يمسك بزمام التغيير الحقيقي في السياسة والحكم لعدم وجود خيارات انتخابية مناسبة امامه. لذا فان العراقي اصبح ينظر الى ان اي تغيير في الشخوص الادارية قد يكون افضل واسلم لان العراقي سوف يتخلص من سوء قديم مستفحل بسوء جديدة اكيد في بدايته سيكون اقل سوءا.... ومع الزمن السوء الجديد سيكبر ويتعاظم وسيجعل الانسان لاحقا يبحث وينتظر تغيير جديد وامنيات جديدة، ان كره السلطة المذلة للانسان يجعل الانسان يقدس فكرة التغيير.
لا يوجد احترام للقانون والنظام من قبل السلطة والادارات في اغلب مؤسسات البلد وكأن القانون وضع ليحمي المسؤول والادراي ويذل المواطن كما ان القانون لا يحترم ولا ينفذ بشكل يحمي حقوق الانسان وانما ينفذ باسلوب غريب والادارت غالبا ما تتبع اسلوب الشخصنة والكذب في النيل من الانسان والمواطن. ان هذا ادى الى تعود الانسان على رؤية السوء والفساد المستشري بشكل واسع جدا في اغلب مؤسسات البلد ويضطر للتعايش معه لانه لا يجد من يحميه ولا من يقف معه لحفظ حقوقه. كما ان القانون لا يحمي المواطن بل يحمي السلطة ورجالاتها وذلك بسبب ضعف التشريعات التي ممكن ان تفضي الى انتخابات نزيهة لتشكيل نقابات واتحادات وروابط وطنية مختلفة والتي ممكن ان تحمي المواطنين ويمكن ان تعمل كبرلمانات مصغرة تحمي المواطن والموظف البسيط من جور واستهتار المتسلطين وتوجه العملية الادارية نحو الصواب. ولكن للاسف هذا لم يحصل ولا نعرف هل سبب ذلك هو العجز الحكومي في التشريع ام ان امريكا هي من يعرقل ذلك خوفا من ان تنشأ نقابات يسارية قوية تعمل على زعزعة انظمة الحكم الديمقراطية العرجاء التي اسست لها امريكا لتحمي مصالحها على حساب الشعب.
كما ان النمو السكاني الكبير يخلق مشاكل اضافية اخرى وهي التسبب في خلق الفوضى واللاستقرار الدائمين وتفضي الى نمو الجهل الاجتماعي بشكل الكبير ليصبح كثقافة تسيطر على الشارع وذلك لكثرة غير المتعلمين او غير الناضجين فكريا (وهم جيل الابناء الذين هم في طور التعلم واعدادهم كبيرة جدا ونسبتهم تتجاوز 60% من المجتمع). ان جيل الابناء اعدادهم كبيرة جدا واغلبهم غير مستقلين اقتصاديا وبلا عمل. وهم ينقسمون الى قسمين القسم الاول وهم صغار السن يحتاجون تعليم وعناية تربوية كبيرة وهذا طبعا يصعب توفيره بشكل مقبول في اغلب مناطق البلد لاسباب كثيرة منها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. لذا نراى الكثير من صغار السن ينطلق للشارع بحثا عن عمل ويترك الدراسة مما يسبب زيادة اللانظام والفوضى في المجتمع. اما القسم الثاني منهم وهم الفتية والشباب المندفعين الذين يبحثون عن عمل واستقرار واستقلال اكثر والحكومة غالبا ما تعجز عن توفير فرص عمل حقيقية لهم جميعا انهم يعانون الضياع ويكونوا عامل لا استقرار مجتمعي كبير ويسببون مشاكل كبيرة للحكومة التي تندفع باتجاه الحلول الارتجالية التي تبدد ثروات البلد وتجهض البرامج التنموية الاستراتيجية. ان الحكومة غالبا ما تتخذ قرارات ارتجالية وتعمل على استخدام الكذب والمكر الاعلامي لغرض اسكات الفتية واستغلالهم باطلاق الوعود الكاذبة ايام الانتخابات لغرض دفعهم لانتخاب قوائم المتسلطين. حيث ان الراي الانتخابي للشارع العراقي محكوما براي هذه الفئة الاجتماعية والتي نسبتها الكبيرة وتاثيرها اكبر في خلق ثقافة المجتمع العامة. ان دور هذه الفئة كبير في اعلام الشارع لذا فان اي فئة سياسة تستطيع ان تناغم عوطف هذه الفئة (قليلة التجربة في الحياة وذات الرؤى الخيالية وغير واقعية) ستكون هي الرابحة بالانتخابات. كما ان تربية وتعليم هذه الفئة العمرية (غير الناضجة) مكلف جدا.اما الناضجين فكريا (المربون جيل الاباء وهم المعلمون فدائما اعدادهم قليلة مقارنة باعداد غير المتعلمون). وسبب ذلك هو ان نسبة اعداد المتعلمين الى اعداد غير المتعلمين قليلة اي ان نسبة جيل الابناء ( الذين يحتاجون تعليم وتربية) الى جيل الاباء (المربون) هي نسبة كبيرة (هذه النسبة معكوسة تماما في اغلب الدول الاوربية). ان هذه الفئة المجتمعية تتحمل اعباء كبيرة وتعاني من ضغوط شديده تجعلها ارتجالية في اتخاذ القرارات وغير قادرة على توجيه المجتمع بكفاءة ومنطقية معقولة وانما تبقى تعمل بالحلول التوفيقية تحت الضغوط المختلفة فيما بين المهم والاهم والممكن وغير الممكن ايمانا منها بان معقولية الحياة لا تعني بالضرورة النظام والمثالية.
نؤكد هنا بحاجة مجتمعاتنا الى فكر اجتماعي جديد ونحتاج الى ان يقوم المفكرون وعلماء الدين باخذ دورهم في توجيه المجتمع لغرض تنظيم الاسرة اولا لتجاوز ازمات المستقبل وتقليلها قدر الامكان. ان تنظيم الاسرة يرسخ القيم التربوية السليمة ويحد تدريجيا من الروح القبلية والعصبية العشائرية ويرسخ سيادة القانون والنظام واي مجتمع يترسخ فيه القانون والنظام فانه سيكون بالاتجاه الصحيح للديمقراطية والتحضر وسيتغلب المجتمع على الفوضى واللانظام. يمكن ان نستنتج من ملاحظتنا البسيطة للبيئات الاجتماعية العراقية المختلفة اين يمكن ان نرى النظام واحترام القانون واين يمكن ان نرى الفوضى وعدم احترام القانون. بالتاكيد في المناطق التي تعمل على تنظيم الاسرة نرى النظام وقلة المشاكل الاجتماعية بينما نرى في المناطق الاخرى خصوصا المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة نرى الفوضى واللانظام ونرى تعاظم المشاكل الاجتماعية ونرى وجود سطوة كبيرة للسلطة العشائرية ايضا. اننا اليوم نريد بناء مجتمعا عادلا يخضع للقانون فيه القوي قبل الضعيف نريد قانونا قويا يحاسب المخطيء سواء كان وزيرا او مستخدما (فراشا) نريد مجتمع سليم معافى من كل الامراض والعلل الاجتماعية لكي نستطيع ان نؤسس الى حكومة ديمقراطية عادلة لا انتهازية فيها. نحتاج ذلك ويجب ان نعمل ونعد البرامج التربوية الكبيرة والمتواصلة لاجل خلق الظروف المناسبة للوصول الى ذلك. لذا قبل النظر في اي مشاكلة او ازمة اجتماعية تعجز عن حلها الحكومة اليوم: يجب ان نتفكر بكيفية علاجها ويجب ان نميز بين السبب والنتيجة ويجب معالجة السبب قبل الذهاب لانتقاد النتيجة.
قلنا راينا ونتمنى ان نثير ونستفز رؤى النقاش الهادف المثمر لبناء عراق جديد ونحترم كل الاراء المخلصة التي تدفع باتجاه رفع شان الانسان العراقي. نتمنى ان تتشابك الرؤى لتنسج خيمة فكرية لامة العراق الجديد تدفعه للتخلص من كل تراب وغبار المراحل السابقة التي لصقت به.

د.علي عبد داود الزكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين


.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع




.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين